وبعد :
سنتفّق على أن البُكاء لم يعد ممكناً و سنخترع لأنفسنا لغةً جديدةً للحزن , للفرح , و لمحاكاةِ الألم ..
دعنا نرتّب أشياءنا .. أولويّاتُكَ أوّلاً .. ثمّ أنا ..
بعدها لنخاطبُ الموت و كأنّه صديقُنا المُشترك , الوحيد الّذي إن أخذني منك , لن تحزن .
سأعوّدُ نفسي أن أقرأكَ من اليسار إلى القلب , و أن أرتّب حروفَكَ من فمي حتّى رئتيك ..
و أن أعدَّ على أصابعكَ انفاسي واحداً واحداً .. واحداً و نصف .. واحداً و لا شيء !
ما قبلَ الـ قبل :
إذ أخاطبُ الرّحمةَ في عينيك , و أراقبُ بعضي يصعدُ سماواتٍ من الأمنياتِ الهاربة .. من بعضِ حنينٍ و آلافِ النّجماتِ المبتورةِ الضّوء ..
إذ أضعُ يدي على أضلعكَ , لتبدأَ لهفتي تبحثُ عنّي في ضلعكَ الثّائرِ على قيودِ الرئة , و تكتبَ هناك فصلاً سابعاً للآمالِ المزمنةِ حتّى الموتِ ..
إذ أبدأ حيثُ انتهَى اللون الاحمرُ في مغاراتِ الرّغباتِ المؤجّلة , وأتحمّلُ وحدي , تبعاتِ انفصامِ اللونِ الأبيضِ , حيثُ قطعَ صدري مسار قوس قزحٍ اختارتهُ عيناكَ لينمو ..
إذ تمسحُ بجبينكَ قلبيَ المثقوب , و تحيكَ لهُ من قميصكَ أغنية , و تهبه من روحكَ دهشة , لتعيد إلى نبضهِ مسارَ الشّرايينِ التّائهة ..
إذ أقفُ أمامكَ ورقةً مبلّلةً بالمطر , حبرها يسيلُ كالدّم من عنقِ عصفورٍ جريح , و حروفها تراوغُ أصابعكَ علّها تسترُ انتظارَها المرهونَ بالغيم ..
و قبلَ ثمّ :
[ أنا ] صغيرةٌ بقدرِ المغفرة , متماهيةٌ بروحكَ حدّ الرّحمة ..
تتضّرعُ للّه أن هبني بعضاً من نبضٍ حتّى أتلوك
و جناحانِ حتّى أحملَ فرحي إليك ,
و لغةً حتّى أؤجلَ الموتَ حيناً آخر ..