[ فِي رِحَابِ المُصْطلح ] : -11-الشكلانية ..(( منابع لاتنضب )) - الصفحة 15 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-31-2010, 10:17 PM   #113
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

الصورة الرمزية د.باسم القاسم

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 624

د.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


الخط الأول :

تبنى الخط الأول مجموعة من الأفكار التي ربما ستلاقي استحساناً عند الكثير منا

قالوا (( إن المادة التي يمارس عليها التأويل هي ناتجة عن عقل الآخر(( المؤلف )) وآليات تفكيره
وكيفية فهمه للأشياء ومعانيها )) ولذلك يحاول التأويل أن يدرك مافعله هذا الآخر أو فكر فيه أو كتبه ... (( فالنص يعني ماعناه المؤلف )) وهذا المعنى الذي قصد إليه المؤلف هو ما نطلق عليه (( المعنى اللفظي )) فالقارئ يستطيع ان يصل إلى تأويل مشروع إذا استخدم المنطق الذي تبناه المؤلف لتحديد معنى نصه ولكن لن نكتفي بذلك ..فالمؤلف متأثر ببيئة ثقافية سائدة تتبع لفترة كتابة النص الزمنية وكذلك الأعراف والتقاليد الأدبية التي كانت في متناول يديه اثناء الكتابة أيضاً علينا أن نأخذها بعين الاعتبار ..لنصل إلى تأويل مشروع للنص ..
وهذا (( المعنى اللفظي )) كما سماه الخط الأول هو قابل للتحديد ويبقى ثابتاً عبر الزمان إذا استطاع القارئ الكفء أن يسترجع حيثيات كل ماسبق وتحدثنا عنه ..

إذاً أين المتحول ؟

هنا يقول الخط الأول بمفهوم (( الأهمية )) وهي ان حياة النص وتغير تأويلاته تتبع للقارئ
من حيث بيئة القارئ الثقافية أعراف الحقبة الزمنية السائدة في زمن القراءة شخصيته وأفق تأثره
والموقف الشخصي ...وإلخ ...كل هذه الأمور هي التي تعطي الأهمية للنص ...وتمنحه تأويلات متجددة ..
إذاً أهم ماصدر عن هذا الاتجاه هو تثبيت (( المعنى اللفظي )) وربط التأويل المشروع له بقصد الكاتب .. والأمر الآخر هو مفهوم (( الأهمية )) وهي مهمة موكلة إلى القارئ ولكن دائماً يجب عليه العودة والاتكاء على قصدية المؤلف .. للحصول على معنى مشترك ..

الخط الثاني :

أطلق هانس غادامير مجموعة من المقولات المهمة جداً كما أعتقد فقال رداً على الخط الأول
(( ما أهمية فهمنا لعقل الآخر إذا كان عقلنا الذاتي الخاص شرطاً كافياً ومكتفياً بذاته لإدراك الحقيقة )))
فالقارئ يحضر إلى النص ولديه فهم مسبق تشكل وتكون نتيجة آفاقه الشخصية والزمانية الخاصة
وبالتالي عليه ان يفتح حوار بينه وبين النص .. ولا يتعامل مع النص كمادة معزولة بذاتها ومستقلة
إنه سيستجوب النص ..وبنفس الوقت يجيب عن أسئلة النص فالكاتب والقارئ لديهما تداخل بالموروث المشترك ..
ولكل منهما موقف منه .. إن القارئ هنا يمثل جزء من مؤسسة اللغة والتي هي نفسها من صدر عنها النص ..
فكل كاتب في لحظة الكتابة أعطى قصداً ما لأنه لايتحكم بلغة كتابته وقواعدها وموروثاتها بل هي التي تتحكم به إذاً أين هي المعاني الآخرى ؟
وهذا ما دفع غادامير للقول (( نصف الكلام للمتكلم والنصف الآخر للمستمع إليه ))
أما عن تثبيت المعنى اللفظي ..فهو مرفوض عند غادامير ..لأنه يعتبر أن العملية برمتها نسبية
وليس من الموضوعية أن نجعل النص الأدبي له معنى قار فقط لأنه يتبع لزما نية التأليف فمعنى النص إنما هو (( حدث )) ناتج عن تداخل الآفاق التي يجلبها القارئ معه إلى النص مع آفاق النص
لأنه مهما يكن لابد أن التأويل هو تابع بالضرورة لخصوصية القارئ وزمانيته وآفاقه وهذا غير ثابت ونسبي من قارئ إلى آخر .. إذاً هناك زمانية القراءة وبالتالي لايوجد تثبيت للمعنى على الإطلاق .. مادام أن القارئ متبدل ..بالرغم من ثبات الطرف الآخر في معادلة الفاعلية الأدبية وهو المؤلف ..

لابد أن نشير أن هانس غادامير بهرمينوطقيته لا يسعى إلى وضع أسس للتأويل إنه في الواقع
يحاول وصف الكيفية التي يتم فيها فهم النصوص ..

اللمسة الأخيرة :

هناك حقاً دائماً من يحضر ليتابع البحث ..إنه (( هابرماس )) وهو الذي طرحاً أمراً مهماً عندما قال (( صحيح أن الحوار القائم بين القارئ والنص هو الذي يفضي إلى التأويل ولكنه ليس ذلك التأويل الذي نستطيع أن نصفه بالموضوعية ..إنه مجرد وهم قائم بين القارئ والنص ... فالحوار القائم بينهما للوصول إلى خلاصة تأويلية قد يخرجهما عن الكلام الذي يعنيه النص دون أن يشعرا))
وذلك لأنه هناك قسرية تفرضها قواعد اللغة وأعرافها وتقاليدها وخاصة إذا كان الطرفين من نفس اللغة مما يلزم الحوار بالدخول في مضمار الإتفاق الوهمي خاصة أن التأويل هو محاولة لتثبيت ماهو مجازي وبالتالي يتدخل منطق اللغة وهنا تبدأ عملية العقلنة ..والنص الأدبي أو الشعري يتجمد وينتهي بمجرد محاولة عقلنته فيسقط الكثير من الأبعاد التأولية للنص ..

أين الحل إذاً عند هابرماس ؟

إنه يطالب بمراقب خارجي غير مشارك في الحوار بين النص والقارئ .. وهو من نسميه
الناقد الأيديولوجي .. والذي يراقب التغيرات التي تطرأ على طرفي الحوار والشذوذات التي قد تودي بهما إلى وهم الوصول إلى معنى النص ..
فسبحان الله ما أعظم هذه اللغة

وفي نهاية المطاف لابد من الإشارة إلى أن جماعة التأويل فرق بينهما محور أساسي ..وهو المؤلف
فمنهم من أكد على أهمية قصد المؤلف ..وهم جماعة التأويل الكلاسيكي ...
ومنهم من لم يعترف بهذه القصدية كما رأينا في نظرية التلقي ..ومابعدالبنيوية ..والتفكيكيين وموت المؤلف
وقالوا بأن اللغة أعظم وأكبر من قصد المؤلف وإنما المؤلف ليس أكثر من لحظة كتابة
ولغة النص وأفق القارئ هي الرحم لولادة أية رؤيا تأويلية

السيدات والسادة ..

الحديث شيق عن فن التأويل ..ويحتاج على مساحات أوسع ..
ولكن كعادتنا في عرض هذا المتصفح أحببنا أن نطل من نافذة الفكر إلى رحاب فن التأويل ..
كما تنظر إليه أعين الفكر المعاصر ...
وتفضلوا بقبول فائق احترامي وتقديري ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-16-2010, 02:04 AM   #114
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


في كل حضور لك تفتح لنا نوافذ جديدة على بحر فكرك الرحب ..

فننهل من كل ما هو فريد وزاخر ..

فشكراً لك د. باسم وشكراً للعطاء الذي يسكنك..

تقديري أيها الباسق الوارف .

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-22-2010, 01:06 AM   #115
أحمد الحربي
( كاتب )

افتراضي



هَذا المُتصفّح
مِنْ أجْمَل وَ أهمّ
الْمُتصفَّحَاتِ النقديّةِ فِي النت .

شُكْرًا
د. بَاسم لِهذَا الْحَرث ,
وَ شُكْرًا لِلزُملاء هذا الْبذار .
وَ
كُلُّ الشُكْرِ لِـ أبْعَادِنَا هذا التميّز
وكُلُّ الأُمنياتِ بِاستمرارِه .
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع





..., يَاربَّ فَاطِمَة.

أحمد الحربي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 04:36 PM   #116
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

الصورة الرمزية د.باسم القاسم

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 624

د.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الحربي مشاهدة المشاركة

هَذا المُتصفّح
مِنْ أجْمَل وَ أهمّ
الْمُتصفَّحَاتِ النقديّةِ فِي النت .

شُكْرًا
د. بَاسم لِهذَا الْحَرث ,
وَ شُكْرًا لِلزُملاء هذا الْبذار .
وَ
كُلُّ الشُكْرِ لِـ أبْعَادِنَا هذا التميّز
وكُلُّ الأُمنياتِ بِاستمرارِه .
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أستاذ أحمد الحربي ..
ممتن لك على هذا العبور ..
ومعك سنواصل المسيرة ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 04:48 PM   #117
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

افتراضي النص / الكتابة (( التطبيع على دروب التأويل ))


النص /الكتابة ..... التطبيع على دروب التأويل :

أعتقد أن علاقتنا مع أي إنتاج أدبي فهماً أو تفسيراً أو تأويلاً تستوجب معرفتنا للمعمل أو المختبر الذي تم إنجاز النص فيه ..أو نقول أننا يجب أن نكون معنيين باللحظة التي قرر بها المؤلف إصدار النص ومن ثم فقد السيطرة عليه ..
إذاً هي حكاية شيقة من رواية التأويل التي لم تنتهي فصولها بعد ..

ولنبدأ مع النص منذ نعومة أظفاره فنقول :
لانتوقع أن ترد في عالم النقد لفظة ذات تداولية كبيرة إلا وقد تم توضيحها وتصنيفها ومحاوله جعلها مفهوماً قاراً يمكن الاستناد عليه أثناء محاولتنا للوصول لخلاصات نقدية ..
ومن هذه المفردات (( النص )) أو (( الكتابة )) وهما لفظتان ممكن أن يتناولها الخاصة والعامة في وصف نتاج أدبي ..

هكذا يريد البنيويون ...
من أوثق التعريفات تم طرح الكتابة من قبل المدرسة البنيوية على أنها مؤسسة اجتماعية زاخرة بالقوانين والأعراف التي تحكمها ولها سمات عامة تهيمن على ممارسيها من حيث أنها تبقى المرجع الفني الذي يعتمد في أي تواصل قائم بين الكاتب والقارئ ..

وتنضوي تحت مظلة هذه المؤسسة مختلف أنواع الكتابة بحيث أن كل نوع يحمل السمات العامة لهذه المؤسسة ولكنه وبنفس الوقت يتميز عنها بأعراف وشفرات وخصائص مقننة ...ونسمية هنا جنساً كتابياً أو نصاً كتابياً
فتصبح لدينا هذه الأنواع فروعاً ناتجة عن الأصل وهي الكتابة كمؤسسة ..
فالنص السياسي هو كتابة قبل كل شيء إلا أنه تميز بخصوصية ما صنفته على أنه سياسي وهكذا الأدب والاقتصاد ...إلخ

ما المهم من هذا الطرح إذاً ؟

يقتضي مفهوم الكتابة هذا معالجة عدة أمور وأعتقد أن من أهم المفرزات الناتجة عن تطبيق مفهوم الكتابة والنص على معادلة الفاعلية الأدبية (( نص /قارئ /مؤلف ))

هي علاقة المؤلف مع مؤسسة الكتابة فنقول

لكل مؤلف لغته وأسلوبه وخصوصيته في الطرح الذاتي ..ولكن عندما يختار المؤلف الدخول في الكتابة فهو يحولها إلى وظيفة يمنحها للغته ونصه ..إذاً هو يخضع خصوصيته اللغوية والأسلوبية لمؤسسة الكتابة التي كما أسلفنا تتألف من أعراف وقوانين محددة وبالتالي سيخضع النص وينتمي لهذه المؤسسة التي ستؤطره وتقدمه وتعطيه سمته الأدبية بقدر مايكون ملتزماً بأعرافها وتقاليدها ..
وبالتالي استقبال النص الأدبي من قبل القارئ هو حتماً متأثر بهذا الانتماء

مثلاً :

الفنان التشكيلي مؤلف له أسلوبيته وذاتيته وخصوصيته ولكنه اختار الرسم كمؤسسة تتبنى
هذه الأسلوبية والخصوصية فخضع بذلك لأعراف وتقاليد وخصائص مؤسسة الفن التشكيلي
هذه المؤسسة التي ستؤطر الإنتاج وتقدمه للجمهور ..وهكذا هو حال الشاعر أو الروائي أو القاص مع مؤسسة الكتابة الأدبية ..
وبقدر فهم المتلقي لمؤسسة الكتابة وإدراكه للحراك والآليات المحددة لها يستطيع أن يتعامل مع النص ويحدد طرق تأويله بعد أن اعتبرنا النص نتاج عن مؤسسة الكتابة قبل أن نضع أي اعتبار للمؤلف ..

ولكن أين ذهب دور المؤلف ؟

بدقة عالية وكأننا نمشي على صراط سنصل معاً إلى فكرة جميلة ودقيقة وهي فكرة التطبيع

نقول :
في فن التأويل يعتمد القارئ ويبحث دائماً عن سبل إدراك العالم الذي يحيل إليه النص ..
أو فلنقل إن القارئ لابد أن يبحث عن مرجعية ثقافية تعتبر مسلمة طبيعية أحاله النص إليها
فما تأويل الشيء إلا عملية إخضاعه وتبيئته ضمن صيغ ونظام ما هيأته الثقافة مسبقاً ..
ولكن من الذي سيسمح بـتأمين هذه العلاقة بين النص والقارئ .. إنه المؤلف
المؤلف هنا يقوم بمجموعة من إجراءات وقد تم طرح هذه الإجراءات من قبل البنيويون والشكلانيون الروس وأخذت عدة مسميات
ومنها :

الإنعاش :
هي محاولة تطهير النص من الشوائب والبقايا وإدخال جميع عناصر النص في صيرورة الامتصاص والإشباع الكلي بحيث تتفاعل جميع أجزاء النص لتشكل وحدة عضوية متكاملة ..

التطبيع :
وهي محاولة تطويع الغريب والشاذ وإخضاعهما للنظام الخطابي وأعرافه ممايضفي صبغة الطبيعية والواقعية عليه..

التحفيز :
وهي عملية التعليل والتبرير لأجزاء وعناصر بحيث أنها لاتبدو في العمل متسمة بالعشوائية
والتناقض وعدم الإتساق ..

قابلية الموثوقية والمصداقية :

وهي من أهم الطروحات والقضايا التي يشتغل عليها المؤلف ..وهي تحقيق ارتباط النص للأنموذج الثقافي لما هو حقيقي أو واقعي والذي سنعتبره مصدراً للمعنى أو الانسجام والتوافق ..
ومن أجمل تعريفات هذا المصطلح ((قابلية الموثوقية والمصداقية )) : هي العلاقة التي تقوم بين النص وبين أي نص آخر عام ومتشعب قد نسميه (( الرأي العام )) أو أي شيء صيره العرف
السائد (( التراث )) مناسباً ومتوقعاً للطرح الأدبي ..
ملاحظة : قد يقوم الناقد (( القارئ المثالي )) وليس بكل الإجراءات السابقة في سبيل تأويل النص فالمفترض في كل نص اعتماد هكذا أساليب والناقد هو من سيبحث عنها
مثلاً ( لاتخلو كتابة شعرية مما سبق وخصوصاً إذا كنا امام شاعرمحترف )

إذاً أيتها السيدات والسادة :

مجموع الإجراءات السابقة هي التي نطلق عليها وبكل بساطة عملية تنقيح النص ..
نعم ..
قد يخرج الشعر دفقه واحدة أو متكررة ..وكما أسميها شخصياً بلحظة الانخطاف
ولكن في النهاية يستيقظ الشاعر ليحاول أن يؤمن سبل التطبيع بين القارئ والنص ليعطي الشرارة الأولى لعملية التأويل ..
هذا مايفعله الشاعر تماماً لينجو برأس نصه الشعري من مقصلة الهذيان والهرطقة والجزاف . .
واسمحوا لي بالعودة إلى مصطلح ((قابلية الموثوقية والمصداقية )) لما له من أهمية كبيرة خصوصاً أن النصوص المعاصرة توشك أن لاتخلو من استخدام هذا الإجراء فنقول :

حدد جوناثان كولر خمسة طرق لتحقيق قابلية الموثوقية والمصداقية ويكون النص قابلاً للإدراك

*النص الاجتماعي :
وهو الخطاب الذي لايقتضي التبرير والشرح فهو يعتمد على المسلمة البدهية كأن نقول
لكل شيء بداية ونهاية .. أو ..الإنسان تحكمه العواطف والعقل ..

* النص الثقافي :
ثمة نصوص ثقافية ومعرفية متفق عليها في كل مجتمع يمكن للنص أن يرتبط بها كقوالب ثقافية جاهزة ..صحيح أنها قد تختلف من مجتمع إلى آخر إلا أنها تسهل عملية تبنيها كمرجعية للتأويل
ويستمد النص قابلية الموثوقية والمصداقية منها ..مثلاً إن كانت شخصية ما في رواية تعاني نقصاً جسدياً وهي سيئة وذكية بنفس الوقت فيكون من الطبيعي أن توصف بعبارة ( كل ذي عاهة جبار )
هذه العبارة هي مسلمة ثقافية عند القارئ وهو يدرك إحالتها الدلالية ..

* نماذج النوع الأدبي :
لكل نموذج أدبي كما هو معروف تقاليد وأعراف هذه التقاليد والأعراف إذا أحاط بها القارئ يستطيع أن يبرر ويعلل أي إجراء أو انحراف بالنص ويقبل به ..
مثلاً الشاعر له عالم خيالي واسع يجعلنا نقبل منه الكثير من التهويمات والتناقضات كون جنس الشعر قد عرف عنه ذلك ..والمسرح والرواية والقص ..وهكذا ..
إذا هنا النموذج الأدبي يمنح قابلية الموثوقية والمصداقية والتقبل لدى المتلقي وربما أيضاً يوجه عملية التأويل ..وذلك حسب إحاطة القارئ بأساليب هذا الفن (( المؤسسة الأدبية ))

* الطبيعي عرفاً :
وهو من أجمل المستويات وبحاجة إلى مهارة ..
فهنا يقوم المؤلف بالخروج عن أعراف وتقاليد نوع النص الذي يكتبه ..بشكل مفاجئ
مثلاً في سياق نص شعري ..يخرج الشاعر لنا بعبارات واضحة وناقدة ومناقشة لماسبق وهذه العبارات ليست موزونة ولاحتى لها علاقة بالشعرية ..
هذا النقض يلفت نظر القارئ ويجعله يطبع علاقته بالنص ..من خلال قراءة مثل هذه الحيلة
على أنها موقف المؤلف ويؤل ويفسر النص على هذا الأساس ..

*المفارقة والمعارضة الساخرة :

إذا اقتطف النص من نوع أدبي آخر أو عارضه معارضة ساخرة هنا نقدم للقارئ آلية التأويل على طبق من ذهب خاصة إذا كانت المعارضة أو السخرية واضحة فهنا سيشتغل القارئ على كلا
النصين الأصل والنص المُعارَض ليبحث عن نقاط التماس والاختلاف بينهما

السيدات والسادة ..
كل ماسبق ليس قوانين نطالب بها ..
إنها وببساطة محاولة لوصف حالة القراءة ..
إنها وصف لذواتنا المفكرة ..
إذا تمعنا في ذواتنا كمؤلفين ..أو قراء ..فسنجد بأن الكثير مما سبق ذكره نقوم بممارسته دون أن نشعر ..
النقد هنا يحاول أن يضع إطاراً لما يحدث أثناء اتصالنا أو بثنا لنص ما ..
سنتابع إن شاء الله في مصطلح الشهر القادم (( النص المغلق /النص المفتوح ))
أرجو المتعة والفائدة للجميع ..
وتقبلوا من الاحترام والتقدير ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-02-2010, 01:12 AM   #118
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

افتراضي محكمة التأويل ...(( النص في قفص الاتهام ))


السيدات والسادة ..
نتا بع معاً السلسلة التي بدأنها مع موضوعة التأويل ..وأعتقد أننا وصلنا معاً إلى نهاية المطاف ..واسمحول لي هذه المرة أن ألبس هذه الموضوعة ثوباً قانونياً فأقول :
مادام أننا أمام قضية وتهمة ومحكمة ..
فلابد لنا من تحديد الجهة المدعية ..والتهمة ..والمدعى عليه ..
ونحن هنا في رحاب محكمة التأويل..الآمرة والمنبثقة عن شريعة النقد المعاصر ..

المدعى عليه : النص (( وقد تناولنا سيرته الذاتية وانتماءاته وطموحاته في الدراسة السابقة ))

التهمة : الغموض /التعمية / الإلغاز /السلبية /اللاجدوى .. وهذه التهم أعتقد أنها الشغل الشاغل لنا جميعاً مؤلفين وقراء ة وكثيراً ما نسمعها وخاصة في بيئتنا الثقافية العربية ...وخصوصاً فيما يتعلق بمادة الشعر المعاصر ..

جهة الادعاء : وهذا المحور الذي ستدور حوله رحى الكلام الآن ..

تمهيد :
في النقد الحديث ..

كثيرون هم من تحلقوا حول قصعة التأويل التي قدمها كل من ( إيميلو بيتي )و ( هانس غادامير )
ولكن من تقاسما رغيف التأويل واستأثرا به دون الآخرين هما ( أمبيرتو إيكو )و( رولان بارت )

وعندهما سنجد تحديداً لهوية جهة الإدعاء التي ذكرناها سابقاً ..

الجهة الادعاء الأولى :

تفهم هذه الجهة وتعتقد أن النص الشعري يكتب بقصد توصيل رسالة محددة ودقيقة ونقلها ، وتعتبر أن النص مرآة عاكسة للعالم الذي يقوم النص بتصويره والنص هنا يعبر عن غاية سامية مصدرها المؤلف ويحمل رسالة جادة تهم خلاص الفكر البشري ..وكل ماسبق عرف بنظرية المحاكاة التمثيلية والتي تعتبر أن النص يشكل تمثيلاً موضوعياً لجزئية أو كلٌّ هو خارج النص وهو مرجع النص وبالتالي لابد أن يتأمن في النص سمات التشابه مع هذا المرجع بوضوح ...
مثلا: عندما نكتب عن الحرية نقوم بمقاربة كتابتنا بمرجعيات وحقائق وذواكر فكرية ومشهدية متعلقة بالموضوعة نفسها ونحاول أن نوضح وجود هذه الأفكار داخل النص ونشعر القارئ ونحسسه بأننا نتحدث عن هذه الموضوعة ..
أما المؤلف فهو ذلك العبقري الذي يقدم النص كتجسيداً لهذا الواقع الفكري
ولكن ماذا سيحدث مع القارئ ..
هنا القارئ مع نموذج لهكذا نصوص ..لايستطيع أن يستخدم النص كما يشاء بل كما يشاء له النص أن يستخدمه والقارئ هنا بمثابة مستهلك يؤكد نفسه من خلال تتبعه أنماط المعنى الثابتة وبنيته
التي قدمها المؤلف كممثل عن الواقع الذي يتناوله النص ..
وبالتالي يكون مشروع التأويل لدى القارئ مع هذا النص هو مشروعاً مغلقاً ومحدد ..
مثال :
يقول المتنبي : على قلق كان الريح تحي تسيرني يمينا أو شمالا ..
هنا المؤلف يحدد تأويل النص ..إذ أنه أعطى إحالة لدلالة..(( كأن الريح تحتي )) فتحدد المعنى ووصل بدون تعب ... الفكرة أن المتنبي يريد أن يعبر عن قلقه ...
ولكن لو أتى شاعر يريد أن يعبر عن قلقه فقال : على قلق كأنني أنثى المساء ..
لنرى انفتاحاً هائلاً للدلالات ..
بالطبع ..هنا تم إطلاق صفة لهذه النصوص ..

عند إمبيرتو إيكو :
أطلق عليه النص المفتوح من حيث أن المؤلف يفتح أبواب محددة للتفسير والتأويل ويحجب باقي الأبواب بوجه القارئ .. إنه بكل بساطة أخذ دور القارئ أثناء عملية بناء النص ولم يترك لغيره حرية الحركة في النص

عند رولان بارت :
أطلق عليه النص المقروء (( المغلق)) من حيث أن المؤلف أغلق احتمالات التأويل لدى القارئ وقدم النص بعد أن قرأه وحدد تفسيراته ..

طبعاً هذا النموذج شائع جداً لدى الكثير من المؤلفين والقراء ويطالبون به ..بشدة ..
وبمجرد أن خرج النص عن هذه السمات ..كانت التهم الجاهزة التي ذكرناها بالمرصاد ..
ولكن هناك ملاحظة مهمة ..
لماذا يستمتع القارئ بقراءة هذه النصوص ويطالب بها ؟؟ ...فلولا المتعة في التعامل مع هذه النصوص ..لم تقم الحروب الكلامية حولها
وهذا هو ما أريد الوصول إليه وأدلو بدلوي الخاص في بئرها شخصياً
أقول :
أعتقد أن الدهشة هي أصل كل متعة في تلقي النتاج الأدبي ..وهناك مستويات لهذه الدهشة
في النصوص التي تحدثنا عنها ...ويدهش القارئ من عوامل كثيرة مثلاً
قدرة اللغة على التوصيل والبيان / قدرة الشاعر على التعامل مع اللغة / مجموع التراكيب المكونة لعوامل الشعرية (( الاستعارة ..الكناية ..المجاز ...) إلخ ..
كل ماسبق ممكن أن يتمتع القارئ به بغض النظر إن كان المعنى جهزاً أم لا .. أو كانت فاعلية التأويل نشطة أم خامدة .. وهذا في الواقع هو الذي نلمسه في دواخلنا أمام نصوص من هذا النموذج أعجبنا بها وقرأناها منذ نعومة أظفارنا ...

فهل هذا يعني أننا إذا لم نكن أمام نص من هذا النموذج المحبب لدينا فلابد من أن نسخط عليه ونستهجنه ! وإذا تقدم لنا نماذج أخرى متطورة هل يمكن أن نعتبر عدم الاعتراف بها سلبية ؟

الجهة الادعاء الثانية :
جهة الادعاء الثانية اعتبرت مايلي :

* إن النص كتب حتى يستطيع القارئ في كل قراءة أن يكتبه ويعيد إنتاجه ..
وهو يقتضي تأويلاً مستمراً ومتغيراً عند كل قراءة ولهذا يتحول دور القارئ إلى دور إيجابي نشط
ومنتج وبناء ..
· تتم المعايشة مع النص وتجربته على أنه فاعلية وحيوية لغوية وليس فقط مادة قابلة للاستهلاك

· إن النص هو صراع ومواجهة مع حدود العرف والمقروئية .. فهو نص يمارس إرجاء المدلولات إرجاءً أبدياً أو لانهائياً وهي سمة تجعل النص يستحيل على الإغلاق ..

· إن النص يتألف من مقتطفات ومرجعيات وإحالات وصدى لأصوات مختلفة ومرجعيات ثقافية متنوعة وهي ذات لاتدل على نقطة أصل معينة ..ومن هنا يكتسب النص تعددية المعنى التي لاتقبل الاختزال والتقنين ..
فالنص لايسعى إلى إبراز الحقيقة وتمثيلها فليست هذه وظيفته إنه يسعى إلى نشر المعنى وتفجيره وحسب ...

· إن المؤلف يأتي إلى هذا النص ليس كأصل ومشرع له ..إنه أيضاً قارئ للنص يتشارك مع الآخرين ... هنا المؤلف ليس قاضياً ولامقرراً إنه وحسب ينظر إلى كل ماحوله بطريقة تختلف عن نظرة الآخرين وهو يعرف تماماً بأنه لاحقيقة يمكن القبض عليها في هذا العالم فيلتزم بحيادية عالية في التعامل مع النص ..

بالطبع ..هنا تم إطلاق صفة لهذه النصوص .. :

عند أمبيرتو إيكو :
أطلق عليه اسم النص المغلق ...من حيث أن المؤلف أغلق بوابات تأويل النص الخاصة به على نفسه وحاول أن يكون قارئ ما من عينة لانهائية من القراء واكتفى بمنح المفاتيح لبوابات تخص القارئ ..لتكون لهم الحرية المطلقة في الولوج إلى عوالم الفكرة وتحديد توجهاتها .. إن المؤلف قصد فكرة وعرضها بطريقته الخاصة (( فنياً )) ولم يحدد قدر هذه الفكرة ولم يعتبر نفسه المشرع الحكيم الوحيد الذي يعرف الحقائق وعلى الآخرين أن يتبعوه

عند رولان بارت :

أطلق عليه اسم النص المكتوب /المفتوح من حيث أنه مفتوح تماماً أمام كافة التأويلات والتفسيرات
فالمؤلف هنا اكتفى بكتابة النص واعتبر نفسه أحد قرائه الكثر..
ملاحظة :
لابد من الوقف عند الخلط الذي يحدث بين اصطلاح إيكو وبارت ..
النص المغلق عند إيكو هو النص المفتوح عند بارت ..والنص المفتوح عند إيكو هو النص المغلق عند بارت .وقد بينا السبب .. لتعم الفائدة للجميع ونكون على بينة ..


بالطبع هذا النموذج ((النص المكتوب ))أصبح اليوم يأخذ مسميات كثيرة .. (( معاصر ..مابعد حداثي ..إلخ ))
وأخذت رقعة مريديه وأنصاره تتسع شيئاً فشيئاً في عوالم الأدب ..
ولكن أين اللذة التي تسبب تمسك هؤلاء بهذا النموذج ..
كما أسلفنا ..إن الدهشة أساس هذه المتعة في الفاعلية القرائية ..
وهنا عامل الدهشة الرئيس يتعلق بالنص من حيث أنه مادة عجائبية استطاع القارئ أن يعيد انتاجها
ويمارس معها حقه كمؤلف ومستكشف لمناجم زاخرة بها أصقاع النص ..إنها تثاقفه وترفع من سويته الإنتاجية وتعلمه كيف يمكن يفهم الكون بطريقته الخاصة وخلاصاته ووجهات نظره الخاصة به ..
وهذا يجسد كما أعتقد رسولية الشعر إن كانت له رسالة ..
ولكن كل ماسبق لايعني إلغاء النموذج الأول .. فهو يمثل البداية والأصل ..والنموذج الثاني يمثل حالة تطورية مهمة أو هي قدر الكتابة فمن لم يتقد م تقادم ومن تقادم زال ..
السيدات والسادة ..
هذا مايجعلنا نتريث قبل أن نطلق التهم ..وأما عن قرار محكمة التأويل في هذه القضية فلم يبت به بعد وأعتقد أنه لن يبت به ..
فلنكن نحن القضاة ولنتحلى بالحكمة والموضوعية ..



خالص مودتي واحترامي لكم ..
وبانتظار قراراتكم ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2010, 01:21 AM   #119
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

افتراضي الشكلانية / (( منابع لاتنضب ))


السيدات والسادة :
أوقاتكم سعيدة ..
كان قد راودني حافز مهم في هذا المتصفح وهو أنه لاينبغي أن نختتم هذا العام النقدي الذي قضيناه سوياً في رحاب المصطلح دون المرور على مصطلح نقدي انبثق عن أهم مدارس النقد والذي نعتبرها رحم النقد الحديث والجديد .. ويعتبر أصحابه هم ثوار الفكر النقدي الخلاق ..إذ أنه لايوجد مشرب نقدي حالي إلا وقد نبع من جعفرٍ من جعافرهم الفكرية ..

إنها الشكلانية ..

الشكلانية ../الحبكة والحكاية / :
نعم هنا كما يعرف المختصون أستعير في هذا التمهيد مفردات أولتها الشكلانية الروسية أهمية بالغة وأبدعت بهما ..ولكن /الحبكة والحكاية / حول الشكلانية هو ما أعني ..

يندر أن تناول هذه القضية باحث إلا ويكون قد ابتدأ بالسيرة التاريخية للمنشأ والولادة ..ولكن اسمحوا لي أن أتجاوز هذا العرف في تقديم الدراسات وادخل إلى كنه القضية ..فأقول :
صدفة غريبة ونادرة الحصول هو أن يجتمع مجموعة من النقاد ليشكلوا حلفاً فكرية له هدف واحد ومقدس ..
هؤلاء هم من كانوا ينقمون على تلك النظرة المأخوذة عن الأدب ..
إنه ذلك الشريد ..مجهول الأب .. اللا ممنهج في سيره المتكئ على ذات الكاتب وأرشيفه وانتمائه وتهويمات المتلقين ومدائحهم .
إنه كائن ليس له إلا ظله (( الأثر الأدبي على المتلقي ))

ووفق هذه التراجيديا تكونت نواة الحلم ... هو أن نعامل الأدب كذات مستقلة لها خصوصيتها ودورة حياتها ..وميكانزماتها المفعلة .. إنه إن صح التعبير محاولة لعلمنة الأدب .. حتى يصبح قاراً وله هويةً في أفلاك الذهن المبدع .. وله حرم مصان
فكيف كانت المقولات الشكلانية ..

شعارات الشكلانية :

نعم إنها ابتدأت شعارات ..ولم تصبح عناوين وقضايا ممنهجة إلا في أربعينيات القرن العشرين ونبدأ معاً بتسلسل يسهل عملية احتواء الأفكار ..

مولد الشعارات :

نعم ..سنطرح شعار للشكلانية أعتبره المرجعية ونقطة الارتكاز التي استند عليها الشكلانيون في سعيهم الحثيث نحو بلورة الموضوعة الشكلانية ..
فقد انطلقوا برفض علني لوجهة النظر التي تري "الأدب" على أنه انعكاس محض لسيرة كاتب، أو لتوثيق تاريخي، أو لأحداث اجتماعية
بتعبير آخر ــ كما يقول ((إيجلتون)) ــ: ((ليس الأدب دينا ــ زائفا أو سيكولوجيا ــ زائفة أو سوسيولوجيا زائفة، بل تنظيما خاصا للغة. وله قوانينه، وبنياته، وأدواته النوعية التي يجب أن تدرس في ذاتها بدل أن تختزل إلي شيء آخر. فالعمل الأدبي ليس مركبة لنقل الأفكار، ولا انعكاسا للواقع الاجتماعي، ولا تجسيدا لحقيقة مفارقة (متعالية): إنه حقيقة مادية، ويمكن تحليل أدائه مثلما يمكن للمرء أن يفحص ماكينة. إنه مكوّن من كلمات، وليس من موضوعات أو مشاعر، ومن الخطأ اعتبار أنه تعبير عن عقل مؤلف ما.))
وتوالت بعدها فيوضات الشكلانيين منذ عام 1917 ومقالة (( الفن بوصفه صنعة )) إلى هذه الأيام التي استمر الشكلانية فيها تحت مسميات جديدة ..
وقد قمت بتصنيف هذه الطروحات كما يلي :

1- الصورة :

كان للصورة مكانة جوهرية عند دارسي الأدب ..فقد اعتبروا أن الأدب هو تفكير بالصورة باعتبار أن الصورة تقدم نوع من الحقيقة الغير منظورة ..والصورة هي التي تجسد الموضوع
كمضمون في النص وكما تدعي المدرسة الرمزية بأن الصورة هي التي تخلق الشعر ..
هنا اختلف الشكلانيون عن هذا النمط السائد ليقدموا طرحاً أكثر تطوراً وملامسة للأدب وذاته
فقالوا :
الفرق بين رؤية هؤلاء وبين رؤيتنا للصورة؛ أننا لا نري "الصورة" بوصفها مرجعا أساسيا دائما لنواحي الحياة المختلفة؛ إذ هدفها ليس إفهامنا المعني، وإنما هدفها خلق معني له طريقته الخاصة في إدراك الموضوع، إن الصورة تساعد علي خلق "رؤيا" لكيفية إدراك الموضوع، بدلا من ذلك الإدراك المعتاد للمعني كما هو...إن الصورة ليست الموضوع وإنما هي أداة مساعدة لإدراك الموضوع الأدبي ..
فنحن قد نضع في النص الشعري مجموعة مترابطة من الصور ..ونحقق ترابط بينها يؤدي بنا إلى إدراك هدف أدبي ..صحيح أن المتلقي يستمتع بالصورة ولكن الخلاصة النهائية والمتكونة لديه جاءت من الأسلوب والإجراءت اللغوية التي قام بها الشاعر وهي التي تهم الناقد وهي التي منحت هذا العمل أدبيته وألقه ..

2- التغريب :

هذا الطرح سببه تميز الشكلانيين عن غيرهم من حيث مفهومهم للأدب وإلي دوره ووظيفته الذي عليه أن يقوم بهما من منظورهم، يقولون في ذلك: إن غرض الفن هو نقل الشعور بالأشياء كما هي مدركة وليس كما هي معروفة بالفعل. وتقنية الفن [في ذلك] هي "تغريب" الأشياء، وجعل الصيغ عسيرة، مع زيادة كل من صعوبة ومدي الإدراك؛ وذلك لأن عملية الإدراك غاية جمالية في ذاتها ولا بد من إطالة أمدها. فالفن طريقة لاكتشاف فنية الموضوع، أما الموضوع ذاته فليس له أهمية
إذ أننا مع مرور الوقت يحدث عندنا نوع من "الألفة" ، بيننا وبين كل ما هو حولنا، كالعمل أو الثياب أو الزوجة أو حتى الخشية من الحرب، ليصبح ذلك مرسخا في "اللاشعور" لذا هو يحدث بطريقة "تلقائية" تماما، ويكاد "المعني" في ظل ذلك أن يضيع منا جرَّاء هذا "الاعتياد". وهنا يأتي دور "الأدب" الذي ينبهنا إلي هذا "الاعتياد"، ويعيد إلينا وعينا وإدراكنا بالأشياء علي حقيقتها، من خلال ما يقوم به "الأدب" من عملية يطلق عليها "التغريب" ويقصد به نزع "الألفة" الاعتيادية التي أصبحت موجودة بالفعل بيننا وبين الأشياء عن طريق جعل هذه الأشياء مدركة وملحوظة بكيفية مغايرة، ليست "آلية" وليست "اعتيادية" كما كان الحال في السابق ... إننا هنا نتأملها ونمنحها وقتاً أكثر لنرى وهم واقعها المعتاد ونتجاوزه إلى الجوهر ..

وعلي هذا "فالصور" و"المعاني" التي تستخدم في "الأدب"، موجودة في الحياة من قبل أساسا، لكن نحن الذين أصبحنا غير قادرين علي إدراكها بسبب "الألفة" التي حدثت بيننا وبين جميع مظاهر الحياة التي نحياها، إلي أن يأتي "الشعراء" في شعرهم فيقوموا بإعادة ترتيب وتنظيم هذه "الصور" في سياقات مختلفة، غير معتادة أو مألوفة كالتي نستخدمها نحن في حياتنا اليومية العادية، فما يقوم به "الشعراء" في الحقيقة؛ ليس ابتكار "صور" جديدة غير موجودة من قبل، وإنما هو إعادة تنظيم وترتيب لهذه "الصور" في نمط جديد، وذلك هو ما يجعلنا نشعر بأنها إبداع واختلاق جديد بخلاف ما هو حادث فعلا ..وهذا ماقد يفسر شعور المتلقي أحياناً عندما يسمع شعر فيقول كأن الشاعر يعرف يلمس داخلي بأمور يعرفها أكثر مني وربما يعتبرونه نبياً ..والواقع هو أن الشاعر أعاد تقديم الموجودات مستخدماً آلية التغريب التي تلغي الألفة وتحفز على إدراك جديد ..
وهذا ما عناه ((رومان ياكوبسون)) عندما عرف الشعر على أنه عنف منظم يمارس على الحديث العادي ..

3- المضمون :

يرى الشكلانيون أن "المضمون" الذي يقدمه العمل الأدبي ليس ذا أهمية بالنسبة إلي "إنشاء الشعر"، فالمضمون ليس أكثر من مجرد دافع للعمل الأدبي، وللنواحي الشكلية التي ينشئها المؤلف فيه. وإن أردنا أن نتهم بالمضامين فالفلاسفة القدماء لم يتركوا مضموناً بتفاصيله إلا وقد تناولوه .... نأتي إلى النص لنستمتع بأداءالعرض الأدبي
وإهمال "المضمون" الذي يقدمه "الأدب" و"العمل الأدبي" بشيء غريب أو شاذ بالنسبة للشكليين، بل هو نقطة جوهرية تماما في أفكارهم، فالاهتمام من قبل الآخرين بما يقدمه "العمل الأدبي" يغري دائما بالانزلاق إلي علم النفس وعلم الاجتماع والنواحي الفلسفية المختلفة، وبالتالي سنبتعد عن الميكانيزمات التي استخدمها الشاعر في طريقة طرح المضمون والتي يتجسد فيها الأدبية التي ينادي بها الشكلانيون ..
وكثيراً ما قلنا بأن نقد النص شيء وشرح النص شيء آخر ..ولعل أهم شعارات نظرية الأدب التي أتت فيما بعد الشكلانيين هو (( مايهمنا القصيدة وليس ماتقوله القصيدة )) ..وفي هذا السياق يتجه الشكلانيون بثقة نحو القول بالمنهج في الدراسة الأدبية فنحن نرصد في النص
حراك الأدوات وعناصر اللغة التي عرض المضمون من خلالها وهذه هي الأدبية ..
وليس القضية من منظورهم قضية إنكار لهذا المضمون، فهم يعترفون بعلاقة "الفن" بالواقع الاجتماعي، ولا ينفون هذه العلاقة، وإنما القضية عندهم قضية تحديد التخصصات، إذ هذه العلاقة ــ من منظورهم ــ ليست من شأن الناقد، كما أن ليس عمله تحديدها أو تحديد "المضمون" الموجود في "الأدب" وإنما كان همهم الأساسي هو دراسة النواحي الوصفية اللغوية، التي يتبعها العمل الأدبي لكي يجعل من نفسه مغايرا للغة الخطاب العادي المستخدمة في الحديث اليومي، لكي يتمكن من تقديم تلك المعاني والحقائق التي اعتدنا عليها، في شكل "مُغـَرَّب"، نستطيع معه الإدراك علي نحو أعمق وأكثر نضجا عما قبل.
وهذا مادعاهم لطرح المبدأ الرئيس عندهم للناقد الدارس فقالوا ((موضوع البحث في علم الأدب ليس الأدب ، وإنما "الأدبية" ، تلك التي تجعل من أي عمل معطي عمل أدبي ))

4- الانحرافات :

وهي مقولة اعتقد بأهميتها الكبيرة لكتاب الشعر ..حيث أننا لابد أن نستخدم أثناء الكتابة أساليب لغوية تنحرف بنا عن الاعتيادي والمألوف ولذلك قالوا مؤكدين : إن أنجح الأشياء في معالجة "الأدب" هو "علم اللغة"؛ لكونه القادر علي تحديد هذه "الانحرافات" التي يحدثها "الأدب" في "اللغة" التي يستخدمها.
لذا اهتم "الشكليون" بالوزن ، والقافية ، والنواحي الصوتية وما إلي ذلك من جوانب شكلية متعلقة بالصياغات اللغوية التي يتكون منها العمل الأدبي ..
وهذه المقولة أساء لها الكثيرون فقد اعتقد البعض بأن استخدام عشوائية وتناقضات وفوضى
قد ينتج لنا تغريب وانحراف وبالتالي شعر .. وهذا غير صحيح فآليات الانحراف دقيقة وتحتاج إلى مهارات لغوية عالية ومخزون علمي لغوي كبير ..
السيدات والسادة هناك موضوعات أخرى نأيت بها عن مقالتي تتعلق بالحبكة والحكاية والتحفيز ..وهي تتعلق بالسرد الأدبي ..فيها تخصص كبير ..لامجال للخوض فيه ..

هوامش السيرة الذاتية :

سأذكر باختصار تاريخ نشأة هذا المذهب وأهم الأسماء المؤسسة والمتابعة ..
نشأت "الشكلية " عبر حركتين، الأولي كانت في ((موسكو))، وعرفت باسم "حلقة موسكو اللغوية" Moscow Linguistic Circle، وقد تأسست عام (1915م)، وكان مـن أبـرز أعـضـائـهــا: ((بتر بوجاترف)) Petr Bogatyrëv، و((رومان ياكوبسون)) Roman Jakobson، و((جريجوري فينوكر)) Grigory Vinokur. أما الثانية فكانت في ((بطرسبورج)) Petersburg، وكانت تسمي "أوبياز" OPOJAZ وهي اختصار لعبارة باللغة الروسية تعني: "جمعية دراسة اللغة الشعرية"، وقد تأسست في عام (1916م)، وكان من أبرز أعضائها: ((بوريس ايخنباوم)) Boris Eikhenbaum، و((فيكتور شكلوفسكي)) Viktor Shklvsky، و((يوري تينيانوف)) Yuri Tynyanov، وكانت هناك علاقات صداقة، وتقارب كبير في الأفكار بين هاتين الحركتين.
وعلى ما سبق عرفنا لماذا دائماً عرفت المدرسة الشكلانية بالشكلانية الروسية ..

* مغالطة :
إن التسمية التي أخذتها هذه المدرسة صادرة عن أعدائها ..ولكنها التصقت بها ..
فقد أراد معارضو هذه المدرسة بهذه التسمية الإقلال من أهميتها بالإحاء إلى أنها تهتم بالشكل
وتبتعد عن جوهر الأدب ..وفي الواقع التسمية التي يرتضيها الشكلانيون لأنفسهم ..هي
(( المورفولوجيا )) علم الوصف ... وهي الأقرب إلى الواقع ..

السيدات والسادة ..
ربما شعر الكثير من المهتمين بالنقد وهم يقرؤون هذه المقالة بأن كل طرح للشكلانيين ربما يجسد جذر من جذور مدارس النقد الحديث الحالية مثل (( البنيوية – السيميائية – التحليلية ..))
والواقع عن نفسي ...أقول ...
إن الشكلانية أحدثت ثورة بالفعل دفعت عجلة النتاج الأدبي إلى الأمام وحركت الركودة في بحيرات الإبداع .. وقدمت لنا هوية معترف بها في محافل الفكر.
لم نعد مجرد ثلة من الهائمين الرومنسيين الذين يمارسون عملية الإبداع بلا توازن أو مرتكز
أتمنى للجميع الفائدة .. وبانتظار آرائكم
دمتم بخير ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2010, 08:43 AM   #120
ابتسام آل سليمان
( شاعرة )

الصورة الرمزية ابتسام آل سليمان

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

ابتسام آل سليمان غير متواجد حاليا

افتراضي



تحية و سلاما
براحٌ نقدي ٌ فاخر , و يؤسفني تأخري عنه كثيرا ...
اطلعتُ فقط على مصطلح الفينومينو لوجيا فقط..
وليبارككم ربي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ابتسام آل سليمان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.