عندما أكتب ...
لا تسألني متى سأمسك بالقلم في المرة القادمة .. و لمن سأكتب
قد لا تكون أنت ... الهدف .. و قد لا أصيبك في منتصف الرغبة التي أنشدها ...
لا تطلب مني أن أكتب ...
ستموت كل الأجنة التي في رحم حنيني ..
تلك التي تنتظرك ..
ليس لأنك عقيم و لا تجيد حرث أوراقي و فمي ...
بل لأنك خصب فوق العادة ... و كل مواسم العطاء تزدهر على كفي حضورك و هروبي
أنا العاقر التي لا تكبر في أعماقي حياة ...
جدب لا تراه أنت .. لأن عينيك المتفائلتين تَطليان كل الحياة بلون الفرح ...
حتى جسدي المعـتل ... تنظر إليه فيتعـكَّز على صوتك وينتصب من اعوجاج الكسل فيه ...
يستقيم ويعتقد جسدي أنني ازددت طولاً ... حيث إنني شعرت بأني أقطف عـنب الرغبة من عـينيك ...
رغم أن عـينيك كانتا تتأملان النخلة المحمَّلة بالرطب .. وكأني بهما تهمسان لفمك .. تناولني فأنا أشهى من أولئك المتعجرفات ..
أنا إحداهن
أنا المتعجرفة ..
أرتدي ثوباً أسودَ ثقيلاً ، وأضع الليل لثاماً لا يميطه صفو النوايا ...
أخاف منّي عليك ...
أخاف حتى من طفولتي المسحوقة أن تعـبث في حِجرك ..
وتغويك بأن تطعمني الحلوى .. وتكتشف أنني بلغـت من القسوة عـتيّا
عـندما أكتب .. وأنا في قمة السأم ... أخنق الورق بي ..
وأخنق الكلمات، وأشنق الحروف، وأُبدد الحبر، وأترك هلوستي شاهداً على إدانتي ....
ويتحول السطر إلى مقصلة ... أنا مَن عليه أهوِي
أنا مَن أُسدد عـنقي إلى حافته ...
أمدد جسدي بين السطر والحافة ... وأترك دم البوح يسيل
عن ماذا أكتب مثلاً ..
أخبرني يا سيد حروفك وصديق جنوني
هبني لحظة كاذبة ... لأدعي أنني لا أعاني من العجز
أنني نمت أكثر مما يجب في الليالي الألف الأخيرة .. و ما الليلة الآتية إلا الليلة التي سأكمل فيها قصتي .. تلك التي لم تبدأ
الليلة التي ما زلت أنتظرها ... يا سيدها ..
عندما رغبت بالكتابة إليك .. طفت بناظريّ من أقصى الوجع لأدنى فرح مسروق ..
لم أرَ سواك ...
كأن أحداً لم يكن في فلك حياتي عداك
حتى والداي وقفا خلفك ... يتساءلان .. من أين لكِ هذا الرجل يا فتاة ؟!
لم ينطقا باسمي كما أسمعه منك ... وأعرف أنك تناديني به من أم رأسي إلى أخمص قدمي فألبي النداء ... ولا أراك
من أول رسالة ... وضعتَها في بريدي ... إلى آخر رسالة ما زلت أتحرّاها
بدأتُ نصب المشانق على طريق حياتي ...
وكسرت عنق أفكاري التي لا تعتنقك .. وعنق الكلمات التي لا تتحدث عنك وعنق كل رجل لا يعلم أنني أحبك ...
أعـرِض ما شئت
وارحل إلى من شئت ...
فأنت الراحل بلا روح، وروحك التي أودعتَها صدري .. تربِّت على قلبي .. وتطمئنني ..
كأني بك خَطَّ الحزن مفرقك وشاب شعر صدرك ورأسك ... حتى ظهرك تقوّس تعباً ...
وتحاول أن تمشي منتصباً مستعيراً ابتسامةً خرقاء من تلك الصغيرة ...
أقنعتني بأنك تبذل جهداً مضاعـفاً لتفرح ... ولكن عينيك يا سيدي ( أصدق ما رأيت )
تفشي لي ما لن تصرِّح به ولا حتى تلمِّح عـنه ...
أنا مثلك أتألم .. لأن القهوة التي أعـددتها لم تكن جيدة في أن تهوِّن عليك وجع ما تراه في القنوات ...
إنهم يذكرونك كل يوم بأنك منفيٌّ ... بأنك بلا وطن
وأنت تعلم أنك وطن للكثيرين ..
لكنك لست مقتنعاً بأنك تصلح لأن تكون حاكماً .. رغم أنك حكمت أكثر من قلب ومارست سطوتك بدكتاتورية عاشق