كثيرا وجدتني متلبسة بالحلم متهمة بالأغراق في الاوهام
والذي يتهمني هو أنا
او كأنها الأنا التي شربت قصة " بائعة اللبن "
وصدقتها للحظة وجدتني اؤنب نفسي ببسمة ساخرة علي الحلم
ولكي افيق منه ذكرت نفسي بتلك القصة الشهيرة
التي درسناها بالمدرسة
كانت تحمل اللبن علي رأسها ذاهبة الي السوق لتبيعه وبدأت تحلم
انها تبيع اللبن وتشتري فرخة تفقس بيضا يأتي بكتاكيت تبيعها
وتشتري اشياء كثيرة ولكن ما لبثت ان تمزق الحلم أشلاء
مع تعثر قدر بائعة اللبن المسكب حليبها علي الارض وضاع الحلم
لحظات ثم بدأت أسترد توازني واتساءل لاول مرة عن مغزى القصة
التي صدقتها وعاشت داخلي منذ طفولتي ..
هل الحلم خطأ ؟ ام وهم كما يقولون ؟
بالطبع هو وهم بحكم كونه لم يتحقق بعد
ولكن هل الوهم عيب ؟ ام جنون واثم ؟
هل لابد وان نسير طوال العمر علي العجين ..
ماذا لو مشى الجميع مثل الجميع ؟ من سيغير شكل الاشياء في الحياة ؟
الحلم .. الوهم .. الجنون مرادفات لشيء واحد شيء سيغير وجه العالم
فلماذا لا نحلم ؟ لماذا نخجل ونخاف من احلامنا ؟
ترد علي الآنا الواقعية
مفسرة ان الاغراق في الحلم انفصال وتغييب عن الواقع ..
ان تصحيح خطأ هذه الفكرة يأتي من قصة بائعة البن ذاتها
لقد كان خطؤها هو ان الحلم جذب عقلها فزلت قدمها وانسكب اللبن ..
الخطأ أذن هو افلات قبضتنا علي الواقع
الخطأ ان يضع الحلم علي العينين غمامة فنتعثر
لكن ان استطعنا ان نحلم وعيوننا مفتوحة لموضع اقدامنا لما حولنا
وخلفنا لصنعنا المعجزات
لابد ان اكييف حلمي مع الواقع بمعني انه اذا حلمت ان اكون مليوتيرة مثلا
ان ابدء بخطة للبحث عن عمل اضافي ثم ادخار مائة جنية فألف .
اذا حلمت ان اكون عالمة ذرة فلا بأس بمجموع كبير في الثانوية العامة
لالتحق بكلية العلوم
واذا حلمت ان اكون رئيسة وزراء فلابد من قراءة الكثير من كتب العلوم السياسية
فلا المائة جنيه ستجعلني مليونيرة ولا كلية العلوم ستضمن لي مستقبل عالمة ذرة
ولا كتب العلوم السياسية تعني انني ساكون بينظير بوتو اخرى
ولكن هذه الاشياء لها اهمية كبيرة ..
اولا : هي تبقى الامل حيا في غد اجمل من اليوم
غد يجذب ارواحنا الي قلب الحلم
ثانيا : تثبت هذه الاشياء قدرة كل منا على الانجاز مهما كان صغيرا
وكلا الامرين يعني املا اكبر وايمانا اعظم بقدراتنا علي التحقيق
يجب الا نتحسر اذا لم نصبح مليونيرات او علماء ذرة
بل يجب ان نشعر بالفخر
ان الحلم الكبير حتى لم لم يتحقق فهو دفعنا للامام خطوات
وجعل منا اناسا انجح واعظم واكثر ثراء معنويا ونفسيا وماديا من الامس
مهمتنا اذن تقريب المسافة بين الحلم والواقع في ذات اللحظة لانه إلهام
وليس وهم يدفعنا للاجمل واضافة الجديد لحياتنا وغذاء لارواحنا
فالحلم هو الغد المشرق فان لم احيا بيقين ان الغد اجمل فلم اعيش اذن ؟
وان كان قرار الموت ليس بيدي واهي دنيا والسلام بلا طعم او لون او رائحة
شيء ممسوخ مشوه لم يأت بنا الله اليها لنجرجر اقدامنا وارواحنا جرا
وتصلب طولنا لمجرد ان نظل احياء لان الانتحار حرام
اوليس حراما كذلك ان اوجد ولا اعيش ..
اشغل حيزا من المكان املا معدتي وانام وروحي تتألم لا تسعد لا تحلق
فالجميع من حقه الحلم
ولو بالقدر الضئيل حتى تدب بهم الحياة والايمان بالامل ..
جزء من الحلم يتحقق حتى لو كان رؤية البسمة علي وجه انسان نحب ..
رؤية الشمس تغرب مع لحظة صفاء مع النفس فلماذا نقتل الاحلام
بدعوى انها اوهام وتحفيم العجز واليأس
ألا تدرك ان كل شخص كائن به معجزة متفردة
حتى بصمة الاصبع لا تتكرر
فكل منا ما يميزه عن الاخرين فمتى نتعلم الثقة بالنفس منذ الصغر ؟
هل نتعلم التنقيب الذاتي ؟ هل نملك اساليب البحث عن المفردات
التى تحمل ابجديات خصوصيتنا ؟ للاسف اغلبنا ليس لديه تلك القدرة
ولا يملك ادواتها
نعم قد نكون حلمنا بالقومية والعروبة والمساواة فتحطمت الاحلام
وتوسدتنا الكوابيس فما اكثر الاحلام التي هجرتنا
وما اكثر النكسات التي صدمتنا ومع ذلك ما زلنا أقوياء ..
ربما ببقية ايمان ..
ربما لأن التجارب السيئة تقوي نفوسنا وتشد ازرنا
.. لكننا لسنا ابدا علي استعداد
ان نحرم اولادنا من ان يحلموا بالتفوق والتميز ..
لسنا علي استعداد لتحمل دمعتهم
وانهم لا يستطيعون ان يناموا ملء جفنيهم
ليستعيدوا في الصباح نشاطهم
وحيويتهم طالما ان الديناصورات تزأر طول الليل كفانا الله شرها
لابد ان نؤمن باهمية الحلم ولو جزئيا
وبالذات العليا التي منحتنا هبة الحلم
وبوصلة التحرك في اتجاهه واجنحتنا التي يجب ان تظل مفرودة
مستعدة للطيران في اي لحظة ..
لو كان الامر بيدي لاكملت قصة بائعة اللبن
بانها نهضت من عثرتها وانبت نفسها علي شرودها
وطغيان الحلم يعلو علي واقعها
وبدات تفكر من جديد كيف تحصل علي قسط لبن اخر
لتتمكن من معاودة الحلم وتحقيقه حتى لو قتلنا الديناصور ..
11 _ 2 _ 2015
"""""