.
.
توطئة : عند عتبة الباب الذي "وطأته" اغسل عقلك .. وتوضأ !
.
.
المثقف العربي عقــل ضد حكومات ْ
يعاني المثقف العربي من أزمات عدة حالت دونه ودون الخروج من قوقعة الذات .. سواء على صعيد العمل الإبداعي , أو على صعيد الانتشار والحضور والهيمنة على فِكر ونمط بيئة مجتمعه ..أي كـ عنصر أساسي في منظومة متكاملة غلبت في البلاد العربية على القمع وسياسة واحدة تقف في التضاد مع أصوات حرّة لا تليق بـ عقل الحكومات العربية المغلقة في ما عدا ما يتوافق مع مصالحها !!
ليسَ جديدا أن يشرد وينفى ويسجن المثقف العربي , وليست أسطورة أن نحكي قصة تعذيب لـ أديب ,شاعر عربيّ قال لا ذاتَ لعبة اسمها "الحرية" قرأ عنها وصدقها ..!!!
وصدق أكثر أن تكون واقعاً في بلاد لم تذق طعم الديمقراطية وحرية الرأي .. وحرية التعبير ..!
ليسَ على طريقة الثورة الفرنسية بالطبع ..!! , ولكنها على الطريقة الإسلامية الحلال !!
في ظل كل ما يحيط من غبش حول فكر المثقف العربي "المحميّ" من الحكومات والتي غالبا ما يأتي الرضا عليه لأنه "ولد مطيع" يستحق الحلوى .. كـ جائزة دولية .. أو شهادة تقديرية .. ثمناً ليسَ بخساً في ظلّ حياة مرفهة ومترفة يحصل عليها بـ المباركة الحكومية حين دخوله لـ دينها !!!
وما يعاني منه المثقف العربي في الغالب – خاصة- والمواطن عامة في الشارع العربي- الرئيسي وليسَ الخلفي!!!
صورة حيّة وناطقة لمدى ما يحيط به من ظلم وقمع ..
ولا تنظروا فقط لـ شاعر في حيّ فقير في سنة ماضية ..!
بل حتى في سنوات ما عُرفت بالانفتاح والحرية والسقف المرتفع !! والذي حُدد هو الآخر ضمن حدود معيّنة .. الخارج عنها منبوذ ..منبوذ !!
تهميش دور المثقف العربي هيَ سياسة نالتْ من المثقف حتى أدت إلى إلغاء دوره الرياديّ – والذي من المفترض أن يكون كذلك- !!/
حتى في توسيع دائرة الحرية- والتي هيَ الأخرى إكمالاً للعبة السياسية - .. وانتشار دور الصحافة والنشر وتسهيل أمور – ليستْ ذات أهمية- لـ كيْ يُغطّي على النفي المبطّن الذي تقوم به الحكومات العربية للثقافة !
كل ما يُكتب ويظهر .. مرضيّ عنه ,
وكل من عارضَ وحاول الخروج .. مغضوب عليه ..منفيّ خارج أسوار بلاده !! , وما أكثر المثقفون المنفيون وما من تهمة اقترفوها سوى "الصدق" .. وطوبى لهم !
استحواذ السلطة على كل المنافذ المتعددة سواء كانت مقروءة أو مسموعة –والفضائيات آخرها- يجعل من ظهور المثقف محدودا في أطر معيّنة .. وبالتالي تهميش مبطن بـ غلاف الحريّة المزعومة ..! , وكـ مثال : أحمد فؤاد نجم ,
يظهر بـ قناة مصرية "خاصة" يتحدث بها عن الظلم الذي وقع عليه إبان فترة رئاسية مختلفة تماماً عن هذه الفترة في مصر !!
وأعتقد بل أجزم أنه لو كان يتحدث عن هذه الفترة المعاصرة لما ظهر بـ ثقة على قناة فضائية يروي قصته وكفاحه ضد السلطة آنذاك !! , ألا تعتقدون أنها "حرية" مخلوطة بـ كثير من الكذب وسياسة حكومية "مرضيّ عنها" بـ شكل فاضح ؟!!! .
ما يعاني منه المثقف العربي كذلك بالإضافة إلى صراعه مع الأنظمة السياسية , هيَ محاولة جذب "العوام" إليه كـ سياسة يلجأ إليها لـ يضمن وقوف "العامة" معه بـ حيث يلجأ إليها إن احتاج الأمر لذلك ,, وكـ حال السياسات التي تفرق ما بين حاجة وأخرى لذات الأمر أي "بازدواجية تحتمها الظروف الراهنة " ... كانت سياسة المثقف مع العوام في تحديد خطوط معيّنه بـ حيث تكون معه إن أحتاج ويستغني عنهم إن فرغ من حاجته ... إتقاءً لـ شرهم الذي قد يلحق بـ المثقف إن ألّبتْ
الأنظمة وبعض رجالات الدين العوام ضد المثقف العربي !!!
كما قال الجاحظ في رسائله : ( قاربوا هذه السفلة وباعدوها , وكونوا معها وفارقوها ,واعلموا أن الغلبة لمن كانت معه ,وإن المتهور من كانت عليه ) .
كثير منهم استطاع أن يسوس العوام , وكثير منهم فشلوا حتى اعتزلوهم ...!! .
مشكلة المثقف أنه يفسّر ويحلل بعيداً عن الوقوف إلى جانب طرف ضد طرف , أي أن طرح مشكلة ما أو الحديث عنها وإن كانت رؤية تخص المشكلة بكامل أطرافها قد يجلب إلى المثقف مشاكل هو في غنى عنها وفهم خاطئ ... وهذا ما لم يستطع فهمه العامة واعتباره كـ موقف شخصي ورأي يمثله ..!
وكما حدث لـ ابن خلدون في اتهامه بـ تأييد سقوط بغداد على يد التتار ... رغم أن ابن خلدون كان يوضح أنها حتمية طبيعية لما وقع في بغداد في ذلك الوقت من ظلم واستبداد بـ عهد آخر خليفة عباسي قُتل على يد التتار !!! ,, وفي عهدنا هذا سقوط بغداد مرة أخرى كان حتمية اقتضتها التطورات السياسية وتتتالي الظلم والاستبداد والقمع ,حتى وإن كانت ضد ظالم أكبر !! ... وهذا ما جعل البعض يتهم من فسّر ووضّح هذا الرأي بـ تآمره ضد العروبة والإسلام وإلى آخره من تأليب وتقليب على هذا الوتر ..!! .
وهذا كله حال دون وضوح المثقف العربي في بعض الأحيان واتخاذه للرمزية أو عرض رأيه بـ طريقة مواربة وبعيدة عن مفهوم الشارع المخاطَب.. خوفاً من غضب الأنظمة أو العوام ربما , مما أدى إلى وجود هوّة كبيرة ما بين عقل المثقف وعقل العامّة من الشعب .. وفي ظل ذلك ضاعت أو ألغيَتْ مكانة المثقف العربي في المجتمع !!
أي أن أسباب تدهور حال الثقافة متعددة وقد يكون المثقف ذاته إحدى هذه الأسباب إن لم يكن أقواها حدوثاً نتيجة لأسباب كثيرة أدت إلى انكسار المثقف ولجوءه إلى عدة طرق من اجل ظهوره
ودوره مرة أخرى في خارطة المجتمع ,وليسَ من أجل إبراز الثقافة وطرحه من خلالها ! , فـ التبعية الثقافية لم تُكسر بعد بـ شكل يخرج المثقف من قوقعة الثقافة السابقة سواء كانت عربية أم غربية ,, بـ حيثْ أدت إلى امتزاج كلا منها بـ طريقة أضاعت معالم المثقف العربي "المعاصر" وبالتالي أضاعت دوره , وأدت إلى ضياع المثقف ذاته بين معتقدات سائدة وثقافات دخيلة !!
فـ الحضارة العربية لم تنفصل عن الإسلامية مذ وُلدت –إلا بـ وقتٍ قريب- انفصال مشوّه- /
وبالتالي فإن هذا الأمر ساعدَ على بروز ثقافة من نوع خاص جدا تخص المجتمع الإسلاميّ والعربيّ ذاته –لـ خصوصية دينه- !واهتمام العرب والمسلمين بـ نوعين (اللغة,الفقه) كان حتمية طبيعية لـ وضع المجتمع آنذاك وخصوصية اهتماماته التي لم تخرج عن هذا النطاق إلا قليلاً!!/وهذا ساعد على تقوقع الثقافة العربية داخل قوقعة الذات المنفصلة عن سواها !
في ما بين ثقافة من سبقونا .. وبين هذا العصر هناكَ تذبذب واضح لـ عدم المقدرة في التوفيق في ما بين الثقافتين , ومع غزو الثقافات الأخرى ضاعتْ الهوية الثقافية العربية بشكل أكبر , لـ عدم وجود ثقافة لها جذور وقواعد وهويّة واضحة ومحددة !!
الانحراف الفكري
الانحراف الفكري .. نماذج مثقفة مشوّهة ومبتورة من جسد الثقافة العربية والغنيّة بها الأمة العربية والتي أجبرتها ظروفها أو قوة شيطانها إلى الميل عن طريق يُنتج فكراً صحيحاً قويماً ينهض بـ الأمة بدلاً من وقوعها في مستنقع يطمس هوية وملامح الثقافة العربية ويؤجل من إظهار أمة مثقفة تكون هيَ المسئولة عن إقرار مصير .. ونهوض جيل يتخبط ما بين صعود وهبوط مستمر جعل من هذه الثقافة تراث لا أكثر تتناقله الأجيال وتحكي عنه كـ أساطير الأولين !! ,,
لا أعمم هذا الانحراف وإن كنتُ أرى الثقافة العربية مليئة به بـ حيث أنه أضاع أجزاء متناثرة تخلو من كل "عيبٍ" ..وتتدثر الطُهر وتنمو على بياض فكرها ..! وإن كانت تعاني من تسمم ما حولها من بيئة ساعدتْ بـ كل عواملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية منها ..إلى انتشار هذا الوباء الفكري والانحراف الخُلقي المتجه إلى الهاوية .. ولا أتمنى أن يأتي يوم نعزي به بعضنا في موت آخر عقل وفكر عربيّ شريف!
ويدٍ تمتد لـ تطهر عفناً بدأ يأكل كل سليم حوله !!
التسول الثقافي "أزمة عربية,ثقافية "
التسول الثقافي ينقسم إلى قسمين ..
تسول ثقافة ..../ ... تسوّل مثقف !
أ : تسول الثقافة :
أن تأتي عقولاً خاوية تتسول ثقافتها من ثقافات أخرى متعددة حتى تكاد تكون مهجّنة لا أساس لها ولا تاريخ ثقافيّ ومرجعيّ تعود إليه .. ولا حتى عقلاً تستطيع معه تجاوز ما يحتويه إلى أبعد إذ أنه لا يعي إلا محيطه الفكري المتقوقع داخل عقله وحده .. هذا التسول الثقافي لم يأتي عبثاً بل لأن ضياع الهوية الثقافية العربية وتهميشها أدى إلى نسيانها وعدم تناولها كـ أهمية وحتمية ثقافية وعربية لكلّ عربي كـ فرض عينْ !! , بل أن الابتعاد عن الثقافة العربية كان هو الحتمية في ظل ما يعيشه الإنسان العربيّ .. وما تحتويه الحياة العربية عامة بكل حالاتها المتعددة !! والتي جعلت من الإنسان العربي جسدا بلا عقل ! فـ العقل في بلادنا محارب وأمر غير مستحب .. وقد يكون في بعضها من المحرمات !!
لذا لجوء الإنسان العربيّ إلى ثقافات أخرى كـ منهل له , أو الاكتفاء الذاتي بما تمليه عليه الثقافة العامة في ثقافة حكومة عربية !! , هو أمر غير مستغرب على الإطلاق , وحالة الإغماء الذي يعاني منه العقل العربي – والمثقف منه- يحتاج إلى ثورة عقلية/ثقافية .. تعيد للثقافة هيبتها .. وتعيد للعقل العربي رداءه الذي خلعه منذ عقود تتابعاً لسياسات متتالية وحكومات متغيّرة ونتيجة ترتبت على تغيير خارطة المجتمعات وتطورها الزمني والبيئي .. والمتتبع للتاريخ الإسلامي/العربي من طور إلى طور يعي جيدا خارطة التدهور العربي بـ شكل عام والثقافي على وجه الخصوص !!!
ب: تسول المثقف
حال المثقف العربي والذي غالبا ما يعاني من فقر مدقع وعدم اهتمام حكوميّ به في حال وقوعه بـ مشكلة أو وصوله إلى حد "التسوّل" .. فـ تمجيد هذا والثناء على ذاك علناً هو كل ما تقوم به الحكومات العربية وطبعاً – تقدير لدور المثقف على حد قولها- ..وفي الخفاء أمر لا يعلم به إلا الله !! /
وما بعض الأسماء التي ظهرت منذ فترة وهيَ نماذج حيّة وشاهدة على عصر تدهور به كل ما يرتبط بالثقافة بدء بالمثقف العربي وانتهاءً به ! .. كـ الأديبة مليكة مستظرف , والأديب أبو بكر زمال والذي قام بـ عرض إحدى كليتيه للبيع من أجل توفير رغيف يسد به رمق عائلته !!! ..
فـ كيف بـ مثقف يتسول رغيفاً ..أن يمسك قلماً ويهذب ويربي أمة على ثقافة تُقدمها ولا تبطأ عجلتها المتآكلة لـوحدها ؟؟!!
ما يحدث وما زال .. تحديد عريض لـ غلق دائرة العقل العربي على أمور محددة .. الأهم منها إبعاده عن كل ما ينمّي ويُخرج هذه الأمة من ظلماتها ...إلى النــور !! , وليسَ بهذا كفيل سوى إشغاله بـ معيشته الضنكى !!
مخــرج : سلّم "عقلك" .. "خراجَ " وطأتك في بلادكْ !!!!!
.
.