الشعر الذي نريد!! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
شطحات وأمل (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 3414 - )           »          ....&& ندبات وجراح&&... (الكاتـب : زكريا عليو - مشاركات : 8 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75181 - )           »          روض الأبعاد ... (الكاتـب : ضوء خافت - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 74 - )           »          ( كان لا مكان ) (الكاتـب : ضوء خافت - مشاركات : 586 - )           »          العين (الكاتـب : عبدالإله المالك - آخر مشاركة : حمد الدوسري - مشاركات : 15 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 326 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8215 - )           »          مِن ميّ إلى جُبران ... (الكاتـب : نازك - مشاركات : 878 - )           »          الزمن بوّار (الكاتـب : عادل الدوسري - آخر مشاركة : عبدالإله المالك - مشاركات : 3 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-22-2006, 06:26 AM   #1
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

افتراضي الشعر الذي نريد!!


من الخطأ الفادح الذي يقع به بعض الناس , أنهم يسألون الشاعر : ماذا تقصد في هذا البيت ؟. أو من تعني في هذا الكلام ؟ . أو حاول أن تفسر لنا ما تقول ؟ . ومن العار....كل العار أن يجيب الشاعر على مثل هذه الأسئلة . فالشاعر الحقيقي المبدع عليه أن يقول وعلى الآخرين أن يفهموا ما يشاؤون بطريقتهم .
إننا لا نريد الغموض الشاذ الموغل بالسريالية , لكننا نريد شيئًا من الغموض الذي يخلق نوعًا من التوازن بين الشاعر والطرف الآخر , ولا نريد الشعر القائم على الغزل الساذج المليئ بالأوصاف الحسية التي تعفنت بسبب كثرة الاستعمال الوصفي , ولا نريد شعر المديح -.أي بعبارة أشمل - لا نريد الشعر الوثائقي , الذي يصف الأشياء من الخارج ويتعامل مع العالم من حيث " حدث في مثل هذا اليوم "...تواريخ وأرقام وأسماء وأوصاف ومواقع...و...و.....و. إننا نريد الشعر النفسي , الشعر الذي يتغلغل في أعماق النفس البشرية ....إننا نريد الشعر المتفجر الذي تتفجر منه المعاني والأخيلة الشعرية .
عرّف أحد النقاد الغربيين الشعر بأنه " فيض تلقائي لعواطف قوية " وهذا الكلام رغم كونه جميلا يعتبر ناقصًأ لأن العاطفة لا يمكن أن تعدّ هي المحرك الأساسي في العملية الشعرية , فالتأمل والقدرة على الخلق أمور لا تقل أهمية عن العاطفة , والشاعر المبدع هو ذلك الإنسان المتأمل الباحث عن المجهول لا الناقل للعواطف والمشاعر . يقول فهد عافت :

عجزن مرايته فيه اتشيه.
............. حاولت فيه ما قدرت تجيبه

فهذا الكلام لا نلمس فيه أي عاطفة , غير أن روعته تكمن في قدرة هذا الشاعر على الخلق والتأمل , وهنا أصبنا بالحيرة ونحن نبحر مع الشاعر بعيدًا عن أنفسنا والعالم المحيط بنا . وعندما أقف عند نص " كريستينا " للشاعر الجميل بدر صفوق أشعر بأن الجمال يتداعى من حولي كمطر بدر شاكر السياب , وحين يصل بي المطاف إلى هذا البيت الذي تلتقي به الأشياء مع الأشياء من اللا شيئ ينتابني الوجوم ..

كريستينا امتداد...وحس بالأشيا من اللا شي
............. طهر قلب النوايا وانسدال المسبل برمشه

" والاهتمام بالناس لايعني كتابة قصائد التعزية . للشعر وظيفة واحدة هي الدفاع عن إنسانية الإنسان في هذا العالم " كما يقول ماياكوفسكي. لذلك أصبحت كريستينا هي النهر والجدول والكنائس والمزار والفجر والطهر والمطر , أي بعبارة أوضح هي الإنسان الحق الواقف على الأرض المتعلق بأسباب السماء . عندما أقرأ أمثال هذه القصائد أجد لذة الشعر , وأن هناك من الشعراء من يستحقون منا الإعجاب والوقوف عند كتاباتهم


بين عنترة بن شداد العبسي وراكان ابن حثلين العجمي

يقول راكان ابن حثلين :

وا
خلّيَ اللي في محاجر عيونه
............. خيلِ مشاهيرِ تطارد بأهلها

مشهد سينمائي ممتد ، الصحراء تبدأ من المجهول وتنتهي في الأفق البعيد.... وكثبان الرمال هنا وهناك , وحبات الغبار تتطاير بشكل غوغائي .... والخيول الأصيلة " تطارد " بالفرسان الشجعان .... هكذا يرى الشاعر محبوبته , وهكذا يريد منها أن تكون .ولا أبالغ إذا قلت أن هذا البيت أفضل بكثير من بيت عنترة بن شداد العبسي عندما قال :

فودتُّ تقبيلَ السيوفِ لأنها
............. لَمَعَت كبارِقِ ثغرِكِ المتبسِّمِ

حيث وجد عنترة محبوبته في المعركة بينما وجد راكان المعركة في عيون محبوبته - أو بعبارة أخرى - بينما كانت الحرب مشتعلة كان عنترة يفكر في محبوبته , أما راكان كان يفكر في المعركةوهو في جوار محبوبته . وهكذا ..... نلمس أن عاطفة عنترة كعاشق كانت أفضل من عاطفة راكان , بينما أن رغبة راكان في المعركة أقوى من رغبة عنترة , لأن عنترة كان يحارب من أجل أن تراه عبلة أو يراها من جديد .أما راكان , فكان يمارس الحب من أجل أن يعود إلى المعركة , أو بمعنى أن عنترة كان يرى حياته مرتبطة بعبلة والجلوس معها , وأن الحرب ما هي إلا محاولة لحفظ التوازن العسكري بين القبائل , بينما كان يرى راكان أن حياته مرتبطة بالمعركة والعودة إلى مقارعة الفرسان , وأن الجلوس مع المحبوبة رغبة فطرية لبقاء الجنس البشري وحفظه من الزوال نعم... بيت راكان أفضل.....حقًّا .... إنه كذلك ....إن هناك قوة مغناطيسية تجذبني لبيت راكان ابن حثلين بشكل لا أستطيع مقاومته أو تفسيره , ومهما قلتُ عن هذا البيت أو حاولتُ أن أقول فإنني أجد نفسي لا أستطيع الوصول إلى أعماقه .

وقفة مع الشاعر المبدع / سعد الحريّص

الصداقة لا تقاس بعدد الأصدقاء.!!. والإبداع ليس له علاقة بالجمهور أو كثرة المصفقين !! والأشياء الجميلة دائمًا تبقى وراء الكواليس.!! يقول الشاعر المبدع / سعد الحريّص :

حبيبي لابكاني طاحت الدنيا سما وتراب
............. وحبيبي لا بكيته طاحت الدنيا من عيوني

في هذا البيت نفس شعري ممتد سيطر على الشاعر , وخرج منه إلى المتلقي , لهذا نستطعمه ونستلذّه حتى بعد أن نفرغ من قراءته .في هذا البيت تداخلت المشاهد بشكل فوضوي منظّم أو عشوائي مدروس . وهذا التضاد لا يعكس قصورًا لدى الشاعر , بل يدل على قدرته على التنوّع والابتكار للوصول إلى الجمال الأدبي الذي نطمح إليه . تلتقي هذه التضادات في بؤرة الحزن والشعور بالمأساة الإنسانية الكامنة بفقدان الحبيب , حيث يبدأ المشهد بتأمل الشاعر للمحبوبة التي تداخلت أمامها السماء بالأرض , إذ هبطت السماء إلى الأرض أو صعدت الأرض إلى السماء لتشكلان كتلة ركاميّة واحدة , وذلك عندما تبكي المحبوبة حبيبها / وهو الشاعر . وفي المشهد الثاني من نفس البيت , يبدأ الشاعر بتصوير مأساته بشكل مفجع وأكثر مأساوية , وذلك عندما تتلاشى أمامه الحقائق وتفقد الأشياء قيمتها , وينتهي كل شيئ إلى لا شيئ , ويقف على الخط الفاصل بين الإدراك والهذيان .في حقيقة الأمر أن الشاعر كان يبكي الحبيبة في كِلا الشطرين . وما تصويره لبكاء المحبوبة في الشطر الأول إلا محاولة منه لجلب انتباه القارئ لمعاناته , إذ أنه بدأ يتصور كيف ستبكيه محبوبته ثم أعلن كيف سيبكيها هو , ولهذا تقمّص نفسيّة المحبوبة في الشطر الأول وألبسها عواطفه الفيّاضة , وظل يتخيّل المشهد أمامه كما يريد ....!!!! في كِلا الشطرين صوّر لنا الشاعر المأساة الإنسانية بأبهى صورها وأسمى معانيها , عندما مزج الكل في واحد . وهذا .. , هو الشعر الذي نريد ....الذي ينتشلنا من دوامة الأوصاف الحسية إلى شطحات من التأمل والإبحار في أعماق النفسية الإنسانية بحثًا عن منابع الجمال والإبداع......!!!!
وفي الختام لا أملك إلا توجيه قبلة حارة وصادقة من القلب إلى الشاعر المبدع / سعد الحريّص الذي انتشلني من نفسي , وأعادني إليها..... ومنحني فرصة الكتابة من جديد....!!!!!

وقفة مع فهد المساعد

الشعر ديوان العرب " مقولة رددها المواطن العربي جيلاً بعد جيل , حتى حفظناها , وصارت من الأشياء التي يصعب التشكيك في صلاحيتها . يقول فهد المساعد :

جا يشوف الحال كيفه بعد ما هزّه حـنـينه
............. وقبل يسألني سألته : كيف حالك يالحبيب
قال : أنا كني غريبٍ ضيّع دروب المدينه
............. قلت : أنا كني مدينة تنتظر رجعة غريب

عندما سمعت هذين البيتين لأول وهلة صرخت , ووضعت كلتا يديّ على وجهي......لا أدري لماذا ؟؟ !ّ!إنني لم أمارس هذا السلوك الغريب إلا هذه المرّة . نعم...إن الكلمات الرائعة هي التي كسرت لديّ البراويز الإجتماعية , وجعلتني أخرج من " طوري " وأنا أردد قول إبراهيم ناجي : (في ذمة الشيطان فلسفتي ورزانتي ووقار تفكيري)لا أستطيع أن أقول عنها إلا أنها رائعة...والروعة لم تأتِ من فراغ , بل جاءت بسبب قدرة هذا الشاعر المبدع على التلاعب بالمفردات الشعرية واللغوية لديه .القصيدة الرائعة هي التي تكون قادرة على مزج الخيال بالواقع , فمتى ما طغى الخيال على الواقع أصبحت القصيدة مائية تافهة , ومتى طغى الواقع على الخيال صار الكلام ساذجاً وسخيفاً .....وفهد المساعد يقف هنا على الحد الفاصل بين الخيال والواقع , دون أن يسيطر عليه أيّاً منهما . فمن الطبيعي أن المشتاق هو من يبادر بالسؤال عن محبوبه , غير أن " كاميرا " الشاعر المفعمة التقطت صورة أخرى للحنين , انفجر عندما رأى المحبوبة . حيث تصادمت الأشياء , وتقابلت التضادات...حنين خارجي سيطر على المحبوبة , وجعلها تبحث عن الشاعر . وحنين داخلي مكبوت في وجدان الشاعر انفجر ولم يمنحها متعة بداية الحديث . لكن المشهد لم يقف عند هذا الحد... بل انتهى إلى لقاء من نوع آخر... والأشياء المتباعدة لا تلتقي إلا عند حدوث الأزمات لتبدأ تتشكل من جديد لقاء أقرب ما يكون بين قطبين....أو جبلين...... والجبال لا تلتقي إلا عند حدوث الزلازل في محاولة لرسم خريطة جغرافية للمنطقة....الأول : غريب عاشق يبحث عن مدينة تائهة , والآخر : مدينة تنتظر الحياة والحب .هكذا يبدو لنا الشاعر....وهكذا نريد منه أن يكون....

 


التعديل الأخير تم بواسطة محمد مهاوش الظفيري ; 10-22-2006 الساعة 06:29 AM.

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لقائي مع الشاعر / بركات الشمري علياء حسن أبعاد الإعلام 6 01-15-2015 09:49 PM
الشعر العربي أريـــام أبعاد الشعر الفصيح 15 03-27-2008 10:26 AM
الشعر القادم من (عُمان) . . أصيله المعمري أبعاد النقد 31 01-13-2008 02:54 PM
الشعر الحر ... هل هو حـُر فعلا !! / 1 مناحي الحصان أبعاد النقد 6 10-17-2007 10:44 AM
أمْرنة الشعر ... أو الشعراء الأمراء محمد مهاوش الظفيري أبعاد المقال 20 10-15-2007 08:41 AM


الساعة الآن 03:03 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.