مفاهيم الظلم في الإسلام
في مقولة لأحد العارفين : يقول:
حين أرى الظلم في هذا العالم ..أسلي نفسي دوما بالتفكير في أن هناك جهنم تنتظر هولاءالظالمين.
الظلم الذي نعنيه هنا هو ظلم الطغاة وولاة الطغاة وأنصارهم المستبدين على عباد الله من أي فيئة كانت.
قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه خرجت إلى الجامع يوم الجمعة في الشتاء فزلقت رجلي فمسكت بجدار بيت فذهبت إلى صاحبه فإذا هو مجوسي فقلت قد استمسكت بجدارك فاجعلني في حل قال أو في دينكم هذا الإحتياط قلت نعم قال أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداًرسول الله .
وقال الإمام النووي في بستان العارفين قيل لأبي سليمان الداراني بعد موته في النوم ما فعل الله بك قال أخذت عودا من حمل شيخ باب الصغير فأنا في حسابه منذ سنة.
هذا فكيف بمن يستولى علي خيرات شعوب سواءً كانت مسلمة أو غير مسلمة.
وقال الشبلي رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه على درهم تصدقت عنه بألوف فما على قلبي شغل أعظم منه
يقول أحد العارفين:
إذاكان رؤوس الظلم من البشر هم أساس الفساد على وجه المعمورة, فإن أعوانهم وأتباعهم لا يقلون عنهم سوءا ولا ذما, فإنما انتشر الظلم في الأرض من خلالهم, وإنما مورس القهر والبغي على الناس بقوتهم و أيديهم, فمن هو فرعون لولا جنده وأتباعه وأعوانهك مثل هامان وأشكاله.
ومنهذا الباب جاء ذكر "الملأ" في القرآن الكريم بصيغة الذم والقدح والتوبيخ, نظرا لكونهم أعوان الظلمة وأتباعهم, قال تعالى على لسان قوم هود: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}الأعراف/66 , وقال تعالى على لسان قوم صالح: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ...} الأعراف/75 .
وفي العصر الحديث نشهد نماذج كثيرة ومختلفة لأعوان الظلمة, سواء كانوا من التجاروالأغنياء ممن يدعمون المستبدين بأموالهم, أو من الإعلاميين ممن يروجون لأكاذيب الطغاة وأساطيرهم, أو من المفكرين والعلماء الذين يبيحون ظلم الظالمين ويشرعنون بغيه ويلبسون على الناس أمور دينهم ودنياهم.
وأمام تزايد أعداد هؤلاء وانتشار هذه الظاهرة, كان لا بد من بيان عظيم جرم هؤلاء أمام الله تعالى, وهول العقوبة التي تنتظرهم في الدنيا قبل الآخرة, عسى أن يؤثر ذلك في البعض فيرتدعوا ويرعووا, أو يكون على أقل تقدير من باب أداء الواجب في البيان والتبيان.
التحذير من موالاةالظالمين
نظرالكون المنهج المسطور في كتاب الله تعالى منهج إلهي, فإنه متكامل ومتوازن وعادل,فلا يمكن أن يعاقب على فعل أو ترك مما يعتبر جريمة أو مخالفة, إلا بعد بيان الحق من الباطل والصح من الخطأ فيه, ليكون الناس على بينة من أمرهم, ولتقوم الحجة عليهم أمام الله في الدنيا قبل الآخرة.
ومن هذا الباب جاء التحذير الإلهي من موالاة الظالمين أو تقديم أي عون أو دعم لظلمهم وبغيهم في الأرض, منبها على العقوبة المترتبة على ذلك, ولعل أوضح آية في هذا الباب قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} هود/113.
قال ا لجوهري وغيره من أهل اللغة: الركون السكون إلى الشيء والميل إليه, وقال البغوي:هو المحبة والميل بالقلب, فإذا كان الميل بالقلب للظالمين منهي عنه ومحذر من شدة عقوبته, فمن المؤكد أن مساعدتهم ومؤازرتهم وتقديم الدعم لهم داخلة في النهي من باب أولى,
وقد نقل ابن كثير والقرطبي وغيره من المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر"الركون" بالميل إلى الذين ظلموا, أو الركون إلى الشرك, أو المداهنة, وقال السدي: لا تداهنوا الظلمة, وقال أبو العالية: لا ترضوا بأعمالهم, وعن عكرمة: هو أن تطيعوهم أو تودوهم أو تصطنعوهم, وهي جميعها معان للموالاة بكافة أنواعها,بدءا بالميل القلبي مرورا بالرضا بأفعالهم ومداهنتهم, وانتهاء بمساعدتهم وتقديم الدعم لهم.
وإذاكانت موالاة الظالمين والطغاة محرمة في القرآن الكريم بشكل عام, فإن موالاة اليهود والنصارى محرمة ومنهي عنها بشكل خاص, قال تعالى مخاطبا المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّاللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة/51.
عقوبة موالاة الظالمين
البقية تتبع قريباً إن شاء الله