إنه ( الغـلام القتيل ) طـرفة بن العبد البكري
هذا الشاعـر الذي تعجبني أشعاره .. و كثيراً ما أغوص في أعماق تعابيره ..
أشعـاره ممتعة بجمال تصويرها ... و صدق تمثيلها ..
ناهيك عن الحكمة التي تنطق لنا بها /
الخير خيرٌ و إن طال الزمان به**و الشر أخبث ما أوعيت من زادِ
له أبيات خالدة تُحسن تصوير الواقع و تـلامس أنامل الوجدان ..
لم يكن مجرد شاب قال الشعر في سن صغير ... و صمد ينشده حتى عُلق
على خشب الصلـب و المنية تلتف حول عنقه ...
بل أن طرفة بن العبد ... نموذج فريد لتجربة حيايتة عميقــــة ..
اشتهر بمعلقتـه التي تعتبر ثاني معلقات الجاهلية أهمية
و التي يقول في مطلعهــــــــــا /
لخولة أطلال ببرقة ثمهـدِ**تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليـدِ
ولد طـرفة بن العبد من أب بكري و أم غير بكرية لذا فقد عانى الأمرّين بعد وفاة
والــده و هو في سن صغير من أقاربه..
اسمه الحقيقي عمرو لقب بطـرفة لبيت قاله و هو /
لا تعجلا بالبكاء اليوم مُطرفاً ** و لا أميريكما بالدار إذا وقفـا ..
و قيل نسبة إلى شجرة الطرفاء و هو الأثل .. و الله أعلم
هـذا الشاعر الفتي الذي صور نفسه في معلقته بصورة الشاب
المظلوم من أهله .... الذي ثمل من هموم الحياة و منغصاتها
ومرات أخرى نجده في صورة الشاب المُقبل على الحياة يرتشف منها بكل حرية
و كأنه مع العمر في سباق فأحب أن يستغل كل دقيقة فيه ..
عانى كثيراً من ظلم أقاربه و في ذلك يقول/
و ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً ** على المرء من وقع الحسـام المهندِ ..
كذلك تألم كثيراً من تخلي رفاقه عنه /
كل خليلٌ كنت خاللته **لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغُ من ثعلبٍ **ما أشبه الليلة بالبارحــة..!
في لحظة طيش و عجرفه هجا عمرو بن هند ملك الحيرة و أخاه قابوساً فوصل
إليهما الهجاء فأضمـرا له الشر حتى كانت نهايته على يديهمـا ...
ومن تلك الأبيات قوله فيهما /
فليت لنا مكان الملك عمروٍ ** رغوثاً حول قبتنا تخــــــــور
المعنى ( إن وجود عمرو بن هند لا نفع له لمن حوله .. و أفضل منه وجود
نعجة مرضع تُعطي بسخاء و تدعو إليها المستفيدين منها )
طرفة بن العبد أرى أن شعره الذي جنى عليه لتتخطفه أنامل الموت
وهو ابن ست وعشرين سنة كما قالت أخته /
عددنا له ستاً و عشرين حجةً ** فلما توافاها استوى سيداً ضخما
حتى في آخر لحظاته كان لا يزال إعتداده بنفسه باقٍ ..هاهو يقول قبل صلبه /
من مُبلغٌ أحياء بكر بن وائلٍ ** بأن ابن عبد راكبٌ غير راجلِ
بل نكاد نجزم أن غرور طرفة بن العبد و شاعريته الفذّة التي لن تتكرر
في منهم مثل سنه آنذاكـ سبباً بعد إرادة الله أن تقضي عليــــه
لنقول ( هذا ماجناه عليه شعــــــــــره )..
.
.
رؤية متواضعة مني لهذا الشاعر الجاهلي / طرفة بن العبــد ..
/
/
و تقبلوا تحياتي .