سألني أحد الزملاء ذو السمت الهادئ والأخلاق الطيبة والوقورة ،كيف هي كتابات فلان ؟
أجبته مبدع، لكنه متعالي قليلا ، وهذا شيء طبيعي ، فحين لايخوض الإنسان تجربته يتعالى قليلا ،لكن التجربة حين يخوضها في مضمار التدافع في واقع الحياة ستجعله أكثر نضجا وتواضعا وأكثر هما وإحساسا بأهمية أن تكون الكتابة مشروع بناء أو مقاومة ، ومشروع تحدي مباشر لقوى الانحراف والاستغلال البشع التي لم يتبقى منها إلا نثارة أخشاب قابلة للاحتراق في أي لحظة.
بالنسبة لي تحولت الكتابة من مسالة مهاترات ، واستعراضات لغوية ، إلى مسألة هم يومي مرتكز على قاعدة القيم ، وضرورة الصراع المباشر مع قوى الانحراف والإذلال، والمتاجرة بكرامة الأجيال ومستقبلهم ، وهي مسألة التزام نحو الله و نحو الجيل والمستقبل ، أيضا .
إن هم الكتابة التاصيلية والتحريكية التي تفتح أفق المعرفة وتعيد تسييس الجيل باقتدار يفحص جوهر الأفكار والمواقف أيا كانت التزام تمليه طبيعة التدافع في الحياة ، ولا يكتب بهم إلا قلم عضته أفاعي اليسار والليبراليين حتى تمنى الموت على أن يحيا بلا كرامة ، ولا قيم ولا دين قويم .
حين خضت تجربة يسيرة مع اليسار، لاحظت تدمير سريع ومنظم للقيم ، ومحاولات تفتيت خطير للكرامة ونسف المبادئ ، وتخدير مستمر للعقل ، وتحت خدر شعاراتهم الرنانة تكتشف أسوء أساليب العمل المنحرف ، لتجد ان الشعارات استعارت لا تغني ولا تسمن من جوع ، إنهم ضد سمو الإنسان وكرامته ، ومقدساته الكبرى .
لأجد ان الكتابة قرار مصيري مرتبط بمصير الإنسان وكرامته ومستقبله ، ودونها الموت ، وأن الكلمة القوية هي التاكيد الملتزم بضرورة خوض ساحات التدافع بترابط شامل منظم من الكلمة الى العمل ، ومن القلم الى البندقية إذا اقتضى التغيير بندقية ، بين كل من يحمل الهم وينتمي الى أصالة القيم ، ويحمل مشروع الحياة الكريمة لهذا الشعب ،وأجياله المتلاحقة كنسمة باردة زفرت من بساتين الجنة الوارفة الظل التي نؤمن بها يقينا .
و أن تجوع بكرامة ودين خيرا من أن تشبع بلا كرامة ولا دين "وويل لكل همزة لمزة"