حرف الضاد بقي من رسالتك للأستاذ إبراهيم آل لباد العنزي
-1-
النص:
مابقي من ذاك الحديث عن الماضي
سوى بعض أحاديث ستُحكى هنا ,,
سهرت الحروف الليالي
ذهبت رسالاتي الزاجلة
سقطت دمعات , جفت مع الضحى
عادت مع المساء
وجفت ولم تجف , بقيت ولم تسقط
حانت ولم تعد ,
دمعتكِ تلك نزلت على وجنتكِ
إحساسك لم يكن يشعر بالدمعة
فهو إحساس صابته غشاوة
سهرت الحروف الليالي
ذهبت رسالاتي الزاجلة
سقطت دمعات , جفت مع الضحى
حروفكِ الماضية كانت فقط حروف
حروفكِ لها جمال المنظر
خلت من ماهية الإحساس بالمعنى
عادت مع المساء
وجفت ولم تجف , بقيت ولم تسقط
حانت ولم تعد ,
رسالة بحرف قلمكِ سقطت من منضدتي
سقطت دون أن يشفع لها قلمي
أو شفاعة من حرف بزاوية صفحتي
لاغرابة في أمر السقوط أو عدم الشفاعة ,
فتلك الرسالة لم تحمل ماهية الإحساس
فقط لها جمال منظر ,
حرف الضاد بقي من رسالتكِ
متمسكا بزاوية منضدتي
أسقطته بيدي
فشاء أن يبتعد عن رسالتكِ
دمعتكِ تلك نزلت على وجنتكِ
إحساسك لم يكن يشعر بالدمعة
فهو إحساس صابته غشاوة
ذهبت رسالاتي الزاجلة
سقطت دمعات , جفت مع الضحى
عادت مع المساء
وجفت ولم تجف , بقيت ولم تسقط
حانت ولم تعد
بقلمي / من الماضي القديم ,
-2-
القراءة:
البداية أو الافتتاحية تعلن نهاية الماضي وكل ما تبقى من الحديث عنه هو البوح الذي نشر بين هذه الأسطر... ويبدأ البوح بتلك الكلمات التي سهرت ليالي طويلة و كأن الكاتب هنا يشير إلى أرق الحروف وأرق الروح بعد الوجع....بدلالة الرسائل التي أرسلت والدموع التي جفت نهارا وعادت للسقوط ليلا.... كأن الليل يثير في النفس الشجون ويفتح أبواب البوح واسعة ومشرعة على مصراعيها...و الدموع بعدها تدخل في ثنائية النفي والإثبات... فهي عادت وجفت رغم أنها لم تجف...حقيقة وظلت تلك الدمعة ولكنها كانت عصية على النزول....مما يستحضر قول أبي فراس الحمداني:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهي عليك ولا أمر
كما أن هناك مقارنة ضمنية بين دمعة الكاتب ودمعة الأنثى المخاطبة فدمعتها كانت باردة ليست بعمق أو حرارة دمعته وما ذاك إلا لأن إحساسها أصابها جمود...
في تكرار الجمل تأكيد بأن الدمع لديه قد انتهى أوانه مع الضحى وكأن هناك إشارة إلى اتضاح الحقيقة تحت الشمس الساطعة، ينتقل بعدها الكاتب إلى استرجاع شيء من الماضي الذي كان جميلا ولكنه كحروف تلك المخاطبة براق وكل ما فيه خواء...
الرسالة التي وصلت منها لم تؤثر بالكاتب وهذا عطفا على ما جاء في قوله من أن الحرف كان خاويا خاليا من إحساسه يقويه ويجعله صلبا، لذا كان لا بد لها من أن تسقط وتهوي دون أن تنال شفاعة القلم أو حتى الكتابة عنها بهامش الصفحة... السقوط كان نهاية طبيعية للرسالة وحروفها المفعمة بزخرف القول والمفتقدة لصدق الإحساس، وعلى الرغم من كل ذلك كانت الرسالة تحاول التشبث بطرف المنضدة" كأنها إشارة إلى المحاولات باسترجاع ما كان ولكنها باءت بفشل ذريع"،
مرة أخرى يعود الكاتب إلى أمر الدمعة المصنوعة من قبلها والتي كانت خالية من أي صدق أو تمسك حقيقي بالطرف الآخر، وربما كانت فقط محاولة كمحاولة من هو متيقن من النتيجة ومن لم يكن جادا فيها ولكنه يرفع العتب عن نفسه .
النهاية كانت تكرارا لما ورد في المنتصف ولكن لم تكن تحمل ذات الشعور بل صار النفس هنا مختلفا، ذهبت رسالاتي الزاجلة... كأنها إشارة إلى انتهاء ذاك الماضي بذهاب الرسالات أدراج الرياح...أما الدمعات فسقوطها – إن سقطت – مختلف فبتساقطها تساقطت تلك الذكرى، حانت ساعتها لكنها لم تعد للهطول...
كثرة الأفعال الماضية تشير إلى حدث ثابت، والحدث هنا انتهاء الذكرى وثبات زوالها، كما أن هذا النوع من الأفعال يناسب الطابع السردي الذي غلف النص، وحتى الجمل القليلة التي لم تبدأ بأفعال كانت اسمية والجمل الاسمية أيضا تدل على الثبات... ثبات الكاتب على موقفه من ذلك الحدث الذي صار فقط ذكرى... وهو مغزى العنوان فحرف الضاد الذي بقي من الرسالة هو الذكرى المجردة فقط التي بقيت من تلك الأنثى...