منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الوقوف مبكراً على الناصية
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2025, 05:51 PM   #7
منى آل جار الله
( آنين المطر )

الصورة الرمزية منى آل جار الله

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50618

منى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعةمنى آل جار الله لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد غريب مشاهدة المشاركة
في زمنٍ تُرفع فيه الستائر على عروضٍ معدّة سلفًا، وتُسلّط فيها الأضواء على شعاراتٍ لامعة تُبهر الأبصار، يبقى ثمة شخصٌ وحيدٌ يقف على الناصية. لا يحمل لافتة، ولا يهتف مع الجمع، بل يراقب بصمتٍ حاد، كمن صعد إلى زاوية مرتفعة قبل أن تدقّ طبول المسرح. في عينيه شكٌ لا يهدأ، وفي قلبه حذرٌ لا يُفهم.

إنه ذاك الذي رأى الخيوط قبل أن تُشدّ، وسمع النغمة النشاز في الجوقة الجماعية. لا يصفّق، لأن التصفيق المبكّر يُربك المخرج، ولا يصف الناس بـ"الخونة" لأنهم ترددوا، لكنه يهمس: ثمة شيءٌ لا يستقيم. هنا، يبدأ عقابه.

فالمجتمع، كما لو كان مسرحًا كبيرًا، لا يحب من يفتح الستارة قبل الموعد. يفضّل أولئك الذين يأتون متأخرين، يحملون التصفيق الجاهز، يعتنقون الأوهام كأنها خلاص. هؤلاء يكافَؤون، يُحتفى بهم، يُمنحون الميكروفونات، ويُشار إليهم على أنهم "الواعون". أما الذي وقف مبكرًا، على ناصية الحقيقة، فلا يُقال له سوى: لماذا تُشوش؟ لماذا تُعكّر صفو الحلم الجماعي؟

إنه موقف خطير، لا لأنه انحياز للصدق، بل لأنه تفكيك لنظامٍ بأكمله. الأنظمة لا تخاف الهتاف المضاد بقدر ما تخاف الصمت المفكر. السياسيون لا يهابون خصمًا يصرخ، بل مواطنًا يفكر، يشك، لا يُسلم عقله. فالمتأخر يسير في الركب، أما المبكر، فإنه يختار أن لا يكون ترسًا في آلة، ولا وقودًا في محرقة وعودٍ كاذبة.

الناصية، في معناها العميق، ليست رصيفًا جانبيًا، بل زاوية حادة تجرح من لا يريد رؤية الحقيقة. ومن يقف فيها، ليس متعالياً على الحشود، بل مَن تجرّع مرارة الفهم مبكرًا. هو من قرأ اللافتات البراقة ووجدها قشرة تخفي خواء، من شمّ رائحة الاحتراق في عطر الشعارات، ومن قال في نفسه: هذا ليس منطقًا، حتى لو صُفّق له.

ربما كنتَ في مكانه يومًا، حين سألت: لماذا؟ ولم يجبك أحد إلا باللوم. أو حين رأت عيناك أن الحملة المدوية ليست إلا تكرارًا لنفس الوعود القديمة، وأن الضجيج حولك محاولة لإسكات الصوت الخافت في داخلك. ذلك الصوت هو أنت. حدسك. الناصية التي تنتظرك.

الكاتبة لا تطالبك بالعداء، بل باليقظة. لا تدعوك إلى الصراخ، بل إلى الصمت الذي يُربك، والفكر الذي يُربّي مقاومة داخلية. أن تكون مبكرًا يعني أن تكون شجاعًا، حتى لو كانت خطوتك الأولى وحيدة. فالثمن باهظ، نعم، لكن الثمن الأكبر أن تُدفن مع الحشود تحت رماد تصفيقٍ لم يكن لك.


فالمجتمع، كما لو كان مسرحًا كبيرًا، لا يحب من يفتح الستارة قبل الموعد. يفضّل أولئك الذين يأتون متأخرين، يحملون التصفيق الجاهز، يعتنقون الأوهام كأنها خلاص. هؤلاء يكافَؤون، يُحتفى بهم، يُمنحون الميكروفونات، ويُشار إليهم على أنهم "الواعون". أما الذي وقف مبكرًا، على ناصية الحقيقة، فلا يُقال له سوى: لماذا تُشوش؟ لماذا تُعكّر صفو الحلم الجماعي؟

اتهموني سرا وعلانية بالتمرد .. مرحبا بك

 

التوقيع

كائن يبحث عن وسادة من ضجيج عقله ..
" لا أحد يدرك الأمر سوانا "

منى آل جار الله غير متصل   رد مع اقتباس