أغصان يابسة بلا أوراق , دفاتر بلا محابر , أشجان بلا صوت , سُحب ولا أمطار , كيف تكون الحياة بلا أمل ؟ كيف تتحرك دون مادة لزجة تساعد للمضي قدماً , كيف تشيد الأحلام قصصها وترقص الأماني دون أن يغزل خيوطها الأمل ؟
.. "ما أضيق العيش لولا فسحة الأملٍ" *
قد تتكسر مجاديفنا كثيراً وتغدو فتات , وتنهك الأماني وتغتال الأحلام , فلا الحياة حياة ولا أصحاب ولا أحباب بعد عجز الأمنيات , لكن من يحجب شعاع الأمل فينا ويسلبه دون وجه حق حتى نتقاعس وقد شرع الله لنا نعمة لا يعرفها الأسون ؟
.. " ولا تقنطوا من رحمة الله " *
ما من داء إلا له دواء , واليأس داء قاتل بلا أدوات قتل سوى نفس صاحبها , فلا يصاحب الأمل ولا يصحو مع الشمس , ولا يزهر في الحياة .. يالا الحياة بين معطفه يا هي المسكين
الأمل ماء , وغذاء من نوع خاص , تقتاته القلوب الضيقة بعد الخيبات حتى يكون البلسم رضا والطريق يطول يقربه الأمل , حبيباً حوله نجوب , به نؤمن بالقدر فلا نخسر على المدى البعيد ونكسب القريب
أواه يا هذا الأمل
حبيباً متى أردنا
حبيبة متى أردت
كفاً حنوناً
فلا يأس .. ولا يد بطش
قتالة .. غدارة
عزيز يا هذا الأمل
عزيز .. نهرول إليك
تفرد إضلاعك
ولا تمّل من نفض شارد
غبار خانق
نتنفس هواءك
ونذكر أننا بكينا .. لكننا
ضحكنا
ونذكر أننا فقدنا .. لكننا
وجدناك
كلما قفلت الأبواب فتحت بابك , تعلقنا بك , دفأ بردنا , حضنت حتى الذبول , أطلنا المقام , وعلى شرفاتك رأينا النور نور , رأينا ما نريد في بيوت لا تنكشف إلا عندما يريد من أعطانا إياك , فكان المطر في وقته لنستلذ , والريح يأتي لانتظار في محطتك ونستلذ فيك وبك , فنقدر لهذه الحياة ممشاها
علمتنا الصبر , وها نحن نصبر ففي .." الصبر ضياء"* , وننظر إليك نظرة الطفل لأب حنون يقف جانبه وتسترسل براءة النظرات المحتاجة , لتنعم بما يخالج قلبه الصغير ومطلبه الكبير
.. "صبراً فإن الصبر يعقُب راحة
ولعلها أن تنجلي ولعلها" *
ماء أنت , مُسكن رباني , مُهدي لا ينضب مفعوله , وساعدك الصبر صديقك الوفي , نرمم بك تحطيم بالغ الأسى , فلا نمضي دونك , فانوس ظلام يبقى حتى بعد التلاشي فنعيش عليك يا أمل ولا تسئم , فكيف نحن دونك وأنت تلملم البعثرة وتشد حزامك ؟
نستغني عن الكثير –لا بأس- , أما أنت , فكأنما العين ولسان يعشق السكوت , بعصارة الذهب نرويك , فكم من مرة شربتنا مضادات لأكسدة البشر ؟
نكّون الأحلام من جديد تحت فيئك , فتطلبنا أن نضحك ونقول يا رب , كم من نعمة منحتنا تجبر تكسير الحياة
على أكتافك نحن
نقترب من السماء
يبللنا المطر
فتطول أغصان الزهر
وتصل إلينا
على أكتافك نرتفع
ونغازل الطرف البعيد على خجل
يرانا
نبتهج .. نغني
تتداخل الضحكات والدمعات
جُلها تبحث عن الكلمات
نصفق للفرح
وننساك
نجول حول المستجد
نلامسه كمولود ولا تغادرنا
ونحن قد نسيناك .
سلمى الغانمي