الأستاذة بثينة :
سأقول ..
حسناً ...
صار هنا لدينا نموذجاً واقعياً يعبر عن مدرسة جمالية التلقي ..وربما يعرج بنا قليلاً صوب فكرة موت المؤلف ..
فقبل تصويب ما تم اعتباره أخطاء ..لم أكن أرى أية أخطاء في الكتابة .. ولكن أنا أعتبر أن تصويبك هذا حقٌ
من حقوق المؤلف ..ولكن من ناحية أخرى ليس لأحد الحق أن يوجه قراءتي كمتلقي ..
ولقد رأيت في النص أموراً مهمة تستحق المتابعة والثناء .. وهذا ما حدث قبل التصويب فعلاً ..
كيف ذلك ...؟ لنتابع ..
أما عن جنحاً بضم الجيم وتسكين النون .. فلها دلالة أكبر بكثير من التصويب نحو جنحة ..
فإذا كانت جنحة كما أردت ..فهنا سيكون لدينا رتابة ومعادلة منطقية ..وارتباط خالي من الدهشة
((هل سيكون جُنْحةً الهروب من الأمل ؟! ))
كلمة هروب ..ترتبط بالإثم منطقياً ..فمن أثِم وخشي العقاب سيهرب ..وبالتالي هنا قطر دائرة الدلالة للنسق قطرٌ ضيق ..
ولكن لو قلنا ((هل سيكون جُنْحًا الهروب من الأمل ؟! )) هنا معنى كلمة جنحاً أي تحت جناح الليل
يقول الشريف الرضي :
بأبي زائراً أتاني جُنحاً ... لاوداداً منه فعنى ومنى
لم ينلني شيئاً وعند رقادي أنه جاءني فأغنى وأقنى
((هل سيكون جُنْحًا الهروب من الأمل ..))
وبالتالي سنكون أعطينا للنسق أبعاد دلالية واسعة لإرتباطه زمانياً بالأمل كيف ذلك ؟
الأمل غالباً مرتبط بالفجر دلالياً ..والليل محطةٌ لانتظار الفجر ..فهل سنغادر قبل أن يصل /يطل
الفجر /الأمل ..فالمغادرة وأنت في محطة الانتظار ترتقب الأمل ..هو قمة اليأس ..وهو ما يعيدنا إلى النسق الأول ((" لا يأس معالحياة " ..، ))
التصويب الثاني :
و لهذا لم يستطع الأشقياء أخذه ..
أرى كمتلقي صار النص ملكيته ..كمايلي ..وهو في الواقع هو الذي رأيته من القراءة الأولى
المقطع في النص كما يلي :
أعلم .. ،
أنني خبأتُ بعض الجواهر في قلبي ..
أثناء هذه الرحلة التي تضطرني للمرور بالكثير من السخافة ؛ كي لا أنسى قيمة ما أملك ..!
و بالرغم من أن الكثير منها سُرِق ..
و تعرضت للعديد من الطعنات خلال هذا النهب ..
إلا أن بعضها ما يزال بحوزتي ..
ملتصقا بجدار روحي ..
ولهذا لم يستطع الأشقياء أخذه ..
أنا قرأت الضمير بانه يعود على القلب ... وما أكد لي ذلك هو النسق التالي مباشرةً :
ربما .. ، هذا هو المهم حقا! .......
وهل أهم من القلب !
سننظر إلى الترابط :
أعلم .. ،
أنني خبأتُ بعض الجواهر في قلبي ..
ولهذا لم يستطع الأشقياء أخذه ..
بالمحافظة على الجواهر ..تم الحفاظ على القلب ..فالقلب الفارغ من جواهر القيم والأخلاق ..حتماً ليس بذي قيمة نحرص عليها ..وبالتالي كأني بالكاتبة تقول ..إذا أردت أن لا تفقد قلبك ..فاحتفظ في داخله بجواهر القيم ..والمبادئ ..
ولو أعدنا الضمير على الجواهر لحصل لدينا نسق مفتوح آخر ..يحدد القطر الدلالي .. ويقننه ويجعله قاراً
وبعوده على القلب ..سنحصل على ترابط دلالي ..يحتاج إلى مساحة من البياض أكبر ..
أما عن التصويب الأخير ..
و إذا حذفنا الخطا!
سنلاحظ كيف يفعل الشعر المنثور فعله الساحر ..ومعتمدا على الموسيقى الداخلية ..
المقطع كما يلي :
يتسرب هذان الاثنان من بعضهما في تآلف عجيب ..
ألم / الأمل .. !
و إذا حذفنا الخطا قد تتشقلب الكثير من المعاني .. !
هنا الخطا جمع خطوة ..ولو أبقينا على و إذا حذفنا الخط!
..فهنا ستكون قمة الركودة ..ورتابة ..ومباشرة وليس ذلك بحاجة لشرح ..
ولكن لو أبقينا على كلمة خطا كجمع لخطوة ..نلاحظ مايلي ..:
يتسرب هذان الاثنان ..التسرب هو تداخل الحروف مع بعضها على دروب المعنى ..والدروب تحتاج إلى خطا ..ولكن هي خطا من ..إنها خطا الحروف ..
كل حرف يخطو باتجاه الآخر ليحل محله وهكذا .. وقد يتساءل أحدهم أن كلمة حذف تناسب الخط أقول ..وأيضاً دلالة كلمة حذف تناسب الحروف ..
ولو تجاوزت التحفظ على كلمة شقلبة ..لاحتاجت الشقلبة إلى مدلول حركي ..وليس أفضل من الخطا هنا كمدلول حركي ..
وهنا لابد من أورد كلاماً خطيراً حول قصيدة النثر ..وهو على ما أعتقد للشكلانيين الروس
(( الشعر الحر يقتضي عناية خاصة بالكتابة وشكلها كي يكون مفهوماً تماماً بأننا بإزاء كلام شعري ))
وعلى هذا وذاك نكون فعلاً قد قدمنا نموذجاً عن مذاهب التلقي ..
مرايا متعددة وقفت بوجه هذا النص ..وكلٌ منها له انعكاسه الخاص الذي نحترمه ..
وأعتقد أن رأيي بالنص جاء قبل التصويبات ..ولقد كتبت فيما سبق انطباعاً أولياً ..
ليس فيه أي مبرر ولاتكفير عن أخطاء كتابية ..
أرجو قبول اعتذاري عن تفكيك النص ..وأعتقد أن هذا القدر فيه الكفاية ..
دمت بخير بثينة ..وسأظل أتابع جديدك في هذا النمط .. ولكي مني نصيحة (( لاتشرحي أبداً ماتكتبينه شعراً لأنه سيقتل ويصبح بارداً وبلاحراك ))
فأنت في لحظة الكتابة لست أنت كما في لحظة الشرح ..