منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - "رسائل الوصل"
الموضوع: "رسائل الوصل"
عرض مشاركة واحدة
قديم يوم أمس, 11:44 PM   #2
أسرار
( كاتبة )

الصورة الرمزية أسرار

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 11020

أسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعةأسرار لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي رسائل الوصل








رسالة الحنين
إلى أبي فراس الحمداني


أيّها الأمير الشاعر،
يا من جعلتَ للحب لغةً تبقى حتى بعد أن أحاط بك الأسر،
وجعلتَ من الشوق وطنًا، ومن الشعر زادًا لا يَفنى.

كنتَ أسيرًا، لكن قلبك ظلَّ حرًّا، يخفق بما لا تُقيّده قضبان
ولا تحبسه أسوار. كنتَ تُصغي لصوتك الداخلي، وتقول:

«أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتُكَ الصبرُ
أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ؟»


فانسكبت من بين يديك شكوى المحبّ، لا يخفيها الكبرياء
ولا يردعها القيد. كنتَ تُعلّمنا أنّ الحب أقوى من الحديد
وأن الشوق لا يذبل وإن حاصره العدو.


«بَلى، أنا مُشتاقٌ وعنديَ لوعةٌ،
ولكنَّ مثلي لا يُذاعُ له سرُّ.»


أيها الأمير
كم من عاشقٍ قرأ أبياتك، فوجد فيها نفسه بين
التردّد والبوح، بين لوعة الشوق وصمت الكبرياء.
لقد حملتَ وجدانك في الأسر كمن يحمل
جمرًا على كفّه، لا يُلقيه ولا ينطفئ.

وعندما أثقلك الليلُ بوحدته، لم تجد إلا دموعك
تطرق أبوابك:



«إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى،
وأذللتُ دمعًا من خلائقه الكِبرُ.»


ما أبهى هذا الاعتراف، وما أصدق هذا الانكسار
النبيل!
علّمتنا أنّ دموع الكبرياء ليست ضعفًا، بل
دليلًا على أنّ المحبة أوسع من كلّ جراح.

أيّها الأمير العاشق،
لقد كانت المناجاة جزءًا منك. حتى الحمامة التي
ناحت بجوارك، جعلتها مرآةً لأوجاع قلبك
ومؤنسةً في غربتك:

«أقولُ وقد ناحت بقربي حمامةٌ،
أيا جارَتا هل تشعرينَ بحالي؟»


كأنّي أنا الحمامة التي بكت معك، وردّدت أنينك
عبر الأفق البعيد.
قصيدتك تلك لم تكن حديثًا عابرًا مع طائرٍ وحيد،
بل كانت مناجاة مع الحرية، مع الغربة، مع كلّ
قلبٍ مثقلٍ بالوحشة.

وكأنك ما ناجيتَها إلا لتقول إنَّ الأسر لم يطفئ
جذوة الحب في داخلك، بل زادها اشتعالًا.
فالحب عندك لم يكن هوى عابرًا، بل كرامةً تعيش
بها وتفنى بها.

يا أبا فراس،

في زمنٍ تُطفئه الخيانات ويثقلُه الغياب، ما زالت
أشعارك تصنع عزاءنا، وما زالت كلماتك نافذةً
نطلّ منها على معنى العشق الحقّ.

علّمتنا أنَّ الشاعر قد يُسلب سيفه، لكن لا يُسلب قلبه.
قد يُكبَّل بالحديد، لكن لا يُكبَّل شوقه. وهكذا بقيتَ،
أسيرًا للجسد، حرًّا في وجدانك، عاشقًا لم يتخلَّ عن حنينه.

سلامٌ عليك،
يا من جعلتَ القصيدة حضنًا، والحبَّ هويةً، والشعرَ
وطنًا للقلوب التائهة. سلامٌ على قلبك الذي نزف
شوقًا، فصار بلسمًا لأرواحنا عبر القرون.



'asrar mansia





 

أسرار متصل الآن   رد مع اقتباس