معانقة طفل ٍلفلسفةِ الوجود ، والصراع من أجل البقاء
الحلم بالعودة يتخللها بكاء طفل ٍ صغير ٍ لم يعرفْ من الفرحةِ سوى قهقهة الأطفال أمثاله الغارقين في لعبةٍ بسيطةٍ خاليةٍ من أبسط ِالمميزاتِ التكنلوجية الحديثة والتي يتمتع بها أي طفل كان على وجه الأرض!
طفل لم يؤنسْ وحشته سوى دموعه التي لن تفارق مقلتيه طالما ظل حلمه عاريــا ً من تطبيق تلك الفلسفـة !
وطفل أدرك كيف يكسر حاجز الصمت بقول (لا) كأداة جازمة ، ناهية ، نافية ، ونازفة ، استطاع أن يفك شيفرتها ويعتاد على غموضها ومذاقها الغير مستساغ
بينما نحن أتقنا وبكل احتراف معانقتها بكل حميمية وبكل سلبية ، ضاقت بنا ذرعاً مبادؤنا !
فلسفة يقتاتها طفلٌ مع كسرة ِحاجاته ، وفلسفة لم يعرف أبجديتها طفل في ركن آخر من حياتنا المليئة بالتناقض ،
طفل ملَّ من البذخ والترف والحياة الفارغة إلا من فوضى عارمة سترضع معه وتحبو معه وتمشي معه وتمضي بدربه وتلوكه ضياعاً وتأكله حلوى سهلة الهضم !
فلسفة ٌ يصارع ُمن أجلها طفلٌ متسلح ٌ بكل براءة ٍ ببعض الحجارة الصغيرة ويقف بشموخ مواجها ًدوي الرصاصات وجلجلة المدافع وفي الضفة الأخرى ترى اليهودي يتحصن خلف سوار ٍمن الذخيرة ِوالجنود ِ!
يترائى أمامي منظرَ مشاهد ٍ عربيٍّ مكفهر الوجه يخبط كفيه مستنكرا ً كعادته هذا المشهد أمام شاشة التلفاز وهو قابع ٌ بإحدى المقاهي ينفث دخانه الأجنبي الصنع بكل أرجاء المقهى ،
ومتمتمـا ً: حسبي الله ونعم الوكيل
هل يعترينا الضحكٌ وقتها أم البكاء !
فلسفة يصارع من أجلها شاب يانع ترك كل متع الدنيا وراء ظهره ، وبات يشكل تهديدا ً لأمن جندي مسلح له من الإمكانيات والحصانات ما له ليهزم عشرات من ذاك الشاب الأعزل تماما ً
إلا من مبادىء سامية أوجدتها صدق قضيته .
وفي الضفة الأخرى شباب قد نكست رؤوسهم ، قادهم رجال الأمن إثر مشاجرة سببتها فتاة شبه عارية كانت تتبختر في إحد الشوارع متباهية بما منحها الله إياها من جمال ونعم متناسية مراقبة الله لها وتزايد أعداد الذئاب البشرية هذه الأيام ،
شباب لم يستطيعوا كبح جماح رغبتهم في امتلاكها مهما كلفهم ذلك ، يا له من مبدأ ! ويالها من قضية يصارعُ من أجلها !
هل يعترينا الضحك وقتها أم البكاء !
فلسفة تصارع من أجلها أم ثكلى من تجرع الهموم قد أصابتها رصاصة اسرائيلة ، تلتقط أنفاسها بصعوبة، تراها تحتضن براحتيها وجه طفلها ذو العاشرة من عمره وملامح البراءة تتقاطر من تفاصيل وجهه ، اغرورقت عيناها من شدة الحزن ،
وتهمس له بكلمات لم يعرف بها أحد سواه ، اجتاحها خليط من المشاعر ، حبها الجم له وخوفها الكبيرعليه ،وبعد لحظات تلوج روحها إلى السماء مودعة أغلى شيء على فلذة كبدها ،
وبكاء طفلها الحارق على والدته التي احتضرت بين يديه ، يبكيها دما ً حارقا ًوفقد لم يذق طعم مرارته أحد على وجه الارض !
وفي الضفة الأخرى من الكرة الأرضية شاب يقذف والدته التي لا حول لها ولا قوة في احدى دور العجزة فقط لأنها أصبحت حملا ً ثقيلا ً عليه وعلى زوجته !
هل يعترينا الضحك وقتها أم البكاء !
ووقع خطواتٍ طغت على شروخ الشوارع كم شهدت على صمود مدرِّسة ٍأبت على ألا تضيِّع فرصة تلقي تلاميذها الصغار للعلم وإن كان في قارعة الطريق !
وفي إحدى شوارع الخليل حينما لم يسمح لهم القوات الإسرائيلة من المرور عبر إحدى الأسوار الكثيرة والتي ألف الشعب الفلسطيني وجودها !
وهنا في الكثير من المدارس تشهد أسوارها على محاولات الهروب المتعددة لطلابها ، فبصمات أصابعهم لن يزيليها اعتذار أولياء أمورهم وتعهدهم بعدم تكراراها وكل ذلك كي يمارسوا التسكع في الشوارع عوضا ً عن طلب العلم !
هل يعترينا الضحك وقتها أم البكاء !!
فلسفة لم يسكن ظلامها الحالك سوى المحجوز داخل وطنه كسجين بغير تهمة ودون الحاجة إلى حكم من محكمة منصفة وحاكم عادل ، يبقى ممنوعا من السفر والتجول والمغادرة إلا بتصريح ٍيحوي ختما اسرائيليا ً ،
وإن حصل وغادر أرضه لن يتنفس عبير ياسمينها وطيب خضارها ولن تملأ عينه أي متع الحياة الدنيا ولن يشعر بطعم الحرية ،
تلك التي انتهكنا حقوقها بأفعالنا التي يخجل ثغر القلم على طرحها !
يا سادة يا كرام قد تمنحنا الحياة الكثير من العطايا ، ماذا فعلنا كي نحافظ عليها ، بم ضحينا ، وهل نحن نستحقها فعلا ً !