المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلا تغيب ،،


عبدالله الدوسري
09-07-2009, 02:43 AM
ومشاهدة الطيور أجدى من تمني الأجنحة ،،


لست الذي تنظر إليه الآن ،،


لا أحد يستطيع أن يسلبك ما لم تعد تملكه ،،


فهل عرفتني ؟! ،، ذاكرتي ضعيفة أم قد تغيرت ملامح غدي ؟! ،،





تصادق مع الغرس على أن يكون فأسك بيدك ،، فليس شئ أقوى من الحق ،،


تغيب تلك الأحلام ،، بغياب الوجه الجميل الذي بعث في القوة من عينيه والشباب من فمه ،،


كما تغيب الآن كل السعادة معك أيها القمر ،،





بعد أن طلع عليها الصباح كأنه أشعة الحياة التي جمعها الليل في أعين النائمين ،،


والحياة ماضية بكل أضوائها كأن شئ لم يكن ،،




انظر وتأمل وانتقل من مكان لآخر ،،


هذه البقعة من ساحل العدم وحيدة أيضا ،، خالية من البشر وأمواج الذود فيها تصطفق منادية بلا مجيب ،،


وهذا القلب يخفق تحت غلاف الشراع المحكم ،،




ساعة خرج النداء من الماء بجسمه الرشيق مخضب الإهاب بلعاب الشمس ،، لحظات من السعادة لا تشوبها شائبة ،، لا تتكرر ،، تأبى أن تتكرر ،، تطوف بالقلب على هيئة حنين طائر ،، له وجوده الدافئ رغم تمزق الخيوط التي ربطته يوما بالواقع ،،


بيد الأقدار لا بيدك ،، اهدأ يا اضطرابي وتناسى الانتظار ،، فاليأس إحدى الراحتين ،،


املأ عينيك فما تغادره الآن لن تراه مرة أخرى ،، كل لحظة هي اللحظة الأخيرة ،،


الذكريات كثيرة مثل أوراق الشجر والحياة قصيرة مثل السعادة ،،


السعادة التي تغيّب الوعي حين حضورها وتراوغ بعد زوالها ،،




تأتي الأشواق فأبادلها العزاء ،،


وحتى لا تجف ينابيع الحياة ،، ولا تختنق مسراتها في قبضة أزمة قاسية ،،


صرنا مثل الأشجار العارية ،، الجوع يطرق باب نذير وجدنا القديم ،،


عجيب كيف نطمح للتحرر من كل شئ على حين نرسف بكل ارتياح للقيود الكامنة في أنفسنا ،،





لم تصرخ العين إلا لضم غيم يفترش شرفاتها ،،


أي شيطان يرقص في بؤر الرؤى ،، الأفكار تتصارع شاحبة الآفاق ،،


فيم نختلف ؟! ،، ونحن نبع واحد وحياة واحدة وهدف واحد ،،




صوتك يتردد بين أركانه درسا ،،


أو مستمعا شعرا أو مقلدا مقطوعة أو منشدا أغنية ،،


فلا فرق حينما تطل على الطريق الضيق متابعا تيار الخلق ،،


تواقا إلى رفيق الغيم نلاعبه ،،


فربما تصادفك السعادة التي لا تدري أين تقيم ،،


لماذا تغرر بنا الأيام ؟! ،، لماذا تهمس لنا بعذوبة غير موجودة ؟! ،،


فما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه في العدم ،،





لو أن الرجوع في الزمان ممكن مثل الرجوع في المكان ،، ففي الكائن البدائي ركن ساذج يطيب له أحيانا أن يبكي الأطلال ،،


ولمْ تستو مركبا حتى تغرق !! ،،


حتى لا تنشأ الآمال متوجه بقرون الشياطين ،،


إنك أبرأ من أن تحيط بأسرار القلب إذا نفث أشواقه ،،




من أين لك أن تعلم ولم تشهد إلا سطحه الذائب ،،


لقد انطلقت من الصدر ضحكة كاللؤلؤة ،، لم تترنم فيه منذ الزمن الأول ،،


وخفق يجرف تياره المتدفق زبد الأفكار المهلكة ،،




سكتّ مناديا الصبر المر ،، الشك بوعدك يقتلني من جذوري ،،


وتعود دائما حاملا شيئا طيب تحبه النفس ،،


بهيكلك العالي وعينيك الساجيتين ونظراتك الرمادية المجتاحة شديدة التأثير ،،


تتفحصني حتى أذوب ،، فأجتهد بحماس واثق ،،


لا غيرة على المستقبل ،، ولكن إرضاء لتلك الشعلة الساحرة ،،


وأقول له فيقول هكذا ،،




أتخيل رضاه مثل نعمة مباركة ،، وأمثل بين يديه مضطرب الأنفاس ،،


تعويذة في هذا الرحاب يا قلبي ،،


ونحب الجمال فمتى يبدأ مداعباته ؟!،،


أرتمي بين يديه المتراميتين لاهثا ،،


ويتلاشى الضجيج في صمت الليل المغلق الواسع ،،





عاصفة من الأنفاس الحارة والتسلل الماكر تشوش الإرادة الصادقة ،،


إنه فخر الحلم الذي ينقشع عن دموع لا تستدر عطفا دونها ،،


يطوقني كشئ لذيذ ،، يغمرني كقوة غير منتمية لأي قاعدة ،،


على أي أساس سيغيب عني ؟! ،،





الشوق أقدم من الحنين ،، الشوق لم يجد روحا ليمضي إليها ،،


كالدندنة حين طرب ،، لا تكون مع الاستماع إلى الأغنية بل برجع الصدى ،، ذاك هو الأمل ،،






فيا أيها القمر ،، الذي بقي من ولادته رقة الفضيلة ومسحة الجمال وجاذبية الحب ،،


وبقية من تلك التعزية الأنثوية التي لا يزال تحس بها أرواح العشاق في كل بقعة طلعت عليها من الأرض ،،




أيها القمر الجانح إلى المغيب ،، في نسمات الفجر كأنه جناح الحب يخفق به في الفضاء على هواء عليل من الزفرات والتنهد ،،


تناولت بك في قلبي أصول هذا الجمال المستفيض كأنه الموجة القلقة التي يمسك منها الساحل طرف البحر ،،




فليت الهواء الذي تتناثر فيه رائحتها ،، وليت نسيم الصباح الذي يحمل إلى المغيب أحلامها ،، مما يمكن أن يحرز ويدخر ،،


إذن لكان في الحب شئ أسمى من الخلود نفسه ،،


ولكن هيهات ،، فما رأيت كالحب لا يملك من الماضي إلا ذاكرته ،،


وهي مع ذلك ترد لذات الماضي كلها حسرات !! ،،


فإن قطف وردة ناضرة معقودة في غصن قد ذوى وتساقطت أوراقه لأيسر منالا ً من بقايا قبلة واحدة في ذاكرة المحب حافظة نضرتها وعطرها من الأنفاس والشهد ،، فما قيمة الوردة بدون أريجها ،، تماما كنظراتك المتعددة على مدى الشهر لا نعشق إلا أكملها ،،

مروان إبراهيم
09-07-2009, 06:43 AM
:

لا يا عبدالله ،

لم أستطع أن أكملها .. وجدتني معك ، حين أنفك منك ربما سأعود سالماً وأحدّثك عنك !

مُدهش !

إغفاءة حلم
09-08-2009, 02:55 AM
الحديثُ هُنا ممتد ...
كخطوة الهواء ...
كهرولة الماء .. في درب النهر ...
كأغنية يتقاسمها الليل والقمر .. وترددها النجمات .. وتصفق لها نوافذ الأرواح المنصتة ...
هُنا الأشياء حقيقية جداً وشفافة .. كالروح تماماً .. لاتستطيع قراءتها إلا بأريحية النبض ...

عبدالله الدوسري ...

شُكراً مُزهرة بالمطر ...

نواف العطا
09-08-2009, 07:35 AM
عبدالله
رائع وجميل بوحك
ودمت بود

عائشه المعمري
09-08-2009, 05:23 PM
أريد أن أملىء بـ هذا النص عينا ذهني

أما في وقتِ كـ هذا
ألملم فيه انفاسي إنتظاراً لـ نحنحةِ المؤذن
لا يكفي لا يكفي

سـ آتي ، وأنا كُلي
فـ القراءة الأولى لا تكفي

جــوى
09-08-2009, 11:25 PM
ــ بعد قراءة ثانية ــ

عظيم وفارع
عميق وتستيقظ على وقع أصابعك
الدهشة .

د. منال عبدالرحمن
09-09-2009, 10:27 PM
فلا تغيب .. إذ أنَّ هناكَ وقعُ موسيقى تنفرُ من بطنِ عودٍ أوتارهُ امتدادٌ لأشعّة الشّمس ,
و ترتّلُ على جسدِ الأرض قصيدةً خجولةً .. كشقائقِ النّعمان .

أستاذ عبد الله الدّوسري
و النّثرُ يفتقدُ دهشةَ حرفكَ
و مبتهجٌ الآن .

تقديرٌ كثير .

عبدالله الدوسري
09-11-2009, 11:53 PM
:

لا يا عبدالله ،

لم أستطع أن أكملها .. وجدتني معك ، حين أنفك منك ربما سأعود سالماً وأحدّثك عنك !


مُدهش !





عزيزي مروان ،،،

نديم الماء هنا إذن أنا موجود ،،
فالحديث لا يكتمل إلا بحضورك ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
09-11-2009, 11:59 PM
الحديثُ هُنا ممتد ...
كخطوة الهواء ...
كهرولة الماء .. في درب النهر ...
كأغنية يتقاسمها الليل والقمر .. وترددها النجمات .. وتصفق لها نوافذ الأرواح المنصتة ...
هُنا الأشياء حقيقية جداً وشفافة .. كالروح تماماً .. لاتستطيع قراءتها إلا بأريحية النبض ...

عبدالله الدوسري ...

شُكراً مُزهرة بالمطر ...




سيدة الحلم ،،،

أسعدتني بهذا الكساء من أزهار الحضور ،،
شكرا تتابع هطل غيمك المورق ،،
تحياتي

عبدالله الدوسري
09-12-2009, 12:01 AM
عبدالله
رائع وجميل بوحك
ودمت بود


دمت أخي نواف ،،
سعدت بتواجدك ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
09-12-2009, 12:11 AM
أريد أن أملىء بـ هذا النص عينا ذهني

أما في وقتِ كـ هذا
ألملم فيه انفاسي إنتظاراً لـ نحنحةِ المؤذن
لا يكفي لا يكفي

سـ آتي ، وأنا كُلي
فـ القراءة الأولى لا تكفي


عائشة الهمس ،،،

النص ممتلئ بوقع عينا مئذنتك ومنارة حضورك ،،
شكرا لا تكفيك عزيزتي ،،
لك أعذب التحيات

عائشه المعمري
09-15-2009, 09:38 PM
ومشاهدة الطيور أجدى من تمني الأجنحة ،،

وكـ أنك تُحيل الأمنية إلى محال
حتى لا نظفر بأجنحة لا تقوى التحليق
ونكتفي بـ التحملق في الطير ذاته
لأننا لن نبلغه مسيراً
،
/
،


بعد أن طلع عليها الصباح كأنه أشعة الحياة التي جمعها الليل في أعين النائمين ،،
والحياة ماضية بكل أضوائها كأن شئ لم يكن ،،

كان شيئاً لم يكن
حينما يأتي الصباح
بلا ضوء
مثلما يأتي الليل بلا نائميه
،
/
،

الذكريات كثيرة مثل أوراق الشجر والحياة قصيرة مثل السعادة ،،
السعادة التي تغيّب الوعي حين حضورها وتراوغ بعد زوالها ،،

الذكريات : حالة وعي
السعادة : حالة لا وعي
فحينما تتحول السعادة إلى ماضٍ لم يتبق منه سوى نبض وجرحين
تتحول إلى حالة وعي حادة كونها أصبحت ذكرى

،
/
،
عجيب كيف نطمح للتحرر من كل شئ على حين نرسف بكل ارتياح للقيود الكامنة في أنفسنا ،،

عجيبٌ جداً يا عبدالله
كـ أن نرمي بـنا في قاع بئر
ونوقن بأن لن يسمعنا أحد
ونصرخ :
النجــــــــــــــــــــده
،
/
،


فما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه في العدم ،،

ما أسعده حَقاً
فـ النبض حقيقية مُثبته
فليس من العدل أن نُفرغ الحقائق في باطن عدم باطل

،
/
،

لو أن الرجوع في الزمان ممكن مثل الرجوع في المكان ،،
ففي الكائن البدائي ركن ساذج يطيب له أحيانا أن يبكي الأطلال

ولأنه يُدرك استحالة
عودة الشمس إلى مطلعها بعكس الإتجاه المثبت
يبكي
ولكن الشمس تُشرق من جديد
وبالطريقة التي اعتادت عليها
مؤكدة نظريتك بأنها يمكن أن تعود إلى المكان نفسه
في حين لا يمكن لـ عصر جدي أن يعود




عبدالله الدوسري

حقاً أن قراءتك مُتعة حقيقية لـ القارىء
تتيح لـ العقل فرصة التفكر فيما حوله
بـ نظرةٍ عميقة إلى الداخل
الداخل الذي لا نألفه دوماً



مُدهش

كم أتمنى أن لا تغيب كثيراً عن حرفك



شُكراً لك

مروان إبراهيم
12-24-2009, 04:20 PM
:

مَا زلت هُنا
أبحثني فيِْ القيد كثيراً !

أسمى
12-24-2009, 08:18 PM
أحيانا نتألم لأشيـــاء ليست من الألم في شيء،
و أحياناً تُسعدنا أشياء أبسط من البساطة حتى..
يوافق ذلك أحاديثاً ابتدأتْ في داخلنا و قُصِلت بمقصلة
الوقت اللاحق..نُسيَت ربما..
لا ليسَ كذلك بل... الأضواء صارت عتمة..
عبدالله الدوسري..
دائماً هدوء حرفك يستلزم وقتاً ..
:
لاأدري أيني ساعة أشرَق هذا الحديث.