وأنت وحدك من درج صغيرك في هذا العش ولم يكن غير راحتيك مرقد يهنيه، ولا غير ساعديك مرفأ يحمله ويحييه، إذا أنّ من برد الشتاء، أو توجع من حر القيظ كانت خلايا حسك أول من يستأثر بها أنينا، وتوجعا..وما كر عليه زحف العوارض غاديا أو رائحا إلا ورآك حيث يراك القلب العاجز أقرب مأمول جمع بين أطراف الإحساس البشري ليجعل منك أما، وأختا، وعمة، وخالة، وحبيبة خالها القدر وهم إعجاز لا يقوى المفطور على مجاراته حسا ومعنى.
لكل هذا أحبك بإرادة الحب لا بإرادتي، وأحبك بمنطق الوجود لا بمنطق المعدوم، وأحبك بقدرة العقل لا بوهن العاطفة...وأحبك بملاك الآمر الناهي القاطع القاضي بحبك حكما لا استئناف بعده يا أملي.
وأحبك كتميز الصفو من غول الشوائب ؛ فإن حبك صفحة بيضاء يراها البعيد فلا يشك في قربها، ويراها القريب فلا يتمارى في بعدها، ويراها الأعمى فلا يرتاب في شكلها، ولونها ، وريحها، ثم يراها المبصر فتعظم حاسة الإبصار لديه حتى إنه لجلائك يخشى عليه توهم الغيب علما قاطعا لمجرد نظرته..أحبك.