-
(1)
أكتب و الوحدة تغمرني. أنا لا أكتب حقيقة و إنما أحاول أن أرفع صوتي حين أتحدث مع رأسي و داخل نفسي محاولة إزعاج الآخرين و إيذائهم قدر ما أستطيع. لا تتسرعوا و لا تدعوا تلك التمتمات تتسلل لصدوركم، أنا سيئة و أعلم ذلك جيداً؛ و لأنني سيئة أحاول إيذائكم معي، أحاول الإضرار بكم بقدر ما أستطيع، أحاول جر النار صوب أقدامكم لتلتهبوا معي و لنحترق سوية سويةً. أنا سيئة و لسوءٍ مني و لسوئي كذلك سأجعلكم تبكون علي و أنتم تضحكون.
هذه الوحدة لا تنفك عني، ليست كوحدتكم و لا تشبه أبداً الفراغ الذي تشعرون به. تتساءلون كيف علمت بذلك و كيف لي أن أتفوه بقولي هذا و أنا لا أعرفكم و لا أعلم عنكم شيئاً؛ لا تحاولوا تجاهل الأمر، أنا أعلم ذلك جيداً و أعرف كل واحد منكم و كيف يشعر و كيف يتقاسم ليلهُ و نهاره و نصف إنائِه مع وحدته، عفواً مع الوحدة. تلك الوحدة التي أبداً لا تشبه وحدتي، و أعي تماماً أن لا فخر في ذلك. لست أدعي الألوهية و لست شبيهةً بها، و بالرغم من ذلك يحق لكم أن تتساءلوا كيف أعلم بشأنكم و كيف علمت ذلك عنكم و ليس منكم و أنا لست منكم. لكن و أنتم تتساءلون لا تتوقفوا و لا تتريثوا قط، ابحروا و واصلوا التجديف في تساؤلاتكم هذه و تلك الحوارات التي تتعاظم الآن في رأسكم، حتماً ستجدون أنفسكم في وحدة و عزلة أخرى من جديد! نعم هذه هي، أتشعرون بها؟ أتشعرون باختلافها عن ما كنتم تشعرون به و ما اعتدتم على تصنعه فيما مضى، لا تعارضوا، أنتم اعتدتم على تصنعه، و أنا لا أتكهن بذلك. أعلم جيداً كيف تتصنعون تلك الوحدة التي أصبحت الآن كانت. تلك الوحدة التي أدرك تماماً من أي المواد تصنعونها قبل تصنُعها فيكم و قبل تصنعِكم بها تماماً.
بدأت العزلة تعتريكم أليس كذلك؟ تلك التي تشعرون بها و لأول مرة مذ وقت لا تذكرونه حتى، تلك العزلة التي لا تشبهكم و لا تقدرون على مجاراتها كذلك، و لن تتمكنوا كذلك من الانحلال عنها أيضاً.
ها قد بدأت تتلبسُكم و تعري صدوركم. ها قد غمرتكم و أنتم لا تعلمون كيف تسري و أين تسري. تلك العزلة التي لطالما كرهتموها. ها قد أتتكم تجتثي كل ما تمتلأ به صدوركم العارية. لا تحاولوا التخلص منها، لن تقتدروا على فعل ذلك. أأكد لكم هذا، حتماً ستُتمتمون بأني قد جننت، و لا أنكر أن هذا إحتمال وارد، قد أكون مجنونة، و قد أكون جننت و صرت مجنونة، لا تفرحوا، أنا لم أجن بعد. أنتم من لم تعودوا قادرين عن الشعور بما حولكم، أنتم من فقد الشعور بسبب العزلة التي اكتسحتكم دون أن تشعروا بها. أنتم تشعرون بها في حقيقة الأمر، و لكن في نفس الوقت لا تشعرون بها. لا تسألوا كيف هذا؟ ثم إني لن آذن لكم بالسؤال هذه المرة. أتعلمون لما لن أفعل؟ لأني ليس بجواركم و لست قريبة بما فيه الكفاية لأسمع سؤالكم هذا الذي تسألونني اياه. أنا لست أسمعكم بما فيه الكفاية، كذلك أنتم لستم تتحدثون بما فيه الكفاية، هذا الفراغ يفصلنا. هذا الفراغ يحجز بيننا. هذا الفراغ يأكلكم و يقضي عليكم. هذا الفراغ قد تخلص منكم رويداً رويداً.