في ليلة وداع التاسعه والثلاثين ،،، عبدالواحد الزهراني يحلق خارج الاقواس . - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 8213 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )           »          مَا لَمْ أقله لكـ (الكاتـب : محمد سلمان البلوي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 1977 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-24-2010, 07:48 AM   #1
نواف بن جارالله المالكي
( شاعر )

الصورة الرمزية نواف بن جارالله المالكي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نواف بن جارالله المالكي غير متواجد حاليا

افتراضي في ليلة وداع التاسعه والثلاثين ،،، عبدالواحد الزهراني يحلق خارج الاقواس .




لن آتي كي أحدثكم عن عبدالواحد الزهراني فالمعروف لايعرف فمسيرة تمتد لأكثر من عشرين عام بدأت ناضجة وكبرت وتفرعت ، عبدالواحد الذي أخرج العرضة من عنق الزجاجة ، فأصبح كمكتشف حجر رشيد الذي جعل من اللغة الهيروغلوفية لغةً مفهومة توصل الناس من خلالها الى معرفة الحياة قبل 7000سنة . ولم آتي متزلف لصاحب القصيدة لأني لم ارتبط معه بعلاقة شخصية أبداً ، ولكني ارتبطت به من خلال مأسمعه عنه وأقرأ . فمن خلال هذا الارتباط ارى أن الابداع والادب والثقافة إذا بقيت رهينة الشللية والمعرفة والمصلحة ،،( وامسك لي وأقطع لك ) فهي بلا شك ستصبح مثل مستودعات المخازن الكبرى منتهية الصلاحية والتي لايسوقها الا عديمو الضمير ، والمفجوعون في نزاهتهم .

أتيت بهذه القراءة كي يشاركني الآخرون متعة الابداع والشعر الحقيقي في زمن طغيان الصوت المهايطي وغياب الاحساس ، آتيت بها ليعرف من يكتب الشعر أن الاحتكاك بمثل هذا المبدع يولد شحنات إبداعية قد تظهر مبكرة وقد تختزن في العقل الباطن وتظهر في وقتها .

فهناك من الشعراء من يوصلك الى قمم الاستمتاع ولكنه يترك في ذهنك علامة إستفهام قد لاتشعر بها أثناء نشوة الاعجاب المسيطر على ذائقتك إ ثناء الاندماج مع روعة الابداع ، وتنطوي علامات التساءل تلك أمام أبيات تقراءها واضحه ولاتصادر عليك برمزيتها إختفاء الجماليات ولكنك تجد وراءها من المعالم الكامنه مايجعلك تعدد التفسيرات وتقف في مفترق طريق الرأي والترجيح ولكنك تزداد إستمتاعاً كلما زددت إمعاناً في ذلك الوضوح الرمزي والذي يخفي في ظلاله ذلك الابهام الرائع!!! .
في هذه التفاعليه يندرج نص صاحبنا الشاعر عبدالواحد الزهراني المنشور بمجلة المختلف ، والذي سننطلق من خلال معالمه في رحلة ممتعه تنطلق من الحياة وتعود الى الحياة نقطة البداية روح الشاعر ونقطة النهاية هي ذات النقطة ،التضاريس والشواطئ ملئية بالشعر تاملها وهي غارقه في التأمل تفسرها وهي أسئلة واقفه تفسر نفسها بسؤال وتدعو المتأمل فيها الى إجابة يقشع بها قناعاً عن الحقيقة الغائبة .
لقد قرأت هذا النص بدفقه تركيز واحده لم اتوقف فكنت كظامئياً ارتشف الشراب السائغ البارد في نفس واحد كلما اراد ان يتوقف دفعه ظماؤه وسائع مايشربه الى مواصلة مابدأه ، وهذا مغاير عما أجد دائماً في الشعر الشعبي فقد يعوقك تصحيف لغوي فيشتت ذهنك ريثما تستقر القراءه وقد توقفك صوره مبهمة أو مفرده أقليميه تنتمي لبيئة معينة لايسعفك قاموسك بترجمتها ولكن الذي حدث معي اثناء قراءة النص مغايراً لمايحصل دائماً .
قلت في نفسي ربما يكون هذا الاعجاب قد صادف لحظة تقاطع إنسانية مع الشاعر جعلني اندفع بعواطفي الى الاعجاب الكامل بهذا النص!، وقلت ربما يكون ذلك الاعجاب تراكم داخلي بشاعرية هذا الرجل الذي فرض إسمه في الذاكرة الشعبية وفي الواقع اليومي من خلال تجارب سابقة تجلت في مواقف جرئية حملت في طياتها معاناة الانسان في هذه الحياة . سواءً على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي . ولكنني عددت وقرأتها بتجرد فوجدت الشاعر كتبها بكل مايحمله من خبره ومن صنعه ومن طبعه ومن سجيه ومن فهم للحياة فاستخدم فيها كل الاوراق بدون تكلف وبدون خلل ، فوجدتها فكره تحلق خارج الاقواس متجاوزة جميع علامات التنصيص ، فأقتحم صاحبها الجدارن بدون أن يكسر الابواب !
أتى عبدالواحد بن سعود في ليلة وداع التاسعة والثلاثين وكأنه يريد أن يشهر سيف الانطباع الداخلي في وجه الحياة التي يعترك فيها الشاعر مع ذاته .الحياة التي طوت أخر ورقه في تقويم الثلاثين لكي تبدأ الورقة الاولى من مرحلة((رب أوزعني أعمل صالحاً))

في ليلة التاسعة والثلاثين كتب عبدالواحد قصيدته على البحر المسحوب السهل الذي جعله الشاعر بحراً لجي خطير يلتطم فيه القاع بالجانب وتتشكل على امواجه علامات استفهام وتعجب يراها الواقف على شاطئه معالم اعجاب والهام وأطياف تنكسر على اقواس التموج وتتباهى على تموج الاقواس .

استهل الشاعر قصيدته بهذا البيت
ليلة وداع التاسعه والثلاثين *** طبل ومزامير ونواقيس واجراس

وضعنا الشاعر أمام مشهد مليء بالتساءل فهل نحن في مشهد وداع أو إستقبال ؟ وهل للوداع فرحه مثلما للاستقبال فرحه ؟ وهل كان الموقف وداع واستقبال في الوقت ذاته ، الوداع و مايحمله من ابجديات وطقوس والاستقبال مايظهره من بهرجه وصولجان ، ولكن قد يكون الوداع تعبيراً عن الفرحة وقد يكون الاستقبال أمرًاً مفروضا تفرضه أدبيات الماضي على أجندة المستقبل . الوداع أتى بهذا الشكل كي يودعه ليزفه الى العقد الجديد . طبل : وهو اداة انذار ورقص وتهويل والمزمار يتشكل حسب مايصيغه المزمر فقد يطيّش القلب بنغمة حزن ، وقد يطير الخافق بنغمة أمل . ، والنواقيس التي تحمل عدة دلالات فنواقيس الخطر ، والعبادات وأيضاً الاجراس وهي اداه غالباً ماتستخدم لتشير الى البدء أو النهاية . هذه المتناقضات المتفقه انتظمت في عقد فكره واحده ، علقت في جيد الصوره التي تحمل ظلال اخرى وجوانب جعلها الشاعر محطات أخرى للتأمل دون أن يحرم المتلقي متعة التذوق .

وهنا يقول :

عمرٍ نهب بيسار ماعطاك بيمين ... لا يحرم الظامي ولا يملي الكأس
في هذا البيت يبدأ الشعور الاول لتعاطي الشاعر مع حياته في موازين الربح والخساره بكل اشكالها فكلمة نهابة دلاله واضحة المعالم ان المعطي اخذ بطريقة جبرية وقسرية لا تحمل من ادبيات رد الاعتبار ادني المستوى , فالعمر الذي اعطاك بالامس لم ياخذ بل نهب نهباً ثم تظهر الصورة في اروع تجليتها في استدراك ( لا يحرم الظامي ) ثم ياتي تثبت الصورة على اجدار الحقيقة التي يراها الشاعر بأن ما أخذ وقد اعطي فيه حسافه اكثر من الشي الذي لم يعطى اصلاً ويظهر ذلك في قوله (لا تحرم الظامي ولا تملي الكاس) التي لا تغرق في الاكتفاء ولا تنطوي على الحرمان !

سجين وين انا وحريتي وين *** وشوف وضع الناس وقول لبأس

ثم يتنقل الشاعر الى وضعه في هذه الحياة فيراى انه سجين , سجينً يبحث عن حرية بالتساؤل , فهو لا يؤكد مكانها حتى يتمكن من العثور عليها ولكنه يقف عند حدود التساؤل في قوله : وحريتي وين ؟؟ ورغم ذلك فهو يرى وضعه رغم انه في السجن افضل من اولئك الذين يفتقدون للحرية الداخلية الكامنة في الفكر التأمل . فكأنه يقول السجن مع الجماعة رحمة .
الناس فالدنيا مجرد مساجين *** الدهر عينهم على بعض حراس
وهنا يقف المرء متسائل ومؤمنً بهذه الفكرة في الوقت ذاته نعم الناس مساجين للاعراف , للعادات , للمصالح الدافعة لغريزة البقاء , وضعهم الدهر على بعضهم حراساً فالاعراف لها من يحرسها كي لا يطاها الخارجون عن القانون الاجتماعي مثلاً هنا يجعل الشاعر الدنيا مجرد سجن كبير والدهر قائم مقام هذا السجن والناس هم العاملون في مصلحة السجن الكبيرة وكلهم حراس ومساجين فالمسجون حارس الآخر والآخر هذا سجين مع أخيه . مااااااروعها من صورة حين تقرأ البيت السابق الذي وضع الشاعر نفسه سجين تجد هناك أعين تدلك الطريق لكي تدخل على عالم البيت الثاني أول بيت العالم الثاني وهو هذه الدنيا .
ثم يتنقل الشاعر نقله بانوراميه إلى ميدان آخر فهمه من خلال معايشته في الحياة ..

كم يفسد الزيتون ما يصلح التين *** وكم شجرةً يصنع من أغصانها فأس

حين تعالج الأمور بغير علاجها وتوضع الأشياء في غير نصابها وتكون المصلحة – مثلاً – بمقياس العداوة والصداقة والبراجماتية هي السائد المالوف فأن (قاعدة وكم يفسد الزيتون ما يصلح التين) هي المختصر المفيد للكلام على تلك الحالة وفي مقاييس (صانع المعروف في غير اهله) يأتي وجه آخر لهذا المقياس يتماهى في (كم شجرةً يصنع من أغصانها فأس) وقد تكون تلك الشجرة التي جادت بذلك الغصن وشدت به ساعد الفاس تلقى حتفها على يديه بدون رحمة أو مؤاربه . ولقد أخذت الصوره بعداً آخر فكثير من الاشجار لاتنتج الا عصي للقمع وغذاء للفؤوس .!!!! فلا ثمار ولا ظلال .

صبح الثلاثاء ينتهي عرس الاثنين **** ياكم وكم روساً بالاقدام تنداس

توجه الشاعر في هذا البيت الى ابداع صوره تأمليه قد تنطبق على كل جوانب الحياة سواءً كانت سياسية أو أقتصاديه أو إجتماعيه ، وهي لحظة الفرح القصيرة التي تمر خاطفه ثم تنتهي وقد تكون نهايتها مأسأويه أو عاديه ولكن تبقى في النهاية ، نهاية لحظة جميله وقد تكون نهاية حقبة حافله بالعز والفخر والجاه ، تنطوي بعدها تلك الرؤوس المشمخره تحت سطوة الاقدام التي تتشفى بإعلان تراجيدية المرحلة !!!!!

تاخذ رحاة الوقت من حين لاحين **** وقفة دقيقة تلتقط فيها الانفاس

ويواصل الشاعر بإصرار قسوة الزمان من السجن الى الفاس الى سقوط الفرحه الى الرحاة الطاحنة التي لاتتوقف الا لتبدا اشد مماكانت .

بعد ذلك يهدا الشاعر فجأه وكأن العاصفه اصدمت بجهة أخرى من الجبل ليفسر لنا تفاعله مع هذه الزوبعه والديناميكيه اليوميه والصخب الحياتي ويتجه الى محطة الروحانيه فيجود علينا بنقاء صوفي بهذه الابيات :

تعبث ملائكة الرضاء بالشياطين *** وتقضي الطمانينه على كل وسواس
واقوم اسوي لي من لاشعر بيتين*** وافرد لها من فهرس الروح قرطاس
اضمد ابحرفي جروح المحازين *** واقفل قلق وأفتح بها باب هوجـــاس


حملت هذه الابيات عدة متناقضات ولكنها أجتمعت في المفهوم العام للفكره ، فكأن انتقال الشاعر الى الجو الروحاني يوحي بنوع من الرضا بالواقع أي بمعنى آخر أن هذه النقله عباره عن إستعاذه (تعويذه ) شعريه خرجت بالشاعر من المرجل الفاير الى المكان الصحن المستقر ليكتب من الشعر بيتين ( مع أنني لاارى أي جمال في كلمة : اسوي !!!! وقد يتفق معي الكثيرون في ذلك ?!.
هذين البيتين اللذين يكتبهما الشاعر لم يضمنها لوحه سابقة أو قرطاس سبق وقد احتوى بعض الافكار ولكنه افرد لها قرطاساً جديداً يتحمل هذا الزخم الهائل من الفضفضه غير الفضافضه . واصر على الفهرس وكأنه يريد به أن يقول كل ماأكتبه هو من خزينة التجارب والتأملات التي سكنت العقل والوجدان ومن خلالهما يتشكل الفكر العام الذي تتوصل اليه القناعة .
ثم يستمر في نفس السياق مشاركاً في التجاوب مع الحاله الانسانيه السائده ( اضمد بحرفي جروح المحازين) والمحازين يختلفون عن الحزينين فالحزين يكون حزنه لحظه آنيه ، أما الكحزون فأن حجزنه لعنه ابديه لاتنفك عنه قيد لحظه .
ويعلم الشاعر بأن هناك الكثير ممن يتقاطع معه في كثير من الهموم وتستمر الفكره في ثبات حتى تحصل المفأجأة في قوله ( واقفل قلق ) ولو توقف الشاعر عند هذا الحد او أتى بسياق مغاير بما أتى إلحاقاً بهذه الفكرة لحكمنا على الشاعر بكبوة الجواد ، ولكن المبدع القلق عندما ( يقفل قلق فأنه يفتح باب هوجاس ) . وهنا اكتملت الصوره بكل الوانها ومقاساتها واطارها فخرجت بأجمل مبنى وأفخم معنى ، فمن الطمأنينة التي ابعدته عن التفكير في زخم الحياة ، الى مرحلة بدء الكتابة التي يتصاعد فيها الشاعر قلقاً ثم ينتهي القلق بفتح باب هوجاس وقد يكون القلق عند الشاعر هو بادرة الفكرة أو نواة القصيدة ومنازعة الشاعر لها مضموناَ ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الهوجاس وهي مرحلة البناء الشكلي للفكرة بمعنى أن مرحلة الهوجاس تعتبر نتاج للقلق الذي يولد القصيدة .

تكفيك عن بعض السيوف السكاكين *** ويكفيك عن بعض السكاكسن الامواس


لو ابتعدنا قليلاً عن الحاله الشعرية الخاصه بالشاعر – والتي اتت كجمله اعتراضيه في النص -- وتأملنا في هذا البيت – والذي اشتقه الشاعر من مثل شعبي معروف - حسب نظرنا وتفسيرنا وأسقطناه على واقع الحياة اليوميه فسنخرج بعدة صور أهمها :
أذا اعتبرنا السيوف هنا اشخاص الذين تضعهم في مصاف السيوف ولكن عند ملمات الامور ونوائب الدهر يكفيك من هو اقل منهم وعندما تصنف الآخرين سكاكين فنجدهم عند الحاجة اقل بكثير .
ولو اعتبرنا السيوف هنا مكامن الأمور التي يتعامل الانسان بها لسد فجوة أو إزالة عائق أو حل مشكلة : فقد يحمل الانسان الأمور أكثر مما تحتمل فيشهر السيوف كحل أمام مشكلة لاتستحق هذا السيف الذي قد تقوم السكين أو الموس بدوره هذا من حيث الآراء المطروحه .
واذا اردنا أن نحمل هذا البيت وجهاً آخر وهو الانتقام مثلاً أو الغدر أو الطعن فالسيف الذي يضرب الرقاب يقتل والسكين تقتل حتى الموس الذي يفصد العرق ويصيب الانسان بنزيف شرياني أو وريدي ، فمصيره مصير الذي ضرب بالسيف او طعن بالسكين ،،، تعددت الطعنات والموت واحد
.

وإذا انتقلنا الى هذا البيت :
أنا ادري ان الله خلقني من الطين **** لكن بعض الطين ياقوت والماس

أول مايتبادر الى ذهن القاري أو السامع – بداهةً- بأن هناك نرجسية حملتها الصوره الشعريه والفكرية الى مكامن الذاتية والتذوق ، فهل كان الشاعر نرجسي الى هذا الحد وهل هذه تزكية للنفس ؟
ولو أمعنا النظر في الصوره قليلاً بشئياً من الواقعية لقلنا أن جميع بني آدم خلقهم الله من الطين ولكن الشاعر تكلم بالخصوصية في الشطر الاول بضمير المتكلم ( خلقني ) وأثبت إنتمائه للطين ، ثم تكلم بصفة (البعضية ) إن صحت التسمية وأستدرك بان بعض الطين ياقوت والماس . وهل يصبح بهذا الشكل وهو مختلط في مكوناته الاساسية في الارض ؟ أو يصبح هذا الطين ياقوتاً والماساً إذا تجلى في زخرف الطين خلقاً ومبدأ ونقاء قلب وصفا نية وحاله إنسانية راقيه . نعم هذا مايقصده الشاعر وأن اسقطه على نفسه فهو أدرى بنفسه من غيره ؟ ونحن نقف عند هذا الحد ومابقي فهو بين الشاعر ونفسه ! ولكن يبقى بعض الطين ياقوت والماس بإختلاف صفات ومبادي وأخلاق المنتمين لهذا التكوين الرئيسي الذي يشترك فيه البشر جميعاً . ولكنهم يختلفون في الصفات التي تجعلهم مختلفين حتى في القيمة المعنوية والحضور الاخلاقي ! فهل النبي المخلوق من الطين كمثل الطاغية المخلوق من الطين أيضاً ؟ بالطبع لااااااااااااااااااا .
ويواصل الشاعر مسيرة تعامله مع الاشياء وفق احجامها واشكالها حسب رؤيته الخاصة ولكنه ينتقل من إعطاء الامور اهتمام وفق حجمها الى استخدام اقصى حدود القوة :


الا فلو فجرت شعري براكين **** ماترك جبل واحد يوقف على ساس

ياترى هل هذه الجبال التي ستقلعها هذه البراكين المتفجرة من قريحة الشاعر وأفكاره هي أشخاص ؟ او هي مسلمات آمن بها الكثيرون ويرى الشاعر أنه آن الآوان لاقتلاعها ؟ أو هي تحديات يرى الشاعر أنها لابد أن تخضع لهذه البراكين ؟ ويبقى السؤال؟ اوقف بعض الاحيان مكتوف الايدين **** واغبط واهني كل متبلد إحساس


ولكنا نرى الشاعر يعود للهدؤ قليلاً ويقف مكتوف اليدين ليس وقوف العاجز الذي يشعر بالمشكله ويكتوي بحرقة صعوبة التعامل معها ؟ ولكنه يقف أمامها مكتوف الايدي لكثرة الخيارات المطروحة للتعامل معها ، وتتوقف الحركة وتأتي الحيرة في زحمة الخيارات ، ويتضح ذلك في الشطر الثاني ، نعم قد يتعب الالمعي اللماح والمفكر الذكي فهو يحس بكل شي ويفكر في كل شي ويمتلي بالتساؤلات والقلق يهدم ويبني يتصارع في داخله كل شي ، حياة كاملة تمتد من عقله الى وجدانه وقد يظهر ذلك جلياً على هيكله الخارجي وقسمات وجهه . حين يحس بكل ذلك الصراع المحتدم في جوانبه يتمنى أن يكون متبلد إحساس لايعطي الامور إهتماماً ولايفهم ولايفكر أنه يفهم وهذا النوع من البشر ( مرتاح )بجهله ، فالمرء يشقى بعقله وكلما ازدادت معرفته بالاشياء وتفاعل معها أزداد وتضاعف ذلك الشقاء .
واسمع من اصحابي على الراس والعين ****واخطر بقاع العالم العين والراس

هذه الصوره المبسطة حملت في جوانبها تفنيد لتلك المتواضعات الاجتماعية وسعت لتعرية اللغة المتململة في أحاديث المجاملة والنخوات المقولبة والسلوكيات لجاهزة ،، والغارقة في أحلام النبل المجانية ( على العين والراس) ! بينما أن أخطر مكانين في الحياة العين والراس ففيهما تحمل الامور عدة أوجه وتفسيرات فالراس هو الكنترول الذي يسير سلوكيات الانسان ففي مكمن العقل ولغة العين مناطق حذرة قد توحي بما لاتريد .ولكن تبقى الخطورة تقف في تلك المنطقة المستساغة مجاملةً !!!.
زيف الحقايق وأختلال الموازين **** خلاني أغضب وأضرب اخماس باسداس
وفي إتساق كامل مع البيت الماضي يواصل الشاعر نظرته التي لاتخلو من الانتقاد الساخط لتلك الحياة المتضللة بزيف الحقائق وإختلال الموازين ،، والتي جعلت الشاعر يعيد حساباته ولكن بدون نتيجة .

ويستمر المشهد في تصاعد عبر رحلة ماراثونية يقترب فيها من الوصول الى آخر مرحلة قبل منصة التتويج الابداعي ويقدم لنا الحل الامثل المشروط في قوله :
لو كنت لاقي للحقائق براهين **** كان أخترعت لراحة البال مقياس

بعد هذه الرحلة الطويلة والمثقلة بالمشاهد والتعليلات والتأفف أحياناً ياني الشاعر ليعلن عدم الرضا عما يلامس في حياته حتى الحقايق والمسلمات لم يؤمن بها الشاعر الا ببراهين تؤكد صلاحيتها وتثبت مصداقيتها وتسوّغ فائدتها ، في حين إنتظار نتائج تلك البراهين فأن الشاعر يوعدنفسه بأن يخترع مقياساً لراحة بال الانسان ذلك الاختراع الذي لن يتم ولن يرى الحياة لان الحقائق الماثلة هذا الزمان لن تدخل في حيز الرضا الا ببرهان ونسي الشاعر أن برهان الحقيقة هو قبول الناس لها) .حتى وان كان ذلك القبول مفروض لمصلحة أو واقع معاش ، أو تعايش مرحلي ،، المهم أنه واقع مفروض . مادام أنه لن يقبلها برمتها فلن يمنحها البرهان وبذلك تبقى راحة البال غائبه وقياسها يقف مابين الغياب والحضور الذي يتوسط الحقيقة وبرهانها .

وفي آخر بيت :
:

اللي موصلني لذا الحال ثنتين **** كذبي مع نفسي وصدقي مع الناس

ولو استبدل الشاعر – حسب تصوري -- كلمة ( مع ) بكلمة ( على نفسي ) لكانت الصوره أجمل ، ولقد استدرك الشاعر هذه الحالة المضطربه من زيف الحقائق الى إختلال الموازين الى الى الغنا الفقير والفقر الغني وحرصه على الناس الذين يرى أنهم يعيشون حياة مضطربة ، ولقد اوجد الشااعر ذلك الاقناع الذاتي المصطنع وهو الكذب على النفس وتعليلها وإيهامها بالافضليه وجمال الحال لتهدئة النفس المتلهفة والجشعة والمتطلعة الى ماتريد أمام تضاءل الامكانيات ، فكذب الشاعر على نفسه الكذب المشروع لكي يوصل من خلاله الى الصدق مع الناس التي لاتقبل لنفسها مثل ماقبلت نفس الشاعر من كذب . ولن يقبل الشاعر - بالمقابل - أن يتصرف مع الناس مثلما تصرف مع نفسه .
فبعد هذه المسيرة المضنية في تتبع جماليات هذا النص الذي اندلقت فيه مشاعر كاتبه ومبدعه بدون أي تكلف وعناء ، مع انه تجول في ربوع المعاناة الانسانية ،. بعد كل ذلك فكل ماكتبت مجرد متابعه وتوقف وتأملات لبعض مازخر به هذا النص ، فبعد أن انتهيت من القراءه وتسجيل الانطباع تبادر الى ذهني قول الدرويش الشاعر جلال الدين الرومي ( أنك تستطيع ان تختصر في بيتين ماتكتبه في خمسين ورقة لأن الشعر مكمن الرمز.)
شكراً لكل مبدع .
[/color]

 

التوقيع

[poem=font=",5,firebrick,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
اطمئني لدي غير التسلي = لاأعادي من اجلهِ او اعادى
لم اكن شهريار يوماً ولكن = عشرةً صورتك لي شهرزادا[/poem]

عبدالله البردوني

nawaf-js@hotmail.com

نواف بن جارالله المالكي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-24-2010, 08:18 AM   #2
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


المشرق المغدق ... نواف المالكي
ولنور حرفك قراءة مدادها بحر وعيك ..
فشكراً لك وللعطاء الذي يسكنك ..
تقديري .

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-25-2010, 01:20 AM   #3
نواف بن جارالله المالكي
( شاعر )

الصورة الرمزية نواف بن جارالله المالكي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نواف بن جارالله المالكي غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إبراهيم الشتوي مشاهدة المشاركة
المشرق المغدق ... نواف المالكي
ولنور حرفك قراءة مدادها بحر وعيك ..
فشكراً لك وللعطاء الذي يسكنك ..
تقديري .

إبراهيم
ولك كل النقاء

الذي يبتهج من قلبك الى اناملك

شكراً لاطلالتك واهتمامك .

 

التوقيع

[poem=font=",5,firebrick,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
اطمئني لدي غير التسلي = لاأعادي من اجلهِ او اعادى
لم اكن شهريار يوماً ولكن = عشرةً صورتك لي شهرزادا[/poem]

عبدالله البردوني

nawaf-js@hotmail.com

نواف بن جارالله المالكي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-25-2010, 11:37 PM   #4
د. كريمة سعيد
( كاتبة وناقدة )

الصورة الرمزية د. كريمة سعيد

 






 

 مواضيع العضو
 
0 مخاض
0 أيها الحائر
0 الخيانة

معدل تقييم المستوى: 0

د. كريمة سعيد غير متواجد حاليا

افتراضي


نواف بن جار الله المالكي

شكرا على هذه القراءة الجميلة

مودتي وتقديري

 

د. كريمة سعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-02-2010, 03:10 AM   #5
نواف بن جارالله المالكي
( شاعر )

الصورة الرمزية نواف بن جارالله المالكي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نواف بن جارالله المالكي غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. كريمة سعيد مشاهدة المشاركة
نواف بن جار الله المالكي

شكرا على هذه القراءة الجميلة

مودتي وتقديري

الد كتوره كريمه سعيد

والشكر لك على هذا الحضور الجميل

 

التوقيع

[poem=font=",5,firebrick,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
اطمئني لدي غير التسلي = لاأعادي من اجلهِ او اعادى
لم اكن شهريار يوماً ولكن = عشرةً صورتك لي شهرزادا[/poem]

عبدالله البردوني

nawaf-js@hotmail.com

نواف بن جارالله المالكي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-02-2010, 06:23 PM   #6
محمد عيضه
( مستقل )

الصورة الرمزية محمد عيضه

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 429

محمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعةمحمد عيضه لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


نواف

شاعر مبدع مثلك يثمن الإبداع الحقيقي

ماذا نقول عن عبدالواحد أكثرمن (سبحان من علمه البيان)

سأحضر بشكل أجمل

انتظرني

 

التوقيع

@mohd3z

http://www.facebook.com/SAWARBINA1

محمد عيضه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-04-2010, 01:54 PM   #7
سعيد الموسى
مشرف أبعاد الشعر الشعبي

افتراضي


أهلاً بك يانواف .

**

عندما يكون الحديث عن شاعر ك / عبدالواحد الزهراني !
ينبغي أن تُبسط يدك للنور وتطلق الضوء كل الضوء أمام عينيك !
عندما يكون المتحدث عبدالواحد , لاتملك إلا التفكير والدهشة لاتنضب !
تجربة هذا الجميل , تخلط مابين البساطة والصعوبة , والبساطة والثقافة !
سابقاً لانجحف جماليات شعر العرضة , مابين طريخم الزهراني رحمه الله
او البيضاني , او عيضه بن طوير , والذبياني , وهذال الملقب بالشبح !
لازال بعضهم يصارع الشعر ويطرب جمهوره بعيداً عن الانحلال في الالفاظ السيئة !
ولكن يكون هذا زمن , إلى ان حضر عبدالواحد الزهراني , وبن عزيز وبن هضبان واللخمي !
واعقبهم ابراهيم الشيخي ! تم إدخال المفردة الجميلة والمثقفة لداخل شعر العرضه !
القارئ الجيّد او المستمع الجيد والمتعلم يعلم تماماً ماهية التغيير الجميل الذي أُحدث في ما بعد !
الحديث هنا خصوصاً يكون عن : عبدالواحد الزهراني وصالح بن عزيز المالكي وابراهيم الشيخي
هنا ينتقل بفضل الله ثم هؤلاء الثلاثة شعر العرضة لـ مرحلة إخراج من الشعبية إلى ماهو أعم واوسع !
مابين اللغة الدارجة , ومابين الالفاظ المثقفة ,
مابين الرمز , ومابين الادوات الشعرية الغير مكلفة ومتصنعة !
.
.
.
حقيقة ً يانواف الحديث هنا ممتع واعتذر لو خرجت عن صلب الموضوع !
اود قول الكثير ولكن شكراً يانواف لضؤك ولقلبك لهذه القراءة الجميلة ! نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع


____

إما نجي : فوق الغمام
والا - بلاش من الكلام !
-
snap:alskab1

سعيد الموسى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-15-2010, 12:24 AM   #8
نواف بن جارالله المالكي
( شاعر )

الصورة الرمزية نواف بن جارالله المالكي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نواف بن جارالله المالكي غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عيضه مشاهدة المشاركة
نواف

شاعر مبدع مثلك يثمن الإبداع الحقيقي

ماذا نقول عن عبدالواحد أكثرمن (سبحان من علمه البيان)

سأحضر بشكل أجمل

انتظرني
مرحبا ياآيها الصديق الجميل !

حضورك جميل ولو لم يكن الا إطلاله من زاوية الدريشه .

 

التوقيع

[poem=font=",5,firebrick,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
اطمئني لدي غير التسلي = لاأعادي من اجلهِ او اعادى
لم اكن شهريار يوماً ولكن = عشرةً صورتك لي شهرزادا[/poem]

عبدالله البردوني

nawaf-js@hotmail.com

نواف بن جارالله المالكي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:31 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.