"قَمَرٌ حينَ رامَ أَنْ يَتَجَلى
سارَ فيهِ المُحَاقُ قَبْلَ الطُلُوعِ
فلذةٌ مِنْ صَميمِ قَلْبي وجُزْءٌ
مِنْ فُؤادي وقِطْعَةٌ مِنْ ضُلُوعي
إِنْ تَكُنْ في التُرابِ خَيْرَ ضَجيعٍ
كُنْتَ لي في المَعَادِ خَيْرَ شَفيع"
حين نظم ديك الجن الحمصي هذه الابيات لم يكن يتوقع ان الانسان يوما ما سيسير على سطح القمر ويقصفه بالصواريخ من اجل استكشاف تربته, وعندما غنت فايزة احمد
" يما القمر على الباب", لم تدرك انها اوقفت ارضا غنية بالمعادن والثلوج على باب بيتها, فهل سيغير الشعراء العرب, وغير العرب, نظرتهم الى القمر, ولن يشبهوا حبيباتهم بالقمر بعد الان?
فقد اعلن علماء اميركيون امس ان صاروخا اطلق للانفجار على سطح القمر العام الماضي أخرج من باطن تربته مئات كيلوغرامات الفضة والزئبق والثلوج والمياه بالاضافة الى الهيدروجين, ومواد اخرى تبعث على الدهشة. ويبدو ان تربة القمر اكثر تعقيدا مما كان يعرف في السابق لانها تحتوي على مواد مفيدة في الكثير من الصناعات.
كانت ادارة الطيران والفضاء الاميركية (ناسا) اطلقت الصاروخ المذكور الى فوهة "كابيوس" وهي فوهة في منطقة مظلمة على الدوام بالقرب من القطب الجنوبي للقمر في اكتوبر العام الماضي لمعرفة الى ماذا سيؤدي اليه انفجار الصاروخ. وقد أظهرت تقاريرعدة نشرت في مجلة "ساينس" العلمية بعض النتائج المدهشة, ومن بينها اكتشاف كمية كبيرة من المياه المثلجة, وأول اكسيد الكربون وغاز الامونيا والمعدنين الفضيين.
وقال أستاذ جيولوجيا الكواكب في جامعة "براون" في رود ايلاند بيتر شولتز في بيان :" هذا المكان( اي القمر) يبدو مثل كنز من العناصر والمركبات التي توزعت في جميع انحاء الكوكب ووضعت في هذا الوعاء في المنطقة المظلمة".وكانت التحاليل التي اجريت كشفت عن ان القمر ناشط كيماويا ولديه دورة مائية.
وخلال المهمة ارسل الصاروخ الى الفوهة المظلمة والمتجمدة ليرتطم بالسطح وعملت اجهزة في قمر اصطناعي للمراقبة على قياس اطياف الضوء في الغبار المتصاعد. وتشير تقديرات انطوني كولابريت وزملائه في مركز "ايميز" للابحاث التابع ل¯"ناسا" في موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا الى ان 5.6 في المئة من الكتلة الاجمالية داخل الفوهة كابيوس مياه متجمدة. وقال الفريق في تقديراته ان ارتطام الصاروخ بسطح القمر أحدث حفرة قطرها بين 25 و30 مترا وادى الى تناثر ما بين اربعة الاف وستة الاف كيلوغرام من الحطام والغبار والبخار. واعلن الباحثون ان الفضة ربما تكون مجرد جزيئات صغيرة وليست في شكل يمكن تعدينه أما الزئبق فكان مفاجأة غير سارة لوجود الكثير منه. وقال كورت رذرفورد من معهد ابحاث "ساوث ويست" في سان انطونيو بولاية تكساس :" ان سميته (يعني الزئبق) قد تمثل تحديا للاستكشاف البشري".