في كل صلاة فجر أجدهُ في الصف الأمامي أمّا ساجداً سجدة طويلة
أو أنه مقترب من أحد الذين يرفعون الصوت بتلاوة القرآن
أرى منهُ محاولة جادة لفهم ما يسمع من القارئ ولكن هنالك وضوح
بإنه لا يعي كل ما يسمع ولكنه مجتهد
الباين أنه سريع البديهة 0 لا أسترق إليه النظر
إلا وتصفعني عينيه بنظرة كأنها متوثبة مع انها لم تكن كذلك
بل بها بريق كأنه يستشرفني 0
فرجار الزمن جالت أخاديده على سحنتة 0
ثلاثة أشهر ونحن على هذا الحال 0
اعتدنا على بعض مع إن الصمت سيد الموقف 0
احببته لا أعلم لِمَ أو بالأحرى اعتدت عليه
لا أدخل من باب المسجد إلا وكأني أحمل وصيّة من أحدهم بأن أستطلع وجوده في المسجد
لقد شكّلت عيناي مفرزة للبحث عنهُ بين المصلين كل ما ادخل المسجد
ولا تجد عنا في العثور عليه فهو دائما حاضر 0
ولم يحدث أنني دخلت إلى المسجد ولم تستبقني عيناه لعدة ثوان ثم ترجع لما كانت عليه من حال 0
حاولت جاهدا أو قل عابثا بإن أكُن صاحب اللأولوية عليه في المسجد دون من سواه ولكن لم تنجح المحاولة الأولى 0
كررت المحاولة ؛ لكسب الجولة لوّ يوماً واحد لإثبت لنفسي بأنه ليس أفضل مني
ولكن هيهات كأني من طلب عنب الشام وهو في سراة عبيدة
فالرجل يدخل المسجد قبل الأذان بساعة كأنه يعلم بأن هذه الساعة هي ألذ الممات لدي 0
استسلمت للواقع ؛ " هذه من بركات سايكس بيكو " بأني لست كفو لمجاراة أحد 0
حتى أتى ذلك الصباح الذي دخلت فيه للمسجد وكالعادة بحثت عنه المفرزة ولم تجده بين المصلين 0
لم تتلقفني عينيه كالمعتاد لعدة ثوان !!! 0
سولت لي نفسي ؛ أخيرّا كسرت القاعدة العربية وَكنت اليوم أنا السبّاق انتابتني نشوة النصر وأحساس بأني قد قدمت شيء للأمة العربية 0
يا ترى بماذا ستكأفئني الأمة به ؟ 0
كان بودي بأن السيدان "مارك سايكس" و " جورج بيكو " لم يزالا على قيد الحياة
لإيروا بأن ماقدموه لأمتيهم من مجد لمدة عشرة عقود قد بداء العد العكسي لنهايته على يد أحد غنايمهم في ثلاثة أشهر فقط 0
لقد ولد فتى أحيا في أمة الغنائم مايعرف بزمام المبادرة 0
مرّت ثلاثة أيام وصاحبي لم يبزغ له فجر ولا حتى عشي !
لا أفرغ من الصلاة إلا وتجول المفرزة في سحنات المصلين كأنها تسأل كل مصلٍ على حده عن من كان هنا ولم يعد ! 0
ولكن مثل ماهي لا تعود المفرزة بأية جواب 0 عدت ثلاثة الأيام والحال هو الحال 0
حتى وجدته في اليوم الرابع ! على قارعة الطريق الخارج من الحي الذي أقطنه إلى وسط المدينة 0
وجدت قدمي تتكي على مكابح سرعة السيارة وأقف بجانبه 0
كان رجلٍ غريب حقا لم يفعل مثل ما يفعلون هؤلائك
الذين لا يقلل أحدنا من سرعة سيارته إلاّ ويكن أحدهم قد أحتل أحد المقاعد دون أذن من صاحب السيارة !
طلبت منه بأن يفتح الباب ويرتقي على المرتبة التي بجواري فعل الرجل بكل هدوء
حَضَنت كفي كفه وكأنها رسول يحمل الكثير من الأسئلة !
بادرته بالتحية ورد علي بالسلام
اتضح لي بأنه لا يجيد التحدث بالعربية !
حوّلت الحديث إلى لغة العم سام وجدت حاله ليس بأحسن من حالي يحفظ بعض الكلمات وربما انني أقل منه
حتى في هذه سوف يتفوق علي وأنا من ربايب "سايكس بيكو" ماهاذا !
أحمل معي العديد من الأسئلة لا أعلم سر كل هذا الأهتمام بحال هذا الرجل ؟
أخرج من محفظة قديمة في يده بطاقة صغيرة تدل على أنها تابعة لأحد مكاتب "الأستقدام " وما أدراك ما مكاتب الأستقدام !!!
قال لي أريد الوصول إلى هذا المكتب ولا أعرف كيف الوصول 0
لم يكن خافي علي موقع المكتب واصلت السير حتى وصلنا إلى ذلك المقصب / المكتب
وجدت نفسي أترجل معه من السيارة وأدخل المكتب أستقبلنا أحد الرعايا العرب النجباء في حضيرة العمام "سايكس و بيكو"
لم تمهلني السلاسل التي تطوق عنقه وذلك الشعر المنسدل على كتفيه بربطة شعر لم أكن أعرفها إلا في ظفاير الطالبات الصغيرات
بأن أحدد شخصيته هل هو ذكر أم أنثى !
اتضحت لي شخصيته بعد ما عرّفني على اسمه (عمر) وما أدراك ما " عمر"
سألت الرجل المتسلسل ماذا تريدون من هذا الرجل ؟
- لا نريد منه شيء من استقدمه هو من قام بإرجاعه لنا 0
- لِمَ ؟
- دعني أتصل به وأستوضح منه الأمر 0
- لك ذلك
بعد الأتصال مع من كان استقدمه من ثلاثة أشهر
اتضح بأن الكفيل لم تعجبه سحنة الرجل فهو رجل في العقد الخامس لم يتبقى في قمة رأسه من الشعر إلاّ ما يُنحسب على أصابع اليد الواحدة
كثّ اللحية مع أنها لم تكن طويلة ؛ تعادل بها النور والظلام
حتى أنه لم يكن منسَق في أختيار ملابسه القميص رمادي والسروال بني
حسب الظاهر بأنه لا يعلم شيء عن العم/ة جياني فرساتشي ولا عن دوّر الموضة
رجل متخلف لا يعلم شيء عن الموضة لا يمتلك اظافر طويلة مثل المتسلسل عمر
كيف تقبله أسرة عالية الذوق بأن يكون سائق لها في هذا المجتمع المخملي أمر محال 0لا يقبله أي متنوّر 0
هذا رجل أحلامه بسيطة كل ما يحلم به -عمل ومرتب يصرفه على عائلته-
التي باعت كل ماتمتلك وأمضت على كمبيالات ديَن تسدد من مرتبه بعد ما يعمل في تلك الدولة التي كانت حلمه وحلم أبناء جلدته
ومن غير ذلك موقف حركة "نمور تاميل إلام" من المسلمين الذين يذهبون إلى العمل في الخليج ومطالبتهم عوائل كل من له قريب يعمل في الخليج
بأن يقاسمونهم ما يكسبون من مصروف وإلاّ معروفة ردة فعل "التاميل" من خطف النساء المسلمات وقتل الرجال وإحراق العرايش التي تسمى بيوت مجازا
فالذلك أصبحت هي الحلم
ولِمَ لا تكن الحلم ؟ وشعبها من سلالة من تلقفوا أخوتهم المهاجرين وتأخوا معهم وقاسموهم كل شيء
من كان هؤلائك اسلافه فابتأكيد أنه لن يفرّط في ذلك المجد ولن يتوانا عن نصرة أخوته في العقيدة 0
فصاحبنا وأخوته الذين خلفه ليس عندهم شك في كرم هؤلاء القوم الذين من سلالة الكِرام
فهم أخوة لهم في العقيدة 0 وهؤلاء القوم قام مجدهم على هذه العقيدة فلن يفرّطوا بذلك المجد التليد
اضغاث أحلام !0 وجهلٍ بواقع 0
ماهي إلا دقايق واوصل صاحب المكتب 0
كل ما دار بيني وبين المتسلسل عمر وكفيل صاحبي في الهاتف لا يعلم صاحبي عنه شيء
ببساطه لأنه لايفهم ما نقول
بعد وصول صاحب المكتب فاتحته في أمر صاحبي تضجر وجهه من تدخلي في الأمر
واطلب المترجم 0
انتظرنا المترجم وبعد قدومه أخبره صاحب المكتب بأن يدفع المتبقي عليه وهو خمس مائة دولار أمريكي
حتى يحجزون له على أول طائرة إلى بلاده 0
كانت صدمة لصاحبي لم يتمالك نفسه فأطلق لأحداقه فايض الألم والحسره 0
فكانت صدمة لي لم أتوقعها بهذا الحد فخرجت إلى سيارتي واواريت أحداقي خلف نظارة شمسية وشاركت صاحبي مابه
بعد دقايق تمالكت نفسي ودخلت إلى المكتب مرّة أخرى وصاحبي لم يزل منزوي في أحد زوايا المكتب الكبير حاضنٍ وجهه بكفيه
رأيت الضيق في وجه صاحب المكتب وذلك المتسلسل من دخولي مرّة أخرى 0
طلبت من المترجم إن يهدّي من صاحبي ويشرح لي وضعه 0
بعد محاولات من المترجم معه أتضح لنا ماهو به من مأزق فهو قد دفع للمكتب التابع لصاحب هذا المكتب في بلده
الفان وثلاث مائة دولار جلبها من بيع كل ما تمتلك عائلته مع ما جمعوه من سلفات داينة لهم وإلا فأنهم سوف يفقدون العريش الذي يستظلون به
ولا يمتلك الأن أي شيء من المال وصاحب المكتب لم يزل يطالبه بخمس مائة دولار ايضا
ومن غير ذلك الكفيل مصرّ على سفره
طلبت من المتسلسل هاتف كفيل صاحبي رفض حاولت مع صاحب المكتب وكذلك رفض
طلبت من المترجم بأن يسأله هل يمتلك هاتف كفيله ؟
اخرج ورقة صغيرة وقدمها للمترجم بعد ما أخذتها من المترجم نهره صاحب المكتب لِمَ قام بهذا الفعل وأعطاني رقم هاتف الرجل ؟
اسقط في يد المترجم طلب مني الورقة ولكني رفضت
خرجت إلى السيارة وأتصلت على الهاتف رد علي الرجل فاتحته في أمر مكفوله المسكين
وأوضحت له أحوال هذا المسلم لم يرد علي الرجل حتى انتهيت من ما أقوله
وجانئ الرد كا الصاعقة كان الجواب -هل تظن بأنني جمعية خيرية -
قلت وهل تحرم نفسك من الخير لصالح الجمعيات الخيرية ؟
قال رجاء لا تتصل على هذا الهاتف مرّة أخرى وأنا سوف آسفّر الرجل لأني أحتاج ورقة الأستقدام التي سوف أسترجعها بعد تسفيره
قلت يا أخي صاحب المكتب يطالبه بخمس مائة دولار
وهو لا يمتلك دولار واحدا قال ليس له عندي إلا ثلاثة رواتب هي مستحقات الثلاثة أشهر سوف أسلّمها للمكتب
رجعت لصاحب المكتب وطلبت منه مهلة في تسفيره لعلي أجد له من يحتاج سائق فو يحمل رخصة قيادة حافلات نقل من عشرين سنة
وقد فصل من شركة النقل التي كان يعمل بها من أربع سنوات بعد آلت ملكية الشركة إلى رجل هندوسي قام بفصل كل من في الشركة من مسلم
ولكن صاحب المكتب قطب جبينه وقال سوف أحمّلك المسؤولية لوّ هرب هذا العامل قبل تسفيره وسوف أبلّغ عنك في المركز بأنك تغري اليد العاملة على التسيب
فرجاء أبتعد عن هذا الأمر وإلاّ سوف أتصل بالأمن لم أجد ما أرد به على هذا الزنيم 0 فملت على صاحبي وصافحته وهو يداري وجهه عني
واخرجت
آخر المشاركات
04-24-2008, 11:32 AM
العرض العادي
