للحفظ فقط :
” أنتَ ما تحدث بهِ نفسك أو يحدثك به الآخرون من خلالك مباشرةً أو من خلال الإعلام ” .!
(1)
لازلتُ أذكر إلى وقتٍ قريب
تلك الطوابير الكبيرة والكثيرة المحتشدة أمام
أبواب الرقاة فالكل فجأة أصبح مسحوراً
أو مصاباً بالعين أو المس والحسد
وكنتُ أرى بعض الطرق الغريبة للمعالجين
الرقاة آنذاك ، وأذكر أنني ذهبتُ بأحد أصدقائي
بناءً على رغبته الملحة إلى أحد الرقاة في الرياض
في حي النسيم والذي أخذ شهرةً كبيرة وكان الناس يقدسونه
بطريقة عجيبة ، وعندما وصلتُ بصديقي إليه ودخلنا لحوش منزله
الذي يعالج فيه ، تركَ صديقي الذي فقد الوعي ساعة دخولنا وكان مستنداً علي
ثم توجه إلى أذني مباشرةً وأخذ يسأل أسئلته المضحكة بالنسبة لي والمبكية بالنسبة للآخرين
كان يقول ( ما أسمك يا امرأة ) ثمَّ كم عمرك؟ ستين سنة . ولماذا دخلتِ فيه ؟ عشقتيه ؟ وما كان مني إلا أن دفعته بقوة وقلتُ له يا سيدي الكريم صديقي الذي هو بين يديك هو الذي جاء بي إليك وأنت كما ترى الآن هو في غيبوبةٍ تامة فلماذا تركته وتوجهت إلي ؟، إنا باختصارٍ شديد لا أؤمن بك ولا بما تفعله كما أن لدي قيودي على هذا الأمر . قال إذن فأنت كافر .. قلتُ نعم فكفري بقوة المخلوق شرك حين يكون مصدر القياس هو الخالق ثمّ طز كبيرة فيك وفي علاجك الذي كله يقوم على ( الإيحاء السلبي ) وزراعة الوهم في صدور الضعفاء وإيهامهم بالمرض من أجل أن تبيع ما في (بيتك وعطارتك ) بأغلى الأثمان دون أن تراعي الله في هذا الأمر أو تراعي مصلحة هؤلاء الضعفاء وتنظر إليهم برحمة .
(2)
تركني وترك صديقي ثم اتجه إلى الآخرين المصروعين بين يديه كان يقرأ عليهم القرآن فينصرعون على الفور ومنهم من كان يزحفُ من شدة الألم ومنهم من كان يطير من جدارٍ إلى الآخر ومنهم من كان مربوطاً إلى سلسلةٍ غليظة . وكانت الصور والمناظر في هذا ( الدكان ) تشدُّ بعضها بعضاً وتزرع الوهم بقوة في عقول المساكين والمرضى والضعفاء الذين كانوا يرجون الخلاص والشفاء والعافية لكنّ الأمر كان أكبر من كل مدارس الشفاء وكل مستشفياته فلا أحد يقوى على مصارعة الشياطين والجن وإخراجهم من الأجساد سوى هذا الراقي والذين هم على شاكلته من الرقاة الذين يتاجرون بعقول وقلوب الآخرين ولا يخافون الله .
(3)
ثمّ دارَ بيني وبينه حديث ٌ آخر
حين سألته كيف تعرف أن هذا مريضٌ بالعين وهذا بالسحر وهذا بالمس
قال أعرف : قلت أخبرني كيف تعرف ؟
قال من قراءتي لآيات المس والسحر والعين وتأثر المريض بها أعرف أنه يعاني من هذا الأمر فمثلاً إذا قرأت عليه آيات المس فتأثر فذلك يعني أنه ممسوس وإذا قرأت عليه آيات العين فتأثر فذلك يعني أنه مسحور وكذلك باقي الآيات !
قلت في نفسي ورفعت صوتي كي يسمعني يا شيخ هذا المريض الذي بين يديك مالذي جاء به إليك ؟ أليس ( الإيحاء ) أو السمعة التي سمعها عنك ، وحتى يأتي إليك فعليه أن يؤمن بك وحتى يؤمن بقواك الخارقة عليه أن يسمع قصص المتشافين على يديك ولابدَّ أنه سمع أنك عندما تقرأ آيات العين يبكي المريض أو يدخل في غيبوبة وهو هنا ليتقمص هذه الأعراض حتى يجد الخلاص من مواجهة نفسه لذا أنا لم استغرب أننا حين دخلنا من بابك هذا ( أغمي على صديقي ) كما تراه الآن .!
تركني وذهب لأن الأمر أعمق من قدراته وإيمانه وهذا المشهد برمته لايعني أنه لايوجد مس أو سحر أو عين ( شفى الله كل مريض )!! .