ذاكرة المرايا
للموت ذاكرة لا تخطيء الوجوه الآتية من مراجل العشق القديم
للمرايا ذاكرة تتوقف عند ثواني الوقت المعفَر بالسديم
للأيام صوت المرض المتمرع في سكرات السبات الأليم
أوكذكريات الحب حين يجرحنا كهب النسيم
وكجمال إطلالة وجه صبية تطل من ثنايا العتيم
من الزمن العتيد
هذه الرحلة يا ساكبة النار على الجرح القديم
لم تأخذ من الوقت الكثير
ومن العمر الكثير
ربما ستين أو خمسين
وربما آلاف من السنين
خطوةٌ خطوة أسير إلى الليالي المستظلة بشوق الحنين
ربما مثل كلمة حكيتها مرةً حين كان الوقت يلهو بحجر
يتعثر في حجر
يتدثر بحجر
يُقذفُ بحجر
ولا يُشفى الجرح الأليم
أطرق أبواب الفصول فلا تجيب
ترمقني العيون
أسمع همهمات الناس
ما لهذا الرجل لا يفتأ يطرق أبواباً يسكنها الخريف
لم يبق بها غير ذكريات عصفت بها السنين
وزخات من المطر القديم
أعود أدراجي إلى حيث كان البدء
أقبض مفتاح الظل بيدي
التفت صوب المرايا
أسألها عن الحب القديم
عن الليل العتيم
أستنطقها ... أستحلفها
فيجيئني الجواب بلا جواب
ليس لسيدي إلاصدى السؤال القديم
لا زلت يا سيدة الجراح أذكر ذلك الصباح الذي أتى متخفيا خلف الشمس
يدندن أغنية حزينة
بأننا سوف نفترق ذات يوم حزين
وما زلت أذكر كيف أن غيمة عاودت الهطول على سطح ذلك النهر
المغمور بالوحل والطين
تنام على ضفتيه شهوة العطش
واستحالة النسل العقيم
وحدي ألوذ بوجه المرايا
وبقايا من حلم قديم
ووسادة خالية إلا من قطر دمع
ذرفتها عيون الليل قبل الوداع
فأضيع بين الوداع والوداع
فيرتد إلى صدري الحنين
أعاود النظر إلى تلك المرايا التي ما عادت تذكرني
تلك التي حفرت مكان العين في الوجه ثقباً لا يندمل
وزرعت مكان القلب وجعاً غائرا لا يطيب
حتى يعاودني الحنين إلى الحنين
بأن كل ما حولي لا يتذكرني
كما هذه المرايا
وإنك أجمل كذبة صدقتها
وأنك أول وآخرذكريات اليقين
على مر السنين