( للوقت للمكان ) ..!؟

[إبراهيم الشتوي]

هذه قراءة انطباعية لديوان الشاعرة البحرينية :حصة البوعينين ( للوقت .. للمكان ) والتي القيتها في الملتقى الثقافي الأهلي في مملكة البحرين .والتي شاركني في هذه الأمسية من مملكةالبحرين كل من لناقد الدكتور والشاعر والباحث راشد نجم و الناقد حبيب حيدر .
كما حضر رئيس الملتقى الثقافي الأهلي الشاعر الكبير علي عبدالله خليفة ونائب
الرئيس الأستاذ مبارك العطوي كما حضره أعضاء مجلس إدارة الملتقى الثقافي الأهلي ،
و أيضا رئيس أسرة الأدباء والكتاب البحرينية ،الشاعر الكبير إبراهيم بوهندي وجمهور كبير من المثقفين ومحبي ومتعاطي الشعروالأدب .
وبتغطية إعلامية من التلفزيون البحريني والصحافة المحلية والخليجية .

صدر الديوان عن دار فراديس للنشر والتوزيع والتي تعتبر القصائد المجموعة الثانية بالفصحى للشاعرة ، تم نشر البعض منها في الصحف المحلية والخليجية والعربية .
احتوى الديوان على27 قصيدة ، مع ملحق خاص بعنوان " قلائد منثورة " ، وكانت المجموعة الشعرية الأولى للشاعرة،ديوان (صهيل المسافة) شعر شعبي .



فالأديبة الشاعرة حصه البوعينين ليست غريبة عن الساحة الأدبية ولا الوسط الثقافي

علما أن هذه الأسطر لا تفي حق مجموعة ( للوقت للمكان ) للشاعرة وإنما حاولت تجميع بعض الضوء

المنبعث من تلك الحزم المتوهجة لأسكبها في قالب يحتفي بالنور والبلور ..

ضمت المجموعة سبع وعشرين قصيدة بالإضافة إلى قلائد منثورة التي ضمت نصوصا اتخذت قالبا فنيا

بين الشعر والنثراختارت لها عناوين تُعبر من دلالتها الشعريةعن ملامح متنوعة تجسدت في" الوقت

والمكان. "وتراوحت بين الوجدان، والذاكرة، والحب ، والهديل ، والضوء والعتمة، والغمام ، واليمام، ،

والتوت وعبق النعناع وإيقاع الحنين فهي تفجر عالما شعريا يضج بالحركة والتموج والدهشة تسعى إلى

تدوين أثر تلك اللحظة العابرةفي الصيرورة الوجودية وفي الصيرورة الإبداعية.

مجسدة قلقها وانفعالها عبر الحاضر والماضي والمستقبل منصهرة في بوتقة" الوقت والمكان" مستحوذة على تجربة حسية صادقة وثقافة معرفية عميقة.

متنامية بين العقل والإحساس تحفل بإمكانات فنية رائعة جديرة بالقراءة والمتابعة أول ما نستقرئ في هذا

الديوان مفرداته وجُمله الباسقة الوارفة المعجونة بالتراث والمعاصرة في انسجام تام بين اللفظ والمعنى

وفي مضمون يتنامى في دواخلنا وبإسقاط لفظي رائع يضفي على دينامكية القصيدة بعدا جماليا أخاذا نابعا

من مكنونات الشاعرة ورموزهاووسائل تعبيرها المبطّنة بتجسيد سريالي رائع يبعث في القارئ لذة النص ونشوته .

فيجد القارئ أن النص الشعري جزءًا من ذاته ويشكل صورا عن مواقف مرت به هو شخصيا


كما استطاعت ترميز اللغة.. ودفع الدلالة الشعرية إلى أقصى احتمالاتها..

كما نلاحظ ذلك في الرمز الممزوج بالحسي والذي يتسم بمسحة قصصية.

في أسلوب حكائي وحواري كما يبدو لنا ذلك في نص (لا أجــدنـــي )

و لم تأتِ النبوءاتُ التي أنطقت المهد/
ولا فُك حبيسُ البئر/ حتى أذِن الدربُ لسيّارٍ/
أصاخ السمعَ مذهولاً لخفق الماء/
حين انتابه دفءٌ و مسٌّ من شغفٍ ،/من هنا كنتُ أجدني !!/

ونجد أن هذه النصوص لا تخلو من التراكيب المنطقية واستدراج المعاني بصورة حسية مفعمة بالتمرد والتموج..

وبمقدرة رائعة مزجت الذات بالواقع بلغة واضحة..

تتضح منها مدى وعيها الثقافي في لحظة إمساكها باللحظة الشعورية عند البدء في تدفق النص وانطلاقه ..

حتى تصل بالمتلقي إلى اشباع نهم ذائقته.

كما تبدو قدرة الشاعرة الفائقة على توظيفها للزينة اللفظية والأخيلة دونما تعقيد أو تكلف أو تنفير.

وعندما نستقرئ مخزونها الثقافي من معطيات النصوص نجدها مكتنزة بالجانب اللغوي والموسيقي والبناء التركيبي

للمعاني والأفكار في منظور شعري وفلسفي واعي..

معتمدة على البناء الرمزي في بعض المقاطع والأبيات تاركة مدى واسعا من حرية الحركة وتعدد الاتجاهات في داخل

المقطع الواحد.


مثال ذلك من قصيدة
( شجيرة ملحي )

( وصخبُ الجروحِ
يهشمُ خبزَ الغراب عليّ
على موجعيْ (
و لكن نفثَ الغياب
يعيدُ الفصولَ
سوادا
سوادا
على مهجعي

ولو تأملنا في دلالاته وإشاراته اللغوية والمعنوية لوجدنا أن الشاعرة تسقط الإحساس الذي تشعر به هي شخصيا

مستفيدة من التـراكم الدلاليوالمخزون اللفظي لتجنح أحينا إلى إعتام الصورة والعبور بنا إلى ما خلف الوعي..

عبر تمثيل المخيلة الشعرية وبالرمز المنبثق من هندسة إبداعية وذائقة تعي ما تطرحه لنا من أفكار ورؤى

وصور شعرية ملتقطة بحدس فني عال..

تاركة للقارئ تخيل المشهد وتحريكه كيف ما اتفق فيكون لكل قارئ رؤية ومشهد خاص به يعبر عن غيره


مثال ذلك قصيدة ( ما قاله الراحلان )
.. و لكنَ ردمًا من الباذخات الشواهق
عند ارتطام السدود
أ يجبر شرخا اذا ما تلا
من تعاويذ قبل التردي ؟!


هنا قد يلتبس على القارئ المضمون ولكن لا يفلت منه أفق المخيلة..

نجد الغموض الشفيف البعيد عن التقريرية القريب من استدراج القارئ لفضاءاتها الرحبة ..

في محاولة جادة للولوج لأجواء النص ومعانيه وإن تأملنا مجمل قصائد الديوان ..

نجد أنها تعكس الواقع الملتصق بروحها والمعبر عن همومها والملامس لنبضات غيرها ..

كما برعت في توظيف المجازات اللغوية بصورة تخدم السياق العام للقصيدة وبنية النص متكئة على مخزون هائل من

الصور التي استنبطتها وبكل روعة وابتكار من المحسوسات التي حولها ..

ومن مجمل الصور الشعرية في المجموعة :


(اشتريت لعيني السهادَ )

كذلك

( لم يمهلْ البوحَ عندي
تقافزَ مني فـَراشُ الكلام)
وفي قولها
(كن وبـَرَ القلب
إذا ما ارتجـّت الأكتافُ
و الريحُ على الدنيا صقيع)

وفي مقطع آخر ..

(فوق سقفك َ في اليقين
يلملمُ ما تبعثر من غمام
ورحت أنصبُ فوق دربكَ
شال غيميَ

في الرحيل و في الإيابْ)

وكذلك ..

(أعضُّ على شفـّة الصدق منيّ
لئلا يضجُ الدليلُ(

وفي قولها :

(ستصلبني مدنُ الثلج)



و تتناص مع الحالة العامة للنص في تناغم جميل وتجسيدا للهدف المراد إيصاله لذهن المتلقي..

وكأننا أمام لوحات متعددة الزوايا بسحر اللاوعي وروعة الخيال للفكرة والمعنى ا

لمنبثق من ترتيب مدروس لإسقاط اللفظ على المعنى .

تبدو نصوص الشاعرة حصة البوعينين أكثر قدرة على رسم واقعها وفق شاعرية متنامية لبناء النص الفني بعباراته

وصوره وموسيقاه وأفكاره وتركيباته اللغوية بتجسيد النضج والمرحلة التي استطاعت أن تجعل لها أسلوبا سهلا

ممتنعا..

ورؤاها المنبثقة من حس شاعري دقيق جعل الصورة الشعرية من مقدمات العمل الفني التي تكتب بها نصوصها المتعمقة

في الموسيقى الشعرية والتي تتفاعل معها بالشحنات المتوالية من خلال الألفاظ الشعرية ومدلولاتها..

صور عميقة ذات أبعاد شعوريةتنقلنا إلى ما وراء الواقع ..

وأفق مشحون بطاقات واحتمالات لا تنتهي .. تظهر فيها انفعالاتها ورؤاها..ومثالا على ذلك هذا المقطع من قصيدة

(تكونين مريم)
حين النخيل عليكِ تطيبْ
تهزين كلَ العيون ضبابًِا
و قرب نعاسكِ قلبُ قريبٍ

مدعومة في ذات الوقت بلغة عالية.. تومض معانيها كلما مرت عليها مسارب الذائقة.

فقد كتب عن الذات والآخر والوطن والمكان وقضية العرب الأزلية

الجرح العربي في فلسطين في قصيدة (حمام على صدر يافا )

وقصيدة ( على عرشها) كتبت عن المجد العربي الزائل في الأندلس ..

كتبت في الحب في هموم المرأة وعلاقتها بالرجل

في الحزن والشجن ومع معاناتها وتناقضاتها ومفارقاتها وآلامها في تجاذب خفي ورائق مع) الوقت والمكان) .

مرتكزة في نصوصها على أساس فلسفي واعي في رؤية دقيقة للأشياء المستمدة من تجربتها الحياتية.. ولم يأت

عنوان هذه المجموعة من فراغ لأننا نلاحظ تكرر مفردة ( الوقت ) ومفردة ( المكان ) لفظا واحساسا.

وبلا شك أن نصوص الديوان فضاء مفتوح لكل ناقد يريد أن يتتبع كل إضاءاته الرمزية والبنيوية والسميائية والتفكيكية

والتجريبية والحداثية في قوالبها المتعددة ومعالمها الوضاءة فهي بلا شك تجربة يستفاد من خبراتها واتجاهاتها

وفصولها

شكرا لتواجدكم ومروركم الوارف وعذرا إن أطلت عليكم برغم الاختصار في قراءة هذه التجربة الشعرية الغنية فنيا

وأدبيا .








من اليمين: الناقد / حبيب حيدر _ / إبراهيم الشتوي _ د. راشد نجم مدير الأمسيه

 

[هنادي المطيري]

قراءة وافيه للديوان !
راقت لي محطات توقفك / والضوء المسلط على زوايا جميلة


اتمنى اقتناءه



شكراً أخي الكريم

 

[حنان محمد]

أستاذي الفاضل

قراءة مميزة كعادتك ..

وأسقاطاتك على بعض الأبيات رائعة

لك ألف شكر

 

[أصيله المعمري]

ابراهيم

أنت فكر يجب أن نحتفي بوجوده بيننا كثيراً

لا غريب عليك كل الخير والشعر والنقد والجمال


لله درك أينما كنت

 

[إبراهيم الشتوي]

القديرة ... قلب الشعر
شكرا لتواجدكِ النور ومدادك ِ البلور ..

ممتن لمساحة الضوء التي تركتيها لي هنا ..

تقديري لكِ وللوعي الذي يسكنكِ .

 

[قايـد الحربي]

إبراهيم الشتوي
ـــــــــــــــ
* * *


ما أسعد الساحة بمثلك
وما أحوجنا للكثير [ منك ] : فكراً و خلقا .

قراءةٌ رائعة : كروعة ما تفرزه عينك الدقيقة - دائما -
أتمنى لك التوفيق ، لنوفّق نحن بما تنتجه .

شكراً تتلوك .

 

[محمد الضويحي]

ابراهيم الشتوي / دائما يقتنص لنا الثمين

وبقلمه الجميل يبحر بنا نحو السماء

شكرا لهذه الإطلاله عى ديوان حصه ال بوعينين

 

[نافع التيمان]

الأستاذ / ابراهيم الشتوي ..

تمتلك لغة تتكامل جدا بشكل رقيق ودقيق مع مساحات الشعر الهائلة التي تزرعها لنا الشاعرة القديرة حصة البوعينين ..


وننتظر منك ما يعلمنا كيف يكون الإنطباع مدى لا يحدّه وقت .. ولا زمان ..

لا تبخل علينا أيها الرائع .. نحن بانتظارك دوما ..