الشعر الفصيح

[عبدالناصر الأسلمي]

رؤىً تتجسَّد
تَغَصّن البَوْحُ وانسابَت معانيهِ
وِأوْرِق الشّعرُ مُزدانًا مَعاليهِ
تَدفّقَت في حنايا الحرْفِ أشرِعتي
فَأبحرَت بحمِيمِ الشوق تُعْليهِ
حُسْنُ المشَاعرِ حَظٌ ساحِرٌ نَضِرٌ
مَا كُلّ حيِّ مِن الأحْياءِ يَدْريهِ
حُضورُ نَفْسِك والأنظارُ ترْمُقها
صَدىً تَغضّنَ في أحْلى أمَاسِيهِ
شَبِّبْ بِإنْجازِكَ المنْصُورُ جَعْفَرُهُ
تَرَ المحاسِنَ جُنْداً في مَغازيهِ
فالحُسن سِفْرٌ عظيمٌ قاهرٌ أبدًا
رَفْرِفْ عَليه ولا تنَزِل بِواديهِ
أَدِرْ شُعورَك كَأسًا بالرِّضا جَذِلا
فَأنت في سَكْرةِ الأشْعارِ تفنيهِ
وَجَنِّبْ الرّوحَ صَحْوًا وَسْمُهُ قُدُسٌ
مَا فَازَ في صَحْوَةِ الإحْساسِ راعيهِ
عَيْنان هَذي الدُّنىَ ليَست تُنقّحُها
مَدامِع الحلمِ في إشراقَةِ التِّيهِ
حَسِّسْ عَلى نَبْضِها المفْتُونِ مُنْتَعِشًا
وَراوِدِ الأفْقَ وَلـتَفْتَحْ مَوانيهِ
هَذي الرَّياحينُ سحرٌ عِشْقُهُ هَوَسٌ
وَكُلُّنا فيه... بُعدًا.. كُلَّ نافيهِ
جَرّبْ تَكُنْ حَكَمًا وَالخصْمَ في زَمَنٍ
سَتَدَّعي وَصْلَ ما تَأتي رَواسيهِ
جَرِّدْ هَواكَ مِنَ الآمالِ وارْقَ بهِ
لِوَاقِعٍ لا خَيالات تُسلِّيهِ
قِ النفسَ عِ الشعر َ رِ الأفهامَ قاطِبَةً
هَل جَدَّ شَيءٌ ودنيانا تُنافيهِ
نَوافِذُ الأمسِ إشْراقاتُ حاضِرِنا
وَلم تُنَوّرْ غَدًا إلا مَساعِيهِ
اعْزف لِكُلِّ ولاءٍ بالهَوى ثَمِلٍ
حَتّى يَعودَ ملاكًا في خَوافيهِ
وَانْثُرْ حَنانَكَ في نَهدِ السّما ألَقًا
تجِدْ تَرائِبَها عِشْقًا تُناغيهِ
يَاراهِبَ الرّوحِ فَلْتُطْلِقْ أَعِنَّتَها
وَاغْرِسْ غَرامَكَ وَلتَقْطِفْ دَوانيهِ
مَوّارةٌ هي هَذي النَّفْسُ مُفْرِحَةٌ
مُحْزِنَةٌ كُلُّ ما فيها تُواسيهِ
شَعْشِعْ لها خَمْرها وَادْلُقْهُ في شَفَةٍ
تَرَ الموَدَّةَ بِالتَّقْبيلِ تَشْفيهِ
وَلَمْلِمْ الجسْمَ أيّامًا بِها رَغِبَتْ
طينَتُك السِّلْمُ والآمالُ تَبريهِ
وَقَدِّرِ الأُفْقَ جِنًّا أنتَ سَيِّدُهُ
وَ أْنـــَسْ به تَجِدْ الدّنيا تجاريهِ
ذُق شَهْوة المجْدِ إنسانًا تَدينُ لَهُ
كُلُّ التواريخِ أمجادًا تُحيّيهِ
بَايِعْ لسَانَكَ صِدّيقا تقوِّمُه
يَأتِك مجدُك عَبْدًا لَسْتَ تَأتيهِ
ما أصْعَب ََ النَّفْسَ تُعْليها تُطمِّنُها
كَأنَّها حَرْفُ حَتّى في معانيهِ

 

[عبدالناصر الأسلمي]

قلت يوما حين يشتاق القمر

واشتاق القمر

ذات يوم ساءه دمع القراق

وازداد السهر

ليلة احسستها مثل الضباب

وارتاب الشجر

كلما ساورني ذاك المساء

يصطاف العمر

جارتي مهلا فإني مقبل

من ذاك المطر

غيم ايامي تنامى في دلال

واعتاض السمر

ياسعاد الروح في مثل الهديل

كم لي اصطبر

كم لنا من بعد آهات اللقاء

آهات أُخَر

قد فعلناها فهل منها دواء

في آتِ عَطِر

لا تلمني يا أبا الأشعار لا

فالليل استعر

لا تقولي ياأبا الأشعار لم

نعزف من عُمُر

خبريني ذات وجد ياهواي

هل يبكي القمر

سامريني وارتضيني نجمة

في ليل السمر

 

[عبدالناصر الأسلمي]

و لي منك ما للنجم من عين ناظر

وللحب من وصل وللعرب من نصرِ

 

[عبدالناصر الأسلمي]

لغة العيون فصيحة عجماء
عن كل ذي ولع لها انباء
ولها عن القلب الجريح رسالة
عجزت تفسر كنهها البلغاء
كلماتها الأجساد حين تصافحت
فأتت لتشرح روحها الخطباء

 

[عبدالناصر الأسلمي]

من فيض حسنك جن العالم الطيني
ومن جمالك كل الكون يقريني
عشقا انيلي مداي الحلم فرحته
بعض البراهين من بعض البراهينِ
بنظرة منك مثل البرق خاطفة
تشيع في جوه أنس البساتينِ
أدرت كأسك عن حب يباغتني
يامنبع الحب ياملتفة التينِ
يابهجة البدر يضحي بعد غادية
أو حظوة الشمس في أيام تشرينِ
لم أستعر بدلا من رمز عاشقةٍ
فأنت إبداع تصريحي وتضميني
من مفصحا ولعا أو مضمرا وجعا
مثلي ومثلك أعطيها وتعطيني
ما بين عينيك إنسان يسالمني
كطفلة حملت أغصان زيتونِ
لكن حرب الجوى في القلب مسعرة
وليس للجهد فيها أي تمكينِ
تنفس الصبح عشقا حال ماشطة
بشعرك الليل مجنون المجانينِ
وقائل لي دع عنك الهوى سفها
قلت له اسمع بها وصفي وتبييني
علل وقلل وجلل واستقل واقل
فأنت آلة قتل دون سكين
كأن بسمتها من فرط بهجتها
روح المحبين في عيد الفلنتينِ
وما القلوب إذا ما ابحرت ورست
إلا موانيء خير أو مساكينِ
شاءت وشاء الهوى فعل الشمول بنا
عقل المرابين في كسب الرياحينِ
هي الحضارة والتاريخ إن صمتت
وإن حكت فـ لكلّ جرعة السينِ
هي الحياة وإن جادت برائعة
هي الجمال بمزج الروح والطينِ
كأن قلبي بها ياصاح من زمنٍ
من سطوة العشق مغسولا بنسرينِ
تبخرت بالغيوم البيض عن ولهٍ
ففاح منها الهوى أمطار كانون
والروح من قبلها راعٍ ببادية
وبعدها اصبحت في عصر تمدينِ
لم أنس يوم سهرنا في المسيلة كم
غاويتها البوح فانسابت تغاويني
وقهوة بيننا أحلى كأن بها
شهدا منابعه روّت موازيني
كأن دلتها عمدا قد اتخذت
من منحنى خصرها أحلام مفتونِ
كأن قهوتها من ريقها انبجست
فاصبح السكر عنوان الفناجين

 

[عبدالناصر الأسلمي]

كم تساقينا هوانا الأروعا

وليال قد سهرناها معا

روعة في روعة نحن به

ما ألذ العشق لي ما أروعا

هي أيام بنا مغرمة

كم سقاها العشق كأسا ورعا

وفتاة ألهمتني حبها

ابجتني بالهوى مجتمعا

مثلما تحضنني مولعة

بغرامي كنت فيها مولعا

لي منها كل فجر قبلة

سرها من شفتيها قد سعى

ألبستني الأنس مزدانا به

وغدى الوجد به مستمتعا

هي موسيقى إذا ما حدثت

والحروف الشعر والكون وعى

تستميل الروح ان طوقني

من شذاها ما يزيل الوجعا

مثلها ليلة عشق فجرت

من ينابيع الهوى ما شعشعا

يالهى انثى كأن الخمر من

عينها إن سرحت قد وزعا

وكأن الورد زاهٍ حسنه

منعش من خدها قد ضوعا

كذب ما الدر في أصدافه

فهو في بسمتها قد سطعا

وإذا ماست كأن الارض من

خطوها تبدو بها منتجعا

هي سمفونية خالصة

جعلت بيتهوفن المستمعا

هي قانون الهوى لا للهوى

إن تعداها لأخرى موضعا

ما اشتهاءالقلب الا غادة

قد سقته روحها مرتبعا

يتدلى الحسن منها عنبا

والبهاء الصرف منها لمعا

((هي مجموعة شعر مبهر

يستقيه المتنبي مبدعا

 

[عبدالناصر الأسلمي]

ايا رب شيخ لا يريش ولا يبري

ورب غلام فكره حكم تسري

ورب شجاع بأسه في خسارة

ورب جبان حل في الظفر المغري

سئمت من الدنيا وليست بمهدف

كأن مدار النفس في فلك دري

وحسب الأماني كم لها من ضحية

تدور بأفلاك الخيال وتستذري

وما لم يكن للنفس فعل يقودها

الى الفوق لم ينفع بها صرخة العذر

كأني ارى الدنيا اذا هي أدبرت

جروح كفيف عاجز مات في الاسر

وإن أقبلت خلت الجنان تنزلت

على الأرض والأنهار من عذبها تجري

حياة الفتى حظ يسوق له الذرى

وما لم يكن لا تُدفع النفس بالقسر

ودنياه ان ولت فليس حضورها

سوى عقبات يعتليها وما يدري

اذا خاصمت أرضت وإن أدبرت أتت

وإن لولت غنت وإن زهّدت تغري

وإن أفقرت أغنت وإن شُوهت زهت

وإن بددت لمت وإن أمرضت تبري

وإن رفعته للسماء هوت به

وتسنده إن كان يهوي على الصدر

كمجنونة هذي الحياة وعقلها

يقارع أفلاطون بالخير والشر

تجر ذيول الكبر وهي وضيعة

وتحسبها في الخدر وهي بلا ستر

تشاؤك معشوقا اذا كنت كارها

لها وإذا احببت جازتك بالغدر

فلست أراها غير جاحدة ولا

أراها سوى هدرا يُخلّد بالهدر

 

[عبدالناصر الأسلمي]

طلبت مني كتابة قصيدة

في مسؤلتها وفاء...فقلت على لسانها

للمدح في صلوات الخير إهداءُ
وفي رياض الهدى للمدح أضواءُ
وما المدائح إلا عن مصافحة
ما قلت شيئا وما لي فيه اشياءُ
هذي وفاء التي تسري بخطوتها
الى الى الخير معراج واسراءُ
وشاحها العلم والتعليم ناصحة
وفي المعالي لها وصف واسماءُ
كأن هذي الغيوم البيض نابضها
خيرا حوت والذي في الروح اصداءُ
اذا تقلدت الإيمان صادقة
تنير كل مكان وهي حواءُ
حيَّ الإله مساعيها ووفقها
فهي التي بادرت والخير إيفاءُ