قلمٌ غاضب

[زكريا عليو]

/// قلم ٌ غاضب ٌ ///
صه يا قلمي
ﻻ وقت لنكتب ملحمةً
فيها وطنٌ أخضرْ
وطنٌ يستوعب كلّ جراحك وجراحي
فحروفي غاضبةٌ
ومدادك مثل دمي أحمرُ
أحمرُ… ..أحمرْ
كالمرجل يغلي يزفرُ
يهدرُ ..…
يصفرُ……
يزأرْ… .
وكلانا يهرب من صور ٍ فيها
طفلٌ يبكي… . يسألُ دميته الثكلى
من باع حصان أبي
من لي يغضبُ.....من لي يثأر
من يسحبُ من خاصرة البوحِ الخنجرْ
قمرٌ يخبو
خوفا من ليل عن أنياب الظلمة كشّرْ
فجرٌ يجري
خلف الغيم الأصفرْ
غيمٍ فوق تلال الخيبة أمطرْ
ألماً أمطرْ....
غضباً* أمطَرْ
نهرٌ سُلبتْ منه عيون الوادي
سكت الشلالُ… .وغاض الماءُ
لصوص البسمة قد لبسوا ثوب الإسفنجةِ
والصفصافة نار الحيرة تنشبُ فيها مخلبَها
وهي الواقفة الآن على ساق واحدةٍ وبظلٍ أبترْ
بحر يسمع شكوى الموجة..راحتْ تهذي
سرق الحوت الخبز الأبيض والخبز الأسمرْ
بلع اليابس…. …بلع الأخضر
صه يا قلمي
آذان الجدران مشنِّفةٌ
كلماتي أكبر من فمنا
وسياط الصمت تطاردنا
عُثٌّ يقضم* رأس الفكرة
سوسٌ شرهٌ* لغدٍ يحبو*
سيمزّق مهد النور ويصحو
الكلّ الكلّ يلاحقنا
لالا تجزعْ… ياقلمي
صه ياقلمي
كيلا تُجلدَ.....كيلا تُصلبَ
كيلا تُكسرْ

… .. ////// … . //////…… .

اسمع اسمع ياقلمي
هذي ( جلّق ) قد قذفوها بلسان البهتان الأشدقْ
إفكاً قالوا حملتْ بالأنوار سفاحاً
سيقام عليها الحدُّ.. سترجم حتى تُجهضَ
والجثة بعد الموت ستشنقُ
كالدمعة فوق الجفن الغافي ستعلّقْ
صهْ ياقلمي
كيلا تُقذف.. كيلا ترجمَ
كيلا تُشنقْ

.....////… ./////… .

مهلاً مهلاً ياقلمي
يبدو أنك لن تبهجهم إلا بسقوطك في العدم
لا لا تجزع ياقلمي
ﻻ لا* تصمت..لا تظهرْ شيئاً من ندمِ
كن حوراً صلباً لا يركع
لا يحني الهامة مهما عوتِ الريح وهاجتْ
لا تهرب من قدرٍ مظلمْ
اغضب اصرُخ* زمجرْ
واتفلْ* آلامك في وجه المجرمْ
قطّع سوط الجلادين بأنيابك
أنت منارة كلّ أبيٍّ
أنت النجمة.. أنت الملهمْ
كن روحاً..تزرع نبض الهمّة في الإنسان وفي الأحلام وفي الأشياءْ
كن قمراً يملأ هذا الليل ضياءْ

.… /////… ../////… .

بال الأشرار على جلباب الحرّهْ
طعنوا حلمي الأخضر في عينيها
شربوا خمر البسمة في شفتيها
تركوها نهباً لوحوش الأيام المرّهْ
ورمَوا نصفي المشلول هناك
بلا ورق للرسم
بلا ألوانْ
كيف سأرسم وجه بلادٍ غرقت في دمع الأحزانْ
كيف سأرسم عصفور الفجر يقاوم زوبعة النسيانْ
وأنا طفلٌ في المطمورة يجمع قطرات الغيث و لمع البرق وقصفَ الرعدِ
طفلٌ راح يهلوس بعد الخيبة:
كان أبي من باع حصانك ياجدّي

....../////… ..//////… ..

كبر الطفل وفي يده القلم القدسيُّ يزمجرْ
قلمٌ راح يُبرعم آمالاً لا بدَّ ستزهرْ
إن القلم الخائف صار كذلك مذ حملته يد الجبناءْ
أمّا العاصف يشمخ مثل الرمح وقد حملته يد الشرفاء من الأدباءِ..من الشعراءِ..من الحكماءْ
لن نصمت أبداً ياقلمي
لن نركع يوماً للطغيانِ
فمهما كان يظلُّ الصمت لنا موتاً
ولذا أهلاً بالموت إذا ما جاء سيسمعنا
للحبِّ نغني
نعصفُ..نصرخُ..ونزمجرْ
… ../////…… ////……
بقلم : زكريا أحمد عليو
سوريا - اللاذقية
٢٠٢١/٤/٢١