(] المقامةُ الأَقْطِيَّةُ [) [ فُكاهيَّةٌ واقعيةٌ ] - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
بحر الحزن !! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 0 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 437 - )           »          شطحات وأمل (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 3428 - )           »          البحيرة والنورس (الكاتـب : حمد الدوسري - مشاركات : 3517 - )           »          الزمن بوّار (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 4 - )           »          أَبْــلـــة....! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 3 - )           »          ظلام الذاكرة (الكاتـب : جهاد غريب - آخر مشاركة : عهود الحربي - مشاركات : 4 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : سالم حيد الجبري - مشاركات : 75189 - )           »          جُسُور (الكاتـب : نازك - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 4 - )           »          [ بكائية ] في فقد البدر .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : خالد العلي - مشاركات : 22 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-21-2008, 04:51 AM   #1
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي (] المقامةُ الأَقْطِيَّةُ [) [ فُكاهيَّةٌ واقعيةٌ ]



المقامةُ الإقْطِيَّةِ
حدَّثنا أبو الطيِّبِ الوائليُّ قال : سَرَتْ بِيَ أيامُ الزمانِ ، و تنقُّلاتي بَيْنَ الأوطانِ ، إلى أن ندبني ذا خصال وافيةٌ ، و قَصَدني ذا نفسٍ صافيةٍ ، أنْ آتيه بِإِقْطٍ ، الذي ما مثله قط ، فلبيتُ الطِلبة ، و حققتُ الرغبة ، و سعيتُ جاهداً ، و سرتُ راشداً ، فأقبلتُ على مواقعِ بَيعه ، و نَحوتُ مناحي صُنعه ، و ذاك محلُّ الظن مني ، حين نأى اليقين عني ، فلم أظفر بحاجة ، و أحرقتني شمس وهاجة ، و كانت أرضُ الخفس ، ذات أنس النفس .
ثُم يممتُ نحو روضة خريم ، المدروء عنها الضيم ، فقصدت مدخلها ، لكونه أولها ، فلقيتُ امرأةً أعرابيةً ، سلاسلها عربية ، فكان الحديثُ الدائر ، الشاهد الحاضر .
بادرتها سائلاً عن سعر إقطها ، و قد ضمنت عَده بإبطها ، بكم أيتها الأعرابية هذا ، فقد عُذبتْ كمن آذى ؟ .
فقالت : بثلاثين مع خمسة ، ريالات مباركات لا نحسة .
فتعجبتُ من غلائه ، و راجعتها في اهترائه ، متوسلا إليها ببعد المسير ، و انقطاع خبر الخبير ، أنقصي منه قليلاً ، فبالكاد وجدت إليك سبيلا .
فأعقبتْ بقولها : أتراجعني بقيمته ، و لم تدرك مدى أهميته ؟
فقلتُ : يا هذه القاعدة ، ذات النفس الراقدة ، إنما أستعطفُ أصول العرب ، و أسترأف شمائل ذوي الأدب ، و لعلَّ بيننا ذاتُ قربى ، فتكوني إليَّ ذات رُقبى .
فقالتْ : أأُتعبُ فيه بالأمس يدي ، لأظفر بمالهِ في غد ، و تأتي بأعوج القول منك ، و قبيح الرأي لك ، تسألُ إنقاصَ السعر ، أصلاك ربي دار الجمر .
فأخذتني ثورة الغضبان ، و أشعلت في قلبي النيران ، فقلتُ : تبا لك أيتها الشمطاءُ ، و الحية الرقطاء ، و العيون العمشاء ، و البشرة الدهماء ، أهذا جزاءُ من ارتجى استعطافك ، و استمنحك ألطافك ، تقابليه بقبيحِ الكلام ، و تغدقيه بسيءِ المقام ، أما علمتي بأنني استفتحتُ بك الأعراب الجالسين ، و بدأتُ بك سائر البائعين ، راغباً أن تكوني الرابحة ، و البائعة الفالحة ، لترجعي لزوجك و بنيك ، و أمك و أبيك ، ببيع مبارك ، لرجلٍ طاهر السبل و المسالك ، و لكن الأسف يغمر حالي ، و الحزن يعمر بالي ، أن كنت قاصداً من ليس إلا بئس البائع ، و هو في أخلاقه أحمق ضائع .
فقالت : هه ، أتظنني أميل بعاطفة ، و لكلامك نحوي عاصفة ، أترى ظهرك و كتفك ، أقبل بهما نحو محل حتفك ، لتدبر عني مذموماً ، و تزيل وجهاً محموماً ، فإني لا أرغبُ إلا بذا السعر ، فاقبله و إلا فأُصْلِيْتَ دارَ السُّعْر .
فقلتُ : ما تريدين بمحل حتفي ، علا رأسك سيفي ؟ ، فقالت : سيارتك الفخمة ، الشبيهة بالفقمة ، جعلها الله محلَّ قبرك ، و مكمن عمرك .
فقلت : أتعدين بالعلم ناقة و عنزاً ، و تطلبين شرفاً و عزاً ، ألا قطع الله أنفاً أنتي حاملته ، و كسر سناً أنتي حاضنته ، انظري لجسمك المليء بالتخمة ، لكأنك حوتاً لا فُقمة ، ظننتُ فيك أصالة الفتيات ، من البدويات القائلات ، " حنا بنات البدو يا زين حنانا " ، فقد ذهبن و أبقين نساءً _ مثلك _أشبهن شيطانا .
فقالت : أبك يالحضري ، أما إنك قبيح جري ، اذهب فلن أبيعك ، و لن أعطيك و أطيعك ، قلتُ ربما تكون رجلاً ، فإذا بك أهبلا .
فقلتُ : المال معي في يدي ، أتبيعين فتسعدي ، و إلا قصدتُ الأعرابي الجالس ، في عرقه الخائس ، أبرمي أمرك ، و أدركي عمرك ؟ .
فقالتْ : هاتِ قيمته ، و تلذذ بصنعته ، فأنا فيه ناصحة ، و بإنتاجه واضحة ، فربما تسعى إليَّ ثانية ، بخطاك الحانية .
فقلتُ : ما أقبح السرج على البقر ، و ما أشينَ الكحل في العور ، أتجعلين بغطرسة و زهو ، الخطى ذات حنو ؟ ، لو علم عنك سيبويه ، لجعلك في الشر سبيهة ويه .
فأعطيتها مالها ، و تركتها لحالها ، فقالت _ و حالي عنها مدبرٌا ، و كنت لها مستظهرا _ : ، سترجع إليَّ شارياً ، فإقطي في السوق عالياً .
فقلت : القوم عندنا قد انتهوا ، و غيرك بالشهامة انتخوا ، فالريالات الخمس لم تنقصيها ، و طول مسيريتي لم تعتبريها ، أأقصدك مرة أخرى ، تلك إذا جريمة كبرى ، عيشي زمانك في صحارك ، و أقبلي على عنزتك و غبارك ، و في حفظ الله إن رغبتي ، و رعايته إن قبلتي ، و لا أظنك راغبة ، و لا الجنة طالبة ، لجهالتك و غبائك ، وانعدام ذكائك .
فقالت : اذهب بلا رجعة ، و لا علاجا لوجعة ، فأف لمال آخذه منك ، لا أدرك منه إلا الضنك ، لا بارك ربي فيه ، و لا طعمت منه ما أشتهيه .
فقلتُ : ويح أبيك وأمك ، و كفيتي غمك و همك ، قد كنت معك ممازحا ، فكوني لي مسامحاً ، فلا أدري ما حال الدرب ، أأصل بخيرٍ أم ينالي العطب ، فأموتُ و أنتي غضبى ، و لا رعيتي في حق القربى .
فاستقليتُ سيارتي ، قاصداً ربوع بلدتي ، فدخلتُ في جوِّ الخيال ، بعد أن أورثتني الحمقاءُ الخبال ، فاسترجعتُ حديثَ الساعة ، و تعجبتُ من جرأتها ركبتها المجاعة ، كيف تسطو بعباراتها ، و تجرؤ بكلماتها ، و تذكرتُ وصفها سيارتي بالفقمة ، فإذا هي ذات التخمة .
و في مسيرتي راجعاً ، و ذهني بالإرهاقِ راكعاً ، ذكرتُ بُعد الدار ، و هبَّ الريح و الغبار ، و عجائب السائقين ، و إهمالَ الراكبين ، في ذاك الطريق ، و عجائب التوفيق ، فحمدت الله ربي ، و أرحت قلبي ، أن أنقذني من هم الذهاب ، و بقي هم الإياب ، فألهمني ربي دعاء السفر ، ذا الفضل المعتبر .
و سرح مني البال ، نحو الصحاري و الجبال ، حتى قطع مني الهاجس ، و أنسَ الخاطر الوانس ، تلك السيارة الكبيرة ، الشاحنة المثيرة ، حاملةُ المياه ، طاحنة الرجال و الشياه ، هي من الأمام ، و أختها من الخلف بإحكام ، و أنا بينهما كلحمةٍ بين خبزتين ، و طعمة لسمكتين ، فلا مفرَّ منهما ، و جدار الجسر ثالثهما ، فعرفتُ أن الساعة قامت ، و أن دنياي نامت ، فرفعت سبابتي متشهداً ، و حقد البنغالي كان متواجداً ، فأفسح الطريق ، خوف موتي بالتصديق ، حسداً من حسن خاتمتي ، و سعادة قيامتي ، فتنفست الصعداء ، كخارج من السماء .
فوصلت البلاد سالماً ، و رجعت بالإقط غانما ، و نفسي تراودني لذوقه ، و أخشى أن يكون أكله سرقه ، وأبرم الطالب يمينه ، باستطعامي الإقط في حينه .
ثُمَّ ذهبتُ به لأقصى الجنوب ، و قد جئت من أقصى الشمال المحبوب ، لأضعه في محلِّ صاحبه ، ليأخذه طالبه ، و لكنني رجعت بخفي حنين ، و لم أكن الأحق بالمين ! ، فرجعت نحو داري ، لأرتاح قبل احتضاري ، فإذا بالمنادي ينادي ، أريد الذهاب لميعادي ، و قد نادى المؤذن بالعصر ، فأيقنتُ بحلول القبر ، فصليتُ و أنهيت ، ما داهمني من شغل البيت ، فرجعت للجنوبِ ثانية ، بخطى غير متوانية ، فوضعته في مكانه ، مستدركاً سرعة زمانه ، و أقبلتُ إلى الفراشِ لأحتضنه ، و لوسائده بنومة مهتنئة ، فأغمضت العين بعد الغروب ، إلى بعد العشاء المحبوب .
و أبلغني الموصي به ، أنه حظي بأربه ، فله كان الهناء ، و علي كان العناء ، فلو رأى حالي و الأعرابية ، لدعا بدعوة القسطنطينية ، أو نادى ( وامعتصماه ) ، أدركوا الضعيف وا ويلتاه .
فكان يوماً حافلاً بالأحداث ، و لكقسمة ميراث ، كلُّ ذلك من أجلِ حبيبات إقط ، ذات حجم وسط ، فكانت أثراً باقياً ، و تاريخاً سامياً ، فلله أنت أيها الإقط اللذيذ ، كم لك بذلت الأضاحي و الحنيذ ، و سحرت الناسَ بلونك البياض ، و جلبتهم لروضة الرياض ، و أسعد الله كلَّ آكلٍ لك ، ما سبح الله امرؤٌ في فلك .
كانت هذه المقامة الظريفة ، ذات المعاني اللطيفة ، من نوع الفكاهة المحمودة ، و الدعابة المقصودة ، صاغ الخيال أحداثها ، و قيد الكلام أوتادها ، لتكون لطيفةَ مؤنسة ، مذهبة لكل منحسة ، و الشكر لكل القارئين ، في سائر الأحايين .

حبرها
عبد الله بن سليمان العتيق
9/5/1428هـ
الرياض
Tamooh1426@hotmail.com

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:32 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.