الشيء الذي ترك لسانه عندي وذهب... - الصفحة 2 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
مجنون قريتنا .. (الكاتـب : عبدالعزيز المخلّفي - آخر مشاركة : قايـد الحربي - مشاركات : 4 - )           »          خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 1 - )           »          تعجبني ! (الكاتـب : حمد الدوسري - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 5 - )           »          العين (الكاتـب : عبدالإله المالك - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 16 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4462 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7438 - )           »          ما يكتُبُهُ العضو بالعُضْو : (الكاتـب : نواف العطا - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2418 - )           »          مجلة ألوان .. (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 118 - )           »          مرضى متلاعبون (الكاتـب : إبراهيم عبده آل معدّي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2 - )           »          إلتقاطة أبعاد اللون (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 407 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-29-2014, 04:30 AM   #9
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... حديث
0 ... تحية
0 ... واجب
0 *Sisters*

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


لا أعرف الكثير عن طفولة أبي
في الحقيقة لا أعرف أي شيء سوى بعض الصور القديمة التي نستعرضها من وقت لآخر
تمتلك عمتي الكبرى جهاز عرض صور قديم جداً
من ذاك النوع الذي يحول الصور من شرائح شفافة إلى صور منعكسة على الجدار
كانت أسعد لحظات حياتي هي عندما تجتمع كل العائلة
وتستجيب عمتي لتوسلاتي المتكررة بأن تعرض علينا صوراً جديدة
في الصور كان أبي يرتدي ملابس جميلة ومواكبة للموضة دائماً
وكانت جدتي تشبه سعاد حسني تماماً
كانت في كل الصور ترتدي فستاناً قصيراً إلى الركبة وحجاباً صغيراً تربطه بطريقة تجعها تشبه ممثلات السينما المصرية
ورثت عنها عظمات وجنتيها الجميلتين، أكثر ما يميز وجهي...
تقول أمي بأن جدتي كانت خياطة ماهرة، وامرأة ذات ذوق عال جداً

عندما ولد أبي كانت جدتي تبلغ من العمر 22 عاماً تقريباً، أو أصغر ربما
أبي هو الثالث بعد ابنتين اثنتين، وهو الصبي الأول
يحترمه الجميع، وكلمته نافذة، وهو حنون جداً مع إخوته الصغار، وشقي أيضاً
رغم تمرده الشديد، أبي بار جداً بوالديه
ولديه الاستعداد الكامل للانصياع لكل أوامر أبيه حتى لو لم تكن منطقية
لم لتكن لديه خيارات كثيرة في الحياة، ولم يحصل على فرص أصلاً
لم يهتم أي أحد بأحلامه الخاصة ولا برغباته

عاش أبي حياة روتينية بعد أن تزوج من أمي وأنجبنا
وصار خال من الطموح، يعيش فقط، هكذا بلا هدف وبلا رؤية حقيقية للتطور للأعلى
لذلك أصبح يسخر من أحلامنا، نحن أبناؤه، ويحطمها واحدة بعد الأخرى
خصوصاً إذا لم تندرج هذه الأحلام تحت المسار الذي رسمه لنا مسبقاً

لكن عاطفته كبيرة جداً
لا نستوعبها، وأحياناً نمل منها لأنها غير منطقية بالنسبة لنا
ورغم ذلك كان أبي يجتهد في إظهارها
يعرف ألواننا المفضلة، وفواكهنا المفضلة، وهواياتنا
يعرف الأشياء الأساسية عنا ولو ادعى عكس ذلك
وكان عندما يشتري لنا الهدايا يتأكد من أننا سنحبها كثيراً
ولم يفشل في ذلك أبداً

يفرق أبي في تربيته بين الولد والبنت
ويمنح الولد أحقية التصرف في المنزل بين أخواته حتى لو كان صغيراً في العمر
الشيء الذي خلق العديد من النزاعات بيني وبين أخي الأصغر عندما بدأت مراهقته
لكن بعد أن أصبح في السابعة عشرة من عمره، تعقل في تعامله معنا وصار أقل جنوناً من الإخوة الآخرين الذين يكبرون في العوائل الأخرى
ربما بسبب تربية أمي لنا، والتي تقوم على أساس حق الاختيار طالما هذا الاختيار لا يضر بسمعتنا

لم يتدخل أبي في تربيتنا إلا قليلاً جداً
كان يقول دائماً بأنه لا يهتم بدراسة البنات، وأننا بعد المرحلة الثانوية سنترك الدراسة
وكانت مزحاته الغبية في هذا الخصوص، إذا كنا سنعتبرها مزحة، تضايقني وتحبطني جداً
لكني الآن اكتشفت أنها طريقة أبي في تحفيزنا للحصول على درجات أعلى وأفضل
لأنه لم يكن يستخدم هذه العبارات إلا في حالة واحدة، عندما تقل درجاتنا عن المستوى
طريقة أبي في السخرية من إنجازاتنا التي سنكتشف لاحقاً أنه فخور بها في الحقيقة،
كانت تثير غضبي، وكنت أشعر أنه يغار من نجاحي لأنه فاشل في الحقيقة،
مشاعري هذه كانت تزداد عنفاً عندما يحبط أبي خطة من خططي
أو يمنعني من تحقيق هدف كنت أريد الوصول إليه فقط لأنه يعتقد بأن هدفي تافه بالنسبة له!
وبذلك كبرت وأنا أعتقد أن كل ما آحاول تحقيقه تافه في الحقيقة
وتخليت عن الكثير من رغباتي وطموحاتي مقابل تحقيق أغراض الآخرين
الشيء الذي سيفقدني ثقتي بكل ما أفعل... كل شيء


في المستقبل، سينفجر أبي
وسيصل لمرحلة غريبة من الإحباط والتمرد
للدرجة التي سأصل معها لمرحلة الكراهية المطلقة له، ولوجوده في حياتي
وسأعامله كند، وسأحاول أن أكون أفضل منه في كل ما أفعل
ستتحول كل تصرفاتي إلى تحديات
وستكون حياتي في بيته مستحيلة... مستحيلة تماماً




 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-29-2014, 05:00 AM   #10
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... وَعْـد
0 تشيبس عمان ودقوس
0 * بيبسي*
0 *Symbology*

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


عدد الأصدقاء في حياتي قليل جداً
أول صديق اتخذته في حياتي جاء في وقت مبكر جداً، قبل أن أستيقظ
كان وجهه أزرق وشعره مقصوص من الخلف
كنت فارغة وقتها، ولم أكن قد عرفت نفسي، أو اكتشفت الحياة من حولي
طلب مني ألاّ أخبر أحداً عن وجوده في حياتي، لكني أخبرت أمي
لأني في ذلك الوقت، لم أخفي عن أمي أي شيء

صديقي الأزرق طلب مني مرة أن ألعب معه لعبة
وضع يديه فوق عيني تماماً، ومسك أنفي بيده
سألني: ماذا ترين؟
قلت: أسود
- لا... لا... ماذا ترين؟
- ولا شيء...!

صديقي الأزرق غضب مني كثيراً ، قال إني مثلهم!
- مثل من؟ سألته
لكنه اختفى ولم يعد أبداً

عندما بكيت وأخبرت أمي لامتني لأني لم أخبره الحقيقة
لأني عندما أغمضت عينيّ رأيت حديقة زرقاء مليئة بورود وردية وحمراء
وأشجار لا تشبه أشجارنا الخضراء، كانت الأشجار ملونة وجميلة
قلت لأمي بأني خفت أن أخبره فيعتقد أني مجنونة وأكذب عليه!

بعد مدة طويلة نسيت صديقي الأزرق
وتعرفت على دب مملوء بالقطن اعتدت على أن أقابله سرّا في دكان أبوبكر
كنت أسرق الحلوى لنفسي، وأدس في يده قطعة شوكولاتة
من تلك التي أشتريها بنقود أمي حتى لا يحترق بالمال الحرام
كان يحب الجلاكسي مثلي، ويشرب علبة بيبسي كاملة

ذات مرة أخبرني عن الفتق في ظهره، وعن غبار الرف الذي يصيبه بنوبة عطس طويلة
ذكرني بالعجوز التي تقطن آخر الشارع والتي لا تتكلم إلا لو أرادت أن تشتكي
كانت تضربنا بعصاها الثقيلة عندما نحاول أن نقطف ثمار المانجا من حديقتها الصغيرة
طلبت من أمي أن تخيط جرحه لكنها رفضت، وطلبت مني أن أكفّ عن إزعاجها بصديقي الجديد
لأنها لن تشتريه من أجلي!

استغربت كثيراً
كانت المرة الأولى التي أكتشف فيها أننا نشتري أصدقاءنا
تأكدت من ذلك عندما ذهبت إلى الدكان لكي أخبر دبي المملوء بالقطن عن فلسفة أمي، ولم أجده
أخبرني أبوبكر فيما بعد، أنه باعه لطفلة لا أطيقها تسكن في حارتنا
كانت المرة الأولى التي أكتشف فيها أننا لا نملك أصدقاءنا!


الشخص الوحيد الذي لم يبعني حتى الآن هو صديقي عبدالله
كبرنا معاً، ودرسنا معاً
كانت مدرسة الأولاد، مدرسة مصعب بن عمير الإبتدائية مجاورة لمدرستنا -نحن البنات- تماما
كل يوم في تمام الساعة السادسة والنصف صباحاً، يأتي "عبّود" إلى بيتي
يفطر معي أحياناً، ثم نمشي إلى المدرسة

في الرابع من يوليو عام 1992، أصبح عمره 9 سنوات
اشترى له أبي دراجة هوائية حمراء، واشترى لي مجلة ماجد
في الخامس من يوليو من ذات العام، عرض عليّ أن يقلّني كل يوم من وإلى المدرسة بدراجته الحمراء
ثم قرأنا مجلة ماجد معاً

عندما صار في الحادية عشرة من عمره اختفى أبوه المزواج من المنزل
اعتقد الجميع بأنه هرب لكي يتزوج من فتاة جديدة لكنه أبوه لم يعد ولم يتصل بهم
ولأنه الولد الوحيد بين أخواته الأربعة، أضطر للعمل في "شيشة" بترول قريبة من بيتنا
تلك السنة رسب عبود في الصف السادس
كنت وقتها في الصف الخامس، لذلك عندما عاد السنة أصبحت أساعده في حل كل واجباته
لكنه كان يتغيب كثيراً، لذلك كان يرسب في الامتحانات الفصلية
وعاد السنة مرة أخرى
عندما رسب تلك السنة أيضاً، اضطر لترك المدرسة والتفرغ بشكل كامل للعمل

بعد خمس سنوات من غيابه، عاد أبوه فجأة
لم يبرر غيابه الغريب لأحد لكنه أجبر عبود على الالتحاق بالجيش
يومها فرغت كل أحلامه وكان حزيناً جداً
جاء إلى بيتنا وأخبرني بأن حلمه لأن يصبح مهندس كمبيوتر انتهى للأبد
كنت وقتها في المرحلة الإعدادية وكان في السادسة عشرة من عمره

بعد فترة، انحرف عبود وصار عربيداً وتغيرت أخلاقه كثيراً
أصبح يضايق الفتيات ويشرب الخمر، وصار وقحاً مع الجميع
ذات مرة كنت عائدة من المدرسة، وكان ينتظرني أمام موقف الحافلة
لاحظت أنه لم يكن طبيعياً، كانت رائحته مقرفة
كان يمشي معي بهدوء لم يتكلم، لم يقل أي شيء أبداً
عندما وصلنا للمنزل، ورأته أمي قالت: لا أريدك أن تختلط مع ابنتي أبداً بعد اليوم!
أخفض عبود رأسه وخرج من المنزل
لم أفهم ما حدث، لكني لم أناقش أمي لأني أعرف أنها تحبه كثيراً، تحبه كأنه ابن لها وأخ لنا

بعدها بفترة بسيطة لم تتجاوز الشهرين أو الثلاثة
انتقلنا من منزلنا، ولم أر عبود أو أسمع عنه إلا بعد مرور خمس سنوات تقريباً على آخر لقاء بيننا
كان لقاؤنا جميلاً
وكان شاباً، عاد إلى رشده الحمدلله، لكنه أدمن التدخين، أدمنه بشدة
تجددت علاقتي فيه وصرنا نتحدث بشكل شبه يومي عن كل شيء
ولأن أمي رفضت صداقتنا، رغم إنها فرحت كثيراً لتغيره الجيد، أخفيته عنها


الآن
صارعمر عبود، عبدالله، 29 عاماً، وصار أباً لطفلة وولد جميلين جداً
ورغم إن صداقتنا لم تعد متينة كما كانت
إلا أنها عميقة جداً، وخالية من كل الشوائب التي قد تحرقها

 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-08-2014, 08:29 AM   #11
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... وجه
0 *Sisters*
0 * أبوظبي... ضوء*
0 *Symbology*

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


كانت أمي تنام كثيراً
أكثر من اللازم
كانت تقضي نهارها كله وهي تحاول أن ترتاح
لم نكن نفهم مم ترتاح أمي، ومم تتعب في الحقيقة
كانت توقظنا للذهاب إلى المدرسة، وعندما نعود تطبخ لنا الغداء ثم تنام
ثم تستيقظ لترضع أختي الجديدة، ثم تنام مرة أخرى
ثم تستيقظ لتتأكد من واجباتنا ودراستنا، ثم تنام... وهكذا...
كانت جميع أفعال أمي تبدأ وتنتهي بالنوم
أحياناً عندما نزعجها كثيراً، كانت ترجونا أن نهدأ، وأحياناً كانت تبكي من التعب!
كنا ننظر إليها ببلاهة، وبصدق لم نكن نفهم مم تتعب أمي؟

عندما أهدتنا إحدى عماتي شريط أناشيد الأطفال
حددنا أغنية وأهديناها لأمي
هذه الأغنية كانت عن الفيل
وكان الفيل في الأنشودة يغني ويقول: "أتركوني أتركوني لم أنم إلا القليل"
وكنا نغنيها لأمي دائماً
وكانت تمزح معنا وتغنيها عندما نحاول أن نوقظها من النوم
ثم صرنا نخبر عماتي وأعمامي عن أمي وعن حبها للنوم وعن الأنشودة
فانتشرت الأغنية بسرعة بين عماتي،
وصرن هن أيضاً يغنينها لأمي كلما اكتشفوا أنها نائمة أو تريد أن تنام

صدقت أمي أنها كسولة
وصدقت أنها تحب النوم
وصارت تحزن علينا عندما تشعر بحاجتها للنوم
وصارت تحاول ألا تغضب عندما نطلب منها أن تستيقظ
خصوصاً عندما قالت لها أختي نورة، الرقيقة جداً، بأنها تشتاق للجلوس معها
حاولت أمي بعدها أن تقلل من كسلها وأن تشرب الكثير،
الكثير من الشاي من أجل أن تصحو لأطول فترة ممكنة
وقامت بتنظيم مواعيد نومنا، حتى تنام معنا وتستيقظ معنا
وفي الأيام القليلة التي لم تشعر فيها بالمنبه فنتأخر عن المدرسة
كانت أمي تلوم نفسها كثيراً، وتعتذر كثيراً، وتقول لمديرة مدرستنا: "آسفة، راحت عليّ نومة"
وكانت مديرة المدرسة تنظر باتجاهي أنا ونورة أختي وتقول: وأنتم؟
وكنا نرد: "محد صحّانا الصبح"
كانت أمي تلوم نفسها أكثر وأكثر....

مالم نكن نعرفه هو أن أمي لم تنم في الليل لأنها تخاف أن يفوتنا موعد المدرسة
كانت تقضي ليلها كله أمام تلفازنا الصغير، تكوي ملابسنا أو تغسلها وهي تتابع أحد أفلامها القديمة
ثم عندما يحين موعد المدرسة كانت أمي تجهز الفطور
صمون وحليب، بيض وحليب أو كورن فليكس...
وأحياناً كانت تدللنا فتطبخ لنا بان كيك أو تخبز الخبز البلدي اللذيذ مع العسل
ثم أثناء غيابنا عن المنزل، تنظف البيت، وتشطف الساحة الأمامية بالماء والصابون
وتعتني بأختنا الجديدة، وتحاول أن تنام لكن موعد نومها يصادف موعد عودتنا من المدرسة
فتستيقظ وتسألنا عن يومنا كيف كان، ومتطلبات الغد
ثم تحاول أن تنام وسط معاركي أنا وإخوتي
- ماما شوفي فطوم
- ماما أحمد أخذ سيكلي
- ماما نورة ضربتني كف......
فتصحو وترجونا أن نهدأ لأنها لا تريد أن تستيقظ أختنا الجديدة
ولأنها متعبة وتحاول أن تنام
فنفكر تعبانة من شو، نحن اللي نروح المدرسة، نحن اللي نصحى بدري، نحن اللي نحل واجبات

ظلت أمي هكذا لفترة طويلة
حتى بعد أن استقدم أبي خادمة للمنزل لكي تساعدها
بقيت أمي كما هي، لم تتغير
تصحو كل يوم الصبح، توقظ إخوتي الأولاد أولاً وتوصلهم للمدرسة
ثم تعود وتوقظ أخواتي البنات وأيضاً توصلهن للمدرسة
ثم توقظني وتوصلني للجامعة...
كانت أخواتي المدللات يكرهن مواعيد حافلات المدارس الصباحية
لأن الحافلة تأتي في وقت مبكر جداً، وهن يحتجن للنوم في الصبح!
عندما تعود أمي للمنزل كانت تنام قليلاً
ثم تستيقظ، تطبخ الغداء، تذهب في جولتها المسائية لإحضار الجميع من مدارسهم
ثم تعود تتجهز لاستقبال أبي،
ونتغدى كل واحد في موعد مختلف... لم نكن نجتمع معاً على سفرة واحدة إلا فيما ندر
وأحياناً لم نكن نحب وجبات أمي فنطلب من المطعم المجاور
وكانت أمي تلوم نفسها عندما تطبخ طبخة تنسى أن أحدنا يكرهها

كانت أمي تلوم نفسها كثيراً
على أي شيء
وعلى كل شيء

لم أفهم مشاعر أمي أبداً
لم أفهم كيف تفكر
كنا أنا وإخوتي نلومها على كل شيء
على ضعفها
على جهلها
على عدم قدرتها على اتلحكم في مشاعرها
على سذاجتها وطيبتها المفرطة تجاه من لا يستحق...
تجاه أبي بالذات...

في المستقبل
سأعرف كيف تفكر أمي
سأعرف لماذا كانت منهكة عاطفياً وجسدياً
وسأعرف لماذا كانت تلوم نفسها على كل شيء
سأعرف ذلك جيداً، بعد أسبوع واحد فقط من إنجابي لطفلي الأول


 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-08-2014, 09:10 AM   #12
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


بعد أشهر قليلة من مكوثنا في منزلنا الصغير انتشرت إشاعة كبيرة بين الناس
كانت الإشاعة تقول بأن البيوت التي خصصتها الحكومة للمقيمين في منطقة "الكبرات"
قد انتهى بناؤها، وأن الحكومة في صدد توزيعها على المواطنين
بدأت هذه الخبرية التي سمعتها أمي منذ تسع سنوات،
قبل أن تنتقل من الفيلا الكبيرة إلى عش الغراب الذي نعيش فيه الآن،
في الانتشار بين الناس على شكل إشاعة أطلقتها جارتنا أم سليمان
وما ساهم في انتشارها أكثر، مجيء رجال يرتدون ملابس بيضاء ويحملون أوراقاً بداخل شنط سامسونايت سوداء، ويضعون على رؤوسهم غتر حمراء وعقال أسود إلى منطقتنا
بالنسبة لنا كانت رؤية هذا المنظر مهيبة جداً،
لأننا اعتدنا على رؤية جيراننا بملابسهم الداخلية الشفافة والمثيرة للقرف

أخرج الرجال أوراقهم وطرقوا أبوابنا واحداً تلو الآخر،
حتى وصلوا لبيت جارنا أبو محمد الملاصق لبيتنا تماماً، وطلبوا من ابنه أن ينادي أبيه،
ولأن أبوه كان خارج المنطقة أحضر لهم أمه ووقف معها وهم يسألونها ويسألون أمي نفس الأسئلة: "أين زوجك، كم عدد أبنائك، هل أنت حامل، جنسيتك ؟
وكان هو ينظر لأمه ويجيب عنها وهو يدفعها خلف الباب حتى لا يراها الرجل،
كنت واقفة مع أمي وأنا أسمعها وهي تجيب بثبات"في العمل، يعمل في حقل بترول خارج المنطقة، 4، لأ، إماراتية بالتبعية، نعم زوجي مواطن...."،
ثم أخرج أحدهم علبة أسطوانية غطاؤها أزرق ورش دائرة كبيرة على جدار بيتنا الخارجي

لم تسأل أمي، صار عدد الدوائر الزرقاء ثلاثة
عندما رشّوا دائرتنا الأولى فزعت أمي بشدة،
كانت بيوت الجميع تحمل دوائر حمراء إلا بيتنا، دائرته زرقاء
يومها اتصلت أمي بأبي وهي تلهث،
ثم وضعت الهاتف في مكانه، وجلست نصف ساعة قبل أن تقف وتعود إلى المطبخ

أكملَ الرجال دورتهم على المنازل، ثم رحلوا يلحقهم موكب كبير من رجال ونساء الحيّ،
كان أبو خالد يدعو لبابا زايد بطولة العمر، وأم زهير كانت تغني أغنية وطنية قديمة
خرجنا أنا وعبود صديقي إلى الشارع نرافق الرجال والنساء في موكبهم الوداعيّ
في مساء ذاك اليوم، أقام أبو خالد عزيمة عزم إليها الجميع، رجالاً ونساء
أمي التي لم تكن تحب الاختلاط بأحد لم تذهب وبقيت في المنزل

كانت أمي تفضل النأي بنفسها عن كل المحافل الاجتماعية التي تقام في حارتنا
كانت تقول بأن أبي بعيد عنها معظم الوقت،
وهي تفضل أن تنعزل عن الجميع حتى تبعد نفسها عن الكلام

توقفت أمي عن الاتصال بأبي لإخباره عن تلك المواكب منذ أن اتصلت به آخر مرة ونهرها قائلاً: "كفّي عن مراقبة الشارع واهتمي ببيتك وأولادك"
لم تكن هذه الزيارة الأولى، ولم تكن الأخيرة
سمعنا من العم سعيد بأنهم ناس فاضية، وأن أبو خالد وعزائمه التي لا تنتهي واحد فاضي، وبأن رجال الحي يجب أن يتخذوا موقفاً صارماً تجاه اللكاعة...!
نادى العم سعيد ابنه الأكبر سالم لكي يصبّ القهوة للرجال، عندما وصل الدور إلى عبود، تعمّد صب الكأس على الأرض حتى يغضب العم سعيد أكثر،
وفعلاً غضب العم سعيد وصرخ:"لما تصير رجال ارجع المجلس"
فخرج سالم من المجلس وهو يبكي
كنت متأكدة أن عبدالله سينجلد يوماَ ما، سينجلد وبضراوة
كنت أجلس في مجالس الرجال برفقة عبود دائماً،
ولأن أهل الحيّ يحبوني ويحنّون على أمي بسبب بقائها وحيدة معظم الوقت
كانوا يسمحون لي بالجلوس معهم

وكالعادة مثل كل مرة تحوّلت الخبرية إلى إشاعة توقفت عن النموّ بعد أسابيع قليلة من زيارة الرجال للحي،
في تلك الأثناء كانت أمي قد تأقلمت مع بيتها الجديد وتعلمت كيف تنظفه لوحدها
وعلمتني أن أكنس الساحة الأمامية للمنزل وأسكب الماء والصابون لكي أنظف خراء العصافير
نسيت بيت جدي الكبير، وأحببت بيتنا الصغير أكثر
لكن أمي التي خرجت من أسطورة إغريقية، كانت تجلس في الليل أمام تلفازها الصغير،
تراقب رشدي أباضة وهند رستم،
وتتنهد وهي تحمل أنفاسها إلى أماكن لا نعرفها، ولم نجرؤ على أن نسألها أبداً





 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2014, 09:54 AM   #13
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 تشيبس عمان ودقوس
0 * أبوظبي... ضوء*
0 *Sisters*
0 ... ( . )

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


عندما يعود أبي من عمله، نتحول إلى فراشات ملونة، وتتحول أمي إلى غزال راقص
تتعطر بعطر أبي المفضل الذي تشبه رائحته رائحة الياسمين، وتسدل شعرها الناعم على كتفيها.
كانت أمي تلتف حول نفسها وتجتهد لأن تكون كما يحب أبي،
دون مساحيق ملونة، لأن أبي يحبها هكذا،
مثل الحديقة التي يأخذنا إليها فقط من أجل أن يقول لها بأن رائحة العشب المبلول،
والورد المرشوش بالماء تشبهها أكثر من أي شيء آخر

ذات يوم عاد أبي فجأة،
تفاجأنا عندما سمعنا صوت سيارته التيوتا يقترب من باب منزلنا
كان صوت سيارته مميزاً، لأن محرك السيارة خربان، ولم يهتم أبي بإصلاحه
أسرعت أمي إلى غرفتها ورشت نفسها بعطر الياسمين،
ثم ربطت شعرها على هيئة ذيل حصان وسرحت غرتها على الجنب الأيمن من وجهها
تأخر أبي في سيارته لمدة كانت كافية لأن تغير أمي ملابس البيت التي كانت ترتديها
وتلبس "الدرع اليمني" الذي يحبه أبي، خصوصاً عندما تدخل أمي طرفه بداخل تنورتها الداخلية

عندما دخل أبي ركضنا لعناقه، كان وجهه جاداً
قالت أمي: أوه، فاجأتنا! لم أتجهز لك....
في العادة كان أبي سيقول شيئاً مثل: أنت جاهزة دائماً، أو سيضحك بصوت عال، أو سيطلق تعليقاً مضحكاً تخجل معه أمي
لكنه هذه المرة أمسك بيدها وأدخلها إلى غرفتهما وأغلق الباب!
قالت أمي بصوت عالٍ: مالَك؟
كنا أنا وإخوتي نقف خارج غرفتهما بهدوء على غير العادة

بعد فترة، خرج أبي وقال لنا بأنه سيعود حالاً
نزل على ركبتيه وطلب منا أن نجلس مع أمنا قليلاً
قال بأنها تبكي لأنها لم تودع أبوها قبل أن يدخل الجنة

دخلنا إلى أمي التي كانت تحمل بين يديها ريحانة قطفتها بسرعة عندما سمعت صوت سيارة أبي تقف أمام الباب،
كانت تبكي مثلما قال أبي، وكان رأسها منحنٍ لأسفل
احتضنها أخي وهو يطلب منها أن تفرح لأن أبوها دخل الجنة
أختي نورة، الرقيقة جداً، صارت تبكي مع أمي وهي ترجوها أن تكف عن البكاء
كنت أقف بعيداً وأنا أراقبهم، شعرت بالخوف من ضعف أمي، شعرت بالقلق من رؤيتها هكذا
لم ترفع أمي رأسها ولم تنظر إلينا،
كانت تبكي فقط، برأس منحن لأسفل وهي تحتضن يد أختي التي تحاول أن تمسح دموعها

بعد دقائق عاد أبي واحتضن أمي
استسلمت أمي بين يديه وارتفع صوت شهقاتها
ضغط أبي ظهرها بيديه وقبّلها على رأسها ثم طلب منّا أن نخرج من الغرفة
جلسنا أنا وأخي وأختي أمام باب الغرفة المفتوح ونحن نراقب أبي وهو يحتضن أمي بصمت
كانت يده تمسك بيديها الاثنتين ويده الأخرى تحتضن ظهرها بهدوء
كان يهمس في أذنها بكلمات لم نستطع سماعها،
أعتقد أنه كان يتلو عليها كلمات الصبر والرضى بقضاء الله
بعد أن خفت بكاء أمي رفع أبي رأسها وقال: غداً نسافر إلي عدن، طيب؟
قالت أمي: ومدارس العيال؟
"لا تهتمي" رد أبي بحنان بالغ وهو يقبل يد أمي
ثم ابتسم وهو يقول: ريحان، هاه؟
ابتسمت أمي بين دموعها، ووجها الأحمر يزداد احمراراً أكثر وأكثر

في اليوم التالي، ذهبنا إلى بيت جدي الكبير
مكثنا عندهم أسبوعاً كاملاً تغيبنا خلاله عن المدرسة
عندما عاد والديّ بدت أمي مختلفة قليلاً
كانت تضحك وتتكلم بشكل عاديّ لكنها بدت مختلفة بطريقة لا أعرف كيف أصفها
بعد أن هدأ حزن أمي بدأت تحكي لنا عن بطولات جدّي، أبوها
ولامت نفسها كثيراً لأنها لم تره قبل وفاته
قالت لنا بأنها وعدت والدتها بأنها سوف تزورها دائماً...

ثم حكت لنا عن الطريقة المضحكة التي توفّي بها جدي
قالت بأن دم أبوها خفيف، حتى وفاته كان دمها خفيف
أصيب جدّي بسكتة قلبية نقل على إثرها إلى المستشفى
بات في العناية المركزة أياماً كثيرة قبل أن يستعيد وعيه، ويستقر وضعه الصحي
قالت أمي بأنه تعافى بسرعة وطلب الخروج من المستشفى
وافق الأطباء على خروجه بشرط أن يلتزم بأدويته الكثيرة وأن يكف عن التدخين
وفعلاً، خرج جدي من المستشفى واستقبله أبناؤه وأحفاده بفرح وأقاموا له حفلاً صغيراً
في نفس اليوم، دخل جدي إلى الحمام ليستحم،
ويبدو أنه فقد توازنه وتزحلق وضرب رأسه في ركن أرضية الحمام، وتوفّي!
تقول أمي: هكذا توفي أبي، نجى من سكتة قلبية ثم تزحلق!
بعدها، وضعت أمي شباشب في الحمام وصارت تجبرنا على ارتدائها حتى لا نتزحلق
ظلت أمي هكذا لفترة طويلة حتى تناست الطريقة التي توفي فيها جدي
وكفت عن إجبارنا على ارتداء الشباشب
وصارت تستعملها حول المنزل
أو... كأداة للضرب


 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2014, 10:55 AM   #14
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... واجب
0 ... مـد
0 *Symbology*
0 ... تحية

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


كانت وفاة جدي أبو أمي هي أول وفاة أختبرها في العائلة
ورغم أنها لم تؤثر عليّ كثيراً لأني لا أعرف جدي، ولا تربطني فيه علاقة متينة
إلا أن كلمة "موت" صارت أكثر جدية بالنسبة لي
وربما كان منظر أمي وهي تبكي الوجه الأكثر تأثيراً علي من بين كل الوجوه الأخرى للموت
صارت كلمة "موت" مرتبطة بحزن أمي

اعتادت أمي على دفن مشاعرها أمامنا
لم تكن تخاف، ولم تكن تحزن، ولم تكن تظهر أي نوع من أنواع المشاعر السلبية
كانت تغضب فقط، وكان غضبها يفوق الحد الطبيعي للغضب، أو هكذا كنت أعتقد
عندما تغضب أمي يفلت لسانها وتلهج بأدعية مدهشة لا يمكن أن يبتدعها غيرها
أدعية مثل: يجعل لك حبة بفخذك، يجعل لك زوج يكنسك، يجعل لك الماهو،
إضافة إلى مجموعة كبيرة من الشتائم والقذائف التي قليلاً ما أخطأت هدفها
ومجموعة من الموشحات والنصائح الطويلة والتي لا تنتهي...
لكنها لم تكن تحزن أمامنا، بالذات من أبي
كأنها لم تكن تريد أن تصدق أن أبي قادر على استحضار الحزن

أحياناً كنت أستيقظ على صوت أمي وهي تبكي بحزن لوحدها
أو تتنهد وتكتب في دفترها الأزرق الذي لا تسمح لأحد بقرائته
ولم أكن أجرؤ علي الاقتراب منها أو سؤالها عن سبب حزنها
شيء ما في داخلي كان يخبرني بأن أبي هو السبب
رغم إن أبي في ذاك الوقت كان مثالياً جداً،
شيء ما في داخلي كان يخبرني بأنه حطّم معظم أحلام أمي

غياب أبي الطويل عن المنزل وحكايات أمي الخارقة حوله جعلتنا نحيطه بهالة من نور
كنت أفتخر في المدرسة بأبي
كنت أحب أن أمشي بجواره وأنا أمسك يده وأقول للجميع بأنه أبي
تخيلت علاقة كاملة مختلفة عن الحقيقة قليلاً بيني وبينه،
علاقة مدهشة بين أب وابنته، فيها كم هائل من الصدق والقليل من الكذب، القليل فقط
ولأن أمي كانت بجوارنا دائماً، كنت أقذفها بكل السلبيات في العالم
أمي هي التي ترفض رغباتنا
أمي هي التي تؤخر أشياءنا
أمي هي التي تضربنا وتصرخ علينا
أمي لا تفهمنا
أمي لا تتحاور معنا
أمي لا تجيب طلباتنا
عكس أبي، الذي كان يقضي معنا ثلاثة أيام يحاول أن تكون أجمل ثلاثة أيام في الأسبوع
أحياناً كان يصرخ علينا، وأحياناً يضربنا ضرباً مبرحاً
لكنه كان يبذل جهده لإسعادنا وكنا نعرف ذلك ونشعر به
لذلك كنا نعتقد بأن أمي قاسية معنا، وبأن أبي يدللنا كثيراً

ارتباطنا العميق بأمي، بمشاعر أمي بالذات جاء بعد فترة طويلة
عندما بدأ أبي في استغلال ضعفها تجاهه وحبها له
تحول أبي من رجل حنون، إلى شخص جديد لم نكن نعرفه
إلى رجل مزاجي، أوامره حسب المزاج
الأشياء التي يغضب منها وقتية ولا تلتزم بقاعدة معينة
صارت أوامره فجأة تنطلق من هوى النفس، ولا تعتمد على أي قانون تربوي حقيقي
حتى فقدنا نحن أبناؤه صبرنا تجاهه
وبدأت أنا بالذات في التمرد عليه، وعلى قوانينه الغير منطقية

مكثنا في بيتنا الصغير في بني ياس قرابة تسع سنوات
مر خلالها العديد من العدادين لحساب تعداد المنطقة
ازداد عدد الدوائر على جدار بيتنا، وتحول لونها من أزرق لأحمر ثم أخضر
أصيبت أمي بنفس حالة الحماس التي أصيبت بها أول مرة عندما رشوا جدارنا بدائرة خضراء،
لكنها لم تتصل بأبي وفضلت على أن تبقي الأمور عمّا هي عليه إلى أن يجيء ويرى كل شيء بنفسه
لكن أمي أصيبت بصدمة خاطفة عندما خرجت إلى الخارج ورأت جدار أبو عبدالله، مكتوب عليه "قابل للهدم"
لم تتمالك أعصابها واتصلت مباشرة بأبي،
ولأول مرة استغرب أبي، ثم أخبرها بأنه لا يعرف أي شيء،
وإننا جميعاً نمتلك حق الهدم، لذلك بدأ أبي يقلق من ألوان الدوائر على جدارنا،
ووعد أمي بأنه سيتصرف في أقرب فرصة

بعد ستة أسابيع من تلك المكالمة، سكبت أختي الجديدة، والصغيرة جداً، كأس الماء الذي كانت تلعب به بين يديها على الهاتف
لم يعد صوتنا مسموعاً.
صار أبي يتصل ويطلب منا أن نضغط أرقاماً معينة يعرف من نغمتها الجواب على أسئلته
اتصل مرة وكنت أنا على الهاتف، قال " لو انت واحد من العيال اضغط واحد، لو انت ماما اضغطي 2"
ضغطت 2
قال "لو اشتقتي لي اضغطي 2"،
استغربت لأنه لم يمنح أمي حق اختيار ألاّ تشتاق له، ضغطت 1،
مباشرة قال "هاتي أمك يا قليلة الأدب" ضحكت بصوت عال وناديت أمي
استمرت مكالماتنا مع أبي بهذا الشكل حتى عاد من عمله وغير لنا جهاز الهاتف

في أحد أيام شهر أغسطس من عام 1998 عاد أبي وهو يحمل وجبة العشاء
قال لأمي عندي لك خبر سيفرحك
جلسنا أنا وإخوتي حول الطعام نتعارك على الـ "French Fries"
وأمي تضع لنا دجاج كنتاكي الذي أحضره أبي معه
كان أبي يتكلم كثيراً، كثيراً
ثم قال: وهكذا نقلوني للعمل في أبو ظبي، لن أضطر لأن أغيب عنكم أسبوعاً كاملاً بعد اليوم،
وأيضاً... سننتقل إلى أبو ظبي، وستسكنين في فيلا كبيرة لوحدك أنت وأولادك"
قالت أمي: لن تغيب عنّا بعد اليوم؟!
أجاب أبي: وسننتقل جميعاً إلى أبو ظبي...
توقفنا عن العراك...
نظرنا كلنا باتجاه أبي....

تزوجت أمي أبي عام 1983
ومنذ تلك السنة حتى ذاك العشاء،
لم تهنأ بوجود أبي بجانبها غير بضعة أيام يغيب بعدها لأسابيع طويلة
ثم يعود إليها لبضعة أيام أخرى
كان خبر ترقيته ربما أجمل خبر سمعته أمي في ذلك الوقت
اتسعت ضحكتها وازدادت حيويتها وهي تتساءل بينها وبين نفسها عن شكل حياتها وزوجها بجانبها طول الوقت

عندما ذهب أبي للمرة الأخيرة إلى عمله
جلست أمي مع إخوتي، وسمحت لهم بالنوم في غرفتها وهي تخبرهم بأننا سنبدأ بالبحث عن بيت جديد لنا
كنت أنا في غرفتنا لم أذهب للنوم معهم
شعرت بأني كبيرة على مثل تلك الأمور،
كنت أبلغ من العمر 14 عاماً ولم أكن أحب أحضان أمي

كان بيتنا الصغير في بني ياس يتألف من 3 غرف
غرفة لأمي وأبي، وغرفة لنا جميعاً نحن الأبناء،
وغرفة في الخارج جعلتها أمي صالون المنزل وحمام صغير
كان الحمام عبارة عن "تواليت" ومغسلة فقط، فزوده أبي برشاش للاستحمام

كنا سعيدين بانتقالنا من بيتنا
كنا سعيدين بأننا أخيراً سنسكن في فيلا كبيرة مثل بيت جدي
وبأن أبي سيبقى معنا ولن يضطر للذهاب للعمل
لم نكن نعرف أن هذا التغيير سيكون علامة مفصلية في حياتنا
ونقطة هامة ستحددشكل العلاقة بين أبي وأمي
للأبد...














 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-21-2014, 12:46 AM   #15
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


وهذا ما حدث فعلاً
خلال الأيام القادمة بدأت أمي في البحث عن فيلا جميلة وتتسع لنا جميعاً
جلست معنا أولاً واستمعت لرغباتنا كلنا
كانت أمي حامل في ذاك الوقت، وكانت في أشهرها الأخيرة
قلت بأني أريد غرفة منفصلة لي وحدي
أخواتي الصغيرات نورة وصفية وآمال وافقن على أن يكنّ معاً في غرفة واحدة
مع أن نورة أكبر منهن كثيراً، إلا أنها وافقت على أن تكون معهن حتى لا تحرمني من الحصول على غرفة لوحدي
وسيحصل أحمد وعمر على غرفة منفصلة

نحن سبعة
أربع بنات، وثلاثة صبيان
أنا البكر، ثم نورة بعدي بأربع سنوات، ثم أخي أحمد أصغر من نورة بسنة واحدة
ثم صفية أقرب أخواتي لي، وأحبهن إلى قلبي أصغر مني بثمان سنوات،
ثم آمال عمرها الآن 18 عاماً، وعمر 15 عاماً، ثم زايد آخر العنقود

طوال تسع سنوات كنا نحن الستة، لأن أخي زايد ولد فيما بعد،
كنا كلنا مجتمعين في غرفة واحدة
اشترى لنا أبي من تلك الأسرة التي تجمع سريرين معاً، واحد في الأعلى والآخر في الأسفل
غرفتنا كانت كبيرة جداً
وتلك الأسرّة ضمنت لنا مكاناً كبيراً لطاولات الدراسة وفسحة للعب أيضاً
كان أخي أحمد ينام لوحده، ونورة كذلك
أنا وصفية كنا ننام في سرير مشترك،
آمال كانت تنام في سرير صفية، وأحياناً على سرير نورة
عمر أخي ينام عند أمي، لأنه كان صغيراً في ذاك الوقت

كنا نجتمع جميعاً في غرفتنا
نحن وأمي وإخوتي وأصدقائنا
كنا في غرفتنا أو في الصالة، لم نكن ندخل غرفة أمي إلا قليلاً
وكانت حياتنا متداخلة مع بعضنا البعض، نفعل كل شيء معاً
كل شيء
لذلك لم يكن قرار الانتقال لفيلا كبيرة سهلاً
قررت أمي أن تبحث عن منزل صغير،
وصالة كبيرة تجمعنا جميعاً،
لأنها كانت قلقة من أن الفيلا الكبيرة ستقلل من تجمعنا معاً
كما كانت تفكر في وسائل لجمعنا معاً قدر الإمكان
ففكرت بأن البيت الذي سننتقل إليه يجب أن يحتوي على حمام مشترك للبنات
وآخر للشباب يقع في منتصف البيت،
وقررت أن كل غرف النوم يجب أن تكون في طابق واحد

وأخيراً بعد بحث طويل
استقرت أمي على فيلا جميلة جداً تقع في منطقة المرور
عند دخولنا للفيلا عرفت أمي بأنها ستكون بيتاً جميلاً لنا جميعاً
كانت تتكون من 3 طوابق، ومطبخين وغرف كثيرة ومتسعة وحمامات سيراميك ملونة
كانت كما أرادت أمي،
كل غرف النوم كانت في طابق واحد،
في منتصف الغرف فسحة كبيرة حولتها أمي إلى غرفة معيشة حتى تكون قريبة منا جميعاً
في الطابق الأخير غرفتان كبيرتان جداً جداً، واحدة منها تحولت إلى غرفة لعمتي،
والأخرى كانت غرفة للعب
وغرفة صغيرة للخادمات...

بعد أن انتقلنا من بيتنا الصغير إلى بيتنا الجديد
وأصبحت لي غرفة لوحدي، كما أردت دوماً
زرقاء مثل لوني المفضل
وسريراً خشبياً جميلاً، لونت أطرافه باللون الأزرق، ما أثار حفيظة أمي،
وألصقت على جدران غرفتي رسوماتي وخربشاتي الكثيرة،
وصور"ريكي مارتن"، "ميتاليكا"، "آيرون ميدن" ، "سيستم أوف أ داون" و"جنز آند روزز"،
نعم، كنت أحب الميتال والروك كثيراً، لا أعرف كيف دخل "ريكي مارتن" في المنتصف
أعتقد أن كأس العالم "فرنسا" عام 98 كانت السبب الأكبر في ذلك
لأنه غنى أغنية المونديال "دي لا كوبا دي لا فيدا"
وقد تعلمت الإسبانية فقط حتى أفهم كلمات أغانيه
نعم، سنوات المراهقة أحياناً تكون غبية جداً....

أيام مونديال فرنسا، وأنا مجنونة كرة قدم على فكرة، كانت جميلة جداً
وقتها كنت أشجع منتخب الأرجنتين لثلاثة أسباب،
السبب الأول: باتيستوتا، والذي كنت أعتبره أجمل رجل في العالم وأفضل لاعب على وجه الأرض
السبب الثاني: يرتدون ملابس زرقاء، لوني المفضل
وستقولون أن عدداً كبيراً من المنتخبات ترتدي هذا اللون، بس ولا منتخب عندهم باتيستوتا
السبب الثالث: عندما كنت طفلة كان معظم أعمامي يشجعون منتخب الأرجنتين
الكراهية والحقد اللذان أحملهما في قلبي تجاه منتخب هولندا، وتجاه بيركامب بالذات، لا يمكن أن ينطفئا بسهولة
خرجت الأرجنتين من منتصف النهائي، وبكيت بحرقة،
خصوصاً عندما بكى المدافع الجميل أيالا...
ثم توقفت عن تشجيع المنتخب عندما استقال كارلوس روا، الحارس وقرر أن يتكهن!
انقطعت عن مشاهدة الكرة بعد أن تزوجت، زوجي لا يتابع الكرة ولا يحبها
زوجي يعشق السيارات والتعديل والخرابيط
وإلى اليوم لا أفهم ماذا تعني كلمة: "ماشاء الله على صوت هالسيارة!!!"

أخرجت كتبي الكثيرة من الصناديق وبدأت بترتيبها على الرفوف
لا يتدخل أهلي فيما أقرأ أبداً
كنت أمتلك الحرية الكاملة لقراءة ما أريد
مررت بفترة كنت خلالها أقرأ كتب غريبة عن الديانات والأساطير والفلسفة
ذات مرة رأتني أمي وأنا أقرأ الإنجيل
انصدمت... لكنها لم تقل شيئاً،
مباشرة قلت: "عندي فضول أعرف..."
بعدها جاء أبي إلى مكتبتي واطلع على بعض الكتب
قال: لماذا تقرئين هذه الكتب؟
قلت: أحب أتعلم عن الناس...
هز رأسه ولم يقل شيئاً
أعتقد أن عناوين الكتب لم تثر اهتمامه كثيراً

لم أمتلك كتب إسلامية أبداً
وكانت إحدى عماتي تصر على إهدائي كتباً دينية
كنت أخزنها في صندوق صغير خلف المكتبة
كنت أكره الكتب الإسلامية لأنها مكررة ونعرف كل مافيها
وكنت أكره كتب القصص والعبر لأني لا أصدقها
لا أصدق أن فتاة لم يستطيعوا دفنها لأنها لم تكن تصلي
وفتاة انبعثت من جثتها رائحة كريهة لأنها تسمع الأغاني
شو هالغباء؟! لها الدرجة الاستهزاء بالدين؟

عند انتقالنا من بيتنا الصغير لم أتمكن من توديع صديقي عبدالله
ولم أتمكن من الحصول على رقم هاتفه
أمي، كانت تحاول إبعادنا عن بعضنا البعض وكان الانتقال عذراً جيداً
المرة الأخيرة التي رأيته فيها كانت قبل أن يذهب إلى دورة طويلة في الجيش
أخبرته بأننا سننتقل، فأخبرني بأنه سيشتري هاتفاً نقالاً لكي نتمكن من التحدث مع بعض
لكننا انتقلنا قبل أن يعود...
بعدها، لم يخطر عبود على بالي أبداً حتى بدأت المدرسة واكتشفت نوعاً جديداً من الحياة
الحياة في المدينة،
الحياة المختلفة كثيراً عن شكل حياتنا في قريتنا الصغيرة، بني ياس

 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-21-2014, 04:39 AM   #16
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... وَعْـد
0 ... مـد
0 ... حديث
0 حَكايا

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


أنجبت طفلي الأول قبل 20 يوماً بالضبط
اندفع من رحمي بتاريخ 30 إبريل 2014
كنا سعيدين جداً، أنا وزوجي
كان طفلنا مثل لعبة جديدة، نغير ملابسه، نرضعه، نستيقظ من أجله
نحمله معنا في مغامراتنا الغبية بالسيارة
كل شيء كان على ما يرام حتى ارتفعت حرارته فجأة يوم الجمعة الماضي

تزوجت زوجي بعد علاقة حب عاصفة دامت لمدة أربع سنوات وقف ضدها جميع أهلي
اضررت بعدها لاتخاذ قرار صارم بالزواج رغماً عن أنف الجميع
اختلاف جنسيتي عن جنسية زوجي السوري كان واحداً من أهم أسباب رفضهم
لكن حياتنا المليئة بالحب والتفاهم الآن تجعلني أسعد امرأة في العالم
تزوجت بتاريخ 4 إبريل 2011، قبل ثلاث سنوات بالضبط

عندما اكتشفت حملي بتاريخ 28 أغسطس 2013، قال زوجي بأننا سنسافر إلى الولايات المتحدة للإنجاب
لم يكن يريد لطفلنا أن يحمل الجنسية السورية، وطبعاً لن يحصل على الإماراتية
أو ربما يحصل عليها عندما يكون عمره 18 عاماً، وربما لا
وافقت على السفر مباشرة
نحن الآن في ولاية أوريغن في غرب أمريكا
ولاية جميلة وهادئة وطبيعية
ولدت طفلي وسط عناية طبية مدهشة،
الممرضات هنا حنونات، ملائكة رحمة...

بعد أسبوعين من ولادة طفلي ارتفعت حرارته فجأة
اعتقدت أن موضوع ارتفاع درجة الحرارة بسيط جداً
لكن عندما رآه الطبيب قرر مباشرة أن يجري على جسده الصغير كل أنواع الفحوصات المحتملة
قال لي بأن طفلاً يبلغ من العمر 14 يوماً فقط وترتفع حرارته لهذه الدرجة، 38 درجة مئوية، ليس أمراً عادياً
بعد عدد كبير من الإبر التي آلمتني أكثر من طفلي، قرر الأطباء أنه مصاب بالتهاب البول
وبأنه يجب أن يبقى في المستشفى لمدة 10 أيام يتعالج خلالها بالمضادات الحيوية عن طريق المغذي

البقاء في المستشفى من أجل طفلك الرضيع
مؤلم بكل ما تحمله الكلمة من معنى
في كل مرة يركل فيها طفلي يده أو قدمه تضطر الممرضات إلى نقل المغذي من طرف لطرف آخر
وفي كل مرة حدث ذلك… كفرت بالله

كنت أبكي عندما نقلت الممرضات المغذي من يده اليمنى إلى اليسرى بعد أن جذب يده بالخطأ
فقالت لي الممرضة “كلاريس” تعالي سأريك شيئاً
وأخذتني إلى حضانة الأطفال المولودين قبل الأوان
كمية الأنابيب التي تحملها أجسادهم الصغيرة لم تكن محتملة
قالت: طفلك… أفضل حالاً بكثير، البقاء بالمستشفى محزن، أخرجي مع زوجك، تنفسي قليلاً سنعتني بطفلك هنا حتى تعودي
قلت: الحمدلله...

وأنا في غرفتي وطفلي في حضني، يرضع
فكرت بالأيام التي سترنا فيها الله
كل الأشياء التي وقف فيها معنا
كل المصائب التي سيرها وجعلها سهلة جداً
قلت: يا الله، إن مكرك شديد، حميتنا من كل شيء وانتقمت منا بطفلنا
قال زوجي: تأدبي مع الله….

الآن أنا جالسة في الغرفة رقم 416 في مستشفى “السامري الطيب” في ألباني
طفلي نائم بجانبي على السرير
محمود، حضني، بجانبي يكمل بعض أعماله على الكمبيوتر
وأنا أشرب بعض الماء البازد المليء بالثلج
لعله… يبرد القليل من حرارة جسدي…..

 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قُل .. ولا تَقُل ~ نوف سعود أبعاد العام 12 12-09-2014 11:11 AM
عبدالله القصيمي صالح العرجان أبعاد المكشف 0 11-18-2012 08:17 PM
شاعر المليون 5 المنبر أبعاد الإعلام 44 04-04-2012 03:56 PM
النص الذي لا تاريخ له ..؟!! إبراهيم الشتوي أبعاد النقد 8 02-01-2012 11:27 PM


الساعة الآن 01:38 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.