وماذا لو كنّا التقينا في نفسِ الأزمِنة ؟
هل كنّا سنتبادلُ الفَقد ؟ أم كنّا سَنرزَحُ تحتَ قيدِ المحبَّةِ الإجباريّةِ الّذي يُطوّقُ عنقَ تفكيرنا بالحريّة ؟
هناكَ شيءٌ واحدٌ سيُجبرنا على الاستمرارِ في الحُبّ ,
وهو تلك النّزعة المتطرّفة في داخلنا للوصولِ إلى الشّمس , حتّى لو كان الثّمنُ رائحةَ جلودِنا المُحترقةِ أمامَ جبروتِ ضِياءِها !
وهناكَ شيئانِ سيجعلانِنا نمشي بمحاذاةِ حائطِ التّردد خِشيَةَ أن تنهدِمَ أعمدةُ النّور المُسندة إليه ,
هذا الشّيئان هُما الخوف من أن نُضاف إلى قائمةِ الأحرارِ السّوداء , و نظرةُ ذاكَ العصفور السّجين داخلَ حُنجرة !
وهناكَ ثلاثةُ أشياءٍ ستحذو بنا حذوَ زوربا , لنرقصَ ألماً و نضربَ بأرواحِنا الأرض علّها تتحطّم فتفقدَ الاحساس بالغربة ,
لذّة الغياب , ورداءُ بائعة الكبريت الممزّق , و ايمانُنا بحتميّة الفراق .
وثمّة أربعةُ أشياءٍ تُجبرنا على التّيبّس كلّما فُتحت بوابّة العبور أمام أحدنا إلى زمنِ الآخر ,
هاجسُ الوطن , والقمعُ السّري , وباكورةُ القمحِ في بيادرِ الرّحيل و عُقدة اللون الأسود .
وثمّة خمسة أشياء تجعلنا نتجاهل ضعفنا الواردَ أعلاه لنركضَ خلفَ لهفتنا المَسروقة ولا نعودَ إلّا بها حتّى لو برفقة أكياسٍ من الحبال الصّوتية المقطوعة ,
الجراح الّتي لا تَندمل , والأطفالُ المصلوبينَ على أعمدةِ الفرح , وأحلامُنا المدهوسَة , و كآبةُ اللّون الابيض المُفرطِ في النّقاء , وجواز سفرنا المزوّر .
فإذا كان ذلك كافياً ليكشفَ لنا ذاك السرَّ الغامض المتعلق في عيني شوقنا المُحتضَرِ كلّ لقاء ,
فقد نمارسُ تبادلَ الأدوار , فيحلّ أحدنا مكانَ الآخر , ليجرّب وصفتَه السّرية للألم .
وإن لم يَكن كافياً فما علينا سوى الاعلان عن مَوتِنا كوظيفةٍ شاغرةٍ قد يملأها أحدٌ ما بعد رحيلنا الحقيقي الممهورِ بختمِ الضّوء .