
لا مستقبل للشعر ... صدقوني !!
لا مستقبل لمن ينسج قصيدته بدمٍ بارد يتهادى في عليين خيالاته شطراً من تين وآخر من يقطين !
ينفث عرجونه في كبدٍ شمّاء ...
لا مستقبل "للشعراء" المطاردون بالحلم عيونهم مثبته بسماءٍ لا أصل لها وأصابعهم مشغولة
بالإشارة الى أقاصي المجرات ، وقلوبهم تحتضن فجيعة القلب بأنثاه !
يرسمون أوهامهم بألوانٍ عذراء وريشة خيبة هدت جميع حصونها في محاولة لتأبط شيطان القصيدة !!!
لا مستقبل للنصوص العابرة لنتوء اللغة بمنأى عن الزمن ...
مثل نفق نورٍ يؤدي الى الجحيم ، لا مستقبل لكم يامعشر "الكتاب" بصدرِ البهوِ المسكون بين الكلمات وأجسادها لمسافةٍ تطمس أكثر مما تفصح !!
لا مستقبل "للقبائل" المنثورة في تاريخنا من عروقٍ وتخوم !
تجتاح ملامحنا ، تتفيأ مجالسنا كأسرجة عتمة تسري وتسري حتى إطار النخاع !
لا مستقبل "للعصبية" الصفراء القائمة من صدر الصحراء الى آخر عروق الأنساب الداخلة فينا والخارجة منا ...
لتلك الجاهلية التي تناوبت على كسرنا بمحض إرادتنا ، للبدعة التي سلمناها رقابنا كنصلٍ صقيل وهو يمتطي
شرفات أوردتنا مهيمناً على الأحمر فينا !!!
لا مستقبل "لعاشقة" حلت شطائرها لرجلٍ تقوده نزواته ، يقامر برفات الضحايا ، أميراً تبايعنه الهاويات
رجلاً أضحى حلم الغاويات ..
لا مستقبل لطفلٍ كبير بحجم إنسانٍ او بغل يتمخض من رحم عاقر !
ويح تلك الحبيبة حلت شعرها المجدول لرجلٍ لا يكفّ يتحدث عن فتوحاته ، ويحها كانت غزوة سهلة مثل دهشةٍ
ضاعت في ذاكرة مخدوعة !
لا مستقبل لــ "لذة" طغت على الحواس وأعقبها توقاً للمزيد ، في جسدٍ إنفتح كبالوعة جائعة لإحتواء كل شيء منفلت للنفي !!
لذةٌ تمتطي صهوة الليل وتخرج لرفاقها في أوج حللها تزاول لهم رقصة الخطر على أنغام اللهث المفرط
لروحٍ تختزل طفرة التوجس هرباً !
لا مستقبل لــ "صُبح" جاء سحيقاً يجرف في طريقه كل شيء على شرفة عقود تطل على الشمس ..
لصبحٍ يأتي مرتعداً بحبات عرق على نحره ، حافي الحنجرة ، متجرد ، عارٍ ، وبكر !!
طافح بأسرار ماسبقته من ظلمة ...
لا مستقبل لــ "أطفال" رضعوا نهراً من الغدر في دارٍ رخ انهار بهم في الوحل !
لا مستقبل لهم بين أبٍ عربيد تشهد على عربدته شعراته البيض في ممرات وحجرات وشرفات الى مالا نهاية ..
ونساءٍ تسابقن على فضّ جيوبه كغربان ترقش بنعيقها جدار الثمرات !
وأمٍ منصوبة على باب الخيانة كجسدِ غزالٍ رقيق تمخره الأسود بزئيرٍ يتساءل " من أين لنا هذا "
أمٍ يرتاد جسدها السواح ، يقشرها الندم كل صباح ولا تقوى مقاربة الماء للإغتسال وحده الدم كفيلاً بغسلها !!
لا مستقبل لــ "ميت" في نعشٍ عار الا من خرقته البيضاء وقطن يتوسد طبلة اذنيه ، تدار حوله الوجوه الناعية لتفارق معرفتها به لآخر مرة ...
ميت يركل الحياة بعيداً ولوجاً الى برزخ مجهول يشرّع أبوابه بياضاً لهذا الجسد المكبوت ...
أي تلقيح او تحصين يجدي نفعاً حين يباغتنا هذا الصوت ... صوت الموت !!
لا مستقبل لــ "آدم" المنصوب في ذاكرة حواء تستمطره خيالاتها ونداء لياليها ومافتئت تفتح مقلتيها
في إنتظار مالا يجيء !
مازال يورق في عجاجة إنتظارها ، يستلقي على هاماتها ، تستبطن عطوره أنضجتها !
وجهلت أن آدم المرجو إنداح الى الركن ، الى فيافي اللحم الذي يناديه
(( إوخز شوكتك الآن فلقد نضجت )) !
لا مستقبل لــقراءة "نص" كهذا يصيب الذاكرة بالتثقب ويحبس العين بين سبابة وإبهام يشيران الى الصدر في محاولة لإلتقاط نفساً !
نصٍ يرخي الشفاه إستصراخاً لبصاقٍ يضجّ بالكلمات الحبيسة على أفواه الأحياء المودعين والمرضى المؤقتين والحمقى المخدرين ، نص مسلوب الحيّل ، مغلق المنافذ التي انحصرت لوعي وجه ملامحه شديدة التوقد !
فما الجدوى من قراءة نصٍ بلا مستقبــــل ؟!
بقلمي ...
صُبــح