منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - انا والأوراق
الموضوع: انا والأوراق
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2013, 04:20 AM   #2
سعود القويعي
( كاتب وناقد )

افتراضي


صباح هذا اليوم استيقظت باكرا كعادتي, احسسته يختلف قليلا, لم يكن لي يد في ذاك الإختلاف, فقد دخلت إلى مستودع بأقصى المنزل, يحتوي أشياء نسيها الزمن, ليس هناك أمر محدد لدخولي ذاك المكان شبه المهجور, ساقتني إليه قدماي وأنا أذرع فناء الدار سعيا لتخفيف ألم يعاود قدماي بين حين وآخر ثم يخبو فأنساه وينساني إلى أن يعاود, لعله النقرس؟ لا أدري ولا أحب أن أدري, فأنا لا أحب الحديث عن المرض والعلاج والمستشفيات, فقد عانيت منها كثيرا, وحين يكون لدي موعد عياده, أجرّ نفسي إليها جرّاً , لاحبّا ولا بغضا إنما بحث عن ترياق الصحة بل سببها لأن الشفاء بيد الخالق إنما نركض للأسباب ....
ابتعدت .... المهم, وأنا في ذاك المكان شبه المهجور, اصطدمت قدمي بأحد الكراتين , فانحنيت عليه أسبر محتواه, فإذا به مجموعة من الكتب والكتيبات والأوراق والأشرطه الكاسيت, متى وضعتها وكيف وضعتها؟
لا أذكر, كل الذي أعرفه أن من عادتي أني لا أتخلص من أدواتي, بل احتفظ بها مهما صغر شأنها وتفاهتها, سحبت الكرتون خارج المستودع الصغير, ومع أنسام الصباح شبه الباردة في جو صيفي تأخذ منه الشمس كل حرارتها, جلست إلى جوار كرتوني المغبرّ, وأخذت أفرغ بعض محتوياته شيئا فشيئا, مجموعة جميلة من الكتب بعضها نسيت عناوينها, وأشرطة كاسيت لأغنيات وبرامج مسجلة من الإذاعات
, في زمن منصرم, بعضه من رؤية شكل الشريط أذكر تاريخه وبعضه لا أذكر إن كان لي أو هبط مع الأشرطة من نفسه.
المهم مرة أخرى .... أخذت في تقليب الصفحات وأتذكر أيامها الخوالي التي لاتعني أهميّة لأحد سواي, مواضيع جميلة وأوراق مكتوب فيها بعض السطور, مجرد أفكار وعناوين وأرقام هواتف ثابتة, خطوط وسطور لم يعد لوجود أغلبها معنى؟
فلما احتفظت بها؟
وهذه الكتب التي مزق الزمن بعض أغلفتها, لماذا بقيت هنا بعيدا عن مكتبتي المتنوعة؟
لا أدري ...
انشغلت في التصفح وأخذتني القراءة في بعضها, ولم أشعر بمرور الوقت, إلاّ حين لسعتني الشمس تأمرني بالمغادرة إلى الداخل, جمعت محتويات كرتوني على عجل وأعدته مرة اخرى إلى مكانه, واعدًا نفسي بالمرور عليه مرة اخرى لأني لم أنتهِ من مراجعته, وربما انشغل عنه مرة اخرى وأنساه وأنسى محتواه.
فراغ أوصلني إلى هذا الكرتون النائم بسلام .... وتسبب في دمعة كانت حائرة, مما رأيته وعشت معه من ذكريات إلتهمت الأيام أوقاته وزمانه, فتح القلب مع فتحة ذاك الكرتون وقد كنت عنه غافلا, وأنا للأسف من النوع البكائي الجنائزي, إن لم أبحث عن الدمع بحث عني, استهواني الحزن وسار معي سنين عمري رغم نفضي لـه واعتناقي المرح.

لكن ما أقول إلاّ .. ســــاد .... وش لقفني أعبث في كرتون مايبيني .
ماقلت إن صباح هذا اليوم يختلف معي قليلا .

صباحكم محبة وابتســام

سُــعود

 

التوقيع



لا أخشى عليك ياوطن من الأعداء الظاهرين
إنمــا خوفي عليـك المنافقين
( سعود)

سعود القويعي غير متصل   رد مع اقتباس