حسناً ..
أجدني مداناً بالشكر الجزيل لك .. يا سحر ..على تحفيزي للخوض باكراُ في لجة بحور التلقي ..
أما عن السؤالين فلي معهما سبحاَ طويلاً ..وأقول :
ربما أخذ على نظرية التلقي هذا المأخذ ولكن بتسرع ..فالذي يخرج من الخوض في غمار هذه النظرية ربما سيخرج حانقاً عليها بسبب هذا الانحياز الكامل لجهة المتلقي في
معادلة الفاعلية الأدبية ..
ولكن وبتمعن نجد أن نظرية التلقي حاولت أن ترصد المكونات والمسببات والعناصر التي تحيل النص الأدبي إلى مصير ما..أو تصنيف ما ..
وبجميع الدراسات وقفت نظرية التلقي عند حافة اللذة واكتفت بإطلاق مسمى كيمياء التلقي كمسبب لهذا الشعور ..وكما وصفنا هذه اللفظة بأن جميع معادلاتها تشير على الأمر
المعلوم الأثر المجهول السبب ..
وبالتالي لم يكن الاهتمام بالمتلقي أكثر من رصد وتصنيف ..
ومن جانب آخر أعتقد أن جميع محاولات أصحاب هذه النظرية تصب في مصلحة النص والمؤلف ..كيف ذلك !
أقول ..حددت هذه النظرية وبدقة نماذج القراء ..وكأنها تقول بأن الصبغة التي تنسحب على النص هي من صنع هؤلاء (( النماذج ))
وهي بذلك أحاطت بجميع العوامل التي تحدد مصير النص ..وإذا كنا سنجيب عن تساؤلك ..حول القيمة الجمالية والدراسة المنهجية ..أقول..هناك نموذج حددته هذه المدرسة وهو
مسؤول عن هذا لجانب وهو نموذج القارئ المفترض النموذج :
وهو من محض اختراع الناقد ولا يدل إلا عليه ولا يعدو أن يكون احد آليات الناقد والتي يستخدمهافي شرح النص وتفسير آلياته أو أن يكون هو المثال الذي يُحتذى به في مقاربتن
ا
للنص ..
فالناقدعندما يتحدث عن النص فإنه إما يتبنى قارئ يحوز على الكفاءة وفق مايعرف بمصطلحالقدرة والكفأة
وهو من مصطلحات نظرية التلقي .... أو أنه يعتبر نفسه هو ذلك القارئ ...
وبعد قراءة هذا النموذج للنص ماذا ستقول نظرية التلقي ؟
ستقول هذا النص هو هكذا لأن قارئه من هذا النموذج وليس لأن هذه هي حقيقة النص ..وحدوده ..
وعلى ذلك أقول
بأن مدرسة التلقي احترمت الناص وكأنها تعزيه حين تبين له أن لكل نص قارئ مفضل ..
وهي بنفس الوقت تكافح تعالي المثقف المبدع وتنصف اللغة حين تقول بأن قارئ النص ونموذجه هو من يميز النص ويجعله متداولاً وليس النص ..
(( هذا تدخل غير مباشر في حياة النص ))
وسأضرب على ذلك مثلاً وسأتحمل الحجارة التي ربما سترجمني
نزار قباني عند القارئ المفترض النموذج (( المنهجية النقدية )) تم تصنيف نصوصه بأنها تتبع مدرسة فرنسية للشعر قامت إبان الثورة الفرنسية والتي دعت إلى جعل النص
الشعري في متناول العامة والبسطاء .مما أدى إلى تسطح النصوص وضحالتها ..وعدم غوصها في عمق العمق ..
طبعاً هذا الكلام لن يشرى عند جماهير نزار ولو بقشة ..
والمثال المعاكس ..هو أدونيس (( الباقي عليكم ))
هنا ندرك الوزرالذي أخذته على عاتقها مدرسة التلقي ..
وسأحضر مثلاً آخر للتوضيح ..
لدينا صورة لشخص على مرآة .. الصورة = (( النص ))
المناهج النقدية الحديثة تهتم بالضوء الذي لولاه لم يتم هذا الانعكاس على المرآة (( اللغة ..آليات الاستعارة ..))..وأما مدرسة التلقي فتهتم بحالة الرائي للصورة ..وكيف
فهمها ..هل فهمها كمنتج لإنعكاس الضوء أو كواقع ملموس أم .. فهذا الرائي هو الذي سيتحدث عن قبح الصورة أو جمالها ..
هذه آلية مدرسة التلقي في تناول جمالية النص وبدون الاعتماد على مناهج أخرى كما ذكرتِ في متن السؤال
أرجو بأنني قد وفقت في شرح وجهة النظر ..
سحر أسرُّ أكثر بدوام التواصل ..
دمت بخير