[ قَبْضَةٌ مِّنْ أَثَرِ الرَّسُول ] :

*ما لم تأخذُه الرسالةُ في يدِّ ساعي البريد.
قبل أنْ أفتحَ الصندوق الذي أمالتهُ أعاصير العُمر الماضي , توقعتُ أشياء ليس
من بينها رسالتكِ .. ولأكون صِادقًا أكْثر كُنتُ أفتحه الأشهر الماضية باحثًا عنّك , و لا أجد شيئًا .
أعيشُ مع ذاكرتي أسيرُ وحيدًا إلى الأماكنِ المُظلمة , أعمى , عصاي قصائد , وأتعثّر بالصورِ ,
أتسكّعُ في أماكنَ ضيقةٍ , رطبةٍ , و بدون نور أعينها مِثلي , العَتمةُ تُغري الجرذانَ في تسلّقي , والزمنُ : غصنُ شجرة تقرضه السناجب
بِملل .
صَدري يُتقنُ الْمنفى يصعدُ ويهبطُ يصعدُ و يهبطُ , ويذهبُ نحو الْغوايةِ ويعود
دون أنْ يُكمل , وَيركضُ بشراهةٍ إلى الْوَرقِ ويتوقّف قبل أنْ يفعلَ ذلِكَ بشكلٍ جيّد .
أحلمُ بأغنيةٍ تعيدُ طرحَ المسافةِ , تُعيدُ الفضاءَ بيننَا إلى طفولته , و إلى الحليب الذي يشربُهُ " والْهدهدة ", وَ تُفيضُ
ممّا رزقها الله والدهشة على الجياعِ والطير فِي الْغابة وَ تِلك الأكواخ قُرب الْبحر .
و تجمعُ الحمام و النوارس و الغربان وطيور المداخن حولَ مائدةِ الْلحن ,
أحلمُ بِأُغنية ,
أُغنيةٌ بلونِ السمَاء , أو أي لونٍ يليقُ بِصدرٍ أنْهَكهُ الليل والمنفى .
أغنيةٌ بِقياسِ صَدري و أكثرُ منْ أصابعي , أُغنيةً ترقصُ على نغمتها "الريح" ولا تردِّد : تأخر الوقت
فقط أغنية , أُغنية وتعجبُكِ
وليد
31 آب 1969
