المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كفى وعوداً


طاهر عبد المجيد
04-08-2020, 02:19 PM
كفى وعوداً
د. طاهر عبد المجيد


على مضضٍ سأكمل ما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا

وأُشعل كلَّ أحلامي شموعاً
تذيب اللَّيل أنواراً وطيبا

عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا

وكم سهمٍ توغَّل صوب قلبي
فأصبح منه جزءاً أو قريبا

وكم سهمٍ دنا فرأى سهاماً
قد ازدحمت فآثر أن يخيبا

وهل مازال في جسدي مكانٌ
لسهمٍ آخرٍ يخفي الندوبا؟

سهامٌ بعد لم تُفطم فجاءت
لتشرب من شراييني حليبا

سأشعلها ولن أبكي عليها
وإن هي صَدَّعتْ رأسي نحيبا

ولن أصغي إلى قلبي شفيعاً
لها مهما ألحَّ لأستجيبا

لقد أخطأت حين ظلمت عقلي
ولم أجعل له فيها نصيبا

وسرت وراء قلبي مستضيئاً
بماضٍ كان في الماضي خصيبا

وحين ندمت كانت شمس عمري
تودِّعني وتوشك أن تغيبا

وها هي رغبتي في العيش ماتت
وهل ما مات يمكن أن يؤوبا؟

فيا هذا الزمان كفى وعوداً
تخدِّرني بها وكفى هروبا

فمثلك أنت لم يُخلق بقلبٍ
يصير به محبَّاً أو حبيبا

وما حملت رياحك ذات يومٍ
سحاباً ممطراً يحيي القلوبا

وإن هبَّتْ على أرضٍ بخيرٍ
توجِّهها شمالاً لا جنوبا

تمنِّيني بما هو مستحيلٌ
تشاغلني به حتى أشيبا

وتسقيني على مهل بكأسٍ
مذهبةٍ قد امتلأت ثقوبا

وتسأل عن جراحي ثم تمضي
وبعد شفائها تأتي طبيبا

تداويني بآخر ما يداوى
به داءٌ وتُصْليني لهيبا

وتضحك حين أطفئها بدمعي
كما لو كنتَ ساديِّاً رهيبا

وما كانت وعودك غير ثلجٍ
يقاوم شمس صيفٍ أن يذوبا

ووهمٍ كالغشاء على عيوني
أراني درب أحلامي دروبا

وأسكرني إلى أن صار عقلي
يريني كلَّ ما حولي مريبا

أما يكفيك أنَّي لم أحاول
كغيري أن أحمِّلك العيوبا

وكنت أقول في نفسي لعلِّي
أنا من كان يجتلب الخطوبا

وكم خطَّأت نفسي رغم علمي
بأنَّك لم تكن يوماً مصيبا

عساك تجيء يوماً بانكسارٍ
تقول تعال نقتسم الذنوبا

سألتك يا زمان فلم تجبني
ولم أفهم تردُّدك العجيبا

فإن أحببت إنصافي ففكِّر
بأسئلتي وحاول أن تجيبا

فقد أرتاح إذ يرتاح عقلي
ولا أبقى كأسئلتي غريبا

وأفرغ للسِّماء بما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا

خالد صالح الحربي
04-08-2020, 05:54 PM
:
الله عليك ياطاهر.
هناك فرقٌ فعلاً بين النصوص التي تُكتب بنضج
وبين النصوص التي لا زالت تحبو ..
🌹

سيرين
04-08-2020, 08:32 PM
شكرا لـــ شعر تبنى ميلاد المساء في ابهى حُلة
وامتع الذائقة بسحر البيان
سلمت يمناك شاعرنا ودام غيثك يانع الجمال
مودتي والياسمين

\..:icon20:

قايـد الحربي
04-08-2020, 09:24 PM
:


عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا !!!!!

،

يا طاهر
حرفك بالغ الطهر / طاهر البلاغة ،
سلسٌ يتقاطر عذوبة .

أنت دائماً مبهرٌ حدّ الدهشة
فشكراً لك كثيراً .

طاهر عبد المجيد
04-14-2020, 11:07 PM
أشكرك أخي الشاعر خالد على هذا على هذا التعليق الجميل والمعبر عن فكرة يحتاج شرحها صفحات وصفحات. أعجبني تصويرك للنص غير الناضج بالطفل الذي مايزال يحبو. ولعل معظم الشعراء مروا بهذه المرحلة في البداية وكان عندهم الكثير من هذه النصوص. وأذكر أن الشاعر الكبير محمود درويش قد تخلى عن أول ديوان شعر كتبه وكان في مرحلة الصبا، وحينها كان متأثراً بالشاعر الكبير نزار قباني.
كلنا يولد صغيراً ثم يكبر، وكذلك الشعر. المهم هو الصبر والمثابرة على القراءة والاطلاع على تجارب الآخرين وأن يمارس الشعر كهواية لا كمهنة.
أشكرك مرة ثانية مع صادق الحب والتقدير. تحياتي.

طاهر عبد المجيد
04-14-2020, 11:09 PM
الأخت الكاتبة الرائعة سيرين:
أشكرك من كل قلبي على كلماتك الرقيقة التي تخصين بها قصائدي.
تحياتي ومودتي.

طاهر عبد المجيد
04-14-2020, 11:09 PM
أشكرك أخي قايد على هذا الإطراء الذي يسعدني ويخجلني في نفس الوقت ولا حيلة لي في الارتقاء إلى مستوى كلماتك الجميلة وبيانك الساحر إلا بذل مزيد من الجهد لتقديم كل ما هو جديد وجميل يليق بهذا المنتدى الرائع.
تحياتي ومودتي.

حسن زكريا اليوسف
04-15-2020, 04:59 PM
كفى وعوداً
د. طاهر عبد المجيد


على مضضٍ سأكمل ما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا

وأُشعل كلَّ أحلامي شموعاً
تذيب اللَّيل أنواراً وطيبا

عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا

وكم سهمٍ توغَّل صوب قلبي
فأصبح منه جزءاً أو قريبا

وكم سهمٍ دنا فرأى سهاماً
قد ازدحمت فآثر أن يخيبا

وهل مازال في جسدي مكانٌ
لسهمٍ آخرٍ يخفي الندوبا؟

سهامٌ بعد لم تُفطم فجاءت
لتشرب من شراييني حليبا

سأشعلها ولن أبكي عليها
وإن هي صَدَّعتْ رأسي نحيبا

ولن أصغي إلى قلبي شفيعاً
لها مهما ألحَّ لأستجيبا

لقد أخطأت حين ظلمت عقلي
ولم أجعل له فيها نصيبا

وسرت وراء قلبي مستضيئاً
بماضٍ كان في الماضي خصيبا

وحين ندمت كانت شمس عمري
تودِّعني وتوشك أن تغيبا

وها هي رغبتي في العيش ماتت
وهل ما مات يمكن أن يؤوبا؟

فيا هذا الزمان كفى وعوداً
تخدِّرني بها وكفى هروبا

فمثلك أنت لم يُخلق بقلبٍ
يصير به محبَّاً أو حبيبا

وما حملت رياحك ذات يومٍ
سحاباً ممطراً يحيي القلوبا

وإن هبَّتْ على أرضٍ بخيرٍ
توجِّهها شمالاً لا جنوبا

تمنِّيني بما هو مستحيلٌ
تشاغلني به حتى أشيبا

وتسقيني على مهل بكأسٍ
مذهبةٍ قد امتلأت ثقوبا

وتسأل عن جراحي ثم تمضي
وبعد شفائها تأتي طبيبا

تداويني بآخر ما يداوى
به داءٌ وتُصْليني لهيبا

وتضحك حين أطفئها بدمعي
كما لو كنتَ ساديِّاً رهيبا

وما كانت وعودك غير ثلجٍ
يقاوم شمس صيفٍ أن يذوبا

ووهمٍ كالغشاء على عيوني
أراني درب أحلامي دروبا

وأسكرني إلى أن صار عقلي
يريني كلَّ ما حولي مريبا

أما يكفيك أنَّي لم أحاول
كغيري أن أحمِّلك العيوبا

وكنت أقول في نفسي لعلِّي
أنا من كان يجتلب الخطوبا

وكم خطَّأت نفسي رغم علمي
بأنَّك لم تكن يوماً مصيبا

عساك تجيء يوماً بانكسارٍ
تقول تعال نقتسم الذنوبا

سألتك يا زمان فلم تجبني
ولم أفهم تردُّدك العجيبا

فإن أحببت إنصافي ففكِّر
بأسئلتي وحاول أن تجيبا

فقد أرتاح إذ يرتاح عقلي
ولا أبقى كأسئلتي غريبا

وأفرغ للسِّماء بما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا



أيها الطاهر
قوافيك كقلبك نقية صافية
حسبك هذه النفس اللوّامة
التي تحمِّل ذاتها أكثر مما تحتمل
وتلقي عليها وزر ما لم تقترف
لأنها نفس طيبة نقية طاهرة
ولكن فلتطمئن نفسك أيها الطاهر
فهذه الطاقة الشعرية الحية تتنامى فيك باضطراد وتألق
هي وحدها تكفي لأن تطلق لأجلها أجنحة الأمل
قصيدة رائعة كأنت
تعجبني وتثلج صدري بتمكنك اللغوي
الذي لا أجده عند الغالبية العظمى مع الأسف
فأنت تجمع بين رهافة الإحساس وحُسن التعبير
وفقك الله
مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف

نادرة عبدالحي
04-17-2020, 05:39 PM
ليست قصيدة شعر لها جماليتها الخاصة بها رغم الألأم بحسب إنما قضايا

ينهض الشاعر بالقضية التي تؤرقه من وضعها الطبيعي إلى النهوض الغير


المألوف يوصلها مصدر صدق الوجع الذي تُعاني منه الذات المجروحة


في مدخل النص نرى قرارا ذاتيا يصدر سأكمل ما تبقى من العمر على كره


على مضضٍ سأكمل ما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا


في هذه الابيات يخبرنا الشاعر اين كانت تقع الأسهم

من جسده ،(وما الاسهم إلا رمز) أما وقوعها في الظهر ما هو دليل الا الغدر

وعدم المواجهة للضحية ،

عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا


وأسهم أصابت القلب وقريب منه
فهذه الأسهم أصبحت جزء من القلب

وكم سهمٍ توغَّل صوب قلبي
فأصبح منه جزءاً أو قريبا




صورة فنية هنا وتساؤل لكمية السهام التي رأت
ازدحام الاسهام السابقة فأثرت ان يكون وقعها مخيبا ،
وكأن الشاعر يود ان يقول ان السهام ارحم من راميها ،

وكم سهمٍ دنا فرأى سهاماً
قد ازدحمت فآثر أن يخيبا


لهذه الصورة وهذا الوصف يتوقف النبض
ويأخذ شهقة إدهاش ،

سهامٌ بعد لم تُفطم فجاءت
لتشرب من شراييني حليبا

الشاعر الفاضل طاهر عبدالمجيد بلاغة العبارة وبراعة التصوير وإبداع تملكه
يجعل من قارئكَ أسير بين سطور القصيدة ، وسلامتكَ الف سلامة من ضرب السهام ،

طاهر عبد المجيد
04-18-2020, 12:37 AM
أشكرك أخي حسن على رأيك بالقصيدة وهو رأي أعتز به كونه صادراً من شاعر متمكن وصادق لا يحابي أحداً في رأيه ويفضل الغياب وعدم التعليق حين لا يعجبه نص ما حرصاً على مشاعر صاحب النص المتواضع. وهو في الحقيقة غياب أشبه بالحضور الذي يستخدم الصمت لغة في التعبير.
رأيك هذا وسام أعلقه على صدر القصيدة التي سعدت بمرورك بها قبل سعادتي وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن ظنك في كتابة نصوص جديدة وراقية تخدم الشعر وتليق بهذا المنتدى الراقي.
أشكرك مرة أُخرى مع خالص المحبة والتقدير. تحياتي.

طاهر عبد المجيد
04-20-2020, 01:33 AM
الأخت الكاتبة العزيزة نادرة عبد الحي:
أشكرك على هذا التعليق الجميل والتحليل السريع لجزء من القصيدة ربما أخذته كعينة تجرين عليها التحليل النقدي للحكم على بقية القصيدة. ولقد سعدت برأيك هذا وأتمنى أن تكون قصائدي القادمة على مستوى ما قيل في هذه القصيدة وجديراً بثقتك فيما أكتب. لك مني كل المحبة والتقدير. تحياتي.