رسائل مُعلّقة..! [1] للكاتبة : مريم الزيدي.
النص هنا:
http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=31689
يعتقد البعض من الكتّاب أن كتابة الرسائل هو نمط سهل،
ولكن على النقيض من ذلك، فهي تستدعي أمرا مهما هو:
القدرة على المفردة بجوانبها الثلاثة:
أ- إيضاحها.
ب- اختزالها في الجملة.
ج- قوة ترابطها لجملة سبقت وجملة آتية.
وهذه النقاط كانت حاضرة بقوة مع هذا النص.
الرسائل دائما ما تستوجب الدخول المباشر في نثرها،
أودَعتَني جُرحاً آخر.. ابنٌ لِـ جُرحين.. حتى أنجبا جُرحي الأخير..!
التمكن هنا مع هذه الصورة لمفردة الجرح كان بليغا جدا،
أن تكون الافتتاحية بهذه الصورة ومدى التعمق معها له أثره الجاذب للقارئ.
لـ الزّمنِ القادم:
علِّمهُمْ أنَّ مشهدَ الخُذلانِ لا بُدَّ أن يتكرر.. وأخبرهم.. أنَّكـَ وإنْ كُنتَ لهُم تارة.. فـ إنَّكـَ لا بُدَّ أن تكونَ عليهم تارةً أُخرى..!
هنا وكأن الكاتبة تحضر رسالة أخرى لمشهد الخذلان، أفردت له مقطعا خاصا به، سيأتي ذكره.
لـ الكبرياء:
تخلُقُ في داخلي جَبلاً مِنْ وَجع .. لا بُدَّ أنْ يسقُطَ ذاتَ يوم .. فـ يُزلزِلَ شُموخي ..!
رُغمَ أنِّي أعشقُ الهيبةَ التي ترسمُها على ملامحي.. إلاَّ أنَّ الكُتمانَ يُثقِلُ كاهِلي..!
أنا لا أحلُمُ أبداً بالتجرُّدِ منكـ.. فـ جبلُ الوجعِ عندي.. أحبُّ إليَّ مِنْ ذُلِّ اِنكساري على بابِ أحدهم..!
طوِّقني بِكِلتي يَديكـ.. ولا تُفلِتني.. فإنِّي بِكـَ أرتَقي فوقَ تفاهاتِهم.. وأسمو عن همجياتِهم..!
أوجعني قدرَ ما شِئت.. لا يُهمّ.. المُهمّ أن تبقى معي..!
هنا مثالا لنقظة الإيضاح،
وكيف أنه وبالرغم من الوجع ومداه الواسع والكتمان فإنهما أعز على النفس من التذلل لأحد أولئك المتوشحين بتفاهات وهمجية تسمو عنها الكاتبة.
لـ الخُذلان:
لِماذا لا تُشبِهُ ملامِحُ وجهِكـَ.. تلكـَ الملامحَ التي تنعكِسُ على مِرآتي..؟
أم أنَّكـَ تختفي خلفَ ألفِ وجهٍ آخر.. وتخشى الاعتراف.. حتى ولو لـِ مرآة.!
أنْ تختبِئَ لا يعني أنَّكـَ تُجيدُ الهُروبَ مِنْ ذنبِكـ.. فـ أنتَ مُدانٌ بِكُلِّ وُجوهكـَ التي لا أحصيها..!
كُلُّ مُحاولاتِ الإعدامِ فيكـَ باءت بالفشل.. ففي كٌلِّ مرةٍ يموتُ فيها منكـَ وجه.. تحيا بـ آخر..!
حُكمُ الموتِ فيكـَ لا يسري.. فـ عِشْ طليقاً..
واسعَ في الخلقِ خُذلاناً كيفما شِئتَ..! أنتَ ما عُدتَ في حُكمي مُداناً..!
وهذا مثال فاخر لقوة الترابط،
فجملة الرسالة في هذا المقطع هي للخذلان، وهو وجه آخر للذل في المقطع السابق،
[
فـ أنتَ مُدانٌ بِكُلِّ وُجوهكـَ التي لا أحصيها..! ] ، [
أنتَ ما عُدتَ في حُكمي مُداناً..! ]
هنا التفوق الرائع جدا في ماهيّة الإيضاح، وكيف للإدانة أن تكون متواجدة وبقوة، ولاتكون حينا آخر لدى الكاتبة.
وآن للاختزال أن ينضج مع تسلسله بكامل خواصه مع هذا المقطع الفريد:
لـ ذاتي دُونَهُم:
أنا لستُ مُغْتَرِباً يشتاقُ وَطناً.. بلْ أنا وطنٌ.. تشتاقُهُ أوطانٌ.. بأهلِها ومُغتَربيها..!
وهو اختزال لكامل النص بمقطع قصير في حروفه، بيد أنه سامٍ في تركيبه ومعناه.
،
فشكرا للكاتبة: مريم الزيدي هذه الرسائل الثمينة،
تحياتي