على بابِـــــه - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 8221 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75200 - )           »          ((قيد العنا قيد ...)) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 6 - )           »          !!.. غــُبـــــاااار قـُـــرآآآآني ..!! ( وإنِّـي لَـعَـلًى صـَبْـرٍ عـَظـِيــِمْ ).. (الكاتـب : خالد العلي - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 24 - )           »          ما كنت أنا سلمى ..! (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 0 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 75 - )           »          العرّاب (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 1 - )           »          أحلام الكلام (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 3 - )           »          من لا يعشق ليلى (الكاتـب : د.حاتم المصري - مشاركات : 0 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7444 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-2012, 03:08 PM   #1
مريم الضاني
( أديبة )

الصورة الرمزية مريم الضاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13

مريم الضاني غير متواجد حاليا

افتراضي على بابِـــــه





" يا الله ... يا الله "
تلهجُ بهذه الكلمة، وهي تدلفُ من بوابة البنك، و تجرّ قدميها الثقيلتين على بلاطه الصقيل . تخطو خطوات قليلة ثم تتوقّف لالتقاط أنفاسها المتحشرجة، وتسعل سعالًا حادًا ينتهي بصفير يلفت إليها انتباه النسوة من حولها . تُمسِك بإحدى يديها كيسًا كبيرًا شبه فارغ ، و تمسك بالأخرى عكازًا تتكئ عليه . أخرجت من الكيس منديلًا، وبصقت فيه ثم قذفته في الكيس .
لم يكن المقعدُ الوحيدُ الشاغرَ في الصالة بعيدًا عنها، إلا أنها كانت تكابد كي تصلَ إليه، وما أن حاذته حتى استدارت وتهالكت عليه، وهي تجفّف العرق المتصبب بغزارة على وجهها .
ابتسمت لها موظفة الصرافة التي اعتادت أن تراها مطلع كل شهر، ثم نهضت من وراء مكتبها وانحنت لتصافحها بودٍ ظاهرٍ قائلةً :
سلامتك يا خالة... تبدين مريضة ! .
تشبّثت العجوز بيد الموظفة، وعندما همَّت الموظفة بسحب يدها من بين أصابع العجوز، ضغطت عليها بقوة فاستسلمت الموظفة لها برفق .
قالت بصوت متهدّج :
يا ابنتي ، الربو أتعبني... وهموم الدنيا، والدواء الذي ارتفع ثمنه .
ـ لا بأس، هوّني عليك ! . إن الإنسان مبتلى في هذه الدنيا، ولا أحد منّا بمنجاة من الهموم .
سحبت الموظفة أصابعها من بين كفَّي العجوز بلباقةٍ، ثم عادت إلى مكتبها لتبحث عن بيانات العجوز، في ما تسمّرت عيناها على شفتَي الموظفة، منتظرةً سماع العبارة المعتادة المحبَّبة إليها:
" انتظري دقائق يا خالة ريثما أسحبُ نقودك" .
مضى وقت طويل، والموظفة تضرب بأصابعها على أزرار الحاسوب، وقد اكفهرّ وجهها . بدأ القلق يتآكل العجوز التي اتّكأت بذقنها على مقبض العكاز؛ محاولة ًحبس الصفير الذي يتصاعد من صدرها، ويُلفِت إليها المزيد من الأنظار . فجأةً، تركت الموظفة جهازها وأطرقت، فتململت العجوز في مقعدها متسائلةً بوجل :
خيرًا يا ابنتي، ما بك ؟ .
ـ والله لا أعرف ما ذا أقول لك ! .
ازدادت حدة صوت صفير صدرها حين قالت :
ـ يا ابنتي تكلّمي!.
ـ لقد أوقفوا الإعانة الشهرية عنك يا خالة .
وجمت العجوز وبدت ساكنةً في مقعدها كتمثالٍ حجريٍّ.
أردفت الموظفة :
ـ قالوا :إنّ شروط منح الإعانة لا تنطبق عليك؛ إنهم يعينون الأرامل ومن ليس لهنّ وليّ ينفق عليهنّ، مثل : الأب، أو الزوج، أو الأبناء . .يقول تقريرُهم : أن لديك ثلاثة أبناء ذكور... بارك الله لك فيهم !.
أشارت الموظفة بسبابتها إلى شاشة الحاسوب قائلة :
ولدك البكر اسمه :أحمد حسن ، أليس كذلك ؟ .
ـ ........... .
بدت علامات الدهشة على وجه الموظفة حين علّقت قائلةً :
ـ أحمد حسن ، كانت زوجته جارةً لأختي .ألا يمتلك عمارة ًسكنيةً فاخرةً في وسط المدينة !؟ .
خيّم الصمت عليهما فيما حاولت الموظفة التشاغل بجهازها لتخفي إحراجها.
همّت العجوز بالنهوض من مقعدها لتنصرف، بيد أنها تراجعت، وقالت بنبرةٍ خنقتها العبرة :
والله يا ابنتي، لا أحد من أبنائي الثلاثة ينفق عليّ ...شغلتهم الدنيا ... شغلنا الله بطاعته !.
نهضت من مقعدها، وخطت خطوتين، ثم التفتت إلى الموظفة، وتساءلت وعيناها تقطران رجاءً :
هل قرارهم هذا نهائيّ ؟، أقصد .... أقصد حتى لو شرحتُ لهم ظروفي ؟ .
ـ لا أعلم يا خالة .
فتحت الموظفة حقيبتها، وأخرجت منها نقودًا، لفّتها بمنديل، ودسّتها في يد العجوز خفيةً، فأعادت العجوز النقود إليها قائلةً :
لا، لا، وسّع الله عليك ! .
مضت ببطء صوب بوابة البنك، تجّر قدميها الثقيلتين، تخطو خطوات قليلة ثم تتوقّف لالتقاط أنفاسها المتحشرجة، وتسعل سعالًا حادًا ينتهي بصفير، و تلهج بكلمة :
" يا الله ... يا الله ".

.................................................
بقلم : مريم خليل الضاني
من مجموعتي القصصية ( سرداب التاجوري )

 

مريم الضاني غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:16 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.