مدينة الملك .. والأمثلة الثلاثة ! - الصفحة 4 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ما كنت أنا سلمى ..! (الكاتـب : نوف الناصر - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 1 - )           »          ((قيد العنا قيد ...)) (الكاتـب : زايد الشليمي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 7 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 795 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 8221 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75200 - )           »          !!.. غــُبـــــاااار قـُـــرآآآآني ..!! ( وإنِّـي لَـعَـلًى صـَبْـرٍ عـَظـِيــِمْ ).. (الكاتـب : خالد العلي - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 24 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 75 - )           »          العرّاب (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 1 - )           »          أحلام الكلام (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 3 - )           »          من لا يعشق ليلى (الكاتـب : د.حاتم المصري - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-18-2012, 12:45 PM   #25
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي



ما استقر عليه أهل السنة في حكم الخروج
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان، كما قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[سورة التغابن: 16] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه.

فإن الله تعالى بعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. فإذا تولى خليفة من الخلفاء، كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم، فإما أن يقال: يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف، فهذا رأي فاسد، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته.
وقلّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير. كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضا، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة، وأمثال هؤلاء.
وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يغلبوا، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة; فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا خلقا كثيرا، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور. وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فهزموا وهزم أصحابهم، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا.
والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم.
وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق. وكذلكأصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين، والله يغفر لهم كلهم .
وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث: أين كنت يا عامر؟ قال: كنت حيث يقول الشاعر
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصـــوت إنســــــان فـــكـــــدت أطــــــــير
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء.
وكان الحسن البصري يقول: إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإن الله تعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ[سورة المؤمنون: 76] وكان طلق بن حبيب يقول: اتقوا الفتنة بالتقوى. فقيل له: أجمل لنا التقوى. فقال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو رحمة الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله. رواه أحمد وابن أبي الدنيا.
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث. ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جورالأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين.
وقال : فيتبين لهم في آخر الأمر ما كان الشارع دل عليه من أول الأمر.
وفيهم من لم تبلغه نصوص الشارع، أو لم تثبت عنده. وفيهم من يظنها منسوخة كابن حزم. وفيهم من يتأولها كما يجري لكثير من المجتهدين في كثير من النصوص.
فإن بهذه الوجوه الثلاثة يترك من يترك من أهل الاستدلال العمل ببعض النصوص; إما أن لا يعتقد ثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما أن يعتقدها غير دالة على مورد الاستدلال، وإما أن يعتقدها منسوخة.
إلى أن قال:
ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين.
ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان. وكلا هذين الطرفين فاسد. [منهاج السنة النبوية (4/ 527 - 538)]
ذكر من نقل الإجماع على تحريم الخروج
قال الإمام النووي رحمه الله:
"وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكي عن المعتزلة أيضا فغلط من قائله مخالف للإجماع...
إلى قوله: قال القاضي وقيل إن هذا الخلاف كان أولا ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم والله أعلم". [شرح مسلم، حديث (1709)]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
في شرح حديث حذيفة في لزوم الجماعة؛ "وقال بن بطال فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم دعاة على أبواب جهنم ولم يقل فيهم تعرف وتنكر كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حق وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة". [فتح الباري (13/ 37)]
وقال في ترجمة الحسن بن صالح : " وقولهم (كان يرى السيف) يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسلف قديم، لكن أستقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه؛ ففي وقعة الحرة ووقعة بن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبر". [تهذيب التهذيب (2 / 288)]
ذكر الأدلة الصريحة في منع الخروج
عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: حدثنا أصلحك الله، بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: «أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله»، قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان». رواه مسلم
قالت هيئة كبار العلماء في المملكة:
أفاد قوله: (إلا أن تروا) : أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة.
وأفاد قوله: (كفراً) أنه لا يكفي الفسوق ولو كبر؛ كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار، والاستئثار المحرم.
وأفاد قوله: (بواحاً) : أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح؛ أي: صريح ظاهر.
وأفاد قوله: (عندكم فيه من الله برهان) : أنه لا بد من دليل صريح ، بحيث يكون صحيح الثبوت، صريح الدلالة، فلا يكفي الدليل ضعيف السند، ولا غامض الدلالة.
وأفاد قوله: (من الله) : أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت مَنْزِلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. [مجلة البحوث العلمية. عدد56 (ص/357)]
وعن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع» قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا». رواه مسلم
عن عوف بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم»، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال:«لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة». رواه مسلم
وعن أبي هريرة قال: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش» فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمةً. فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول: بني فلان، وبني فلان، لفعلت. رواه البخاري
قال ابن بطال :
وفى هذا الحديث أيضًا حجة لجماعة الأمة فى ترك القيام على أئمة الجور ووجوب طاعتهم والسمع والطاعة لهم، ألا ترى أنه (صلى الله عليه وسلم) قد أعلم أبا هريرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، ولم يأمره بالخروج عليهم ولا بمحاربتهم، وإن كان قد أخبر أن هلاك أمته على أيديهم، إذ الخروج عليهم أشدّ فى الهلاك وأقوى فى الاستئصال، فاختار (صلى الله عليه وسلم) لأمته أيسر الأمرين وأخف الهلاكين، إذ قد جرى قدر الله وعلمه أن أئمة الجور أكثر من أئمة العدل وأنهم يتغلّبون على الأمة، وهذا الحديث من أقوى ما يرد به على الخوارج. [شرح صحيح البخاري لابن بطال ( 10 / 10 )]

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-18-2012, 12:49 PM   #26
فهد الماجدي
( شاعر )

افتراضي


الإنسان بين الملَك والشيطان





للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله



من عقوبة المعصية أنها تُباعد عن العبد وليه وأنفع الخلق له وأنصحهم له، ومن سعادته في قربه منه، وهو الملَك الموكل به، وتدني منه عدوه وأغش الخلق له، وأعظمهمضررا له، وهو الشيطان؛ فإن العبد إذا عصى الله تباعد منه الملك بقدر تلك المعصية، حتى إنه يتباعد منه بالكذبة الواحدة مسافة بعيدة.

وفي بعض الآثار: إذا كذب العبد تباعد منه الملك ميلا من نتن ريحه، فإذا كان هذا تباعد الملك منه من كذبة واحدة، فماذا يكون مقدار بعده منه مما هو أكبر من ذلك، وأفحش منه؟
وقال بعض السلف: إذا رُكب الذكر عجّت الأرض إلى الله وهربت الملائكة إلى ربها، وشكت إليه عظيم ما رأت.
وقال بعض السلف: إذا أصبح ابن آدم ابتدره الملك والشيطان، فإن ذكر الله وكبره وحمده وهلله، طرد الشيطان وتولاه الملك، وإن افتتح بغير ذلك ذهب الملك عنه وتولاه الشيطان.
ولا يزال الملك يقرب من العبد حتى يصير الحكم والطاعة والغلبة له، فتتولاه الملائكة في حياته وعند موته وعند بعثه، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ۝نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ[سورة فصلت: 30 - 31] .
وإذا تولاه الملك تولاه أنصح الخلق وأنفعهم وأبرهم، فثبته وعلمه، وقوى جنانه، وأيده الله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا[سورة الأنفال: 12] .
فيقول الملك عند الموت: لا تخف ولا تحزن وأبشر بالذي يسرك، ويثبته بالقول الثابت أحوج ما يكون إليه في الحياة الدنيا، وعند الموت، وفي القبر عند المسألة.
فليس أحد أنفع للعبد من صحبة الملك له، وهو وليه في يقظته ومنامه، وحياته وعند موته وفي قبره، ومؤنسه في وحشته، وصاحبه في خلوته، ومحدثه في سره، ويحارب عنه عدوه، ويدافع عنه ويعينه عليه، ويعده بالخير ويبشره به، ويحثه على التصديق بالحق، كما جاء في الأثر الذي يروى مرفوعا وموقوفا: «إن للملك بقلب ابن آدم لمة، وللشيطان لمة، فلمة الملك: إيعاد بالخير وتصديق بالوعد، ولمة الشيطان: إيعاد بالشر وتكذيب بالحق» .
وإذا اشتد قرب الملك من العبد تكلم على لسانه، وألقى على لسانه القول السديد، وإذا بعد منه وقرب الشيطان، تكلم على لسانه، وألقى عليه قول الزور والفحش، حتى يرى الرجل يتكلم على لسانه الملك والرجل يتكلم على لسانه الشيطانوفي الحديث: «إن السكينة تنطق على لسان عمر» - رضي الله عنه - وكان أحدهم يسمع الكلمة الصالحة من الرجل الصالح فيقول: ما ألقاه على لسانك إلا الملك، ويسمع ضدها فيقول: ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان، فالملك يلقي بالقلب الحق ويلقيه على اللسان، والشيطان يلقي الباطل في القلب ويجريه على اللسان.
فمن عقوبة المعاصي أنها تبعد من العبد وليه الذي سعادته في قربه ومجاورته وموالاته، وتدني منه عدوه الذي شقاؤه وهلاكه وفساده في قربه وموالاته، حتى إن الملك لينافح عن العبد، ويرد عنه إذا سفه عليه السفيه وسبه، كما اختصم بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان، فجعل أحدهما يسب الآخر وهو ساكت، فتكلم بكلمة يرد بها على صاحبه، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله لما رددت عليه بعض قوله قمت، فقال: «كان الملك ينافح عنك، فلما رددت عليه جاء الشيطان فلم أكن لأجلس» .
وإذا دعا العبد المسلم لأخيه بظهر الغيب أمن الملك على دعائه، وقال: «ولك بمثل».
وإذا فرغ من قراءة الفاتحة أمنت الملائكة على دعائه.
وإذا أذنب العبد الموحد المتبع لسبيله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - استغفر له حملة العرش ومن حوله.
وإذا نام العبد على وضوء بات في شِعارِهِ ملك.
فملك المؤمن يرد عنه ويحارب ويدافع عنه، ويعلّمه ويثبّته ويشجعه، فلا يليق به أن يسيء جواره ويبالغ في أذاه وطرده عنه وإبعاده، فإنه ضيفه وجاره.
وإذا كان إكرام الضيف من الآدميين والإحسان إلى الجار من لوازم الإيمان وموجباته، فما الظن بإكرام أكرم الأضياف، وخير الجيران وأبرهم؟ وإذا آذى العبد الملك بأنواع المعاصي والظلم والفواحش دعا عليه ربه، وقال: لا جزاك الله خيرا، كما يدعو له إذا أكرمه بالطاعة والإحسان.
قال بعض الصحابة - رضي الله عنهم -: إن معكم من لا يفارقكم، فاستحيوا منهم وأكرموهم.
ولا ألأم ممن لا يستحي من الكريم العظيم القدر، ولا يجله ولا يوقره، وقد نبه سبحانه على هذا المعنى بقوله: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ۝كِرَامًا كَاتِبِينَ۝يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ[سورة الانفطار: 10 - 12] أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام وأكرموهم، وأجلوهم أن يروا منكم ماتستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان يعمل مثل عمله، فما الظن بأذى الملائكة الكرام الكاتبين؟ والله المستعان.


نقله لكم










من كتاب "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" أو "الداء والدواء" ص 106

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-20-2012, 03:46 PM   #27
فهد الماجدي
( شاعر )

افتراضي


السر الذي فيه الشفاء التام والدواء النافع


للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله

فَاتِحَةُ الْكِتاب: وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثاني، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارَها وأعطاها حقَّها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوي بها، والسرَّ الذي لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك، رقى بها اللَّديغ، فبرأ لوقته. فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « وما أدراك أنَّها رُقْيَة ».
ومَن ساعده التوفيق، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرارِ هذه السورة، وما اشتملت عليه مِنَ التوحيد، ومعرفةِ الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثباتِ الشرع والقَدَر والمعاد، وتجريدِ توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كُلُّه، وله الحمدُ كُلُّه، وبيده الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجع الأمرُ كُلُّه، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصلُ سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأنَّ العاقبةَ المطلقة التامة، والنعمةَ الكاملة مَنوطةٌ بها، موقوفةٌ على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابَه.
وهذا أمرٌ يحتاجُ استحداثَ فِطرةٍ أُخرى، وعقلٍ آخر، وإيمانٍ آخر، وتاللهِ لا تجدُ مقالةٌ فاسدة، ولا بدعةٌ باطلة إلا وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها، ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.
ولعَمْرُ الله إنَّ شأنها لأعظمُ من ذلك، وهى فوقَ ذلك. وما تحقَّق عبدٌ بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلَّم بها، وأنزلها شفاءً تاماً، وعِصمةً بالغةً، ونوراً مبيناً، وفهمها وفهم لوازمَها كما ينبغي ووقع في بدعةٍ ولا شِركٍ، ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلا لِماماً، غيرَ مستقر.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛ بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة في إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين، كما لَه حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم. والكنوزُ المحجوبة قد استُخدمَ عليها أرواحٌ خبيثة شيطانية تحولُ بين الإنس وبينها، ولا تقهرُها إلاَّ أرواحٌ عُلْوية شريفة غالبة لها بحالها الإيماني، معها منه أسلحةٌ لا تقومُ لها الشياطين، وأكثرُ نفوس الناس ليست بهذه المَثابة، فلا يُقاوِمُ تلك الأرواح ولا يَقْهَرُها، ولا ينال من سلبِها شيئاً، فإنَّ مَن قتل قتيلاً فله سلبه.

نقله لكم


www.aborashed.com


من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد / مجلد الطب النبوي ( 4 / 347 )

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-20-2012, 04:03 AM   #28
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي


سؤال (؟) عن أعجب الأشياء



يجب عليه الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله

السؤال:
كيف يجتمع التصديق الجازم الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار ويتخلف العمل، وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلوب غداً إلى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة، أو يكرمه أتم كرامة، ويبيت ساهيا غافلا لا يتذكر موقفه بين يدي الملك، ولا يستعد له ولا يأخذ له أهبة ؟!.
الإجابة:
قيل هذا لعمر الله سؤال صحيح وارد على أكثر هذا الخلق، واجتماع هذين الأمرين من أعجب الأشياء، وهذا التخلف له عدة أسباب:
أحدها: ضعف العلم ونقصان اليقين ومن ظن أن العلم لا يتفاوت فقوله من أفسد الأقوال، وأبطلها، وقد سأل إبراهيم الخليل ربه أن يريه أحياء الموتى عيانا بعد علمه بقدرة الرب على ذلك ليزداد طمأنينة ويصير المعلوم غيبا شهادة، وقد روى أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ليس الخبر كالمعاين )).
فإذا اجتمع إلى ضعف العلم: عدم استحضاره أو غيبته عن القلب كثيراً من أوقاته، أو أكثرها لاشتغاله بما يضاده.
وانضم إلى ذلك: تقاضي الطبع وغلبات الهوى واستيلاء الشهوة وتسويل النفس وغرور الشيطان واستبطاء الوعد وطول الأمل ورقدة الغفلة وحب العاجلة ورخص التأويل وإلف العوائد فهناك لا يمسك الإيمان في القلب إلا الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا.
وبهذا السبب يتفاوت الناس في الإيمان والأعمال حتى ينتهي إلى أدني مثقال ذرة في القلب.
وجماع هذه الأسباب يرجع إلى: ضعف البصيرة والصبر ولهذا مدح الله سبحانه أهل الصبر واليقين وجعلهم أئمة في الدين فقال تعالى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

نقله لكم


www.aborashed.com


من كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-20-2012, 04:03 AM   #29
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي


الفرق بين حسن الظن والغرور
للإمام ابن القيم رحمه الله
وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمل على العمل، وحث عليه، وساق إليه، فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور، وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه هاديا له إلى الطاعة، زاجرا له عن المعصية، فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء، ورجاؤه بطالة وتفريطا ، فهو المغرور.
ولو أن رجلا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعده الناس من أسفه السفهاء.
وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأن يجيئه ولد من غير جماع، أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم، وحرص تام عليه، وأمثال ذلك.
فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلا والنعيم المقيم، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وبالله التوفيق.
وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ[ سورة البقرة : 218 ].
فتأمل كيف جعل رجاءهم إتيانهم بهذه الطاعات ؟
وقال المغترون : إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره، الباغين على عباده، المتجرئين على محارمه، أولئك يرجون رحمة الله.
وسر المسألة : أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته، فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه، ويرجوه أن لا يكله إليها، وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه، ويصرف ما يعارضها ويبطل أثرها.
نقله لكم
www.aborashed.com
من كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص 39

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-20-2012, 04:04 AM   #30
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي


إلى الذين يزكون أنفسهم


للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله

نذكر هاهنا نكتة نافعة. وهى: أن الإنسان قد يسمع ويرى ما يصيب كثيرا من أهل الإيمان في الدنيا من المصائب، وما ينال كثيرا من الكفار والفجار والظلمة في الدنيا من الرياسة والمال، وغير ذلك، فيعتقد أن النعيم في الدنيا لا يكون إلا للكفار والفجار، وأن المؤمنين حظهم من النعيم في الدنيا قليل، وكذلك قد يعتقد أن العزة والنصرة في الدنيا قد تستقر للكفار والمنافقين على المؤمنين. فإذا سمع في القرآن قوله تعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ[المنافقون: 8]

وقوله ﴿وَإنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ[الصافات: 173] وقوله ﴿كَتَبَ الله لأغْلِبن أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة: 21] وقوله ﴿وَالعَاقِبةُ لِلْمُتّقِينَ[الأعراف: 128، القصص: 83] .
حمل ذلك على أن حصوله في الدار الآخرة فقط،ويعتمد على هذا الظن إذا أُديل عليه عدو من جنس الكفار والمنافقين، أو الفجرة الظالمين: وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى. فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحق. وأنا مغلوب: فصاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب مقهور، والدولة فيها للباطل.
وأنت تشاهد كثيراً من الناس إذا أصابه نوع من البلاء يقول: يا ربى ما كان ذنبي، حتى فعلت بي هذا؟
وقال لي غير واحد: إذا تبت إليه وأنبت وعملت صالحا ضيق على رزقي، ونكد علي معيشتي، وإذا رجعت إلى معصيته، وأعطيت نفسي مرادها، جاءني الرزق والعون ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه، ليرى صدقك وصبرك، هل أنت صادق في مجيئك إليه وإقبالك عليه، فتصبر على بلائه، فتكون لك العاقبة، أم أنت كاذب فترجع على عقبك؟.
وهذه الأقوال والظنون الكاذبة الحائدة عن الصواب مبنية على مقدمتين:
إحداهما: حسن ظن العبد بنفسه وبدينه، واعتقاده أنه قائم بما يجب عليه، وتارك ما نهى عنه، واعتقاده في خصمه وعدوه خلاف ذلك، وأنه تارك للمأمور، مرتكب للمحظور، وأنه نفسه أولى بالله ورسوله ودينه منه.
والمقدمة الثانية: اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد لا يؤيد صاحب الدين الحق وينصره، وقد لا يجعل له العاقبة في الدنيا بوجه من الوجوه، بل يعيش عمره مظلوما مقهورا مستضاما، مع قيامه بما أمر به ظاهرا وباطنا، وانتهائه عما نهى عنه باطنا وظاهرا، فهو عند نفسه قائم بشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم، والفجور والعدوان.
فلا إله إلا الله، كم فسد بهذا الاغترار من عابد جاهل، ومتدين لا بصيرة له، ومنتسب إلى العلم لا معرفة له بحقائق الدين.
فإنه من المعلوم: أن العبد وإن آمن بالآخرة فإنه طالب في الدنيا لما لا بد له منه: من جلب النفع، ودفع الضر، بما يعتقد أنه مستحب أو واجب أو مباح. فإذا اعتقد أن الدين الحق واتباع الهدى، والاستقامة على التوحيد، ومتابعة السنة ينافى ذلك. وأنه يعادى جميع أهل الأرض لما لا يقدر عليه من البلاء، وفوات حظوظه ومنافعه العاجلة، لزم من ذلك إعراضه عن الرغبة في كمال دينه، وتجرده لله ورسوله، فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين، بل قد يعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد يدخل مع الظالمين، بل مع المنافقين، وإن لم يكن هذا في أصل الدين كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:
«بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ الّليْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمسِى كافِراً، وَيُمْسِى كافِراً وَيُصْبِحُ مُؤْمِناً، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا».
وذلك أنه إذا اعتقد أن الدين الكامل لا يحصل إلا بفساد دنياه، من حصول ضرر لا يحتمله، وفوات منفعة لابد له منها، لم يقدم على احتمال هذا الضرر، ولا تفويت تلك المنفعة.
فسبحان الله، كم صدت هذه الفتنة الكثير من الخلق، بل أكثرهم عن القيام بحقيقة الدين.
وأصلها ناشئ من جهلين كبيرين: جهل بحقيقة الدين، وجهل بحقيقة النعيم الذي هو غاية مطلوب النفوس، وكمالها، وبه ابتهاجها والتذاذها، فيتولد من بين هذين الجهلين إعراضه عن القيام بحقيقة الدين، وعن طلب حقيقة النعيم.
ومعلوم أن كمال العبد هو بأن يكون عارفا بالنعيم الذي يطلبه، والعمل الذي يوصل إليه، وأن يكون مع ذلك فيه إرادة جازمة لذلك العمل، ومحبة صادقة لذلك النعيم، وإلا فالعلم بالمطلوب وطريقه لا يحصله إن لم يقترن بذلك العمل، والإرادة الجازمة لا توجب وجود المراد إلا إذا لازمها الصبر.
فصارت سعادة العبد وكمال لذته ونعيمه موقوفا على هذه المقامات الخمسة: 1- علمه بالنعيم المطلوب
2- ومحبته له،
3- وعلمه بالطريق الموصل إليه
4- وعمله به،
5- وصبره على ذلك.
قال الله تعالى : ﴿وَالْعَصْرِ ۝ إنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إلا الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ.
والمقصود: أن المقدمتين اللتين تثبت عليهما هذه الفتنة أصلهما الجهل بأمر الله ودينه، وبوعده ووعيده.
فإن العبد إذا اعتقد أنه قائم بالدين الحق، فقد اعتقد أنه قد قام بفعل المأمور باطناً وظاهراً، وترك المحظور باطناً وظاهراً، وهذا من جهله بالدين الحق، وما لله عليه وما هو المراد منه، فهو جاهل بحق الله عليه، جاهل بما معه من الدين قدراً ونوعاً وصفة.
وإذا اعتقد أن صاحب الحق لا ينصره الله تعالى في الدنيا والآخرة، بل قد تكون العاقبة في الدنيا للكفار والمنافقين على المؤمنين، وللفجار الظالمين، على الأبرار المتقين، فهذا من جهله بوعد الله تعالى ووعيده.
فأما المقام الأول: فإن العبد كثيرا ما يترك واجبات لا يعلم بها، ولا بوجوبها، فيكون مقصرا في العلم، وكثيرا ما يتركها بعد العلم بها وبوجوبها، إما كسلا وتهاونا، وإما لنوع تأويل باطل، أو تقليد، أو لظنه أنه مشتغل بما هو أوجب منها، أو لغير ذلك، فواجبات القلوب أشد وجوبا من واجبات الأبدان، وآكد منها، وكأنها ليست من واجبات الدين عند كثير من الناس، بل هي من باب الفضائل والمستحبات.
فتراه يتحرج من ترك فرض أو من ترك واجب من واجبات البدن، وقد ترك ما هو أهم من واجبات القلوب وأفرضها، ويتحرج من فعل أدنى المحرمات وقد ارتكب من محرمات القلوب ما هو أشد تحريما وأعظم إثما.
بل ما أكثر من يتعبد لله عز وجل بترك ما أوجب عليه، فيتخلى وينقطع عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مع قدرته عليه، وبزعم أنه متقرب إلى الله تعالى بذلك، مجتمع على ربه، تارك ما لا يعنيه، فهذا من أمقت الخلق إلى الله تعالى، وأبغضهم له، معظنه أنه قائم بحقائق الإيمان وشرائع الإسلام وأنه من خواص أوليائه وحزبه.
بل ما أكثر من يتعبد لله بما حرمه الله عليه، ويعتقد أنه طاعة وقربة، وحاله في ذلك شر من حال من يعتقد ذلك معصية وإثما، كأصحاب السماع الشعري الذي يتقربون به إلى الله تعالى، ويظنون أنهم من أولياء الرحمن، وهم في الحقيقة من أولياء الشيطان.
وما أكثر من يعتقد أنه هو المظلوم المحق من كل وجه، ولا يكون الأمر كذلك، بل يكون معه نوع من الحق ونوع من الباطل والظلم، ومع خصمه نوع من الحق والعدل، حبك الشيء يعمى ويصم. والإنسان مجبول على حب نفسه، فهو لا يرى إلا محاسنها، ومبغض لخصمه، فهو لا يرى إلا مساوئه، بل قد يشتد به حبه لنفسه، حتى يرى مساويها محاسن، كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيَّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهٍ فَرَآهُ حَسَناً[فاطر: 8] .
ويشتد به بغض خصمه، حتى يرى محاسنه مساوئ، كما قيل:

نظَرُوا بِعَيْنِ عَدَاوَةٍ، وَلَوَ أنَّهَا ... عَيْنُ الرِّضَا، لاسْتَحْسَنُوا مَا اسْتَقْبَحُوا

وهذا الجهل مقرون بالهوى والظلم غالبا، فإن الإنسان ظلوم جهول.
وأكثر ديانات الخلق إنما هي عادات أخذوها عن آبائهم وأسلافهم، وقلدوهم فيها: في الإثبات والنفي، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة.
والله سبحانه إنما ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه بدينه علماً وعملاً، لم يضمن نصر الباطل، ولو اعتقد صاحبه أنه محق، وكذلك العزة والعلو إنما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو علم وعمل وحال، قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[آل عمران: 139] .
فللعبد من العلو بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُوِلهِ وَلِلْمُؤْمِنِين[المنافقون: 8] .
فله من العزة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظ من العلو والعزة، ففي مقابلة ما فاته من حقائق الإيمان، علما وعملا ظاهرا وباطنا.
وكذلك الدفع عن العبد هو بحسب إيمانه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الّذِينَ آمَنُوا[الحج: 38] .
فإذا ضعف الدفع عنه فهو من نقص إيمانه.
وكذلك الكفاية والحَسْب هي بقدر الإيمان، قال تعالى: ﴿يأَيُّهَا النَّبي حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ[الأنفال: 64] .
أي الله حسبك وحسب أتباعك، أي كافيك وكافيهم، فكفايته لهم بحسب اتباعهم لرسوله، وانقيادهم له، وطاعتهم له، فما نقص من الإيمان عاد بنقصان ذلك كله.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان يزيد وينقص.
وكذلك ولاية الله تعالى لعبده هي بحسب إيمانه قال تعالى: ﴿وَاللهُ وَلِى المُؤْمِنِينَ[آل عمران: 68] وقال الله تعالى: ﴿اللهُ وَلِى الّذِينَ آمَنُوا[البقرة: 257] .
وكذلك معيته الخاصة هي لأهل الإيمان، كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّ اللهَ مَعَ المُؤْمِنِينَ[الأنفال: 19] .
فإذا نقص الإيمان وضعف، كان حظ العبد من ولاية الله له ومعيته الخاصة بقدر حظه من الإيمان.
وكذلك النصر والتأييد الكامل، إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالى: ﴿إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالّذِينَ آمَنُوا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾[غافر: 51] وقال ﴿فَأَيَّدْنَا الّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ[الصف: 14] .
فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه، إما بترك واجب، أو فعل محرم وهو من نقص إيمانه.
وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء: 141] .
ويجيب عنه كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلا في الآخرة، ويجيب آخرون بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلا في الحجة.
والتحقيق: أنها مثل هذه الآيات، وأن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى. فالمؤمن عزيز غالب مؤيد منصور، مكفي، مدفوع عنه بالذات أين كان، ولو اجتمع عليه من بأقطارها، إذا قام بحقيقةالإيمان وواجباته، ظاهرا وباطنا. وقد قال تعالى للمؤمنين: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلا تحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[آل عمران: 139] وقال تعالى ﴿فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمٌ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ[محمد: 35] .
فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جند من جنود الله، يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم ويقتطعها عنهم، فيبطلها عليهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم إذ كانت لغيره ولم تكن موافقة لأمره.
وأما المقام الثاني: [ففي تدوينة قادمة بإذن الله]

نقله لكم باختصار


www.aborashed.com


من كتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" ( 2 / 176-183 )

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-04-2012, 05:34 PM   #31
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي


فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ، ويندفع بها المكروه . فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل . مدارج السالكين [٢/٩٠]

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-04-2012, 05:35 PM   #32
فهد الماجدي
( شاعر )

الصورة الرمزية فهد الماجدي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

فهد الماجدي غير متواجد حاليا

افتراضي


من أراد صفاء قلبه فليؤثرِ الله على شهوته . القلوب المتعلقة بالشهوات ، محجوبةٌ عن الله بقدر تعلقها بها . الفوائد [٢٦٢]
حساب ابن القيم تويتر
متابعه من قبل

مُتابَعة
مُتابَع
إلغاء المتابعة
محظور
إلغاء الحظر
قيد الانتظار
إلغاء

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة⭕أعذب ما قالت العرب⭕@3_RAB
ننشر و ننتقي أشعار و مواعظ وحكم و درر ⭕مما قالته العرب⭕ نتحرى حسن النقل في كل شيئ يشرف على الحساب بعض طلبة العلم على منهج السلف الصالح انشئ الحساب 2012/6/1



مُتابَعة
مُتابَع
إلغاء المتابعة
محظور
إلغاء الحظر
قيد الانتظار
إلغاء

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةفتاوى اللجنة الدائمة@alifta_net
هذه الصفحة تعنى بنشر فتاوى ورسائل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءصفحة غير رسميةوليس له علاقة بمقر ولا موقع اللجنة الدائمة وانما ننقل فقط



مُتابَعة
مُتابَع
إلغاء المتابعة
محظور
إلغاء الحظر
قيد الانتظار
إلغاء

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةفوائد العلامة الخضير@Fwaed_ALkudheir
صفحة غير رسمية تعنى بنشر فتاوى وأقوال








أهلاً بكم في هذه الصفحة المعتنية بأقوال وفوائد الإمام الزاهد ابن قيم الجوزية رحمه الله ساهم في نشرها
https://twitter.com/#!/ibn_alqaim

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ،
وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ،
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
موقع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي الغيوم واتوب اليه



فهد الماجدي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.