منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أحزان على الطريق
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2007, 12:17 AM   #1
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 52

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي أحزان على الطريق


تتطور الأشياء بالمناسبات ،،



كما تتطور الألفاظ بما يستجد من معان جديدة ،،




* * *




ذهبت إلى صديقي في موعدنا ،،




ركب السيارة وهو على غير الحال التي طالما عرفته به ،،



وقال باقتضاب : خذني إلى هناك !! ،،



فقلت : هل أنت جاد ؟! ،،




* * *




بقي طيلة الوقت صامتا وكأنه يشحن حواسه ،،



ولذلك أخذت في مناجاة الطريق إلى أن وصلنا ،،




وقد بدا كل شئ في هذا المساء في زي جديد من أزياء الحياة ،،




أريقت الأنوار ،،




الهتاف يؤذن بالفرح ،،




يجدر به ألا يهتم بشئ ما في هذه الدنيا ،،




فلم تعد له ولم يعد لها ،،




لم يبق إلا وعود من خلقة سقراط وآلام بتهوفن ،،




أنت مدين بتلك الوعود للتي حرمتك النور والبسمة ،،




ليتفتت قلبك حتى يعجزك لمّ أجزاءه المتناثرة ،،




يا جنون الألم ،، إن لك لسكرة !!




***




ولذلك بقيت منتظرا في السيارة بعيدا عن الأعين ،،




أشاهد دخول نديمي مسرعا وكأنه على رأس قائمة المدعوين ،،




أسفي على الأمواج التي تتمرغ في الرمال ،،




هذه الضحكات تجئ من الداخل مفعمة بالغبطة ،،




وأخرى تهبط مع الأثير معبقة بشذا الأنوثة الساحر ،،




وبين هذه وتلك تجاوب كالذي بين أنغام الآلات ،،



تستقبلها المشاعر في إطار وردي ،،



يبدو فيه القلب الحزين المترع بالوحشة كبطاقة سوداء في باقة ورد ،،




أجل ها هي أوركسترا الوجود تشيع حلمك إلى القبر ،،




وكما صرختَ في وجهي قبل أيام : بلا حبيب ولا صديق ،،




هذا جزاء من يتطلع نحو الأفق ويرقص بين تكسر الأمواج فوق الصخور،،




ستردد بصرك بين أركان المدينة حائرا ً ولن تبرأ عيناك من لوعة الشوق ،،




***




انسابت أغنية عبر المذياع فرحت أنصت لها ،،




يا صديقي كن جبلا يعاند الرياح ،،




املأ رئتيك من هذا الهواء الذي تعبقه أنفاسها ،،




فغدا ً سوف ترثي لنفسك ،،




لتكن ابتسامتك كبيرة كألمك ،،




صافح الأيادي الممدودة ،،




ولتكن قبضتك قوية كأنك تعتصر قلبك ،،




كل شئ من حولك كأنما يشترك في سباق عنيف ،،




بات الهدف منه في مرمى العين ومتناول الطموح ،،




أما السخرية فسما بها الجنون إلى تلك الذروة التي توحي بتداني الختام ،،




مهلا ً ،، أي ختام يا صاح !! ،،




لن ينتهي العمر حتى تستقبل العدم ،،




ألف مبروك ،،




****




انجذب الوعي إلى الهمسات المستعرة رغم الاستغراق في الشجن ،،




فاستجاب كل شئ إلى الجري نحو نشوة دامعة للحزن بأقدام دامية ،،




تنهد من الأعماق واستمع للأصداء المترنمة في ابتهال وتأثر ،،




ألا يمكن أن تنتهي العواطف المتأججة كهذا اللحن ؟! ،،




ألا يمكن أن يكون للحب نهاية ما ؟! ،،




تراءى الفتور فلم يترك من الأشياء إلا اسمها ،،،




خيال يطوف وفكرة تخطر ومنظر يرى ،،




لون الابتسامة كالشفق ،،




غريق في بحر الهوى مكبل بأصفاد الأسر ،،




نصيحتي إليك بأن تقبض على الذكريات بكل قواك وألا تدعها تفلت حتى يستقر بك اليأس ،،




فربما تضيع منك لحظات ما أخلقها بالتسجيل لتكون زادا ً لألمك الشره ،،




***




وبالرغم من ملامسة السحاب فأنا جائع ،،



لذلك تذكرت طعام المأتم في الداخل ،،




ترى ماذا يفعل ؟! ،،



وماذا لم يفعل ؟! ،،




اضحك حتى يجاوبك الليل بصداه ،،




فحتى اليأس حلم مفقود ،،




الجرح يترك وراءه أثرا ً خالدا ً كالحب ،،




سيبقى رمزا ً لماض غريب وحلم سعيد وفتنة سامية وخيبة رائعة ،،




ولكنه ينزف فلا يظفر بأسى ،،




سيترك للمستقبل أمر تكييفه ،، وتوجيهه ،،




يأبى الصلح ،،


ينذر ويتوعد ،،




غير أنه سيستسلم ويترك للقدر اختيار الغريم الذي ينازله !! ،،




****




جاء أخيرا فانطلقت بالسيارة ،،




وراح في حديث طويل بهاتفه لم أتبين متلقيه ولكني رثيت له ،،




لن يغيب عن رأسك المنظر الجليل الصامت للطريق ،،




والأشجار الباسقة تطالع بهدوء النفس المطمئنة وروعة الخيال السامي ،،




ولن يفتأ الحنين يبعث خفقات الوجد ،،




والألم كالرياح حينما تعبث بشجرة فترمي أوراقها وثمارها ،،




ومهما يكن من أديم الطريق فلن يزال يدخر لك ذكرى حلم غابر ،،



وأمل ضائع وسعادة موهومة وحياة ثملة بالمشاعر ،،



هي على أسوأ التقدير خير من راحة العدم وخمود العاطفة ،،




فإن سعادة المرء تتناسب طرديا ً مع حجم ألمه ،،




أعلم بأن قلبك ينتفض غضبا ،،




إن استطعت أن تغزو العالم فاغزه ،،




أما آثار هذه الليلة فهيهات أن تنجو منها أبد الدهر،،




****




وهاك الماضي تتناقله الألسن ،،




على شفتيك ابتسامة ،،




لعن الله البكاء ،،




ولكن ألف مبروك ،،




****




كلمات العزاء كالخناجر ،،




اغرز منها ما تشاء في صدرك ،،




تذوق الألم الجديد من الألم المقطر ،،




روح الألم أو ألم الروح ،،




انفردت بألم لم يشعر به إنسان قبلك ،،




هذا هو العزاء حقا ً فهنيئا ً لك ،،




أما السحابة فلن تهدي الوحل حتى قبله ،،






****




الحقيقة نور لألاء ،،




فغض الطرف ،،




وراء ستار القداسة يمرح الأطفال ،،




ما لكل شئ يبدو خاويا ً ،،




أين أصوات الصمت أين !! ،،




" أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا " ،،




وأم كلثوم تفضح سرك ،،




يا صديقي لا بدافع السخرية ولكن لأنها تتيه دلالا ً بالعاشقين ،،




****




لا تحزن ،،




الأمر كله دعابة بريئة صدرت عن قلوب تكن لك الود ،،




الأسى لم يذع سرك إلا بدافع المباهاة ،،




ويقال أن هذه العواطف تنسى عقب النوم ،،




فلا تهتم وتحزن ،،




ما أقسى العشق وما أفظع الألم ،،




لعل نيرون عندما غنى وروما تحترق كان ينتقم لحال كحالك هذه ،،




***




أشعلت سيجارة وقلت : سأكمل السهرة في بيتي ،، هل تأتي معي ؟!،،



فقال : كلا ،،




كن قائدا ً غازيا ً يختال على متن جواد ،،




أو زعيما ً يحمل على الأعناق ،،




أو تمثالا ً من الثلج فوق بركان ،،




أو شيطانا ً يسكن الصحراء ،،




أو أسيرا ً يزلزل الآمنين بأنينه ،،




أو منتحرا ً يهز المشاهدين ،،




ولكن لا تنس هذا الطريق ،،




ففوق أديمه سكرت بكؤوس الآمال ثم تجرعت غصص اليأس ،،




****




تصول وتجول في ميدان الأسود ثم تهزم أمام ثعبان في حقلك ،،




فلم تعد من سكان هذا الكوكب ،،




**




أي سخافة في سؤالك ؟! ،،




سل أيضا ً متى تبدأ حرب عالمية أو عن اسم الفندق ؟! ،،




أليس من المحزن أن يسد مجرى حياتك وهم وسراب ؟! ،،




ولكن دودة صغيرة هي التي تأكل جثة أكبر الأباطرة ،،




فكيف ستكون جنازتك حين يحم القضاء ؟! ،،




شئ هائل أم زفة باكية ترقص ثملة ؟! ،،




***




كل قطرة من دمك تطرق جدران العروق صارخة بأن كل شئ قد انتهى ،،




إن التاريخ نفسه قد انتهى ،،




إن الحقيقة قد انتهت ،،




إن الأحلام التي فوق الحياة قد انتهت ،،




إن الأفراح التي تزين الطريق قد انتهت ،،




صخر مدبب الأطراف ولا شئ غيره ،،




* * *




فتح الباب ونظر إلي قائلا : ماذا أفعل ؟!،،




فقلت : وما شأني أنا !! ،،




غادر السيارة وأغلق الباب بكل قوته ،،



* * *



**

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس