مالكم تكأكأتم عليّ

[كهرمان]

مالكم تكأكأتم عليّ

تنطوي اللغة العربية على الكثير من الأسس والقواعد والتي ربما اليوم تقلصت في معانيها وألفاظها كثيراً ولكن الأساس الأوحد هو الفصاحة والوضوح التام
ورغم ذلك فهي تضم من المعاني والألفاظ الغريبة أو المجهولة إن صح التعبير هنا
ولكنها كانت تستخدم في أزمنة سابقة رغم غرابتها وفي نفس الوقت كانت أيضاً مستنكر استخدامها من علماء اللغة
كمثال لما ذكرت
قصة تتردد دائماً في ذاكرتي لقصة يرويها والدي حفظه الله في غريب اللغة
وهي قصة علقمة النحوي عندما سقطت راحلته فقال لمن تجمع حوله
(مالكم تكأكأتم علي كَتَكَأكُئِكُم على ذي جنة؟ افرنقعوا عني)
وحين البحث عن المعنى لتلك الكلمات وبميزانها اللغوي سنجدها الفاظ غريبة
فالتكأكؤ هو الاجتماع أو التجمهر والافرنقاع هو الابتعاد
(مالكم اجتمعتم عليّ كاجتماعكم على ذي جنة ابتعدوا عني )
وما أراه هنا أن استخدام الغريب أيضاً اضافة الى غرابته فهو يبتعد عن الفصاحة والبيان والبلاغة ويخرج عن المألوف العام
ومن طريف ما مر بي في هذا الأمر قصة والد وابنه
كان رجل من التجار له ولد يتقعر في كلامه، ويستعمل الغريب؛ فجفاه أبوه استثقالاً له
وتبرماً به، ومما كان يأتي به، فاعتل أبوه علةً شديدة أشرف منها على الموت. فقال: أشتهي
أن أرى ولدي، فأحضروهم بين يديه وأخر هذا ثم أخر حتى لم يبق سواه، فقالوا له: ندعو لك بأخينا فلان ؟ فقال: هو والله يقتلني بكلامه، فقالوا: قد ضمن ألا يتكلم بشيء
تكرهه؛ فأذن لهم. فلما دخل قال: السلام عليك يا أبت، قل أشهد أن لا إله إلا الله، وإن
شئت قل أشهد أن لا إله إلا الله؛ فقد قال الفراء: كلاهما جائز، والأولى أحب إلى سيبويه.
والله يا أبتي ما شغلني غير أبي علي، فإنه دعاني بالأمس، فأهرس وأعدس، وأرزز وأوزز،
وسكبج وسبج، وزربج وطبهج، وأبصل وأمصل، ودجدج وافلوذج ولوزج.
فصاح أبوه العليل: السلاح السلاح، صيحوا لي بجارنا الشماس لأوصيه أن يدفنني مع
النصارى وأستريح من كلام هذا البندق.

جمع الجواهر في الملح والنوادر
الحصري القيرواني .

فما مدى تأثير التشدق والتقعر بغريب اللفظ في اللغة على جمالياتها

طيب التحايا لكم وفائق التقدير