تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كـ الزئبقِ في محبرتي !


د. منال عبدالرحمن
11-30-2007, 02:55 PM
"هي" لا تدري مالّذي جاءَ بِها إلى هُنا ..

تريدُ فقط أن تثبتَ لهُ أنَّها قادرةٌ على البُكاءِ بِدونهِ .. قادرةٌ على الضَّحكِ حتّى و إن غابَ ظلّه العابث عن ذاكرتها المشحونة به !

هي لا تدخن ولكنها اشترت علبة سجائر من النوع الذي لا يحبه لتثبت له أنها قادرة على نفثه في الهواء من صدرها كما كان ينفث زفرات همومه و رغبته أمام امتدادات عينيها ..

اشترت جريدة مكتظة بالسياسة التي لا يحب ... تعلم كم يكره الجرائد .. كان يردد دوما " لن أشتري كذبهم باشتعالاتي " فالجرائد في نظره مرآة لا تعكس إلا أعين أولئك المتخمين بالسعادة الزائفة أما نحن فمجرد متلقين لسخطهم وانفعالاتهم أو أيادٍ تصفق لانتصاراتهم وخيراتهم !

ولكنها أرادت أن تثبت له كم هي قادرة على الحياة خارج دائرة تفكيره وعلى الثورة على كل اتجاهات عقله ..

ستشرب القهوة اليوم وستضع فيها الكثير من السكر كي تنسى مرارة اللون الأسود الذي أهداها إياه آخر مرة .. كي تنسى عباراته الملتفة حول عنقها كحبل مشنقة " بلا سكر ؟ .. طبعاً فأنتِ يا حبيبتي السكر ! "

ستحبُّ السّكر وستكرهه وستملأ جوفها بحلاوة السكر وتفرغه من مرارة الصبر عليه وله وبسببه !

لن تسمع اليوم موسيقى تذكّرها به .. يكفيها ضجيج أرواحهم هنا .. ستُنصت لهم وستخبرهم أن الذاكرة نقمة و أن اللامبالاة نعمة يجود بها النسيان على مُعدمي الحب !

د. منال عبدالرحمن
11-30-2007, 02:57 PM
في الزّاوية المقابلة لها جلسَ رجلٌ في يده كتابٌ وقلم .. لفت نظرها حاجباه المتعانقان كطفلين هاجمهما الإعصار بغتةً وهما وحيدان .. أصاخَت السَّمع إلى تمتمات روحه ..

يقرأ كتاباً أهدته إيّاه ذات يومٍ حبيبة .. كان يقرأ حرفاً ويكتبُ أسطورة ..

وكلما مرّت كلمة الانتظار شطبها بعنفٍ من ذاكرته ثم أحاطها بدائرةٍ من أحمر دمه .. وتابع و أرقه يحتضر ..

وجهها كان يطل عليه كلما مرّ بهذيانه حرف الحاء فكان يحمل غضبه ويضربها به ثم يبكي بين يديها متوسلاً عفوها راجيا عودتها ثم تعود لذاكرته ضحكتها الموسيقية الضاربة على أوتار وجعه والمُراقة الآن على سفح جبلٍ آخر فتشتعل أوردته النافرة ويقذف حمم لامبالاته أمام الاهداء الذي طرزته يداها على أول صفحة فلا يبقى بداخله سوى رماد يشبه بقايا وجهها العالق في مخيلته !

لم يستثير هذا الرجل ذاكرتها بـ "هو " .. هذا ما أراح دموعها المنهمرة في رئتيها وأكسب ذاكرتها ثقة تزداد بالنسيان !

د. منال عبدالرحمن
11-30-2007, 03:17 PM
في الجهة الأخرى وعلى مقعدٍ متشبثٍ بالأرض كذاكرة ... جلست امرأةٌ في يدها طفل رضيع .. كان صوتها أعلى من صوته الذي كان يحاول اجتذاب لهفتها الضالة إليه ..

ولكن صخب روحها كان أكثر ضجيجا .. كانت تحاول أن تستعيد نفسها التائهة بينه وبينها ..

تفكر يوم أهدت إليه حلمها الأبيض و اختارت لنفسها دفء روحه الذي وهبها أجنحة زرقاء طارت بها فوق حقول رغبتها المدفونة في صناديق اغتيال الفرح السريّة !

كان يختال بها غيمة بيضاء .. تمطر طهراً مملوئاً به .. وكانت هي لا تملّ العزف على موجاته أنشودة الحب والربيع ..
كانت تحب كثيراً نظراته المشعة بها ونظراتهم التي كانت كل لقاء تغبط سعادتهم الملونة ..
ويوم أهداها الزمن فرحة تنمو في أحشائها .. أهداها هو طعنة غيابه بلا رجعة .. وتكومت هي في حضن البكاء واستعادت حنينها في مواكب الأمومة الضالة به والمهتدية بنجم ذبذبات صوته الذي اختار السماء وطناً .. فبقيت هي بلا وطن !!

صراخ ذلك الطفل الذي ما لبث أن هدأ بمجرد أن لامست احتياجه يدا أمه المرتجفة وحنان صدرها المؤجج بألم الفقد .. ذكرها بـ" هو " , باحتجاجاته على نظراتها إن ابتعدت عنه .. برغبته في سرقتها من اهتمامها حتى به !
أوجعها ذاك الطفل وأعاد بمشرط دموعه نكأ جرحها به .. فحولت وجهها الماطر عنهما والتفتت إلى ضجيج آخر ....

هناك حيث ....

العـنود ناصر بن حميد
11-30-2007, 03:40 PM
هناك حيث ....





الترقب هنا له رائحة المطر
.
.
سأكون من المنصتين .. للغيم

http://www.moq3.com/img/up112007/LkA29923.gif

خنساء بنت المثنى
11-30-2007, 08:37 PM
هو وهي وحكايا أمتدادها بحرٌ وجعٍ لا ينضب

مدهشه اخيتي

ومنصته بخشوع

مودتي وأحترامي

د. منال عبدالرحمن
12-01-2007, 05:08 AM
العنود .. صديقة الروح


العزيزة خنساء بنت المثنى ..


حتماً للمطر .. بقية !


كونا بالقرب !

الشُّكر أطواق من الياسمين !

د. منال عبدالرحمن
12-01-2007, 05:13 AM
هناك حيث التقت عيناها بتجاعيد ذاكرة تمارس تأبين الفرح في خشوع ..

كان جالسا هناك .. تعلو رأسه خطوط بيضاء ترسم طرقاً سار بها وسارت به .. على وجهه تركت الأيام توقيعها الأكثر عبثاً .. وفي عينيه ضوء مراقٌ على أخاديد الفرح ..مدهشة تلك الابتسامة الضالة على شفتيه .. تبعث على البكاء أو ربما السعادة أو ربما الانتشاء حنيناً ..
كان فيها شيء غامض يربك الذاكرة .. وفي ذبذبات روحه أكثر من موجة للأرق ..

كان يبكي بصمت .. يستعيد حنين ثورته الأولى .. يوم كان لحلمه الأول جهة واحدة تناسلت منها جهاتهم الأربع ..

ثم جاءوا يحملون فرحه ضحكات طفولة كحبات الأرز الخضراء يتناثرون في حديقة سعادته كأشجار الليمون ..
كان يرى حلمه يكبر فيهم ويراهم يصبحون مجرّات جديدة للأمل .. وتكبر بتلك النجوم المضيئة فتصبح عينيه شمساً تدور حول أهاليل طموحاتهم !

ولكنه اكتشف متأخراً .. أنه مجرد عتبة على سلّم نجاحاتهم .. درجة ثانية لابتكارات طموحاتهم .. معبر بلا حواجز من زرقة عينيه إلى بياض نظراتهم ..
أصبح هو على هامشهم بعد أن كانوا في مركز دورانه .. أصبح موازيا لماضٍ يخشونه لا نهاية له ولا مفر منه سوى بتره !

مرهق كان نحيب الرجولة في يديه .. رعشة القوة التي ما زالت تقطن شفتيه .. نظراته المليئة بالحكمة .. كل ذلك أرهقها أكثر .. وجعلها تفكر في " هو " .. في نقاشاتها معه .. في اختلاف آرائهما ومحاولاته الناجحة في اقناعها بأبجديته !


حقاً مرهق ..

تنهدتها بحرقة .. وتركت العجوز يمارس الألم وحيدا كما اختار أو لم يفعل وذهبت تمارس الانتحاب هي أمام جرح آخر .. !

ثم ....

عبدالرحمن الغبين
12-01-2007, 01:08 PM
ثم ..

أترقب أيضاً.
رائعة يا منال.

مروان إبراهيم
12-01-2007, 01:52 PM
:

مذهل !
مذهل !
يا منال
جهاتك الأربع
تشتعل [ جمال ] !

:

التحديق قبل و بعد [ ثم ] !

!

د. منال عبدالرحمن
12-02-2007, 03:50 PM
الأستاذ عبد الرحمن الغبين ..

الأستاذ مروان ابراهيم ...


مروركما نور .. فشكراً !

د. منال عبدالرحمن
12-02-2007, 03:55 PM
ثم ....اصطدمت عيناها بحاجز الصمت الذي كان يحيط بذلك الشاب الجالس على الكرسي يتأرجح على حافة الهاوية .. حاولت الإنصات إلى همس روحه المتقاطع مع الزفرات الحارقة الممتلئة بتلافيف ذاكرته ..

منذ سنة بالضبط كان يملأ الأرض اختيالا وفرحاً .. كان يراهم مارين بجانبه ويفكر كيف للحياة أن تجعل حاضرهم أسودا وكيف يستطيعون التصالح معها من جديد ..
لم يكن يشغله سوى قشور ملونة تغطي واقعه اليومي .. وتجعل أيامه مليئة بضجيج الفرح الفارغ .. لم يوقف شيءٌ ماءَه الراكض نحو بحار الغيم والراكد اليوم هنا لا يعكره سوى حجر ترميه نظرة على زجاج عجزه !
هو اليوم هنا جالس في طابور الموت ... ينتظر دوراً قد لا يأتيه .. غير قادر لا على الصراخ ولا على النهوض من جديد .. عوده مقطوع من الداخل لم يفعل شيئا لترميمه يوماً ليقوم هو بترميمه اليوم !
نظرة أخرى / آخرة رماها بها .... ثم مضى و أحزانه تتبعه !

آلمها ما سمعته .. ذكرها بعجزها أمام " هو " .. وبقدرته على جرف أحاسيسها أثناء غضبه ثم محاولته استعادة تربته المنهارة على جذور صبرها !

ستهرب مجددا منه ..أشعلت سيجارة وأشعلت معها ذاكرتها .. وقبل أن تستنشق احتراقها امتلأت رئتيها بالحنين إلى رائحته .. إلى أصابعه التي تعانق سجائره وتمارس معها رقصة الانتشاء.. إلى عروق يديه الخارجة عن قانون جسده و المتمردة على دمه ..
رمت بها بعيداً .. غير قادرة هي على إحراقه داخل رئتيها .. ستجرب مجدداً .. ربما بعد أن تتناول جرعة جديدة من " هم " , أولئك الذين ملأوا الفراغ حولها بدواخلهم !

آنا كارينين
12-02-2007, 04:53 PM
العطرة دائماً أينما هطلت
[ منال عبدالرحمن ]


حروف ذات عمق ...
و مفردات تلون الصورة بصدق إحساسها .

منال...
أتمنى أن يبقى هذا المتصفح وأن لا يتوقف حرفك هنا .

ولكن...
دون وعد بأن نتابع بصمت .

تحياتي وخالص إعجابي

خالد صالح الحربي
12-02-2007, 10:55 PM
:
كَغَيمَةٍ هذا المُتَصفّح ،
يوزّع القطرات على الأرض المُجدِبَة بالتّساوي ،
لـِ..تُعشِب ،
وَتُعشِبْ
وَ تُعشِب .

شُكراً بكُلّ اللُّغَات ,

د. منال عبدالرحمن
12-05-2007, 10:36 AM
الجميلة .. آنا كارينين


الأستاذ خالد صالح الحربي ..




ستثمر حتماً تلك الأشجار التي زرعتموها هنا !


شكري وتقديري !

د. منال عبدالرحمن
12-05-2007, 10:53 AM
صوت نحيبٍ عالٍ تعالى من ورائها .. شهقاتٌ تشبه أصواتَ الاغتيال .. أو ربما سقوط النيازك على بيادر القمح .. أو اعتداء نهر على عرق الفلاحين المغروس على جوانبه ..

صواعق كانت تنزل على أرواح متداخلة وضوء خاطف يسرق النظر وأشياء أخرى كثيرة أجبرتها على الإلتفات إلى الوراء ..

هناك حيث جلست امرأة ترتدي الجمال .. عيناها الوسيعتان كاحتفال البدر بعيده الخامس عشر كانتا تفتقدان للنور .. أبيضهما هارب وأسودهما مختبأ !

يوم عرفته .. اكتشفت أنوثتها على يديه .. كان هو رجلها الاول وكانت هي أنثاه العابرة .. ويوم رحل .. حاولت استعادة قلبها المرمي على أرصفة الكذب ,
وكان أولئك المتسكعون في دروب النقاء .. فريسة هزائمها وتشردها وانكسارها !

هي تحصي اليوم عدد قتلى حروبها مع جثة الزمن .. وترقص ألماً على قبرها المخبوء في ملجأ صوتها .. هي اليوم تريد فقط الانتحاب بصدق .. البكاء بدموع شفافة لا يسيل معها الأسود الجاثم على روحها !
..
لم تستطع " هي " الاستماع أكثر لبكاء روح تلك المرأة المتصاعد .. فلجأت إلى نفق ذاكرتها الأزرق .. في محاولة لشرب قهوتها الساخنة حد الاحتراق .. فتحت أكياس السُّكر الصَّغيرة الثلاثة ووضعتها في الفنجان البلاستيكي كانتظارها .. وبدأت تشرب حلاوة تمرد ذاكرتها عليه ..

رشفة .. اثنتان .. ثم بدأ السُّكر يُحرق أنفاسها , لم تتوقع أن تكون حلاوة البعد عنه أقسى من مرارة قربه !

فكَّرت ..

الأفضل أن تغيّر مكانها لربّما استطاعت الهروب من ظلّه الملتصق بجبينها الّذي يقطرُ منه المطر ..

إغفاءة حلم
12-05-2007, 08:25 PM
غيمة العطر ..

منال عبدالرحمن ...
هنا كُنت .. أسعى جاهدة .. على حشد كمية أكسجين الحرف .. برئة ذائقتي ..
وتكاثرها داخلي تنفس .. في كل مرة أعود ...
حتى فقدت ذاكرة ذائقتي .. كيف تزفر شُعلة الثناء .. دون أن تترمد الحروف ...

:) أنفاس عطر المودة .. لكِ وأكثر ...

د. منال عبدالرحمن
12-05-2007, 11:19 PM
الجميلة اغفاءة حلم ..

وحده الواقع يجعلنا نكتم أنفاسنا علّنا نحتفظ ببعض أوكسجين الحلم !


كوني بالقرب !


لكِ محبّتي !

د. منال عبدالرحمن
12-05-2007, 11:23 PM
في زاوية ما اخترق صوت واهن حدود الصمت ...

صوت متقطع يتعالى بين الرجاء وبين الكبرياء ليقول " مع السلامة " ..

فتاة جالسة يرتديها الأسود وشاب يعتليه الفرح يغادر نحو حلم .. وتبقى هي هناك كمطار أرهقه التلويح !

كان يمشي أمامها و أنفاسها تتبعه .. تتشبث بأطراف قميصه .. تسأله ابتلاع كلماته التي أشهرها في وجهها وقطع بها حبال استقرارها الروحي ..
تسأله غصة أو موتاً يعيده إليها كأول يوم رأته .. مفرط النور .. باذخ الحزن , يومها قصّ عليها انكساراته وأودعها دموعاً أقسم أنه لم ينزفها أمام غيرها .. كان بريق الألم في عينيه يستفزّ حواسّها .. فأحبّته .. وظنّت أنّه يفعل !

اليوم هو هنا ..يحكي لها كما قال أنه تعوّد , حكاية نبض قلبه لامرأة أخرى و اشتعالات الحب في جوانحه و أرق الشوق في ذاكرته .. !

يقول أن سمعها احتضن احتضارات صوته ذات سقوط .. ولا بدّ ان تكون أول من يحتضن فرحه حين حبّ !

ستمضي تجر أذيال الوجع , تلعن الصمت و الذاكرة المكلّلة بالاستيعاب المبني على الوهم و كل بروتوكولات الصداقة وأعراف المودّة المبنيّة على الجهل !

..

ما أقسى الذاكرة .. تمتمت " هي " ,

تمنّت لو استطاعت الذهاب إليها ومشاركتها الانتحاب بصمت ولكنّ ذاكرتها أمسكت طرف ثوبها وعلّقته بمسمار التمرّد على " هو " ..
يوم كان يعطيها دروساً في الحرية وتتظاهر هي بالفهم وتبكي بعيداً عنه احتراقها واشتعال غيرتها !

د. منال عبدالرحمن
12-07-2007, 04:43 PM
ثوبها .. !


لماذا جرّتها هذه الكلمة إلى أقاصي الذاكرة حيث كان ثوبها أغنيته ؟

يااااااااااه أيتها الذاكرة .. ألا حريّة من ديكتاتوريّة حبّه , ألا هرباً من سجن أنفاسه , أو مخرجاً من أغلال عينيه التي تكبل كلّ حلم ؟

فكّرت ماذا لو أحبّت سواه كما كان يخشى دائماً ويتحرّى أنفاسها بحثاً عن نظرات متمرّدة ويُخمد نيران شوقها بصراخ الشكّ في صمته ؟

ماذا لو عاقبت ذاكرتها المشحونة بتفاصيله باعتناق مذهب آخر للحب غير مذهبه ؟

هل سيتغلب حينها انتصارها عليه على هزيمتها أمام نفسها ؟


ألم تحاول اقناعه ذات رجاء بأن الحب ظاهرة لا تتكرر ,

وحينها تعلّل هو بالظروف وأخذ يرسم لها لوحة أفكاره بواقعية تمقتها كـ غيابه ؟!

فجأة أحست بوخزٍ في قلبها الذي أعلن الاضراب على أفكارها الممتنعة عن التصويت !

ولم يخرجها من كل هذا الشغب سوى صوت ضحكات يبدو أنها دخلت المكان صدفة واحتلت أخضر مقاعده ....

مها الأحمد
12-08-2007, 03:16 PM
منال : )

رائعة بهكذا قبض على هذه اللحظات
وهذه الدهشة المطرية تأتي في وقتها لروحي ،

وهناك سؤالا يلح عليّ!
ماذا يمكن أن يحدث لو قبضتِ وقتا أطول لدهشتي بكِ ..


http://alsafa.net/vbb/pic/flow880ol.gif

عبدالعزيز رشيد
12-09-2007, 03:27 PM
جمييييل جدا هذا السرد
أثناء القراءة تفاجئنا _ تعابير زئبقيّة _ تسري تنزلق في قراءتنا بكلّ دهشة وفي الخيال مشهد يشدّ البال كمظهر الزئبق المضطرب
والأجمل من ذلك عمق الشعور في الحديث والتعبير
"ذاكرتها المشحونة به"
"فلا يبقى بداخله سوى رماد يشبه بقايا وجهها العالق في مخيّلته"
"على وجهه تركت الأيّام توقيعها"

متصفّح غنيّ بمثل تلك العبارات المضيئة بـ جمالها
أختي\منال
تحيّة لـ روحك

د.فيصل عمران
12-13-2007, 11:56 AM
للحديث في هذا المطرح .. متعة الشتاء

شكراً لانفاسك المتوهجة على الدوام

يــامنال .

د. منال عبدالرحمن
12-30-2007, 04:12 PM
مها الأحمد .. ربّما ستنبت في يدي غيمة يا صديقتي !

الأستاذ عبد العزيز رشيد .. شكراً لقرائتك العميقة !

د.فيصل عمران .. ازدان المتصفح بتواجدك !



شكراً لكم !

د. منال عبدالرحمن
12-30-2007, 04:19 PM
يتراكض الفرح بين أقدامهما .. ضحكة عليلة تُسابق نسمات الهواء الشّديدة الحرّ التي كانت تلسعُ أطرافَ صبرها على الذّاكرة ..

حكايات الأمل المنبثق من رحم طهرهما الأخضر وبراءة القيود على معصم مستقبلهما الأبيض ,,

فستانها الورديّ وقميصهُ الأزرق .. كحلمٍ بدأ باغفاءة رضا ولمّا ينتهي بقطعة حلوى !

شيءٌ ما هَربَ من جيبِ بنطاله المُكتَحل بلونِ صدرِ البحرِ ساعةَ معانقته للقمر ..

حجرٌ صغيرٌ شديدُ البياض , هَمَسَ في أذنها ثم أودَعَه يداها الصّغيرتان كأنه يأتمنُ الأرضَ كنزَهُ !

احتضنَت هيَ سرّه الكبير , اقتربَت منهُ بعينيها المضيئتان ثم ركضَت بعيداً تقطفُ قرنفلةً صفراء متجاهلةً صيحات الغضبِ المتراكضة حولَ فرحها من ذاكَ العجوزِ الذي ما اعتاد سوى غمامات البؤس !


شيء ما جعلها تركض نحوهما تحمل طفولتها الضّالة في عينيها وترجو أماناً يشي بالفرح في حضرةِ نورهما !

ستعطيهُما قطعةَ الشوكولاتة الصغيرة التي اعتادَ كلّ صباحٍ أن يقدمّها لها مع فنجان القهوة , هما الآن أقدر على ابتلاع حلاوتها والشعور بلذة السعادة المرافقة لذوبانها على أطراف لسان النشوة !

عادت بالقرنفلةِ الصّفراء التي جادت بها سعادتهما على أعاصيرِ دموعها إلى مقعدها و عادت بذاكرتها يوم أهدتهُ وردةً صفراء فاتّهمها بالغيرة مدعياً قدرته على تحليل اختلاجات نفسها غافلاً عن قدرته في تشكيلها !

يومها تساءَلت ..

هل يمكن تحليلُ الحبّ في مختبر ؟؟ !!

بدر الحربي
12-30-2007, 10:43 PM
.
.
.



مساء الخير
أختي الفاضلة
[..منال عبدالرحمن..]


لم أندم على نص
فاتتني قراءته
في فترة غيابي
كـ هذا النص..

كلماته تشبه تفاصيل الحياة
حروفه صورة مستنسخة
من دموع الأطفال
وألوان الفرح الغائب


قرأته أكثر من مرّة ولن أكتفي..



\


أسعد الله قلبك في الدارين


http://www.m5zn.com/uploads/f067958b14.gif

د. منال عبدالرحمن
01-03-2008, 12:31 PM
الأستاذ بدر الحربي ...

أهلاً بكَ مرّاتٍ كثيرةً في زوايا هذا النص .. سترحّب بذائقتكَ الحروفُ كلّ مرّة !


شكراً لكَ يا أخي !

د. منال عبدالرحمن
01-14-2008, 01:53 PM
كانت دوماً كفّة تساؤلاتها راجحة .. بينما كانت الإجابات تعاني اليُتم و النفي !

" هي " اعتادت أن تكلّل السؤال بطوق من القناعة , كيلا يصبح هاجساً يحرمها متعة تلك اللحظات التي اختارت أن تمارسها في اجازة من التفكير !

اليوم لم يكن اجازة , هكذا اكتشفت هي بعد أن عادت من ذاكرتها إلى محيطها المليء بأصوات آلامهم ,
تُرى لماذا كانت تظنّ أن السّعادة خبز الناس اليومي , وأن الحزن وليمة فاخرة لا تأتي إلا حين ترف ؟
ولماذا فنّدت هذه النظريّة نفسها عند أول ارتطام بأرض الانصات الأكثر هدوءاً ؟

توقن " هي " اليوم أن الحزن كريمٌ جداً , وان السّعادة وحدها الأنانيّة !
ربّما لهذا السّبب لا نرى حزن الآخرين وألمهم إلا حينَ تطالنا يدُ الوجَع , أو ربّما كنّا نرى ولا نُبصر !

شيءٌ ما يجعلها تفكّر بالموت ذلك الوحيد القادر على انتزاع الدّمع من المآقي دون أن يولّد الحقد !

كانت الأفكار تتوالد في عقلها بلا توّقف , وكان الضجيج حولها يزداد ..
وفكّرت ماذا لو غادرت هذا المكان ؟
ولكنّ خوفها من أن تلقى دفئه , صوتَه و حنينها إليه في الأماكن الأخرى التي جمعتهما ذات حب , أثناها عن قرارها و جعلها تعود للجلوس على كرسيّ آخر ..

د. منال عبدالرحمن
01-14-2008, 03:28 PM
هناك .. كان يقاومُ البكاء رجلٌ يعتليه الشّحوب ويمارس الفقد على وجهه عنجهيته و استعراض قدراته على سـرقــة النّبض من أوردة الحياة !

كان صوتُ ذاكرته غريباً , تارةً يعلو وكأنّه سوطٌ يمارس تعذيب أحدهم , وتارةً اخرى يجهش بالبكاء فكأنّه هو المُعذّب !

اقتربت روحها أكثر من نظراته التائهة , شيءٌ ما يمزّق صدره ويُخرج كلَّ ما جمعته السنين في روحه من ألم !
كلمات والده في طفولته عن حُلمه في أن يصبح ذات يومٍ رجلاً يحمل اسم العائلة وينجب أولاداً كثيرين يملأون أدراج ذلك البيت العريق , يقطفون حبّات الليمون من أغصان تلك الشجرة المتعربشة أغضانها على جدرانه , و تتساقط الياسمينات البيضاء فوق فرحهم كلّما ملأوا أركانه باصوات ضحكاتهم ..

ثم صدمتهُ الأولى بعدَ أن اختارها حبيبةً تحمل أحلامه وتنجبَ أمنياته .. صدمتُه بانّه الوحيد الذي يقف عائقاً امام كل السّعادة التي وعد بها نفسه و هي و والده !

انهيار كلّ شيء فجأة ووقوفه أمام مشكلته كأنّها نهاية المطاف , ثم قسوته عليها تلك المخلصة التي ركعت عند أقدامه ترتجي صبرَه و تقوّي عزيمته و تطلب منهُ ان يسمَحَ لها بالبقاء بجانبه اثناء معركته مع الحُلم ..
تذكّر أيضاً كيف أصرّ أنها السّبب في كلّ ذلك , وكيفَ رمى باخلاصها عرض الحائط و ألحّ ان يبقى وحيداً يبحث في خباب الخيال عن منفذٍ لما هو فيه ..

اليوم .. بعد خمس سنوات يقف هو هنا وحيداً بعد أن تركته زوجته الثانية يعاني ألم الذاكرة بعد أن رآها_تلكَ التي كانت يوماً حبيبتَه _ تمشي برفقة طفلٍ صغير كالحلم .. يشبه عينيها !
.
.

عاد خيال " هو " إلى ذاكرتها رغم أنّه لم يفارقها.. عاد بسوط غضبه يجلد الذاكرة , تذكر كيف كان يُطلِقُ غضبه على امتدادات لهفتها كلّما أثارت أرقه مشكلةً ما ..
ولكنّ ابتسامةً خفيّة تسلّلت إلى روحها , حين تذكّرت كيف كان كثيراً يحتضن حزنها بهدوئه !


" ياااااااااااه يا أنت , ألا خلاصَ من احتلالك للذاكرة " خرجت تلك الكلمات مرافقةً لدمعة نجحت في الخروج من مُعتقل تظاهرها بالقوّة واللامبالاة !

......

مروان إبراهيم
01-15-2008, 02:22 PM
:


مدهش جداً !
اي وربي !


صوت الذاكرة مدّوي في حناجر حبات المطر هذه والحديث ذو إلتياع وترقب
حيث الذاكرة زرقاء [ ذُكرت 15 مرة تقريباً ] ألبست الكراسي معاطف من أرق
وما أن تنفك حتى تشتعل بين فوهه وفوهه !

وكل هذا لا يمكن حبكه إلا بوجود المعاناة الخاصة لذلك الشعور والاحساس
والتصوير والتقاط المقاطع من شهقات الحياة كان عالياً جداً حتى أننا تخيلنا
المواقف والأماكن ورسمنا وجوه الأبطال التعساء في مخيلتنا !


ثم إن الحرف في كل نص يبدأ بـ العموم ويبث فيه روح الأنسان وآلامه مع الأخذ بالاعتبار
[ كما أعتقد ] بأن هناك جزئيات كانت خاصة تُدرج داخل العموم بإحتراف ادبي
رائع حتى وصلت الحبكة لـ [ القفلة ] التي أراها من وجهة نظري توازي
أهمية [ توقيع في آخر الرسالة ] لأنها تنطق مشاعر وتطرح تساؤل ؟


شيء تعلمته من هنا !

[ النسيان يفقدك الأحساس بنفسك وبالآخرين ] !
كانت الرسالة للأنسان واضحة
[ لا تنسى .. لا تنسى ] !

:








حقاً !

رائعة يا منال !

متصفح ادبي شامخ .. اللغة جداً يافعة ، نصوص
بدون حشو ، تشعر بأن كل حرف وضع في آهته
الصحيحة ، نظرة للحياة وتساؤل في العمق
[ كيف هي تثير أهلها دوماً حزناً وفرحاً ] ؟


أعتذر جداً على الإطالة يا منال !
لكن هنا الجمال فرض نفسه !

متابعتي حتماً !

شكراً ولا تكفي !

!

د. منال عبدالرحمن
01-20-2008, 03:21 PM
الأستاذ مروان ابراهيم ..


قراءةٌ سأفتخر كثيراً بها أيها العميق ..

شكراً كبيرة كالبحر الهاطل هنا !

د. منال عبدالرحمن
01-20-2008, 03:58 PM
الأماكن كالأشخاص , منها ما يستفزّ الحنين فيك فتقيم فيه / معه دون أن تشعر بأنّه تَطفّلَ على ذاكرتِك , ومنها ما تشعرُ بمجرّدِ النَّظر إليها بالغُربةِ تقرصُ أطرافكَ وتَخِزُ الدِّفءَ في أحاسِيسِك !

هذا المَكان كانَ من النّوع الّذي يُجبرك على الإنصاتِ لتَشعرَ معَه أنّكَ تتعلَّمُ أبجديَّةَ البَشر , فَتراهم وتسمعهم وتقرأهم للمرّةِ الأولى !

ربّما هذا ما جعلَ " هي " تختارُهُ بالذّات لتمارسَ ثورتَها على قوانينِ الحياة وسُنن الحزن .

وربّما هو نفسه السّبب الذي قادَ تلكَ المرأة التّائهة المتجوّلة أمَامها لتبحث عن كرسيٍّ تُفرغ عليه سِفر الأرق الذي يعتلي ظهر استمراريّتها .

أخيراً وجدَت كرسيّا فارتمَت عليه بامتنان , ورغم أنّ ذاك الكرسيّ كان يبدو للوهلة الأولى رماديَّ الرّائحة , مقوّس الصّبر .. إلا أنّه احتضن استسلامها بقوّة ,,

لا زالت " هي " تتابعها بروحها و لا زال لُهاث الألم الراكض وراءها يَخطفُ سمعها فلا تُصغي لغيره ..

كانت روحها تُعيد ترتيبَ أوراق الزّمن واحدةً تلوَ أخرى .. سنينها الخمس عشر التي كانَت نهايةَ البداية ,, والدُها الذي رحُل إلى الرفيق الأعلى , هناك حيث لا حدود للرحمة والرّفق ولا مكان لغدر بني البَشر , وخمسُ كُراتٍ من الدّم المتّصل بأوردتها تصرخُ لا حزناً عليه ولكن خوفاً من الموت الذي قد يأتي بعدَ رحيله ..

يداها الصّغيرتان اللتان كانتا تعجنانِ الخُبز الدافئَ لتحظَى كلّ مساءٍ بوليمةِ سعادةٍ لتلكَ الفراخ الخمس الصّغيرة وقطعة سُكّر لا تُنسيها كُتب صديقاتها التي كانت تراقبهنّ كلّ صباح ..

ثمّ حصولها على عَملٍ آخر منَّت بِهِ صَديقتُها زوجةُ المسؤول ..

ثمّ السنين الطويلة التي مرّت , وسعادتها بنجاحِهم وارتفاعهم و بقاءِها !

ثمّ اكتشافها على حافّة الخمسين , أنوثةً مدفونة بين رمال التّضحية .. تتساءل بأيّ ذنبٍ قُتلت ..

....
فجأة بدأت تلك المراة بالضّحك عالياً ..,

كان هذا كافياً ليؤرق عيني " هي " بالدّمع وليجعلها تضحكُ هي الأخرى لسخريّة الوَجع ..

د. منال عبدالرحمن
02-15-2008, 11:40 PM
علاقةٌ ما خاطئةٌ تربطها بالوقت ..

يظهرُ الحزنُ دوماً بتوقيتِ سعادتِها , ويتسلّل الفرحُ في تمامِ حُزنها ليُشعرها , كم هوَ مؤلمٌ أن تكونَ دوماً في المكان الخطأ بلحظة التوقيت الخطأ ..

بإيماءةٍ صامتةٍ , استأذنتها أنثىً حزينةً للجلوسِ إلى جانبها , أجابت هي الأخرى بنفس الإشارةِ الخرسَاء ..

لماذا الحزنُ دوماً أخرس ؟

قاسيةٌ جدّاً , كانت رائحةُ الألمِ الّتي أحاطت بجارتها في كرسيِّ الاحتضار و شيءٌ ما جمعهما سويّةً على مائدةٍ واحدةٍ للوجع ..
الحزن يمكن أن يكون جماعياً - اكتشفت " هيَ " مجدّداً _ وحدَه الفرح يأتي أنانياً .

كانت تستمعُ إلى أنفاسها المتقاطعةِ مع زفراتِ المكان , بينَ شهيقٍ وآخر , كانت تنبثقُ من صدرها غماماتُ الأمانِ المفقود , لتمطرَ اللاتوازنَ السّاكن أعماقها .

قرأت " هي " على إحدى الغيمات ..

[حبٌ .. وشوقٌ متصاعدٌ كلّ لقاء , لا يمحوهُ غيابٌ ولا فقد .
اللهفةُ الأجمل , الأحلامُ والرّغبات والأفكارُ المُشتركة .. كلّ شيءٍ كانَ يشي يوماً بالفرحِ المُنتظر .

لماذا يقتلُ الوقتُ دوماً فرحةَ العُشّاق ؟ .. شيءٌ ما اخترقَ فجأةً غلافَ السّعادة الذي أحاطهما معاً واحتواها قلبه به .. شيءٌ ما جعلَ جدارَ الصّمتِ يتعالى , وتتقافز فوقَه فئرانُ الملل لتقرضَ ما تبقى من حبلٍ يجمعهما ..
هي اليوم تعيش , وحيدةً معه , وتشعر بوحدتِه معها .. عطرهُ اختلف , والألوان التي كانت ترتديها , أصيبت بالأرق .
لا يناديها بـ حبيبةٍ , إلا زيفاً , ولا تفعلُ إلا نفاقاً .. والحياةُ تستمرّ والموتُ يتسلل .. ]



توقنُ "هي" الآن , سرّ النّصيحة التي أهداها " هو " يومَ رحل ..

" الحبّ يا عزيزتي لا يحيا إلا بالغياب "

د. منال عبدالرحمن
03-27-2008, 05:33 PM
لا أريد أن أكون نقياً

لا أريد أن أكون نقياً

لا أريد أن أكون نقياً ..

كان صوته يتعالى وراءها , شابٌ في مقتبل الثلاثينات , ملامحهُ حملت حنيناً لحياةٍ مسلوبة , و قسوةً على واقعٍ مختلِس !
فجأة نهضَ و ركضَ سريعاً على غير هدى , اختفى لدقائق ثم عاد منهكاً ليجلس على المقعد حيثُ تركَ حقيبته مبهمة اللون .

كانت أنفاسهُ تتلاحق و كأنها تنتقم لنفسها من رئته الصارخة بالحياة , كان كافياً ان تنظرَ في عينيه , اللتان كانتا تبحثان في الفضاء المجهول عن شيءٍ ما , لتدرك سرّ الوجع في محيط ذاكرته التي بدأت بالتكافل مع ألمها .كان كتفاه يتدليّان كالأقفاصِ الفارغة , وبقاياه تتطاير من أبوابها المطعونةِ بالخيبة .

هو ما أراد لنفسه إلا أن يكون كما تمنّت صديقة طفولته , ابنة الجيران ..
كانت تنتظر حلماً شهياً و كان هو فارساً يفتقد الجواد , أحبها كثيراً بصمت و بادلته طفولتها معه الحب , ركضهما سوياً , لعبة الاختباء , و السيارات التي كانت تسرقها منه لتقنعه باللعب معها بالأحصنة و الأميرات .. كل ذلك كان يبادله الحب , وكانت نظراتها تفضح شوقها لمعانقته كما كانت تفعل وهي ابنة السنوات الخمس , كلما ضربها أحد أولاد الحي و تشاجر هو معه .

ولكنها كانت تحلم , تحلم كثيراً , أكثر مما يمكنه احتماله , و هو شابٌ لا يملك إلا عملاً بسيطاً منّت به شهادته الجامعية .

هو لم يشعر إلا باختطافه لذلك المبلغ الهائل من المال , الذي رأى فيه جميع أحلامه , وأحلامِ صديقة فرحه المسروق .

وعندما خرج للحياة بعد أن نال منه العدل و اقتصّ منه ميزان الحياة المائل , سرقَ منهُ الزمن حتى حياته السابقة , و عاقبه بسجنٍ أكبر و بمدعّي الشّرف على حسابِ الباحثين عن رغيف الحلم , و بِطفلٍ صغير يحمل عيناها و اسم أحد سارقي الوطن .

حياته ما عادت تعنيه , ما يعنيه فقط أن يموتَ حقّاً , بلا ذاك العار الكاذب الملتصقِ باسمه .


.......

ردّدت " هي " , الفرحُ يرقصُ معصوب العينين على شفا حفرةِ الزمن المسروق , هو دوماً يسقطُ في مستنقعاتِ الكذب , مطعوناً ببياضه .

" هو " ما فارق ذاكرتها , ولا فارقَ احساسها الموشوم الآن بسخريّة الوجع و ابتسامةَ المكابرة .

د. منال عبدالرحمن
06-04-2008, 09:34 PM
كانت هناك , وراءها بشجرتين و حزنين , و ألمٍ واحد !

أكثرُ ما كانَ يلمعُ في كرسيّ أرقها يداها اللتان تمسكانِ شالها الذّهبي , و تمزّقانِ حزنها المزروعَ على أطرافه .

أناقتها شدّت " هيَ " لتنصتَ إلى نبضِ قلبها , الّذي تعالى أكثرَ من رائحةِ عطرها ..

تسريحةُ شعرها الذّهبي , و فستانها المخمليّ الهارب من عصورِ الأميرات و النّبلاء , أضافا إلى حزنها مسحةً من كبرياءٍ جعلت الإنصاتَ في حرمِ ذاكرتها أمراً مقضيّا ..

أدركت " هي " أنّ هناكَ غربةً ما تختبأ تحت جلدها الناعم , و قد أصابت , فتوالت ذاكرتها كمعرضٍ للوحاتٍ قضى رسّامٌ بها كلَّ يديه .

كانت تحلم , يومَ كانت تحلم , برجلٍ يحبّها , و يحبُّ نجاحها , و يضعُ يديهِ حولَ خصرها فتلفَّ ساحاتِ النجاحِ معهُ , كرقصةِ باليه ممتعة , لا مُتعبة .

حينَ عرفته , كانَ أكبرَ من كلّ ما تخيّلتهُ أمنياتها الصّغيرة , و على مقاسِ خيالاتها الواسعة , كانَ رجلاً متفهّماً , صبوراً , ذكيّا , و يحبّها .

كلُّ لقاءٍ لهما , كانَ ينبضُ بالعقلِ و العاطفةِ معاً , كانت تشعرُ أنّهُ يكمّلُ عقلها , و كانَ هوَ يُخبرها كلّما التقيا , بأنّها تختصرُ جميعَ نساءِ أحلامِه .

و حينَ أتتها بعثةُ دراسيّةٌ للخارج , وقفَ معها يَشجّعها , و يبني معها في ذاكرتها صورةً لمستقبلٍ سيولدُ بعدَ عودتها ..

و سافرت حيثُ الحلم , سنواتٍ ثلاث قضتها هُناك , تراسلهُ , و يرسلُ لها , عن طريقِ أختها كلّ مرّةٍ مقطوعةٌ من أمنية عزفتها ذاكرته , إلى أن توقّفَ بعد سنتين , ليبجيبها , كلما طلبته في الهاتف ببرودِ المُذنبِ الهارب .

عادت , لتجدهُ في المطار يستقبلها , و يديهِ تحتضنان أختها , الحاملَ في شهرها السّابع !

/

" هي " كانت تشعرُ بذاتِ الحرقةِ تتعالى في داخلها حتّى تصل حنجرتها فتخنقَ صوتها بعبرة ,

" هي " تشعرُ أنّ البُكاءَ لم يعد ممكناً , لأنّ معاني الصداقة و الأخوّةَ و الوفاء ماتت بالتقادم !

" هو " كان دوماً يقولُ لها : " لن أخذلكِ صديقاً , حتّى لو فعلتُ حبيباً "

فقـد
06-06-2008, 06:12 PM
...و؟






فقــد