فِي مَعاِرِج السِّحْر

[زهير يونس]

فِي مَعاِرِج السِّحْر


لَكَأَنَّمَا قُسِــمَ الجَمَـالُ بِمُدْيَـةٍ
وَ رَمَتْـهُ أَيْدٍ في الأَثِيــرِ يُـمَدَّدُ
**
فَضَفِرْتِ مِنْهُ السِّحْرَ يُزْجِي أَنْفُسًا
وَ غَنِمْتِ لَوْنًا بِالصِّبَا يَتَجَـــدَّدُ
**
أُعْطِيتِ مِمَّا اهْتَزَّ مَلْمَــحَ رَوْعَةٍ
وَ مُنِحْتِ مِنْ سَكَــنٍ رُؤًى تَتَنَهَّدُ
**
وَسَرَيْتِ بَيْنَ النَّاسِ قِطْعَـةَ مُهْجَةٍ
فَكَأَنَّهُمْ طِيــنٌ وَ طِينُكِ عَسْجَـدُ
**
وَكَأَنَّمَا أُشْعِلْتِ مِنْ عُودِ الغَضَـى
عَمْـدًا.. لِيَبْقَى كُلُّ يَوْمِكِ يُوقَــدُ
**
النَّجْــمُ أَهْـدَاكِ التَّــلأْلأَ آيَـةً
وَ الصُّبْحُ أَلْبَسَكِ المَهَــا تَتَمَيَّـدُ
**
أَنْتِ العُجَابُ فَلاَ غَرَابَةَ إِنْ هَـوَى
قَمَـرُ اللَّيَالِي لِلثَّـرَى يَتَصَيَّــدُ
**
وَ يُسَاءِلُ الوَلْهَانُ نَاسًا هَـلْ رَأَوْا
أَثَرًا لِـ "حَوَّاءِ البَهَا " يَتَسَــرَّدُ
**
لاَ حَزْمَ يُلْقِيهِ الفَتَـى مُتَوَشِّحًـا
يَنْوِي بِهِ غَضَّ العُيُونِ وَ يَقْصِـدُ
**
مَيْثَـاءُ خَصْبَةُ رِقَّةٍ وَرَوَاحَــةٍ
وَكَذَا مِنَ المُثْلَى الأَمَاثِـلُ تُحْصَدُ
**
لَوِ أَنَّ " زَرْقَاءَ اليَمَامَةِ " أَبْصَرَتْ
أَفْنَانَـكِ الحُبْلَى غَــدَتْ تَتَكَـدَّدُ
**
وَ تَهُزُّ طَرْفَ العَيْنِ تَسْأَلُ حَوْلَهَا
هَلْ هَذِهِ أُنْثَـى تَكُـونُ وَ تُوجَـدُ
**
أَمْ يَا تُرَاهَا سَرْوُ قَصْـرٍ رَافِـلٌ
أَمْ نَخْلَةٌ هِـيَ بِالنَّضَارَةِ تَشْـهَدُ
**
أَمْ مَحْضُ وَهْمٍ سِيقَ فِي بَطْنَ الأَنَا
وَالوَهْمُ لَـوْنٌ لِلْحَقِيقَـةِ أَكْمَــدُ
**
فَتُـرَاجِعُ البَصَرَ الحَسِيـرَ بِكَرَّةٍ
أَوْ كَرَّتَيْـنِ وَ عَجْـزُهَا يَتَصَعَّـدُ
**
إِنِّـي بُلِيتُ مِنَ الغَرَامِ بِصُدْفَـةٍ
وَ لَطَالمَـَا صُدَفُ الغَرَامِ تُصَفِّـدُ
**
وَارَيْتُ وَجْهِي مِنْ نَصَاعَةِ ذَاتِهَا
فَوَجَدْتُنِي ذَاتَ النَّصَاعَةِ أَحْصُـدُ
**
وَغَضَضْتُ طَرْفِي وَاقِيًا قَلْبِي الهَوَى
فَإِذَا بِعَيْنِ القَلْبِ تُرْشِدُهَا اليَــدُ
**
يَا شَجَّةً بَرَأَتْ عَلَى وَكْسِ الهَوَى
الجُـرْحُ وَقْـدٌ و الحَلاَوَةُ أَوْقَـدُ
**
إِنِّي خَشِيتُ مِنَ البَوَاطِنِ سُوءَهَا
أَنْ تُؤْمِنَ الحَرْفَ البَدِيعَ فَتَسْجُـدُ
**
الشِّعْـرُ لَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ جَلاَجِلِي
أَلْقَى التُّقَى -مِنْ حُسْنِهَا- يَتَجَرَّدُ
**
هَـذِي القَوَافِي لَمْ أَكَدْ أَرْمِي لَهَا
وَصْفًا بِهَـا حَتَّى سَعَتْ تَتَوَحَّـدُ
**
وَالقَلْبَ لَوْ أَنِّي حَبَسْتُ لِلَحْظَـةٍ
مِنْ دُونِ أَنْ يَرِدَ الرَّنَـا يَتَمَـرَّدُ
**
العَيْنُ فِي كُلِّ النِّسَـاءِ سَعِيـدَةٌ
لَكِنَّهَا فِي بَهْوِ سِحْرِكِ أَسْعَــدُ

***
- زهير يونس -

.
.