عتابٌ يئن .

[أحمد الهسي]

سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

عتاب يئن ..

لم يرحل عنه الألم بعد .. مازال غارقا في غياهب الأنين ..
يحث خطاه المرهقة في بساتين الحنين تؤرقه بسمات الراحلين ..

كانوا هنا مستأنسين ..

من كل حدبٍ مقبلين إليه كالنصر المبين ..
أحيوا لياليهم بألوان السرور وأنغام تسامرهم ليلاً حنون ..

هم قد علوا صرح البيان وعانقوا نجم السيادة طوعوا مجد السنين ..
مالي أراكَ مكبلاً بالصمت عن تلك الليالي الغابرة ؟!

واليوم أرمقكم قبوراً أو قصوراً خاوية .. فالراية الشمّاءُ دنسها الظلوم ..
لم يعلم الظالم أين حيكت ، كيف حيكت من دماءٍ عاطرة ..

لم يشهد التاريخ أوله وما رأى كيف الجماجم أصبحت أسوار قلعتكم ..
لكنه ذاق الخمور في أفواهكم الذاكرة .. وسمع قرع الطبول في آذانكم الخاشعة ..
ويرى الجواري تدنوا لتلامس شغف قلوبٍ بذكر الله عامرة .

فأبكاكم كالنساء على ملكٍ لم تصونوه كالرجال ....

وأضعتم الأندلس .. فكان ضياعها طريقا ممهدا لفساد الأمة ووهنها ..
من بعدكم لم يستجب للنائحات رجالنا .. لم تدمع الأم على فقد الولد ..

أتذكرون كم من الملك حكمتم ؟ كم من الوقت علوتم ؟ كم من المجد صنعتم ؟
إني أراك اليوم في بحرٍ من الإشفاق تلاطم موجه وحدك .. وتمد يداً علَّ صالحاً يمسكها .. ومن يذكرك ؟ !

أخلد أيها المجد التليد في مضجع النسيان .. فإننا منهمكين في مرتع الحياة .