كيف تتخلَّق الدَّهشة في الكتابة، كيف تتكثَّف، ثمَّ تتشكَّل، ثمَّ لمَّا يكتمل تكوينها؛ تركض برجلها؛ فتشرب من ينابيع الجمال، وتسقينا، ثمَّ تجري فينا وبنا. ربَّما هي التَّفاصيل الدَّقيقة تدهشنا، ربَّما هو الفتات والرَّذاذ، ربَّما خفَّة الحرف والرُّوح، ربَّما الظِّلال والضِّياء والرَّماد؛ لمَّا تتحوَّل كلُّها إلى عجينة، إلى أنغام عذبة وألوان عجيبة. ثمَّة خميرة خطيرة في هذا النَّصِّ تجعلنا ننضج سريعًا وبالجمال نضجُّ ونلهج. وثمَّة سرٌّ تعرفه "سلمى"، ولا نعرفه. ما لنا وللسِّرِّ! ولنستمتعْ مع "سلمى" بالعرض الشَّهيِّ؛ نبتعدُ قليلًا، ثمَّ نراقبُ حركة اللُّغة، وانفعالاتِ المعنى؛ يتشمَّم عطر المشاعر الجيَّاشة ويتنشَّقه؛ فيثمل، وتباغته الفواصل الباردة؛ فيحزن، ثمَّ يعانقه الضُّوء الرَّهيف، ضوء الحبِّ الصَّادق والحقيق، فيرقص، ثمَّ يرقص، ثمَّ يرقص، إلى أنْ تخفت موسيقى القلب؛ فيترنَّح؛ ثمَّ في العتابِ الرَّقراق يهوي، وعن البوح والتَّوجُّد يكفُّ ويمضي.
إنْ كان للجمال من "مِسْبَحَةٍ"، فقد وجدت إحداها هنا؛ خرزها من حروف العربيَّة، وخيطها من نسيج الأدب، وضفيرتها من حقول السَّنابل.
تحيَّاتي لك أيُّها الأديب الجميل
والله يحفظك