قراءةٌ انطباعية في نص (( الغول )) لـ النورس العجوز - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 0 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 12 - )           »          أُغنيات على ضفاف الليل (الكاتـب : علي الامين - مشاركات : 1209 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75155 - )           »          ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 785 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-2008, 10:05 PM   #1
صهيب نبهان
( شاعر )

الصورة الرمزية صهيب نبهان

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

صهيب نبهان غير متواجد حاليا

Post قراءةٌ انطباعية في نص (( الغول )) لـ النورس العجوز


..

كثيرةٌ هي المآسي في حياتنا، منها ما يبعثُ على اليأس والأسى؛ ومنها ما يبعثُ على الحسرة والندامة، ومنها ما يبعث على السخرية ألماً وانتقاداً، ومنها ما يبعثُ على البكاءِ ضحكاً وقد صدق من قال:

وكم فيك يا دنيا من المُضْحِكاتِ ولكنه ضحكٌ كالبكاء !

كثيرون منا من عاشوا لحظاتِ حزنٍ كالحٍ ثم انقلبتْ كفةُ الميزانِ فإذْ بهذا الحزنِ ينقلبُ فرحاً وسروراً؛ وأكثر منهم من نُسِجَتْ صفحاتُ حياتهم بخيوطِ الحُزنِ السوداءِ على لوحةِ الليلِ المُظلمةِ فما زادتها إلا ظلاماً وحُلكة !

وبين أيدينا هُنا شاعرٌ وقصيدة؛ وهل تستطيع القصيدةُ أنْ تنسلخَ من عباءةِ صاحبها بل هل يستطيعُ الشاعر أن يهربَ مِن ذاكرةِ قصيدته إلى الأبد ؟!

مِنْ كل ذلك يستمدُ شاعرنا وأستاذنا / عماد صالح نجم مطلعهُ الناريّ بقوله :

قدْ أحزنَ القلبَ
ما بالأمسِ قد بَهَجَـهْ


اُنظر لذلك الوَقْعِ والإيقاعِ الذي تُحْدِثُهُ كلماتُ هذا الرجلِ حين تَتَلَذَّذُ بِسُلافَةِ صَبُوحِها حتى تنتهي بآخرِ قطراتِ غَبُوقِها !

تشعرُ وكأنكَ تُجاهدُ نفسكَ للإمساكِ بقشةٍ النجاةِ في المحيطِ الجائِعِ المُتَكَرِّش !

وهوَ هُنا بكلماتٍ لم تتجاوز الخمسةَ يُبَرْهِنُ نظريةً خالدةً من نظرياتِ الحياةِ
بل ويُحَوِّلها بكل بساطةٍ وسلاسةٍ إلى مُسَلَّمَةٍ في عِلمَيْ النفسِ والإنسان.

وَمنِ الذي يُنكرُ ذلك والشاعرُ بصفةٍ عامةٍ إِنْ أردتَ تشبيههُ فلن تجد أقربَ مِنْ وصفهِ بالطبيبِ النفسي الذي يُتقنُ انتزاعَ الآفاتِ مِن أرواحِ المرضى ويعجزُ أَنْ يُطَبِّبَ روحَهُ إنْ اعتراها القليلُ مما يُدَوايه !

إذنْ وبكلِّ بساطةٍ بل وبكل أَسَفٍ نرى أنَّ الشاعر (السعيد) فيما مضى قد لَبسَ ثوبَ الشاعر (الحزين) وما ذلك التحولُ المُفاجئُ والهبوطُ الاضطراريُّ في مستوى المشاعرِ إلا لأنَّ الشيءَ الذي (أحْزَنَهُ) هو نفسهُ الشيء الذي كانَ فيما مضى (يُسعده) !

وهُنا تتجلى قمةُ القسوةِ والعذابِ؛ كيف لا والشاعرُ كان يتمسكُ بذلك الشيءِ (المُفرحِ) لكونهِ يجعلهُ على قيدِ الحياةِ؛ ويُصَبِّرُهُ على ما ألمَّ به جَرَّاءَ (أحزانٍ) أخرى ..

إذْ غادرَ الليلُ
بالحلمِ الذي دبَجَـهْ


وَبسرعةٍ غير مسبوقةٍ وبإثباتٍ لا يقبل الشكَّ وبكلماتٍ لا تتجاوزُ سابقاتها يُطلقُ الشاعرُ زفرتهُ الأخيرة التي يبدأُ بها سَرْدَ أوجاعهِ ويُرِيحَ القارئَ المُتألمَ مِنْ التمادي في طَعنهِ ويُطلقها دون أدنى اكتراثٍ بما ستسببهُ تلك الكلماتُ من آلام على الصعيدِ الشخصيِّ والمحليِّ بل والعالميّ ..

إذْ غادرَ الليلُ: وماذا في ذلك؟ فالليلُ يغادرُ كل يومٍ ويعود وهو كما قال شاعرنا النورس: ماذا سيجلبُ إلا المخافةَ من بدء يومٍ جديد ؟!

ولكنه هنا غادرَ بأسلوبٍ وحشيٍ تاركاً شلالَ دمٍ يَنْبَثِقُ من قلبِ الشاعرِ لِيَختلطَ بأنَّاتهِ الصامتةِ التي تكاد تنفجرُ عويلاً !

فقد غادرَ هذا الليلِ بـ الحلم ولكنه ليس مجردَ حلمٍ فآلافُ الأحلامِ نفقدها ولا نعبأ ولكنَّ الليل هنا هو الذي زَيَّنَ ذلك الحلم على عباءتهِ السوداءِ فازدادتْ ملائكيةً في نظر شاعرنا، ثم يُغادرُ الليلُ دونَ أدنى استئذانٍ لينكشفَ جسدُ الصبحِ/الحقيقة! فباللهِ كيفَ يكونُ مُعْطِيكَ سَارِقُكَ وَمَانِحُكَ سَالِبُك ؟!!

راح الحبيبُ الذي بالحُبِ أدخلني
بابَ الهوى
ومضى
من بعدما رتَجَـهْ


وا ألماهُ حين تستمعُ إلى التفاصيلِ التي بَدَأْتَ باسْتِقْرَاءِهَا حتماً مع أولِ كلماتِ هذا النَّص؛ فأنتَ أيها القارئ تُدركُ أن الحكايةَ ليستْ مِن الهوى ببعيدة ! وأنَّ الحلم لن يعدو أن يكون مُتمثلاً في تلك المحبوبةِ التي كانت هاجس الشاعر الأول والأخير، منذ دراسته في الجامعةِ مروراً بعمله كمدرسٍ وانتهاءاً بانتحالهِ شخصيةَ طائر النورسِ شكلاً ومضموناً، قلباً وروحاً..

هذا الحبيبُ لم يكن مجردَ قلبٍ عاديٍّ فكل القلوب تُتقنَ وظيفةَ الحُبِّ والتي يصعبُ عليها إتقانها فهي تُتقنُ فن التمثيلِ بلا شك !

هذا الحبيبُ أتى على غيمةٍ مِنْ هوىً ليقتادَ الشاعر ( بالحبِّ ) طوعاً وتسليماً وتلبيةً ورغبةً صادقةً وأملاً في تحقيقِ تلك السعادةِ التي لا يملكُ الشاعر غيرها لتكونَ زادهُ في الطريقِ الوعرِ، ويدخل به حديقةَ الأحلامِ، ثم يمضي قاطعاً بينه وبين شاعرنا كل سبل العودةِ؛ مُغلقاً ذلك البابَ برتاجِ القسوةِ والإهمال؛ تاركاً قلب الشاعر في صراعٍ دائمٍ بينَ خيالِيَّةَ الأحلامِ .. وحقيقةَ الآلام !

اليَمُّ جففهُ بالنارِ صانِعُه
والصرحُ
قد هدَّهُ بالبعدِ من بَرَجَـهْ


انظر لتلك الصورةِ المُحترقةِ وذلك التشبيهِ الذي ترتفعُ أمامهُ أسوارُ الذائقةِ البليدةِ حتى لتكادُ تبلغُ عنانَ النَّشْوَة !

فَهنا يصفُ الشاعرُ نفسهُ في كلمتينِ شاملتينِ مليئتينِ بالطِّيبَةِ والحنانِ والرحمةِ والنقاءِ والصفاءِ والعذوبةِ والفخرِ والعزةِ والشموخ؛ ( اليم ) و ( الصرح ) !

ثم تأتي بعد ذلك مَنْ تُجفف ذلك اليم وهي نفسها مَن أجْرَتْهُ سابقاً على سُفوحها؛ وَمَنْ بِبُعدها تَهدمُ ذلك الصرح العملاقَ وقد تَعِبَتْ في تشييده وإنشائه !

ذاك الذي جعَلَ الأوهامَ قصتنا
الوهمُ من نَسجِهِ
لا لستُ من نسَجَـهْ


ومنَ الطبيعي والبديهي بل هو الواقع بعينهِ أن يشير الشاعر بأصابع الاتهامِ إلى السببِ في تلك التعاسةِ ويُفسرُ ذلك تحت ستارِ الوَهْمِ ويتساءل بروحِ الواثقِ من الإجابةِ أنها السبب الرئيسُ والوحيدُ لأنها اتخذتْ الأوهامَ دافعاً لها لنسجِ المزيد من حبالِ الهوى المُخادعِ حول الشاعر، فتأخذ منه ما لَذَّ وطاب؛ ويبقى هو عند الخط الأحمر يحفظُ لها هيبتها وشكلها أمام العالمين!

وهو في نهايةِ الأمرِ يؤكد بما لا يدعُ مجالاً للشكِّ أنه لم ينسج ذلك الوهم وقد صدق؛ كيف لا ورب العزة جَلَّ وَعَلا يقول: " إنَّ كيدهنَّ عظيم " ؟

يوم التقيتُ الهوى والعمر يسبقني
كان اندفاعي له
في لحظةٍ حَرِجَـةْ


لاحظ هُنا حالةَ الشاعر حينَ نُسِجَتْ حوله تلك الأوهام :

أولاً: قطارُ العمر يسيرُ بسرعةٍ جنونيةٍ بل وَيُسْقِطُ الشاعر في فجوةِ الزمنِ الصفر !

ثانياً: البحثُ عن طوقِ النجاة في تلك اللحظةِ الحرجةِ التي كانت الدافعَ للتَّشَبُّثِ بالوهم !

ثالثاً: حالةُ فقدانِ الوعي والتسليمِ والرضا بالواقعِ المرير التي كان يعيشها الشاعرُ حين اندفعَ إلى الهوى رغماً عنه !

أفهل يُلامُ بعد ذلك ؟ كلا وربي

العمر يمضي وآمالي تُحطِّمُها
كف التشردِ
في أيامه ( السَمِجَـةْ )


مما لا شك فيه أننا هُنا أمام حالةٍ مِن الحسرةِ يُكررها الشاعر مرةً أخرى وكأنه يصرخ: يا ناسُ صدقوني؛ كنتُ أود اللحاق بالرَّكْبِ ولكني أخطأتُ وجْهَتي !

تَخَيَّلْ معي كأساً مملوءةً بِسَائِلِ الآمالِ التي تكفي قطرةٌ منهُ لتروي الشاعر؛ ثم تأتي الغربةُ والمنفى بِكَفِّ الضَّياعِ العملاقةِ التي تنبتُ عليها أشواكُ التشردِ القاتلة؛ لتعتصرَ تلك الكأسَ بلا هوادةٍ وتبعث الألم في أوصالِ العمرِ بأيامهِ الفاسدةِ القبيحةِ الفَظَّةِ البغيضةِ المُتنافرةِ الكريهةِ المُنَفِّرَةِ المثيرةِ للاشمئزازِ !!!!

والحرفُ يعرجُ فوق السطرِ
مكتهلاً
يمشي كمثقلةٍ
في البقعة اللزِجَـة


ألا ترونَ معي أنَّ ترابطاً قوياً نستطيع أن نراه بالعينِ المجردةِ بين ما يشعر به الشاعر وبين ما يريد التعبير عنه وبين ما يكتبه؟ كيف لا والثلاثة واحد!

وحينَ يكتبُ الشاعر فإنه يكتبُ في بادئِ الأمرِ مجموعةَ أحرفٍ ثم ما تلبثُ أن تتحول – كما هي هنا – إلى الجحيم بعينه !!

يبحثُ الشاعر عن شيءٍ آخر يواسيه غير العمر الذي فَرَّ منه، فلا يجدُ أمامه سوى الحرفِ الذي يلازمه مع كل زفيرٍ وشهيقٍ، وَيَا رُوحَاااااااهُ على تلك المواساةِ التي ستجعلُ الحرف يبكي دماً لا حِبْراً حينَ يصفه بكل بلاغةٍ فيقول:

(والحرفُ يعرجُ) !! وأستوقفكُ هنا أيها القارئ لتتأمل معي هذا المشهد التراجيدي:

القصيدة : العُمر

الأسطر : الأيام

الحرف : النورس

وكأنَّ النورسَ (يعرج) مُثقلاً؛ سَاكباً جَسَدَهُ وروحه؛ حاملاً كهولتهُ على كتفيهِ ليعبرَ بها أيامَ الشقاءِ في دربِ القصيدةِ الذي لا ينتهي! ثم لا يكتفي بذلك بل وكأني به والله يريدنا أن نبكي حتى تبتل حُجُورُنا مواساةً لبكائهِ وإمعاناً في الألم فـ (يُبَسِّطُ) لنا حقيقة الأمرِ بمُجَرَّدِ (نَمْلَةٍ مُثْقَلَةٍ) ناءت بحِملها – وما هو إلا حبةُ قَمْحٍ أو أقل _ !! ولكنها تسيرُ في خِضَمِّ تلك اللزوجةِ التي يعجزُ الإنسانُ وربما الآلاتُ عن السيرِ فيها فكيف بتلك الضعيفةِ وهي تحملُ حياتها كلها فوقها ؟؟!!

لا يبلغُ القصدَ
أو تدنو قصائدُهُ
من قلب ساحرةٍ
بالحلم قد وَلَجَـهْ


وبعدَ ذلك التعبيرِ عن الحالة العاطفيةِ والجسديةِ ألا يحقُّ لنا أن نستخلصَ قاعدةً نعتمدُ عليها وأن نتعلم مِن تجارب الآخرين فـ "السعيد من اتعظ بغيره" وهنا يُطلقُ النورس حِكْمَتَهُ ويؤكد أنَّ النيةَ والغَرَض والغايةَ أو حتى تلك الدلالاتُ/القصائد التي تُشير إليها؛ كل هذه لن تُبَلِّغَهُ قلبَ تلك الساحرةِ بمجردِ حُلمٍ كسيحٍ أعرج يَلِجُ إلى فؤادها؛ فهو يحتاجُ إلى وصفةٍ أقوى ليقاومَ تلك الشعوذة التي حَصَّنتْ بها تلك المحبوبةُ قلبها !

القلبُ من يأسِهِ
بالآهِ يسألني
أنْ كيف يترك نهجاً
كان قد نَهَجَـهْ


ألا ترونَ معي مدى المنطقيةِ في ذلك السؤال الممزوجِ بِطَعْمِ الآه مِنْ ذلك القلب (اليائس) الذي مَلَّ من الحِلِّ والتِّرحال، وكأنني أرى قسوةً في طَرْحِ ذلك السؤالِ على روح الشاعر؛ فهو ليس بحاجةٍ إلى المزيدِ مِن تأنيبِ الضميرِ والأسى ..


أسكِتْ وجيب الحشا
تطفي لواعجهُ
واكتم بسرك
صوتَ النبضِِ
والخَلَجَـةْ


إذا فَشلْتَ في إيصالِ صوتكَ إلى مَنْ تُريد؛ فالأفضل أنْ تكتمَ فرقعاتِ أحشائكَ فتنظفئَ بذلكَ لهفتكَ المُشتعلة وألا تَسمحَ لنفسكَ بسماعِ نبضك ولا صوتِ عاطفتكَ المحمومةِ ولا أنْ تعرفَ شيئاً عن نفسكَ أصلاً !!

لا ترتجي فرجاً
ما عاقلٌ فَطِنٌ
من يرتجي يوماً
من غادةٍ فرَجَـهْ


مُجَرد حكمة أخرى يطرحها النورسُ بين أيدينا ويرد بها على نفسهِ أولاً فَيُحَذِّرُنا بلهجةِ الأستاذِ والمُرَبِّي أنَّ الطريق الذي في آخره أنثى عبارة عن دائرةٍ لن يصل (العاقل) (الفطن) - الذي يُدرك عواقب الأمور - إلى طرفها أبداً ولن تُفْرَجَ تلك الحلقةُ الناريّةُ في يومٍ من الأيام !!



إصعد
أو انزل
بآفاق الهوى أبداً
ما بين مبدأهِ
والمنتهى درَجَـة


أليس كذلك؟ بين أن تحب وتكره : دقيقة بل ثانية بل ارتدادةُ طَرْف !

بين أن تتعلم أبجديةَ العِشق وتُتقنَ فَنَّه : غمضةُ عين !

بين أنْ تتزوجَ محبوبتك وتطلقها : مجردُ مُشكلةٍ بسيطة ! :014:

فمهما بلغ بك التِّجوالُ والترحالُ في فضاءاتِ الهيام والهوى، فربما دونَ أن تشعر؛ تهْوِي مِن عَلٍ وكأنَّ الأرض مَغْنَطَتْكَ جَذْباً أو أنَّ السماءَ لَفَظَتْك تَنَافُراً !

ولنستمع سوياً إلى تلك المُناجاةِ القادمةِ ولنشعرْ بها بين أضلعنا فالصمتُ أبلغُ ما يُقالُ فيها :

إن أشتكي الحب
أنتِ الحبُ هاجرتي
والروضُ قد يشتكي في لحظةٍ أرَجَـهْ


لا ليسَ ذنبُكِ
إذ قلبُ الغريبِ هوى
في الليل سيدتي
والشمس مُنْبَلِجَـةْ

لا ليسَ ذنبُك
أنَّ الحبَّ أثمَلَني
بالسحر سيدتي
بالروح قد دَمَجَـهْ

هل يستطيع الهوى أن يحتوي ألمي
أم يستطيع المدى
أن يحتوي وهَجَـهْ


أرأيتمْ كيف يسقطُ الحُرُّ / الغريبُ في عتمةِ الليلِ الحَرونِ وشمسُ محبوبتهِ مُشرقةٌ لكلِّ ذي عينٍ وبَصِيرَة ؟

أرأيتمْ كيفَ يُبَرِّئُ ساحة محبوبتهِ بعدَ أنْ حاصَرَتْهُ في تلابيبِ سحرها ؟

أرأيتم بعد كل ذلك كيف يتساءلُ كطفلٍ صغيرٍ مجروحٍ عنْ أُمٍّ تداويهِ وَتُرَبِّتُ على روحه وتحتضنُ جبينه لتبعثَ الدفء في أوصالِ ملامحه ؟!!

أرأيتمْ كيفَ يُعَبِّرُ لنا عن مدى اتساعِ ألمه وهل يَقدرُ الهوى – باتساعه – أنْ يضمَّ تلكَ المساحةَ الشاسعةَ من الألم ؟!

أرأيتم كيف يُطلقها بأزيزٍ يصم الآذان؛ وتساؤلٍ لم يمنعهُ الكتمان؛ وانهزامٍ أمامَ عَظَمَةِ جُرْمِها؛ ورغبةٍ عارمةٍ في أنْ يحتوي هذا المدى الفسيحُ بعضاً مِنْ لَهَبِهِ ونارهِ وأُوارِه !

أسعى إليك
وفي قلبي تفاؤلهُ
أرتَدُّ عنك
ويأسي بالغٌ إوَجَـهْ


ومَرَّةً أخيرةً يعودُ الشاعرُ إلى ذلك الحبلِ/الطوقِ الذي ربما يسبحُ به إلى شاطئ النجاةِ حيثُ محبوبتهُ التي تمثلُ شاطئهُ في رحلةٍ من رحلات النورسِ التي لا تنتهي؛ ورغم كل الضعف والوهنِ والاشتياق والاحتياجِ يُودعها به:
(أسعى إليك): ويا لها مِن قاسيةٍ إذْ لَم تُجِبْ نداءه، ويا له مِن مُخلصٍ إذْ يسعى إليها بكل هذا التفاؤل !

(أرتَدُّ عنك): ويا للفقدِ إذْ يصطدمُ بالواقعِ الذي يُمَثلها ويفيقُ مِن هَوْلِ صدمتهِ على مزيدٍ مِن الأسى؛ بل وعلى مَعاولِ الأسى تهوي عليهِ فتهدمُ ذلك التفاؤل، وتحطمُ ذلك العنفوان، وتُلقي به في طريقِ اللاعودة !

من ذا
يغير في نفسي لواعجها
من ذا
يُقَوِّم للقلب الصبي عِوَجَـهْ


هل هُناك من يتطوعُ لمساعدتي في البحثِ عن إجابةِ الرجائين؟ هُما أمنيتانِ ولكن أنثى واحدة كفيلةٌ بأنْ تكونَ هيَ المنشودةَ والمرجُوّةَ والمُنتظرةِ بِحُرقة !

شكراً للأسى إذْ جَمَّعنا !
..

 

صهيب نبهان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 10:18 AM   #2
نافع التيمان
( شاعر وكاتب )

افتراضي



الأستاذ القدير صهيب نبهان ..

أهلا بك ..


كل حرف قرأت به النص كان يتنفس الواقعية والرومانسية والخيال .. كنت تموج بنا بتساؤلات تقريرية وتدهشنا للنظر في واقعنا / خيالنا .. من خلال إنطباع خبير أضاف لنا الكثير من الإحساس بالنص .. كان الغول وديعا جدا حين تناولته ليونة وجمال لغتك وفتنتها .. وكان النورس العجوز يافعا تنضح منه الفتوة والطيش العاطفي والجرأة بالحديث عن أنثاه .. وكنت الأجمل بموسيقاك التصويرية التي نسمعها بين السطور والكلمات والحروف .. لتنقلنا بها لروح النص / روحك ..


كل الحب لك أستاذي صهيب .. لا تحرمنا شرف حضورك وحضورنا بك ..

دمت لنا ..

 

التوقيع

الحكمة تجربة وتأمل ..

نافع التيمان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 03:48 PM   #3
فهد حمود
( مصور فوتوغرافي )

افتراضي


الأخ صهيب نبهان..
:
أهلا وسهلا بك .
أعجبتني قراءاتك الثاقبة..
الرحلة معك ممتعة
ولك عظيم شكري

 

فهد حمود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 05:04 PM   #4
قايـد الحربي

مؤسس

عضو مجلس الإدارة

الصورة الرمزية قايـد الحربي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 45693

قايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعةقايـد الحربي لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


صهيب نبهان
ــــــــــــــ
* * *


شاعرٌ مثلك يعرف طريق الشعر و طرقه - أيضاً -
ويُجيد القبض على النبض فيه .

قراءةٌ تُقرّ الشعر فيما قُرئ وبمن قُرئ له
فشكراً لك عليها .

 

قايـد الحربي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 05:06 PM   #5
حنان محمد

كاتبة وإعلامية

مؤسس

افتراضي


الرائع إسما وحرفا

صهيب نبهان

حضرت فتوجه الحرف بحضورك

وأضأت العقل بفكرك ..

كما عهدناك تحضر فيحضر المطر ...

تحياتي

 

التوقيع

حنان محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 11:03 PM   #6
ظافر الهرمسي الهاجري
( شاعر وكاتب )

افتراضي


صهيب

أعجبتني تأملاتك بالنص

أبحرت معك للضفة الأخرى من الشعر

شكرا ً لك

أخوك

 

التوقيع

إعلامي : شاعر .. كاتب وقاص ومصور
تويتر alhajriz3@ // أنستغرام alhajriz3

ظافر الهرمسي الهاجري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2008, 12:48 AM   #7
أصيله المعمري

شاعرة و كاتبة

مؤسس

افتراضي


صهيب نبهان

هو وحده القادر على قراءة قصيدة كهذه
هكذا أعتقد
فـ هو شاعر يعرف ما تعزفه النوارس
ويتقن اصطياد الجمال
من ما يكتبون



شكراً صهيب
شكراً
كـ اسمك

 

التوقيع

لا يوجد شيء لـ عرضه

أصيله المعمري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2008, 05:20 PM   #8
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


منابر حرف ..
ومدارات فكر ..
وعي ينفذ عبر تيارت الإبداع ومدن النعناع..
قراءة تشرق برؤية في غاية الدقة والرقة ..
المبدع الممتع ...صهيب نبهان
شكرا لك وللوفاء الذي يسكنك..
تقديري ..

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:53 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.