المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظلال تحترق | محمد البلوي


محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:30 PM
لِمَ تكتبينني بالممحاةِ وأمحوكِ بالقلم؟

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:32 PM
قد نكسرُ غصنًا لنقطف وردة،
ثم نشتكي من قسوة الشَّوك المُدافع عن غصنه!

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:36 PM
مَدَّتْ يَدَهَا بالمفتاحِ؛
فتنبَّهتْ (ويَدُهَا مُعلَّقة في الهواء): ما من بابٍ لأفتحه!
تَقَدَّمَتْ، ثمَّ أغلقته خلفها .

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:40 PM
ما زلتُ أقرأُ الجريدةَ ذاتها؛
مُبتدئةً -كما عوَّدتَني- بالصَّفحة الأخيرة،
وأرتشفُ -وحدي- فنجانيّ قهوتنا كل صباح،
أشعلُ (سيجارتكَ)، وأُطفِئُها -كعادتكَ- في صحن فنجانكَ،
وأقلبُ فنجاني في صحنه، دون أنْ أقرأَ -كعادتي- حظّي،
هذه المرة، سَأُدهشُ قلبي، وأُباغتُ حظّي؛
سَأُطفئُ (سيجارتكَ) في صحن فنجاني، وأقلبُ فنجاني في صحن فنجانكَ،
فلربما،
ربما
تغيَّرَ حظّي معكَ! أو انطفأ في قلبي حُبُّكَ!.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:44 PM
الشَّجرةُ ذراعان:
ذراعٌ تبسطُ جذورَها للماء، وذراعٌ تَمدُّ أغصانَها للنورِ والهواء.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 07:50 PM
حسنًا،
سَأَلوِي أعناقَ الحروفِ؛
لأعود من حيث كتبنا:


السَّطرُ الأوَّل:
- بماذا أبدأ؟


السَّطرُ الأخير:
- . (نقطة، فقط نقطة، اقترفناها، ثمّ افترقنا).


))
((

- أتذكرين؟
- أَذكرُ النقطة، فقط النقطة.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:00 PM
غيَّرَ الحزنُ ملامحَ حُروفنا؛ حتَّى كِدنا لا نعرفها حينَ نكتبهم وحينَ نكتبنا، والجرحُ الذي يَئِنُّ مُتوسّدًا سُطورنا، كعلامةِ تعَجُّبٍ تَقطرُ ألمًا، لا ينفكُ يسألنا: لِمَ نحنُ (نَعَمْ) المُتاحة لهُم في كلِّ الأوقات؟ ولِمَ هُمْ (لاءَات) مُتوالية تصفعُ أَمانينا طوالَ الوقتِ ومن كلِّ الاتجاهات؟

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:05 PM
جَمَعَنَا الحُبُّ،
لكنَّ الذي لَمْ يُفرِّق بيننا -إلى الآن- هو الصبر، وأظنُّنا عند نقطةٍ ما على هذا السَّطر الصَبُور سنفترق.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:08 PM
على مَقرُبةٍ منَّا يَقفُ ظلُّنا؛
مُنصِتًا إلينا، ومُصغِيًا لحديثِ الألقِ المُنبعثِ منَّا،


في النِّهاية؛
قرَّرَ أنْ يُدوِّنَ حديثنا النُّور؛ كي لا تمحوهُ ظُلمةُ النِّسيان،


خطَّ شيئًا على الرِّمال؛
يُشبه
قوسَ
المطر.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:10 PM
كيف سنلتقي؟!
وأنا أسيرُ إليكَ، وأنتَ تسيرُ مُبتعدًا عنِّي!

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:13 PM
من بين
كلِّ أنواع الورود؛
تستهويني (وردة الحزن)!

بحثتُ عنها طويلًا؛
ولمَّا أجدها!
.
.
قال لي أحدهم:
قد تجدها على خدِّ امرأةٍ حزينة.

.


.

وجدتُها!.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:16 PM
يكفينا نور شمعة؛ لنهزم العتمة،
وخفافيش الظَّلام أجبنُ من أنْ تواجه ضوء النهار.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:17 PM
الظِلُّ لا يخون
ولا يترك صاحبَهُ ليتبعَ غيره
وهذه الطريقُ خائنة .. تُصاحبُ رصيفين في آن

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:20 PM
لِمَ لا تستغرقُ مِنَّا النِّهاياتُ بعضَ ما تستغرقهُ البداياتُ من وقتٍ وحِرص؟
لِمَ نبدأ ببطء وننتهي بسرعة؟
نبني بحذر ونهدم بطيش؟

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:23 PM
أعترفُ
بأنِّي ارتكبتُ
جريمة الحزن في غيابك!
وأنَّ الدُّموعَ قبَّلَتْ ثغري ونحري،
وراودتني عن نسيانك!.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:25 PM
أمدُّ إليكِ يدًا مُضمَّخةً بالعطر،
تَمُدِّينَ إليَّ يدًا مُخَضَّبةً بدمي،

مُنتهى العدل؛
أنْ يظلمَني عقلكِ، ويُنصفَكِ قلبي!.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:27 PM
غاية
ما أستطيعُ أنْ أفعله،
حين أغضبُ منكِ،
أنْ أغمضَ عينَيَّ عليك!.

محمد سلمان البلوي
01-30-2009, 08:35 PM
الحُرُوفُ: سِهَامٌ مُوَجَّهَةٌ
قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ غَايَاتهَا، وتُصِيْبَ أَهْدَافَها، تَنْفُذَ مِنْ خِلَالِنَا؛ فَنَتَأَلَّم
- حَتَّى ونَحْنُ نَكْتبُ الفَرَحَ، ونَخُطُّّ السُرُورَ فَوْقَ السُطُورِ؛ نَتَأَلَّم -
فَكَيفَ .. إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الحُرُوفُ - أَصّلًا - حُرُوف أَلَم !!
أَوَلَا تَسْتَحِقُ - مِنَّا - أَنْ يُرفَعَ عَنْهَا القَلَم ؟

نُقْطَةُ تَمَاسٍ .. وَلَا مَسَاس
لِأَنِّيَ رَجُلٌ لَا يَحتَمِلُ الرَّفْضَ؛ وَلَا يَتَحَمَّلهُ، سَأُدَحرِجُ إِلِيكِ الكَلِمَاتَ كَكُرَةِ احتِمَالَات؛ تَبْدَأُ بِـ (قَد)، وَتَنْتَهِي بِـ (مَاذَا لَو)، وَ(عَلَى فَرَض)، وَسَأَهمِسُ فِي أُذُنكِ بِسِرٍّ صَغِير، قَد يَسْرِي فِي عُرُوقكِ؛ فَتَتَفَتـَّحُ لَهُ وُرُودُكِ، وَيَخْضَرُّ عُوًدُك، وَقَد يَشْرَبُ صَيْفُكِ كُلَّ غُيُومِ شِتَائِي؛ فَلَا يَجِدُ رَبِيعِي قَطْرَةَ مَاءٍ يَسْتَقبِلُ بِهَا خَرِيفَ العُمْرِ _حِيْنَ يَحِلُّ_ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاء.

مَاذَا لَو كُنْتُ أُحِبُّكِ فِعلًا؟ مَاذَا لَو كَانَ كُلُّ مَا كُنْتُ أَقُولهُ لَكِ _عَن الصَدَاقَةِ الَّتِي تَربِطُنِي بِكِ_ مُجَرَّدَ كَلَامٍ أَحتَالُ بِهِ عَلَى مَشَاعِرَ أُخرَى تَسْكُننِي، وَتَطلُبكِ؟
هَلْ سَتَمْنَحِيْنَنَي فُرصَةَ الوُلُوجِ _مِنْ سَمِ الخِيَاطِ_ إِلَى عَالَمكِ؟ أَمْ سَتَتَرُكِيْنَنِي مُعَلَّقَـًا عَلَى مَشَاجِبِ الوَقتِ؟ مَشّبُوحَـًا عَلَى مَفَارِقِ الصَّمْتِ؟ كَنُقْطَةِ تَمَاسٍ بَيْنَ دَائِرَتِيْنِ كِلتَاهُمَا تَرفُضنِي: عَالَمُكِ، وعَالَمِي.

إِنْ اعتَرَفت؛ فَلَنْ أَعُودَ أَبَدَاً كَمَا كُنت، أَو إِلَى حَيْثُ كُنْت، وَلَنْ نَعُودَ_أَبَدَاً_ كَمَا كُنَّا، أَو إِلَى حَيْثُ كُنَّا، فَإِمَّا أَنْ يَحتَوِينَا الحُبُّ .. وَيَقبَلنَا، وإِلَّا فَسَتَلفظنَا الصَدَاقَةُ .. وَتَرفُضنَا.
وَعَلَى فَرَضِ أَنِّي اعتَرَفت، وَأَنَّكِ جُنِنتِ .. وَقَبِلتِ؛ فَلَا الجُنُونُ يُدنِينِي مِنكِ، وَلَا العَقلُ يُقْصِينِي عَنْكِ، وَقَدَرِي وَقَدَرُكِ أَنْ يَمُوتَ الأَمَلُ بَينَنَا، قَبْلَ أَنْ يُولَدَ _مِنْ رَحِمِ المُحَال _ حُبّّنا، لِنَبقَى كَخَطَّينِ مُتَوَازِيَين، يَسِيرَانِ _جَنْبَاً إِلَى جَنْبٍ_ في الاتِجَاهِ ذَاتِه، وَلَكِنْ .. لَا يَلتَقِيَانِ أَبَدَا.

لِذَا .. دَعِينِي أَحتَرِقُ بِصَمْتِي، وَتَشَاغَلِي عَنِّي بِتَخْمِيْنِ مَا كَانَ سَيَقُولهُ لَكِ قَلْبِي؛ لَوْ قُدِّرَ لَهُ أَنْ يَعتَرِف، وَلَوْ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَلتَقِي فِي غَيرِ زَمَانٍ وَمَكَان، قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان، وَحَسبِي وَحَسبُكِ _مِنْ حَظِّي وَحَظّكِ_ أَنْ التَقَى حَرّفِي بِحرّفكِ فَوقَ الأَورَاق، وأَنْ عَانَقَ خَطِّي خَطّكِ رُغمَ الفرَاق. حَسبِي وَحَسبُكِ مِنْ دُنيَا الحُبِّ، سَعَادَةُ حُرُوفنََا، رُغمَ شَقَاءِ رَوحَينَا.


لَا مَفَرّ
أَسئِلَةٌ كَثِيرَةٌ تَدُورُ حَولَكِ، وإِجَابَاتٌ أَكثَر تَقُودُنِي إِليكِ، وأَعلَمُ أَنَّكِ شِقُّ مُعَادَلَةٍ لَا تَكْتَمِلُ إلَّا بِي، ورَقمٌ صَعبٌ لَا يَقبَلُ القِسمَةَ إلَّا عَلَيَّ، ولَكِنَّكِ تُصِرِّينَ _وأَنتِ تَجتَاحِينَنِي_ عَلَى أَنَّكِ لَا تَحتَاجِينَ إِليَّ، وأَنَا أُصِرُّ _رُغمَ إِصرَاركِ_ عَلَى أَنِّي نُقطَةُ ارتِكَاز قَلبكِ، كُلَّمَا حَاوَلَ أَنْ يَرسمَ دَائِرَةً لِلحُبِّ انطَلقَ مِنِّي، وَدَارَ حَولِي، فَلَا تُعَانِدِي قَلبَكِ بِعَقلكِ؛ فَكِلَاهُمَا يُحِبُّنِي.


عَقْلِي يُحبُّكِ
بَينِي وَبَينكِ .. نَافِذَةٌ لَا أُغلِقُهَا أَبَداً، وَبَابٌ لَا أَسُدُّهُ مَهْمَا تَحَدَّانِي العَقلُ .. وَعَانَدَنِي، وَمَهْمَا تَبَدَّى لِيَ اليَأسُ .. وَرَاوَدَنِي عَنْ نِسيَانكِ، وعَقلِي _لَو تَعلَمِينَ_ لَيسَ ضدّكِ، ولَكِنَّهُ يَظُنُّ بَأَنَّهُ يَحمِينِي مِنْكِ، ومَنْ الحُبِّ، ومِنِّي، ويَزّعُمُ أَنَّهُ يُدرِكُ _أَكثَرَ مِنْ قَلبِي_ أَنَّ تَعَاسَتنَا سَبَقَتْ سَعَادَتنَا بِخَطْوَة، وَأَنَّ نِهَايَتنَا فَاتَتْ بِدَايَتنَا بِفُرصَة، وَيَجزُمُ أَنَّهُ _مِثل قَلبِي_ يُحبّكِ، وَيَنفِي عَنْ نَفسِهِ تُهْمَةَ أَنَّهُ يُنَاصِبنِي وَينَاصِبكِ العَدَاء.


مُحَاوَلَةٌ لِإحرَاقِ ذَاكِرَة
حِيْنَ افتَرَقنَا _أَتَعلَمِينَ بِأَنّا افتَرَقنَا؟_ غَافَلَنِي قَلبِيَ المُشتَاق؛ تَسَلّقَ ضُلُوعِي، وَقَفَزَ مَسَافَةَ عِشرِينَ جَرحَاً لِلوَرَاء .. بَحثَـًا عَنكِ، وأَظُنُّهُ _مُذ تِلكَ اللحظَةِ_ مَا زَالَ عِندَكِ، وأَظُنُّ بِأَنَّ الذِي يَنِبضُ بَيْنَ ضُلُوعِي _الآنَ_ هُوَ قَلبكِ .. أَو مَا يُشبِهُ قَلبك.
حِينَهَا .. سَكَبتُ عَلَى نَفسِي دَمعَتَين، وأَشعَلتُ نَارَ النِسيَانِ فِي ذَاكِرَتِي، احتَرَقَت الذَّاكِرَةُ وتَفَحَّمَتْ، ومَع ذَلِكَ .. لَمْ أَنسَّ شَيئَا! فَقَط .. كُلُّ مَا نَسِيتُهُ: أَنَّنِي أَحرَقتُ ذَاكِرَتِي فِي وَقتٍ مَا.
والآن .. حِينَمَا يُخَاصِمنِي قَلبِي أُصَالِحهُ بِحُبّكِ، يَرضَى _فَقَط_ لِأنِّي أُحبّكِ، وحينما يُجَادِلني عَقلِي أُمَنِّيه بِهَجركِ، يَسكُتْ عَلَى أَمَلِ أَنِّي سَأَهجُركِ، وبَيْنَ الحُبِّ وَاللاحُبّ: تُؤَرجِحنِي المَشَاعِر، وتَتَقَاذَفنِي الأَفكَار؛ أُحِبّكِ .. لَا أُحبّكِ، أُحِبّكِ .. لَا أُحبّكِ، لَا أُحِبّكِ .. لَا أُحِبّكِ .. أُحِبّك، كُلَّمَا حَاوَلَ عَقلِي أَنْ يُغلِقَ نَافِذَةً لِلحُبِّ تُطِلُّ عَلَيكِ، فَتَحَ قَلبِي بَابَاً لِلشَوقِ يُؤَدِّي إِليكٍ، وَرُبَّمَا .. هَدَمَ _بِفِعلِ الجُنُونِ_ جِدَارَا.
الجُنُون .. مَطلَبُ قَلبِيَ المَجنُون ليُحِبَّكِ بِجُنُون، والمَعقُول .. شَرطُ عَقلِيَ المَقبُول لِيُفَكِّرَ فِي حُبّكِ، وكِلَاهُمَا _يَا صَدِيقَتِي_ يُفَكِّر، وكِلَاهُمَا يَشعُر، لَكِنَّ .. أَحَدهُمَا يُقدِّمُ الشُعُورَ عَلَى التَفكِير، والآخَرَ يُؤَخِّرهُ، وحِينَمَا يَتَعَلَّقُ الأَمرُ بِكِ يَتَجَاوَزهُ.
وَأَنَا .. أَعجَبُ مِمَّنْ يَقُول: أَنَّهُ أَحَبَّ _أَو يُحِبّ_ بِلَا تَفكِير! وَهَلْ الحُبّ _فِي مُعظَمِ أَحوَالِه وَأَحيَانِه_ إِلَّا التَفكِير! وَهَلْ يَملِكُ المُحِبّ إِلَّا أَنْ يُفَكِّرَ فِيْمَنْ يُحِبّ! وَفِيمَا يُسعِدُ مَنْ يُحِبّ! رُبَّمَا أَكُونُ مُخطِئَـًا! وَلَكِنِّي _فِي مُعظَمِ الأَحوَالِ وَالأَحيَانِ_ أُفَكِّرُ فِيكِ.

مُحَاوَلةٌ أَخِيرَة
لِلذَاكِرَةِ أَبوَابٌ كَثِيرَةٌ تُؤَدِّي إِلَى النِسيَان، تُغلَقُ جَمِيعهَا فِي وُجُوهِنَا إِنْ تَعَمَّدنّاه، لِذَا .. سَأَتَغَلَّبُ عَلَيكِ بِكِ، وأَنتَصِرُ عَلَى ذَاكِرَتِي بِالتَذكَار؛ سَاُحبّكِ أَكثَر، وأَتَذَكَّركِ أَكثَر؛ لِأسلُوكِ وأَنسَاكِ، وَلَيتَنِي أَفعَل .. لَيتَنِي أَفعَل.

محمد سلمان البلوي
02-03-2009, 09:12 AM
دَعوَتَان: دَعوَةٌ لِلحَيَاة ، ودَعوَةٌ لِلمَوْت

دَعوَةٌ لِلحَيَاة:

تَسْبِقُنِي دَمْعَة .. وتَتْبَعُنِي دَمْعَتَان
جِئتُكِ _والحُزنُ قلبي_ هَاربًا مِنْ حُزنِ قلبي .. وعلى شَفَتَيَّ سُؤَال:
أتُرَانِي أبحَثُ فِيكِ عَنِّي .. أَمْ أَبحَثُ فِيَّ عَنكِ .. أَمْ كِلانَا يَبحَثُ في الآخَرِ عَنْ النِسيَان؟.

يا سَيِّدَةَ الصَّمتِ المُعَطَّرِ بأَنفاسِ الكَلام:
مُنذُ بِدَاياتِ النَبضِ .. وأَنا أَفرُّ مِنْ قَلبٍ إلى قَلبٍ .. ومِنْ حُبٍّ إلى حُبٍّ .. بَحثًا عَنْ شَيءٍ مَا .. لَستُ أَدريه .. لكنِّي أَحتاجُ إليهِ .. كَمَا يَحتَاجُ العُصفُورُ لِجَنَاحِيهِ .. كَي يَعُودَ _مُحلِّقًا_ إلى عُشِّهِ في المَسَاء.

الأفقُ خَطوَتَان:
خَطوَةٌ تَقُودُنِي إليكِ .. وخَطوَةٌ تَأخُذُنِي بَعِيدًا عَنْكِ
وأَنا مُحتاجٌ لأَنْ أكونَ مَعَكِ .. لأَنْ تكوني مَعِي .. لأَنْ نَكُونَ مَعًا؛ كَيّمَا أَعُود إليَّ .. تَعُودِين إليكِ .. نَعُود إِلينَا .. مِنْ غُربَةِ البَحثِ عَنْ فَرَاشَاتِ فَرَحٍ .. وحَمَائِمِ سَلامٍ .. كُنَّا _ومَا زِلنا_ كَالمَجَانِينِ نُطَارِدُهَا بِشِبَاكِ الوَهْمِ في مُدُنِ الأحلامِ والخَيَال.

يَدَايَ وردَتانِ .. وعَيناكِ شَمعَتان
فَفِيمَ الانتِظَارُ .. يَا مِسكَ الخِتَام ؟
والعُمرُ لَحظَتَان:
لَحظَةٌ تَمْضِي .. ولَحظَةٌ قد لا تَأتِي
فَتَعَالي نُزيِّنُ صَدرَ السَمَاءِ .. وجِيْدَ المَسَاءِ .. بالعِطرِ والضِيَاء
تَعَالي نَفتَحُ في جِدَارِ المُحَالِ .. نَافِذَةً لِلحُبِّ .. ونَافِذَةً لِلوِصَال
أَحِبِّينِي الآنْ
بِكُلِّ مَا فِيكِ .. بِكُلِّ مَا لدَيكِ مِنْ حُبٍّ .. أَحِبِّينِي الآنْ
كُونِي صَديقَتِي .. كُونِي رَفيقَتِي .. كُونِي حَبِيبَتِي .. كُونِي مَا شِئتِ .. ولَكِنْ .. أَحِبِّينِي الآنْ
لا تَخنقِينِي بالسُؤَالِ عَمَّا كَانَ .. وعَمَّا سَيَكُون
لا تُغرِقِينِي في بَحرٍ مِنْ الخَوْفِ والظُّنُوْن
دَعِي الشِرَاعَ لِلرِيَاحِ .. واترُكِي لِلمَوجِ المِجدَاف
ولنْ يَخُونَكِ البَحرُ .. ولنْ تَخذِلَكِ الرِّيَاح.
..

دَعوَةٌ لِلمَوْت:

لَنْ أَبكِيكَ .. فَلا تَكتُبني
لا دُمُوعِي سَتُطَهِّرُكَ .. ولا حِبرُكَ سَيُذِيبُ حُزنِي.

يَا رَجُلاً يَحمِلُ في قَلبِهِ أُرجُوْحَةَ أَحلامٍ، ويُخَبِّىءُ في كَفِّهِ عُنقُوْدَ آمَالٍ .. لِكُلِّ وَاهِمَةٍ هَائِمَةٍ تَحلُمُ بِالطَيَرَانِ .. ويُغرِيهَا التَّحلِيقُ بِلا جَنَاحٍ فَوْقَ غُيُومِ الخَيَالِ .. بَحثًا عَنْ كَرمَةِ وَهْمٍ .. أو عَنْ عُنقُوْدِ سَرَابٍ:
أَجِئتَ بَعدَ مَشِيْبِ الزَّهْرِ .. وانحِنَاءِ الظِلِّ .. تَخطِب وِدِّي !
أَجِئتَ بَعدَ فِرَارِ المَوْجِ .. وارتِحَالِ البَحرِ .. تُشَرِّع حَظِّي !
مَاذَا أُعطِيكَ .. والمَوْتُ كَفِّي !
وكَيفَ ألقَاكَ .. والأَمسُ دَرّبِي !
عَينَايَ تَحتَ التُرَابِ .. وقَلبِي
وأَنَا شَجَرَةٌ بِلا أَغصَانٍ .. تَتبَعُ جُذُورَهَا نَحوَ الأَعمَاقِ .. بَحثًًا عَنهُمَا وعَنهُ
يَعبُرُ (الأَحيَاءُ الأَحيَاءُ) بَوَابَةَ المَوْتِ نَابِضِينَ بِالحَيَاة
ويَبقَى (الأحيَاءُ الأَمْوَاتُ) مِثلِي
مُكبَّلِينَ بِالمَوْتِ على قَارِعَةِ الحَيَاةِ .. بِلا حَيَاة
يَلتَفِتُ المَوْتُ نَحوِي
يَنزِعُ مَا فِي صَدرِي مِنْ صَبر
ثُمَّ .. يَترُكنِي ويَمْضِي .. زَاهِدَاً فِيمَا تَبَقَى لَدَيَّ مِنِّي
تَلتَفِتُ الحَيَاةُ نَحوِي
تَزَاوَرُ عَنِّي ذَاتَ اليَمِينِ .. وتَقْرِضنِي ذَاتَ الشِمَالِ
ثُمَّ .. تَستَقِيمُ وتَمضِي .. رَاغِبَةً عَنِّي إِلى غَيرِي
عُمْرِي صَفحَةٌ سَوْدَاءَ .. يُؤَطِّرُهَا الفَقْدُ مِنْ كُلِّ اتجَاه
وحَظِّي ظِلُّ قَلَمٍ يَتَخَبَّطُ فَوْقَ سُطُوْرِ الحَيَاةِ .. بَحثًا عَنْ مَعَانٍ جَدِيدَةٍ لِلحُزنِ .. لَمْ تَقُلهَا مِنْ قَبل دَمْعَةٌ .. ولا بَاحَتْ بِهَا لِلنُورِ نَظرَة
فَدَعنِي لِظُلمَةِ القَاعِ .. دَعنِي لِمَوتِي
أَعصرُ لِلرِّيحِ حُزنَ قلبي .. وأُهَيِّىءُ لِلطَيرِ خُبزَ رَأسِي
دَعنِي .. فَمَا تَحتَ الثَّرَى .. أَعَزُّ وأَغلَى عَلَيَّ مِمَّا فَوْقَهُ .. ومِنكَ .. ومِنِّي.

محمد سلمان البلوي
05-27-2009, 08:46 PM
الكتابة بالحبر السرّي


قد يلمحونكِ بين سطوري
قد يعرفونك
قد يمسكون بطرف الخيط المؤدي إليكِ
وكلّ خيوطي تُنسَج حولك
قد يكشفون وجه التشابه بين دموعي وبين عيونك
قد يربطون - بكل ذكاءٍ - بين جنوني وبين ذهولك
قد يحرجونكِ .. قد يجرحونكِ
قد يقرؤون عليك حروفي كي يستبينوا ردة فعلك
قد يسألونكِ عني مراراً كيما تثوري، وينطق صمتك :
فضحتني ويحك ! .. فضحتني ويحك !

نقطة حرصي
أني أحبك
وأني أحاول - بكل الوسائل - أنْ لا أقول بأني أحبك
كي لا أميط لثام التساؤل - رغم المشاعر - عني وعنك

نقطة ضعفي
أنتِ وحرفي
لحرفي مدادي .. لروحك ودّي
أنت قصيدي .. وقصدي أنت
فماذا أقول .. إنْ لم أقلك ؟!

كيف أحبك .. وأنكر حبك ؟!
وحرفي يفضح سرّي وسرّك

أنت نعيمي
وصمتي جحيمي
دعيني أخلّص نفسي بنفسي
دعيني أثرثر
دعيني أفضفض
دعيني أنفّس عما بقلبي
دعيني أقولك شعراً، ونثراً
دعيني أحبك روحاً، وحرفاً

تعبتُ
كفاني أناقضُ نفسي
أغالطُ فيكِ يراعي، وطرسي

إلام أقارعُ صوتي بصمتي !!
إلام أجالدُ سرّي بصبري !!

ماذا يضيركِ إنْ يقرؤوك ؟!
ماذا يهمّكِ إنْ يعرفوك ؟!
أليس المراد أنْ لا تظلي
ظلاً لحرفي .. وحرفاً لظلي ؟!

ممَّ تخافين ؟!
وخوفي عليكِ
أشدُّ وأبلغ مما لديك

إنْ يقرؤوكِ .. إنْ يعرفوكِ .. إنْ يسألوكِ
قولي : يُحبني

قبل الختام

عند الكلام
سأرخي عليكِ ستار ظلام
وأمنح نفسي ضوء النهار

عند الكتابة
سأكتب عنكِ بحبرٍ سرّي
وأترك سرّي مشاعاً لحرفي .. دون ستار

مسك الختام

حدسُ القارىء
ليس جريمة
حين يلامس وجه الحقيقة
ولستُ المذنب
حين يقودهُ حرفي إليكِ
ليرضي فضوله

محمد سلمان البلوي
05-31-2012, 11:45 PM
يقولون: قَتَلَتْهُ رصاصةٌ في الصدر.
والرصاصةُ بريئة، والقلبُ أيضًا،
وكذا القاتل،
وأَمِيلُ إلى اتهام القائل.


***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
05-31-2012, 11:47 PM
النافذة الأخرى؛
ليست لي،
وليست لجارتي،
بل هي للجدار الوحيد الذي يفصل بيننا.


***
محمد البلوي

محمد سلمان البلوي
05-31-2012, 11:52 PM
أرسمُ شمسًا؛ ثمَّ أطفئها
أرسمُ قمرًا؛ ثمَّ أمحوه
أرسمُ قاربًا؛ ثمَّ أغرقه
أرسمُ بابًا؛ ثمَّ أغلقه
أرسمُ قلبًا؛ ثم أنساه
أرسمُ امرأةً؛
فأتذكَّرُ القلبَ، وأفتحُ البابَ، وأنقذُ القاربَ، وأسترجعُ القمرَ، وأشعلُ الشمس، ثمَّ أتعلَّقُ بضفيرتي المرأةَ؛ وأنامُ كطفلِ مُجهد.

***
محمد البلوي
يتبع ..

محمد سلمان البلوي
05-31-2012, 11:55 PM
نعم؛
لقد رسمتُ مدينة ما، على جدار ما، في يوم ما، ثمَّ محوتها؛ مخافة أنْ يُدمِّرها الزلزال.
ونعم؛
لقد تخلَّصتُ من جميع السكان، واحتفظتُ بحبيبتي فقط.
ونعم؛
حبيبتي هي الفاتنة التي فتحت لكم الباب عندما دخلتم الفكرة، ثمَّ عادت إلى مكانها المُعتاد في اللوحة المُعلَّقة على الجدار.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
05-31-2012, 11:58 PM
أحيانًا؛
أتخيَّلُ وجهكِ على شكل ورقة، وأنفكِ على شكل حرف، وفمكِ على شكل كلمة، وأذنكِ على شكل علامة استفهام، وعينكِ على شكل غابة.
أتخيَّلُ كلَّ هذا؛ وأصابعي تعبثُ بحفنة من أعواد الثقاب.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:00 AM
أحبُّكِ جدًَّا،
وهذه الـ " جدًَّا "؛ تنتشلنا من رتابة العادي، وتخلِّصنا من كآبة الملل، ومن حماقة التكرار.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:04 AM
لستُ أدري ما علاقة أقلام الرصاص بالحبِّ،
ولكنِّي كسرتُ أقلامًا كثيرة وأنا أتعلَّمه، وعند الامتحان؛ رسبت،
وما زلتُ؛ أكسرُ وأتعلَّم ..، وأتعلَّمُ وأكسر ..، .. وفي الحبِّ؛ أرسب.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:05 AM
ستذكرينَ ما بقيتْ لكِ ذاكرة؛
أنَّكِ ..، وأنَّكِ ..، وأنَّكِ فقط،
وأنِّي ..، وأنِّي ..، وأنِّي فقط،
وأنَّنا لم نكن - يومًا - معًا، ولا كنَّا نحن.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:08 AM
من بين كلِّ الأشياء المحيطة بي؛
أريدُ أنْ أراكِ وحدكِ،
وأنْ تسمعيني،
فتعالي؛
ولا تخشي على نفسكِ من الحبِّ،
فالحبُّ لا يرى ولا يسمع،
ولا أظنه يعبأ بالتفاصيلِ.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:10 AM
نبحثُ في مَنْ نُحبّ عن ما نُحبّ،
فإن لم نجد؛
بحثنا في ما نُحبّ عن مَنْ نُحبّ.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:12 AM
ستصلكُ منِّي رسائل كثيرة،
سأكتبُ لكِ فيها عن أشياء قد تبدو عادية، أو مُملَّة، أو غريبة ..،
وقد أغفلُ عن ذكر بعض التفاصيل الدقيقة،
ولكن إيَّاك أنْ تُهملي قراءتها كاملة؛ رسائلي الفارغة التي أحرقها الآن؛ ليطير رمادها إليكِ.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:14 AM
تعالي نُعانقُ الشوقَ
نزرعُ في رحم الليل شيئا
تعالي نختصرُ المسافة
نغتالُ بين حضنينا الضوءا

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:16 AM
كلَّمَا طًارَ الشَّوْقُ بي إليْكِ صَاحَ الشَّوْكُ بي:
يا فتى تَعَقَّلْ؛ إنَّ الوردةَ الـ تُهْدَى إلى مَيْتٍ تَمُوْت.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:18 AM
على الطَّريقةِ الهنديَّة أحبُّكِ،
في النِّهاية؛
لنْ تموتي؛ وإنْ أطلقتُ عليكِ ألفَ رصاصة،
ولن أنساكِ؛ وإنْ فَقَدْتُ الذَّاكرة،
أو تبيَّنَ لي أنَّني أصلًا بلا ذاكرة،
أو أنَّكِ لم تُوْلَدِي بَعْد.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:21 AM
دعوها صرخاتي تضيع في المدى،
إنْ تلقفتها آذانكم؛ تموت.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:28 AM
:: فقط .. لأنَّكِ تُحبِّينَهُ ::

البابُ الذي يتنكَّرُ لصديق؛ لا أحبُّه،
والنافذةُ التي لا تسمحُ بتسلُّل رائحة البنِّ إلى فنجاني، والسلام إلى جريدتي؛ لا أحبُّها،
والسقفُ الذي يُغِيرُ كالصعاليكِ على قافلة أحلامي ليسرق منها اسمي؛ لا أحبُّه،
والجدرانُ التي تمتعضُ من صمتي، ويزعجها التصاق ظلِّي بركبتها وبكاؤه على كتفها؛ لا أحبُّها،
والسريرُ الذي يستأثرُ بالنوم كلِّه؛ ويتنازلُ لي عن حصته في الأرق؛ لا أحبُّه
والوسادةُ التي تثرثرُ كثيرًا عنكِ؛ ثمَّ تتذمَّرُ من رائحة عرقي؛ لا أحبُّها،
وفنجانُ القهوة الذي يصرُّ على قراءة كفِّي وهو ينفثُ دخان سيجارته في وجهي؛ لا أحبُّه،
وقطَّتي التي تلتهمُ عصافير الجيران، ثم تخفي ريش ضحاياها في جيب معطفي؛ لا أحبُّها،
وكلبُ جارتي الذي يعتقدُ أنَّه فأر، ويلوذ بالفرار من قطَّتي كلَّما حاولتْ أنْ تراوده عن نفسه؛ لا أحبُّه،
والطريقُ التي يضيقُ صدرها بغريبٍ مثلي؛ لا أحبُّها،
والرصيفُ الذي لا يتسعُ سريره لمتشرِّدٍ يُشبهني؛ لا أحبُّه،
والرصاصة التي تنفذُ من صدري إلى صدر أخي؛ لا أحبُّها،
ولا أحبُّني؛
لأنِّي أحببتكِ قبل أنْ أحبَّ نفسي، وأكثر من محبتي لها،
ولا أحبُّكِ؛
لأنَّكِ أقنعتني أنَّ الحبَّ شجرةٌ، وأنَّ فأسك لن تنال منِّي،
ولا أحبُّ كلَّ امرأةٍ لا تُحبُّني،
وكلَّ امرأةٍ تُحبُّني ولا أحبُّها،
وفيما عدا ذلك؛
قكلّ مَنْ وما تُحبِّينَه ولا أحبّه؛ أحبُّه،
فقط؛ لأنَّكِ تُحبِّينَه.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:29 AM
:: خيانة الماء ::

نتمرَّنُ على الغياب حتَّى نُتقنه،
ونُمارسُ لعبة الاختباء حتَّى نختفي.

وأنا الغائبُ؛ مُذ كان الغياب يحبو على شفق الفكرة، وكانت له وجهة واحدة.
المُختبئ؛ مُذ كان الاختباء نعامة تدفن رأسها في الرمال لترَى بأُذُنّيها.
المختفي؛ مُذ كان الاختفاء قبعة ساحرٍ مُبتدئ، وكان الساحر طفلًا يُحاول أنْ يتقمَّصُ شخصية الباب.

أرسم بالطبشور الأحمر خطًا فاصلًا ما بين الجرح والجرح،
وأقيم بالسطر الفارغ سدًَّا شاحبًا يقف في وجه اندفاع الحرف،
وأطرق كل الجدران المُحيطة بي بحثًا عن باب مُحتَمَل،
لا لشيء؛ إلَّا لأتأكَّد أنَّ البابَ مُغلَق، وأنَّ الاحتمال مُحَال.

لم يُعلِّمني أحدٌ البكاء؛ وًلِدتُ باكيا،
ومن أمِّي تعلمتُ الابتسام والضحك،
ومنكِ تعلَّمتُ أنَّ الضحك أنواع، وأنَّ الابتسامات مقاسات وألوان يغلبُ عليها الأصفر الباهت.

فحين يخون الماءُ الماءَ
ينبتُ الظمأ على ضفاف السراب،
وتتشقَّقُ شفاهُ الجداول،
وتكفرُ السنابلُ بالغيمات.

كالريح؛ سرقتُ معطفَ الوقت، ومضيت،
وكالنافذة التي تحوَّل قلبها إلى ساعة حائط؛ بقيتِ مُنتظرة،
لا شيء يُجبرني على العودة إليكِ،
كما لا شيء يُجبركِ على انتظاري،
والحب الذي كان كافيًا لأن يُقيِّدني بكِ إليكِ؛
كان كافيًا لأنْ يُحرِّرني منكِ.

الحبُّ عذري؛ وإنْ أخطأتُ في حقكِ،
والحبُّ ذنبكِ؛ وإنْ التمستُ العذرَ لكِ،
قدري أنْ أكون سحابة الشوك التي تنجلي،
وقدركِ أنْ تكوني الوردة، والشوق، والظمأ.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:31 AM
:: صديقنا اللدود ::

الوقت:
كذبةُ الرَّمل،
وخدعةُ الظلِّ،
وحيلةُ بائع الساعات الذي ينجحُ - دائمًا - في إقناعنا بشراء الوهم،
ولعبةُ الأطفال التي نُحاول كسرها كي لا يتقدَّم بنا العمر؛ فلا تنكسر،
والقيدُ الذي يُزيِّنُ معاصمنا ونحن نقفزُ في الهواء فرحًا بحرِّيتنا، أو ونحن نتأنَّق - على عجل - لموعد غرامي مُفاجئ، ونجتهدُ في إخفاء شعرة بيضاء ظهرت بغتة في رؤوسنا قبل الموعد بدقيقة واحدة.

الوقتُ الذي يمرُّ مُختالًا كالطّلقة، ويقطعنا كالسيف، ويُرافقنا - وهو يُربِّتُ على أكتافنا - إلى مواعيد الانتظار؛ ثمَّ في طرفة عين؛ يتخلَّى عنَّا، ويتنكَّرُ لنا؛ مُتعلِّلًا بارتباطه بموعد آخر، مع مقعدٍ آخر.

الوقتُ الذي ينصحنا بالانتظار ولا ينتظر، وبالصبر ولا يصبر، وبالتأنِّي ولا يتأنَّى، وإنْ استعجلناه لا يتعجّل، أو استبطأناه لا يأتي، أو استبقيناه لا يبقى، أو استثقلناه لا يرحل، وإنْ ضقنا به ذرعًا جَثَمَ كالهَمِّ على صدورنا.

الوقتُ الذي نستأمنه على أعمارنا فيسرقها، وعلى أجسادنا فيستهلكها، وعلى قلوبنا فيحرقها، وعلى أرواحنا فيُفنيها، وعلى ذكرياتنا فيمحوها، وعلى أحبائنا فيقلبهم علينا.

الوقتُ الذي يقرأُ جريدة اليوم قبلنا، ويُعدُّ فنجان القهوة معنا، ويحضِّرُ حقيبة السفر لنا، ويغلقُ باب البيت خلفنا، ويستوقفُ عربة الريح لتُقلّنا إلى الغربة، ويحرسُ البيتَ بعدنا، ويكونُ معنا، وفي وداعنا، وفي استقبالنا، ثمَّ يحضرُ بنفسه مراسم دفننا، ويتقبَّل العزاء فينا، وهو يتصفَّحُ صُحف الغد كلّها، ويطالع (باهتمام بالغ) صفحات: المواليد، والأموات، والمناسبات، والحوادث، والحروب، دون أن يعرّج – كالعادة - على صفحات الأدب كي لا يضيِّع الوقت.

الوقتُ الذي لا تنفكُّ عقاربه تلسعنا، وثوانيه تجلدنا، وينفدُ منَّا؛ مع أنَّنا لا نمتلكُ فيه أو منه شيئًا، وكلما حاولنا قتله قتَلَنَا، ولا يزال يستمتعُ بقتلنا، حتَّى نقتله؛ فنموت.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:34 AM
:: عيون مالحة ::

أعرفُ ما يُبكيكِ، ومَنْ يُبكيكِ،
هذا الذي حَوَّلَ خارطة الوطن إلى خارطة حُزن، ويَتَّمَ الطيرَ، ورَمَّلَ الشجر، ولطَّخَ وجه الغيم بلون الدم، وأطلقَ الموتَ يُعربدُ في شوارع حيِّنا كأغنية نشاز، تنقرُ بأصابعها على أطراف جباهنا فتفرُّ منها الحياة، وكلَّما غَفَرَ سقطَ رأسٌ مِنْ شُرفة بيتٍ، وطارتْ قدم، واختَلَطَتْ برائحة الصبر رائحةُ الغضب.
لو كان رجلًا لرَحَل، ولو كنَّا رجالًا لتَعَجَّل، ولكنَّه كهو؛ رسولُ ظلام، ونحن كنحن؛ سيوفُ كلام، إلى أنْ يَبلغَ الفطامَ لنا رضيعٌ هُمَام؛ وقد بَلَغ.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 12:36 AM
:: هذا أنا أو أنا ::

أوَمَا استمعتْ عيناكِ لصدى النور، وهو ينحتُ ظلِّي فوق السطور، حتى يذوب وأتصاعد ضياءً أنا؟!
أوَما شقَّتْ أذناكِ صدر الظُّنون، وتلمَّستا وجه اليقين فيما أقول؛ حين أقول: يا أنا؟!

هذا أنا؛ من فوهة الحرف جئتكِ ثائرًا؛ فأميطي عن وجهكِ غباء السؤال، وانفضي عن ذاكرتكِ غبار النسيان، واقرئيني مُجدَّدًا، علَّ الحرف يُعيد إليكِ بعض ما كان من حديث الوردة للندى، والنغمة للمدى.

هذا أنا؛ من أول السطر؛ حتّى آخر الحبر، ومن بدايات العذر؛ حتّى نهايات الصبر، جئتك مُجتمعًا، لأعيد إليكِ بعضكِ، وأستردّ كلِّي منكِ، أتلفُ كلَّ الأسئلة الفاسدة في رأسي؛ وأرجم غيابكِ بالصمت، وأحرقُ كلَّ الأجوبة الكاذبة في صدري؛ وأطعم أعذاركِ للموت.

هذا أنا؛ من طين أرَّقه الجرح، ومن ماءٍ أجَّجه القُبح، جئتكِ مُنتفضًا، أجرُّ خلفي رماد عهودكِ، وسراب وعودكِ، وأتصدَّعُ ألمًا، أتصبَّبُ ندمًا، كفاني أقلِّم أظافرَ عقلي؛ كي لا يخدش مرآة روحكِ، وأروِّض فيَّ جرحي؛ كي لا يجمح رغم جموحكِ، كفاني أهشُّ عليكِ بقلمي، وأخصفُ عليكِ من ورق أدبي، كي أواري سوءة غرورك، وأستر قبح ظنونك.

وتسألين يا أنا: من أنا؟! وما أنا؟!
وتسألين: من نبَّه الرِّيح من غفلتها، وأيقظَ الدمعة من غفوتها، وأعطى للقلب شراعًا، ومنح للروح جناحًا؟!
مَنْ أسرجَ خيلَ النسيان، وقدح زناد الحرمان، وتوارى خلف الأعذار، وتلاشى كخيوط دخان؟!

هاتِ قميص الغياب، وذاكرة الأبواب، والخطى، والمدى، والأفق البعيد؛ وليحكم فيما بيننا قلب رشيد.
هاتِ بقايا حبري وحبركِ، وحزني وحزنكِ، وجرحي وجرحكِ، والذنب الوحيد؛ واستنطقيها كلَّها: من ضيَّع الحلم السعيد .. من ضيَّع الحلم السعيد؟!.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-01-2012, 06:56 PM
- هل علينا أنْ نكون أصدقاء لنلتقي كثيرًا ؟!
- فماذا سنكون إذن ؟!
- يمكننا أنْ نكون: غيمتين، أو موجتين، أو وردتين تحاولان أنْ تتسلقا جذع شجرة ما في غابة نائية، أو يمكننا أنْ نكون الشجرة ذاتها، أو الغابة ذاتها. المُهم؛ أنْ نكون أصبعين في يد واحدة لا تنفرج أصابعها، أو كفَّين لا تكفَّان عن التصفيق.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-03-2012, 12:57 AM
المرأةُ التي لا تنامُ؛
تُشرِّعُ - في كلِّ ليلة - نوافذَ الكلام،
ثمَّ تزرعُ في كلِّ نافذة وردة حمراء، وابتسامة صفراء،
ثمَّ ترقصُ وحدها؛ إلى أنْ يتجعَّد صوتها، وينكمش ظلّها،
فتغلق نوافذَ الكلام كلّها، لتفتحَ نافذة البكاء.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-03-2012, 12:59 AM
ستُغلقُ بوابةُ الموت يومًا؛ ويموتُ الموت،
فتشبَّثْ بيد الماء إذا ما امتدَّتْ إليكَ، وتسلَّقْ الضوء،
سننبتُ من فكرة ، وبالكلمة سنكون،
وسنبعثُ أحياء؛ رغم أنف الموت.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-03-2012, 01:01 AM
بينما أنا أفكِّرُ في ما يُمكنُ للشجرةِ أنْ تفعلَهُ لو أنَّني أطلقتُ رصاصةً على قلبِ العصفورِ الواقفِ على كتفها؛ سحبتْ الشجرةُ ظلَّها من تحتِ قدميَّ، فسقطتْ فكرتي، ونجا العصفور.

***
محمد البلوي
يتبع ...

محمد سلمان البلوي
06-07-2012, 08:39 PM
لا أريد أنْ أبقى وحيدًا؛
أعيدوا لي ظلِّي وشمعتي المُطفأة، واحتفظوا باسمي في سجلَّاتكم الفانية؛ فأنا لا أفتقده، ولا أحتاج إليه بعد أنْ ماتت أمِّي الغالية.

***
محمد البلوي
يتبع ...