في غياب الشمس - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
إليكِ ... (الكاتـب : علي البابلي - آخر مشاركة : د. لينا شيخو - مشاركات : 7 - )           »          إيراق واحتراق (الكاتـب : د. لينا شيخو - مشاركات : 58 - )           »          تجار القضية...! (الكاتـب : صلاح سعد - مشاركات : 0 - )           »          لحن الصمت !! (الكاتـب : نورة القحطاني - مشاركات : 2143 - )           »          مابين الهواية والإحترافيّة (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : صلاح سعد - مشاركات : 7 - )           »          الزمن بوّار (الكاتـب : عادل الدوسري - آخر مشاركة : عبدالله العتيبي - مشاركات : 2 - )           »          !!!... [ مَـمـْنــُوُعْ ] ...!!! (الكاتـب : خالد العلي - مشاركات : 43 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 66 - )           »          الغُرفــة ! (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 8 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : جليله ماجد - مشاركات : 75179 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-15-2010, 02:54 PM   #1
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي في غياب الشمس


منذ زمن يطوي البعد ببطء .. اعتدنا أن نقطع المسافات سفرا من غربٍ لجنوب على خط البحر الأزرق .. نودع الوطن الجميل و نلاقي الأحباب ! نتأمل الساحل بشوق و نعدوه بتوق لما نصله ..
على أسماعنا تغرد " ليلة لو باقي ليلة بعمري أبيك الليلة و أسهر بليل عيونك في ليلة عمر .. " و كُلاًّ منا يفسرها ، يغنيها ، يحكيها على هواه ..!
تحيِّيِنا المحطات الفندقية الصغيرة دوما .. تعطينا قطع الكيك بالبرتقال و أصناف العصير .. كانوا دائما يحبون نكهة المانجو .. وأنا أشرب التفاح ! و ننثر على المقاعد قطع بسكويت التمرية الشهير حينها !
نضحك ، نثرثر .. نتشاجر على الأمكنة ! نقبل والدتي و نزعج والدي .. و نصل مُرهقين سعداء دوما ..
حتى حدثت نقاط انفصال في طريق السفر .. و لم يعد من سفر نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة ..

اليوم الأول ..

استيقظتُ بنصف عين ، أجاهدَ الصداع بعدما ترجَّيْتُه : " اليوم يومٌ مهم ، أعدك ؛ سأشبعكَ من خلاياي طيلة أسبوع العطلة .. لكن دعني أستمتع برائحة أمي هذا الصباح ! " . أمي كالنحلة في المنزل ، ترتب هنا ، تنظف هناك .. تضع الملابس بجانب التوصيات .. إلا أن أحدهما يدخل حقيبتها و الآخر يقفز في قلوبنا . و أنا كالوصيفة أجري خلفها من مكان لآخر . أحسب اللحظات المتبقية للثانية فراقا ! " أمي ، ماذا تريدين مني أن أفعل ؟ أتحتاجين شيئا ؟ أخذت دوائك ؟ أخذت عطرا و شامبو و ملطف للشعر ؟ خذي هذه الحقيبة فهي أفضل .. لا ، لا ، يا أمي .. لا تنفعك الأكياس .. خذي الحقيبة إنها تحفظ أشيائك بشكل أفضل . " .. تعاندني دوما .. " يا ابنتي ، الحقيبة الصغيرة هذه ستأخذ من حقيبتي حيزا كبيرا .. ! " . أصر : " كلا ، هكذا أفضل ! ، حقيبتك كبيرة للغاية و ستتسع لهذه الصغيرة لتحفظ أشيائك من الضياع في كومة الملابس ! " . أحشو حقيبة أخرى بمستلزماتها الأخرى .. تطالعني بفزع : " ما هذا ، لا ، لا ، لا أريدها . سأضعها في كيس صغير ! " . أنظر بغضب و أتمتم : " البدوي عمره ما يتحضَّر ! " .

تُعِدُّ وجبة الغداء حين يفترض بها أن تجمعنا حولها ، و أفكر .. " العشاء الأخير ! ربما نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة " . أبتسم بحزن و أنبه نفسي لئلا أفكر بسوداوية . عليَّ ألا أفكر بشكل الحياة من دونها في الأيام المقبلة . نعم ! عدم التفكير يعني عدم الألم ! عليَّ أن أتشجع فإذا بكيتُ ستنخرط هي بالنحيب . والدي يتحقق من وجود كل شيء في الحقائب .. و كعادتنا نسخر دوما من كل ما يؤلمنا .. يتجول إخوتي يطلقون النكات على والدي و اهتمامه ! و على والدتي و ارتباكها . نحاول إقناع أنفسنا و إقناعها ؛ كاذبين ! " عشرة أيام بس .. و بترجعي .. لا تخافي محد بياكلنا ، و بعدين منتِ رايحة الصين ! " . و أعيننا تحكي احمرار الشوق !

باقي نصف ساعة من زمن الشمل الجميل . تركت جهازي المحمول حين رأيتها جالسة تشاهد التلفاز و والدي يلتهم بقلبه وجبة الغداء الأخيرة من يديها المباركتين . ذهبتُ و وضعتُ رأسي على ركبتها الطاهرة ، دمعةٌ واحدة تفالتت من سجن الجَلَد . كان لهذه الدمعة الوحيدة تأثير صمام الأمان . انفجر والدي بالبكاء . و تحلق الكل حوله .. و لم يعد هناك من سجن للجَلَد ! لا عقل يواجه صعوبة هذا الموقف !

مواساة ، و دموع حارة .. ثم قام الكل فالحياة لا تتوقف من أجل قلب ! ذهبت والدتي تخيط أكمام العباءة الطويلة على عجل فلم يبقى الكثير على الرحيل . أنظر إليها بشرود .. اتأملها فقط و قلبي ينخلع شيئا فشيئا ! تضحكُ و تبكي و أنا أغرد فوق رأسها بروحي .. وجنتيها الحمراوين مسقط عينيَّ . ابتسامتها الواسعة المرتجفة .. تخيط بالدموع و أضحك لدموعها و أحاول السخرية بلا جدوى .. حتى هذا السلاح بدأ يتصدع أمامها !

الآن ، احتَضَنَتنِي و اسْتَسْلَمتُ لها كليَّأ .. يداي ترخي الوثاق على صدري و روحي .. ، قلبي ينتقل في تلك الضمة مني إليها و فؤادها يتوزع علينا في كل ضمة ! كم هي غنية ، أخذت برفقتها سبعة قلوب و وزعت علينا فؤادها الينبوع .. بكاء ! و من ثم هروب إلى المحمول ..

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-17-2010, 12:49 AM   #2
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي اليوم الثاني


أمضيت الليلة الماضية سهرا على المحمول . شاهدت فيلمين ممتعين ، لكنني لم أستمتع بهما حقا . كنت فقط أهرب من وجود أي حيز للتفكير بأنك غير موجودة ! طوال سهرتي و أنا أنظر إلى باب المجلس .. أتخيلك تدخلين في أية لحظة ! أشعر بقلبي يخفق بشدة . فعيناي تمارسان الشوق قسرا و هي ترسمك داخلة ؛ مرة غاضبة ، مرة مبتسمة ، مرة محمرة الوجنتين ، و مرة متلهفة لإخباري شيئا ما أو إعطائي أي شيء لأخفيه في مخابئي الكثيرة .. ففوضاي دوما ملائمة لهذا الغرض!
أتذكر الآن .. أنني درت في غرفتي مرارا و تكرارا - حين كنت تطبخين الغداء الأخير قبل السفر - أفكر كيف سأودعك . تجرأت حتى على التفكير بمحاولة الهرب من وداعك ! لأول مرة أشعر بهذا الجبن . كنت عادة أنتقد الناس الذين يتهربون من لحظات الوداع . لكنه صعب جدا ! جدا ! لم أستطع فقط أن أحتمله ببساطة . الفكرة الوحيدة التي كانت تمنعني من البكاء بمرارة هي رغبتي في عدم إضعاف نيتك في الرحيل .
أخذت أفكر في سيناريو مميز لكلمات وداعي لك . رغبت بشيء لا تنسَيْنه . شيء يُهَوِّن عليك بُعْدَ المُقَام و تتذكريه كل ليلة قبل أن تنامي . لم أجد شيئا ! كلما تخيلت المشهد وجدتني أقف مُحْنِيَةً رأسي ، لا أستطيع استجماع أي شجاعة و أي قوة . كم هو صعب فراق الأم . أستطيع دوما الشعور بالمساواة مع أي قلب إلا معك . هناك دوما شعور بالدونية ، الخضوع لسيطرة هذا الحب الحاني الشاسع . دوما ، أكون أنا متأسفة بدون خطأ ، مشتاقة بدون بُعْد ، مجتهدة بدون طلب . تسبقينني بخطوات كبيرة لا أستطيع الحلم بلحاقها . أفكر بهوس كيف أرضيكِ ؟! كيف أجعل من نفسي ابنة مثالية ؟! كيف أجعلك دوما تبتسمين ؟! كيف أجيد فن السخرية حتى أخفف عنك ؟! كيف ؟! كيف ؟! كيف ؟! بلا نهاية !
لأول مرة أعيش مشاعر الجبن و الأنانية . رغبت في يوم الأربعاء بالبكاء في حضنك و بِطلب بقائك لكن البقية الباقية في حوزتي من الضمير و المنطق منعاني من ذلك . صارعت نفسي صراعا ضعيفا . قلت لها : " لا " ! فذهابك مهم جدا لراحتك و سعادتك . تذكرتُ حين كنت أمرض في صغري و أستاء كثيرا إن خرجتِ لأي أمر طارئ . كنت أرى في مرضي الحق بأن تكوني بجانبي فعليَّ أن أكون أهم حدثٍ في حياتك ! كانت أفكاري عن الحب سخيفة . مشاعري مليئة بالامتلاك و التطلب . ربما ما زلت كذلك أحيانا ، لكنك شذبتِ قلبي بكل ما تفعلينه حبا بنا - أنا و إخوتي - و إكراما لنا .
كم هو غريب أن أستيقظ بدون وجودك .. اعتدته يرمي الملابس فوق بطانيتي أحيانا حين تكونين غاضبة من نومي الطويل . يُكَدِّسُ ملابس الغسيل فوق قدماي أحيانا حين لا أصحو مبكرا .. يوقظني للصلاة ، يطمئنُّ على جبيني في نوبات الشقيقة . إنها الحركة مفقودة ، الحياة المتبقية .. لا أعلم ، اليوم فقط علمت لم الناس تكره الشتاء .. فحين تغيب الشمس يبدو الجو كئيبا بمعنى الكلمة !
استيقظت بكآبة و انغمست في الاستعداد لزيارة أختي غير الشقيقة ، أحلامي ! أواسي نفسي بالقدر الضئيل من السعادة الذي تجلِبُه لي ليزيح ما يقدر من هم غيابك ! بالطبع ، الصداع لم يضيع أي وقت في ارتكاب العيش على خلايايْ .. كالوحش الذي أعطى الحورية وعدا بوقت قليل و لم يرحم ضعفها . بدأت يومي باختلالٍ في ما تيامن من رأسي و عنقي و ضاعت الرؤية تقريبا في ذاك الجزء الواقع تحت سحر الشقيقة . لم أستطع حتى الالتفات أو التفكير أو الشعور بأي شيء سوى الغثيان و الانكسار.
عبثا أحاول الاسترخاء و تضييع التوق ! اغتسلت كثيرا كثيرا . علَّي أجد في المياه الدافئة ما يجعلني أغفو عن افتقادك . حتى أختي الصغيرة العنيدة الشقيَّة دوما كانت تشاركني هذا الحنين باحتضاني بين حين و آخر . كأنها تقول لي : " أدرك تماما ما تشعرين ، كلنا هذا الرجل ! " و رغم نفحةِ سلامٍ سادت المنزل لكنها لم تكن كذلك . كنَّا فقط كمن يجاهد المرض انتظارا للنهاية .. بهدوء ، بصمت ، كالمودِّعين في جنازة . نختلق الضحك و نشاهده مصطنعا فنلوذ لعدمه . ليس هذا اليوم سهلا بأي حال من الأحوال ! حتى في مساعدتي لأختي في اختيار ملابسها و استعراضي كل ملابسي أمام أخي ليشير علي بقطع أرتديها كان الحال مغايرا عن كل مرة . الجو يبدو كأنه بلا أكسجين و نحن مخلوقات خارقة لاستطاعتنا التنفس بدونه . لكننا في كوننا خارقين نعاني من افتقار شديد للحب . كالأغنياء تماما !
و أخيرا ، زرتها ، أحلامي . و عادت روحي بعد تحليق طويل . و عادت البراءة و عاشت الطفولة مرحلة أخرى متجددة .. قبل رحيلي من منزلها ، جائت والدتها و قدمت لي هدية و قالت لي عبارة ستحفر في ذاكرتي لابد ! " هذي كسوتك يا بنتي ، عشان انت بمقام أخت أحلام و أخت العروسة دايما تنعطى كسوة " ! ضممتها إلى صدري أحاول شم رائحتك فيها . كم هن الأمهات غاليات ! و من ثم ؛ انتهت الزيارة . شعرت كأنني أزور سجنا ! غير أن الرؤية لا تتضح في ذلك الوقت عما إذا كانت روحي سجينة تلك المخلوقة المدعوة أحلامي ، أم روحها هي أسيرتي أنا ..و عدت من جديد أشتاقك ! و عاد الرثاء في عيني إخوتي !

أمي ، أذكر حين بكيتِ فرحة تتخيلينني محامية كما أملتُ دوما .. ربما أنا لم أجد في صفحات قدري تحقيقا لهذا الحلم ، لكني سأحاول قدر الامكان التصرف بكل العدل و الأخلاق التي علمتِني إياها . يُقال أنني كاتبة جيدة .. صدقيني ، لا نفع في هذه المهارة إن لم تعبر لك جيدا بما يختلج فيني لكِ و من أجلكِ .. ربما ، لا أستطيع مواجهتك بكل هذه الكلمات ، و لكن كلِّي ثقة بأن هناك من سيقرأ لك يوما ما أكتب و يقول ختاما : " ابنتك المحبة ، بثينة " !


الجمعة - الأول من جمادى الأولى - 1431 هـ

 

التوقيع





التعديل الأخير تم بواسطة بثينة محمد ; 04-17-2010 الساعة 12:56 AM.

بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:55 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.