تنهيدةٌ لوداعِ الذى كان هنا
==============
حسام الدين بهي الدين ريشو
===============
لم يكن ذئبا
ولم يكن له ذات يوم
في القطيع مطامعٌ
يرعى الجوارِحَ قلبُهُ
بين تخومِ الأوجاعِ
والقواطعِ
ومِنْ عجبٍ
أنها تسمعُ أمرَهُ
كطفلٍ طائعٍ
تراءت له الحياةُ
سراب مُقامرٍ
في مهالكِ الغِوايةِ ضالعُ
فمضى
يُوَلِي الوجهَ عنها
وفي ملذاتها لا يتدافعُ
وعن لغوِ الحديث
صُمَّتْ أُذناهُ
فلا مسامعُ
فلا هو حييٌ
ولا هو ميتٌ
ولا هو غائبُ
يمضي كتوما
يرْقُبُ العمرَ
وهو نهرٌ مُتْعَبٌ
أو مغاربَ مصلوبة
بين الأضالعِ .
وقد عزت عليه المآربُ
يملؤه الأسى ... بعدما
رأى الأخلاءَ
يدسون له المواجعَ
والصديقُ الذي رأى زهدَهُ
أدارَ ظهرهُ
لِعُرى الصداقةِ ذاهب
على موج التباعدِ
وعن تِرياقِ الخلاص
سافر يسألُ
لعلهُ يلتقي الخِضْرَ
فيجِيبُهُ
وطالت به الأسفارُ
والمواجعُ
وفي نهايةِ السفرِ الطويل
نُودِيَ مرةً
فلمْ يُجِبْ
رُدَّتْ لمانحها الروحُ
كالودائعِ
وثرْثَرَ الناسُ
مع ارتحالِ النهارِ
على شِباكِ التواصلِ
كان هنا بالأمسِ
مُدَثَّرٌ بحسن الظنِ
وعن وساوسِ الأهواءِ
مائلٌ
لا أحدَ معه
سوى ظِلهِ شافعُ
وقال الذي استدار عنه
لما جاءَهُ
مِنَ الموتِ واعظٌ
وفاضت منهُ المدامعُ
أشهدُ أنَهُ
لانِدَ له
فقد رأيْتُهُ زُيِّنَ له
ما زُيِّنَ للناس مِنْ مناهِلٍ
فبدتْ له سرابُ
وفخٌ قابعُ
فنادى :
ياغَيَّاث المستغيثين أغثنى
خذني إليك منى
ياجامعُ
إني فيما لديكَ أنتَ
طامعٌ .
زُرْتُ قَبْرَهُ
فقرأتُ مكتوبا عليهِ
هنا يرقدُ شاعر زاهدٌ
أغوتهُ الدنيا
ففرَ منها
إلى ربهِ راجعٌ .