جربت أن أكتب رسالة لوالدي عندما كنت طفلة .. كنت أراقبه كقطة فضولية من خلف الباب وهو يتناولها من فوق ملابسه , يبحث عن نظارته ويرتديها , ثم يجلس بهدوء ودعه و وقار لا يشبه إلا شيبته , يمد ساقيه ويقرؤها باهتمام بالغ بعد أن يخفض صوت التلفاز ,,, كل ذلك وقلبي واجف متأرجح بين مواجهة الرفض والمسائلة .. كنت أقرأ تعابيره عن كثب انتظارا لأي مؤشر إيجابي من أجل المبلغ الذي تمنيته . كانت أمي بجانبه تشاركه قراءة ما تعرف فحواه , تنظر إلى أقدامي من تحت الباب وتبتسم ثم تتابع وكأنها لم ترني !
يقرأ أبي -بصوت عال- مرارا وتكرارا عبارة اقتبستها منه أثناء اطلاعي على بعض "معاريضه " الطويلة :
يبتسم برضا ويقول :
البنت كاتبة زي ابوها ..
يرددها بسعادة بالغة وأنا من خلف الباب اقفز لأني وصلت , ولم أتوقف عن القفز حتى الآن لأني اكتشفت أني أشبهه ...