منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ذاكرةُ .. أنف
الموضوع: ذاكرةُ .. أنف
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2009, 07:31 PM   #16
وشـــاح
( كاتبة )

الصورة الرمزية وشـــاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

وشـــاح غير متواجد حاليا

افتراضي 1,2,3 ... و هذه 4 [ يوم كانت الدنيا مطر ]



منطقتنا أرضٌ زراعية وما إن ترقصُ على حبات الرمل حفلة مطر , حتى تطفحُ رائحة السماد مغلفةً الجو وراحة يدك و ملابسك .. و أنا أجلسُ على هضبة رملية رطبة تبلل مقعدتي و أشمُ عرق السحابة النديّ مخلوطاً بروث البهائم الغافي على أرضنا و الطين و أنفخُ بهم رئتي و أ ُتبعُه زفيراً بضيق , بضيق قدر إصرار السؤال على طرق رأسي في لحظة أتمطّى بها بإسترخاء .. أتجاهلُ طرح االسؤال و أمضي بعيني ألاحقُ تباعد خطواتهم و ضمُّها في لعبة "الحبشة" , أسندُ رأسي على ركبتيّ و أنكفئ على قطعة حزن ممضوغة وملتصقة بجدار القلب تسدُ عنه فراغات نخرتها أصابعُ إحساسٍ ما , لطالما حيّرتي من أين جاءت و ما سببها , لا أعلم أهي الحياة لا تكفُ عن نفض الحزن إلى أطرافها التي تتآكل بفعل أنياب الحزن شيئاً فشيئاً حتى تضيق الدائرة بنا و يصيبنا كربُ الدوائر , نجزعُ من الصبر و ينقبضُ القلبُ بشدة قبضة واحدة فنموت على أثرها , لا أعلمُ هل في يوم لا أذكرهُ غويتُ عن أهلي إلى لعبة أو فرحة تركضُ إلى بعيد .. فعدتُ بها بعد أن لمستُ بالخطأ ذيل حزن كان يمشي ..
أو .. لا أعلم .. لكني حزينةٌ بها !

بزغ رأس السؤال يلمع و كأنه اختار أن يكون إجابة " هل لأنهم يكرهون يدي العنجهية التي تطيشُ كثيراً و تلعب قليلاً معهم "

طفولتي كانت وحشيّة أكثر من كونها بريئة , أقضمُ رأس فريستي وهو حيّ و أتلذذُ بذلك الألم الذي أسببهُ له , و في حال غضبي أجدُ الجميع ضدي ويقفون في صف الآخر يحرّضونهُ و يشبّون فتيل الثأر و أنا بيدي أحاول لثم أفواههم أو تبرير فعلتي كـ محاولة استرجاء و حلب تعاطف الواقفين , ينتهي أمرنا بعزلي وانزوائي بحزني الذي تلبد عليّ و أرددُ في نفسي جملة مكسّرة:
" والله كان بأيديكم أن تجعلوني متفهّمة أكثر , لو أن أحداً فيكم فهم ما أريد أولاً "

بسمة , شغلنا السيارة .. نبي نمشي .....

نهضتُ بالطين و ملابسي , فلقتُ رأس السؤال , طردتُ الرائحة و كمكمتُ أنفي .. ومضيتُ أحثُ السير صوبهم ..

 

التوقيع

وذا الماء مائي
وذا اليبْس يبْسي *

وشـــاح غير متصل   رد مع اقتباس