موناليزا العراق - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات العامة > أبعاد العام

أبعاد العام لِلْمَوَاضِيْعِ غَيْرِ الْمُصَنّفَةِ وَ الْمَنْقُوْلَةِ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-08-2011, 12:34 PM   #1
عبدالناصر الأسلمي
( شاعر وكاتب )

Question موناليزا العراق


بقلم د . اروى عيسى الياسري


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التقينا على مر الايام بشخصيات بسيطة تكد وتكدح ثم تمضي بصمت، قد نذكرهم في حديث عابر وقد تلهينا زحمة الحياة فلا نلتفت الى ما عملوا من اجلنا، بعضنا نظر اليهم بعطف والبعض الاخر بتكبر وعنجهية، ومن هذه الشخصيات نساء اعتدنا رؤيتهن متشحات بالسواد، ولا ادري ان كانت هذه الازياء حزنا على فقد عزيز، ام تعويضا عن اضطرارهن لخلع العباءة التي تلف اجسادهن خارج مكان عملهن.. يسمونهن الفرّاشات (بتشديد الراء) واسميهن الفراشات (بتخفيفها) وانا ارى اذيال اثوابهن الطويلة تتطاير في الهواء بتاثير حركاتهن الرشيقة كانها اجنحة فراشات نادرة.. انهن عاملات الخدمة اللواتي التقيناهن في المدارس والجامعات ومكاتب الوظيفة.. نساء لهن وجوه امهاتنا..عندما كنا تلاميذا كثيرا ما سألناهن الدعاء عندما ندخل قاعة الامتحان.. وهرولنا تجاههن طالبين المساعدة عندما يتعسر لدينا امر ما.. فرحنا بدعواتهن لنا وزغاريدهن عندما تسلمنا نتائج الامتحان.. مرت السنون وغادرنا مقاعد الدراسة فالتقينا غيرهن في مكاتب الوظيفة.. تغيرت الاسماء والملامح لكن هيئتهن وطيبتهن لم تتغير.. قدمن لنا الكثير ولم ينتظرن مقابلا لهذا العطاء .
في معهد الفنون الجميلة في البصرة تعمل واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي لم يعرفن غير العطاء تدعى ام عباس.. عراقية اصابت سهام الحزن العراقي الابدي قلبها فحولت هذا الحزن الى محبة كبيرة غمرت بها طلبة واساتذة هذا المعهد فكانت اما لهم وكانوا لها نعم الابناء.. نخلة بصرية زرعت في جنبات هذا الصرح التعليمي، مرّ من بين سعفاتها تلاميذ ثم صاروا اساتذة وفنانين كبار لكنهم لم يبرحوا افياءها حتى أولئك الذين حملتهم رياح المنافي وزرعتهم في كل بقاع الارض لم ينسوا طيبتها وحنانها ولم ينقطعوا عن التواصل معها.
لم يدر في خلد ام عباس تلك العاملة البسيطة التي تكدح لتسد رمق عائلة كبيرة انها ستكون وجها من وجوه شاشة التلفزيون، هذه الشاشة التي لا شغل لها الا متابعة اخبار نجوم الفن والسياسة.. وبث اخبار المصائب والكوارث العربية والعالمية، ولم تكن تحلم ان تحتل ملامحها وقسمات وجهها الذي انهكته المعاناة وسنوات التعب لوحة فنية، لقد زرعت المحبة فأثمرت بساتين حب ووفاء في قلوب ابناء بررة.

فائز ناصر الكنعاني معد ومخرج في قناة الفرات العراقية كان واحدا من اولئك التلاميذ الذين تلمسوا مواطن الجمال في روح هذه المرأة المعطاء، وظلت ذكرى طيبتها وامومتها حاضرة في وجدانه، وعندما سنحت له الفرصة ليعبر من خلالها عن وفائه وامتنانه لكل ام عراقية، خصص حلقة من برنامجه "اهل البصرة" ليقدمها للمشاهدين ضيفة تشتاق كل البيوت لاستضافتها.. وفي هذا البرنامج تحدث عنها اساتذة وطلبة المعهد بكثير من الحب، تابع الفنان فائز رحلة ام عباس الطويلة وهي مستمرة في العمل رغم تقدمها في السن كبيرق عراقي يأبى الانكسار، ومن خلالها اطلق صرخة علها توقظ ضمائر ساستنا ليحفظوا كرامة امهاتنا وآباءنا ويجعلوا من شيخوختهم واحة امان .

وفي الوقت الذي كان الفنان فائز الكنعاني يعمل على فيلمه الذي يخلد ويوثق سيرتها، كان الفنان التشكيلي حيدر الياسري يفكر ايضا في رد الجميل لهذه الام الحنون برسم بورتريت لها، وقد استلهم مضمون اللوحة من هذا الفيلم ووضع عنوانا لها من اللقب الذي اطلقه عليها الاستاذ عبد الرحيم ثامر، والذي وصفها بـ (موناليزا المعهد) فرسم الموناليزا تحمل وجه ام عباس، يلف رأسها الغطاء التقليدي (الشيلة) ويمتلئ وجهها بتلك الاخاديد التي يحفرها الزمن كما يحفر الماء مجراه في قلب الصخر، لكنه ترك لنا يديها ناعمتين رقيقيتين في اشارة منه الى استمرارها بالعطاء والعمل حتى هذه اللحظة... من حديث ام عباس عن معاناتها ودموعها التي جاهدت حتى تمنع انهمارها، اختار الياسري ملامح موناليزا العراق فرسمها بعينين دامعتين وشفتين ضُمَتا لتمنعا تلك الدموع من ان تنال من شموخ هذا البيرق الاصيل. اذا كانت موناليزا دافنشي التي ادهشت العالم بلغز ابتسامتها ونظرة عينيها، واحة لتأمل مظاهر الترف التي كانت تعيشها، فان موناليزا العراق بلغز شفتيها المضمومتين بقوة وعينيها الدامعتين ستصبح واحة لتأمل معاناة الامهات العراقيات اللواتي وصفهن الشاعر عيسى حسن الياسري برداء الحزن في قصيدته ام عيسى:

الأمهات رداء ُ الحزن ِ يلبسه ُ
نخل - العراق - حقول القمح والشجر ُ
لا أم ّ في أرضه إلا وقد جلست
ثكلى على عتبات الليل ِ تنكسر

المصدر ( ادب وفن )

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

///////
twittr
abdllnaser@

عبدالناصر الأسلمي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-09-2011, 06:50 AM   #2
فهد الرويلي
( كاتب )

الصورة الرمزية فهد الرويلي

 







 

 مواضيع العضو
 
0 بعثرة ...!

معدل تقييم المستوى: 13

فهد الرويلي غير متواجد حاليا

افتراضي


مقال جميل للغاية
ك جمال روحك عبدالناصر
سلمت وسلم يراعك وذائقتك
لروحكَ الندى

 

التوقيع

لاشيء برأيي أشد قسوة ومراوغة
ولاامتداد زمني من حلم يتداعى ب إتجاه الموت ...!
" تركي الرويع"
fahadd_23@

فهد الرويلي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-09-2011, 06:45 PM   #3
عبدالناصر الأسلمي
( شاعر وكاتب )

افتراضي


اهلا بك اخي العزيزفهد الرويلي
اشكر لك حضورك وحديثك
امتناني لك كبير اخي الكريم

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

///////
twittr
abdllnaser@

عبدالناصر الأسلمي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:14 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.